164 - قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم (وما منا) معشر الملائكة أحد (إلا له مقام معلوم) في السموات يعبد الله فيه لا يتجاوزه
وقوله "وما منا إلا له مقام معلوم" وهذا خبر من الله عن قيل الملائكة أنهم قالوا: وما منا معشر الملائكة إلا من له مقام في السماء معلوم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله "وما منا إلا له مقام معلوم" قال : الملائكة.
حدثني يونس ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي في قوله "وما منا إلا له مقام معلوم" قال الملائكة.
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد، في قوله "وما منا إلا له مقام معلوم" هؤلاء الملائكة.
" وما منا إلا له مقام معلوم " هذا من قول الملائكة تعظيماً لله عز وجل ، وإنكاراً منهم عبادة من عبدهم . " وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون " " قال مقاتل : هذه الثلاث الآيات نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى ، فتأخر جبريل قال النبي صلى الله عليه وسلم : أهنا تفارقني فقال : ما أستطيع أن أتقدم على مكاني " وأنزل الله تعالى حكاية عن قول الملائكة : < وما منا إلا له مقام معلوم > الآيات والتقدير عند الكوفيين : وما منا إلا من له مقام معلوم . فحذف الموصول . وتقديره عند البصريين : وما منا ملك إلا له مقام معلوم ، أي مكان معلوم في العبادة قاله ابن مسعود و ابن جبير وقال ابن عباس ما في السماوات موضع شبر إلا وعليه ملك يصلي ويسبح و" قالت عائشة رضي الله عنها : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم " " وعن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله لوددت إني كنت شجرة تعضد " خرجه أبو عيسى الترمذي وقال فيه حديث حسن غريب . و" يروى من غير هذا الوجه أن أبا ذر قال لوددت أني كنت شجرة تعضد " ويروى عن أبي ذر موقوفاً . وقال قتادة : كان يصلي الرجال والنساء جميعاً حتى نزلت هذه الآية : " وما منا إلا له مقام معلوم " . قال : فتقدم الرجال وتأخر النساء .
يقول تعالى مخاطباً للمشركين: " فإنكم وما تعبدون * ما أنتم عليه بفاتنين * إلا من هو صال الجحيم " أي إنما ينقاد لمقالتكم وما أنتم عليه من الضلالة والعبادة الباطلة من هو أضل منكم ممن ذرىء للنار " لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون " فهذا الضرب من الناس هو الذي ينقاد لدين الشرك والكفر والضلالة كما قال تبارك وتعالى: " إنكم لفي قول مختلف * يؤفك عنه من أفك " أي إنما يضل به من هو مأفوك ومبطل, ثم قال تبارك وتعالى منزهاً للملائكة مما نسبوا إليهم من الكفر بهم والكذب عليهم أنهم بنات الله "وما منا إلا له مقام معلوم" أي له موضع مخصوص في السموات ومقامات العبادات لا يتجاوزه ولا يتعداه. وقال ابن عساكر في ترجمته لمحمد بن خالد بسنده إلى عبد الرحمن بن العلاء بن سعد عن أبيه وكان بايع يوم الفتح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لجلسائه: "أطت السماء وحق لها أن تئط ليس فيها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد" ثم قرأ صلى الله عليه وسلم "وما منا إلا له مقام معلوم * وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون" وقال الضحاك في تفسيره "وما منا إلا له مقام معلوم" قال كان مسروق يروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من السماء الدنيا موضع إلا عليه ملك ساجد أو قائم" فذلك قوله تعالى: "وما منا إلا له مقام معلوم".
وقال الأعمش عن أبي إسحاق عن مسروق عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إن في السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه ثم قرأ عبد الله رضي الله عنه "وما منا إلا له مقام معلوم" وكذا قال سعيد بن جبير وقال قتادة كانوا يصلون الرجال والنساء جميعاً حتى نزلت "وما منا إلا له مقام معلوم" فتقدم الرجال وتأخر النساء "وإنا لنحن الصافون" أي نقف صفوفاً في الطاعة كما تقدم عند قوله تبارك وتعالى: "والصافات صفاً" قال ابن جريج عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث قال كانوا لا يصفون في الصلاة حتى نزل "وإنا لنحن الصافون" فصفوا وقال أبو نضرة كان عمر رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة استقبل الناس بوجهه ثم قال: أقيموا صفوفكم استووا قياماً يريد الله تعالى بكم هدي الملائكة ثم يقول "وإنا لنحن الصافون" تأخر يا فلان تقدم يا فلان ثم يتقدم فيكبر. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير, وفي صحيح مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة, وجعلت لنا الأرض مسجداً, وتربتها طهوراً" الحديث "وإنا لنحن المسبحون" أي نصطف فنسبح الرب ونمجده ونقدسه وننزهه عن النقائص فنحن عبيد له فقراء إليه خاضعون لديه. وقال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد "وما منا إلا له مقام معلوم" الملائكة "وإنا لنحن الصافون" الملائكة "وإنا لنحن المسبحون" الملائكة تسبح الله عز وجل. وقال قتادة "وإنا لنحن المسبحون" يعني المصلون يثبتون بمكانهم من العبادة كما قال تبارك وتعالى: "وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون * ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين" وقوله جل وعلا: " وإن كانوا ليقولون * لو أن عندنا ذكرا من الأولين * لكنا عباد الله المخلصين " أي قد كانوا يتمنون قبل أن تأتيهم يا محمد لو كان عندهم من يذكرهم بأمر الله وما كان من أمر القرون الأولى ويأتيهم بكتاب الله كما قال جل جلاله "وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفوراً" وقال تعالى: "أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين * أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون" ولهذا قال تعالى هاهنا: "فكفروا به فسوف يعلمون" وعيد أكيد وتهديد شديد على كفرهم بربهم عز وجل وتكذيبهم رسوله صلى الله عليه وسلم.
164- "وما منا إلا له مقام معلوم" وفي الكلام حذف، والتقدير: وما منا أحد، أو وما منا ملك إلا له مقام معلوم في عبادة الله. وقيل التقدير: وما منا إلا من له مقام معلوم، رجح البصريون التقدير الأول، ورجح الكوفين الثاني. قال الزجاج: هذا قول الملائكة وفيه مضمر. المعنى وما منا مل إلا له مقام معلوم.
164. قوله عز وجل: " وما منا إلا له مقام معلوم "، يقول جبرائيل للنبي صلى الله عليه وسلم وما منا معشر الملائكة إلا له مقام معلوم، أي: ما منا ملك إلا له مقام معلوم في لاسموات يعبد الله فيه.
قال ابن عباس: ما في السموات موضع شبر إلا وعليه ملك يصلي أو يسبح.
وروينا عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أطت السماء، وحق لها أن تئط، والذي نفسي بيده ما فيها موضع أربعة إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله ".
قال السدي : إلا له مقام معلوم في القربة والمشاهدة.
وقال أبو بكر الوراق : إلا له مقام معلوم يعبد الله عليه، كالخوف والرجاء والمحبة والرضا.
164-" وما منا إلا له مقام معلوم " حكاية اعتراف الملائكة بالعبودية للرد على عبدتهم والمعنى : وما منا أحد إلا له مقام معلوم في المعرفة والعبادة والانتهاء إلى أمر الله في تدبير العالم ، ويحتمل أن يكون هذا وما قبله من قوله " سبحان الله " من كلامهم ليتصل بقوله : " ولقد علمت الجنة " كأنه قال ولقد علمت الملائكة أن المشركين معذبون بذلك وقالوا " سبحان الله " تنزيهاً له عنه ، ثم استثنوا " المخلصين " تبرئة لهم منه ، ثم خاطبوا المشركين بأن الافتتان بذلك للشقاوة المقدرة ، ثم اعترفوا بالعبودية وتفاوت مراتبهم فيه لا يتجاوزونها فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه .
164. There is not one of Us but hath his known position.
164 - (Those ranged in ranks say): not one of us but has a place appointed;