(إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده) وكما (وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق) ابنيه (ويعقوب) ابن إسحاق (والأسباط) أولاده (وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا) أباه (داود زَبورا) بالفتح اسم للكتاب المؤتى ، وبالضم مصدر بمعنى مزبورا أي مكتوبا
ك قوله تعالى إنا أوحينا إليك روى ابن إسحق عن ابن عباس قال قال عدي بن زيد ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء من بعد موسى فأنزل الله الآية
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: "إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح"، إنا أرسلنا إليك ، يا محمد، بالنبوة كما أرسلنا إلى نوح ، وإلى سائر الأنبياء الذين سميتهم لك من بعده، والذين لم أسمهم لك، كما:
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير، عن الأعمش ، عن منذر الثوري، عن الربيع بن خثيم في قوله: "إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده"، قال: أوحى إليه كما أوحى إلى جميع النبيين من قبله.
وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن بعض اليهود لما فضحهم الله بالآيات التي أنزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم -وذلك من قوله: "يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء"- فتلا ذلك عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا : ما أنزل الله على بشر من شيء بعد موسى! فأنزل الله هذه الآيات، تكذيباً لهم، وأخبر نبيه والمؤمنين به أنه قد أنزل عليه بعد موسى وعلى من سماهم في هذه الآية، وعلى آخرين لم يسمهم، كما:
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير، وحدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحق قال ، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال ، حدثني سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس قال، قال سكين وعدي بن زيد: يا محمد، ما نعلم الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى! فأنزل الله في ذلك من قولهما: "إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده" إلى آخر الآيات.
وقال آخرون: بل قالوا: -لما أنزل الله الآيات التي قبل هذه في ذكرهم-: ما أنزل الله على بشر من شيء ، ولا على موسى، ولا على عيسى! فأنزل الله جل ثناؤه: "وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء" [الأنعام: 91]، ولا على موسى ولا على عيسى.
ذكر من قال ذلك:
حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي قال: أنزل الله: "يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء" إلى قوله: "وقولهم على مريم بهتانا عظيما"، فلما تلاها عليهم -يعني: على اليهود- وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة، جحدوا كل ما أنزل الله، وقالوا: ما أنزل الله على بشر من شيء ، ولا على موسى ولا على عيسى!! وما أنزل الله على نبي من شيء! قال : فحل حبوته وقال : ولا على أحد!! فأنزل الله جل ثناؤه: "وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء" [الأنعام: 91].
وأما قوله: "وآتينا داود زبورا"، فإن القرأة اختلفت في قراءته.
فقرأته عامة قرأة أمصار الإسلام، غير نفر من قرأة الكوفة: "وآتينا داود زبورا"، بفتح الزاي على التوحيد، بمعنى: وآتينا داود الكتاب المسمى "زبورا".
وقرأ ذلك بعض قرأة الكوفيين: وآتينا داود زبوراً ، بضم الزاي جمع زبر.
كأنهم وجهوا تأويله: وآتينا داود كتباً وصحفاً مزبورة.
من قولهم: زبرت الكتاب أزبره زبراً و ذبرته أذبره ذبراً، إذا كتبته.
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندنا، قراءة من قرأ: "وآتينا داود زبورا"، بفتح الزاي، على أنه اسم الكتاب الذي أوتيه داود، كما سمي الكتاب الذي أوتيه موسى التوراة، والذي أوتيه عيسى الإنجيل، والذي أوتيه محمد الفرقان، لأن ذلك هو الاسم المعروف به ما أوتي داود. وإنما تقول العرب: زبور داود، بذلك تعرف كتابه سائر الأمم.
قوله تعالى :" إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح " هذا متصل بقوله " يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء "[ النساء: 153] فأعلم تعالى أن أمر محمد صلى الله عليه وسلم كأمر من تقدمه من الأنبياء، وقال ابن عباس فيما ذكره ابن إسحاق: نزلت في قوم من اليهود -منهم سكين وعيد بن زيد- قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ما أوحى الله إلى أحد من بعد موسى فكذبهم الله والوحي إعلام في خفاء يقال: وحى إليه بالكلام يحى وحياً وأوحى يوحي إيحاء " إلى نوح " قدمه لأنه أول نبي شرعة على لسانه الشرائع، وقيل غير هذا ذكر الزبير بن بكار حدثني أبو الحسن علي بن المغيرة عن هشام بن محمد بن السائب عن أبيه قال : أول نبي بعثه الله تبارك وتعالى في الأرض إدريس واسمه أخنوخ ثم انقطعت الرسل حتى بعث الله نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ، وقد كان سام بن نوح نبياً، ثم انقطعت الرسل حتى بعث الله إبراهيم نبياً واتخذه خليلاً وهو إبراهيم بن تارخ واسم تارخ آزر ثم بعث إسماعيل بن إبراهيم فمات بمكة، ثم إسحاق بن إبراهيم فمات بالشام، ثم لوط وإبراهيم عمه، ثم يعقوب وهو إسرائيل بن إسحاق ثم يوسف بن يعقوب ثم شعيب بن يوبب، ثم هود بن عبد الله ، ثم صالح بن أسف، ثم موسى وهارون ابن عمران ثم أيوب ثم الخضر وهو خضرون، ثم داود بن إيشا ثم سليمان بن داود، ثم يونس بن متى، ثم إلياس ثم ذا الكفل واسمه عويدنا من سبط يهوذا بن يعقوب، قال : وبين موسى بن عمران ومريم بنت عمران أم عيسى ألف سنة وسبعمائة سنة وليسا من سبط ثم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب النبي صلى الله عليه وسلم وقال الزبير: كل نبي ذكر في القرآن ن ولد إبراهيم غير إدريس ونوح ولوط وهود وصالح ولم يكن من العرب أنبياء إلا خمسة: هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين وإنما سموا عرباً لأنهم لم يتكلم بالعربية غيرهم .
قوله تعالى :" والنبيين من بعده " هذا يتناول جميع الأنبياء ثم قال: " وأوحينا إلى إبراهيم " فخص أقواما بالذكر تشريفاً لهم كقوله تعالى :" وملائكته ورسله وجبريل وميكال " [ البقرة : 98] ثم قال : " وعيسى وأيوب " قدم عيسى على قوم كانون قبله ، لأن الواو لا تقتضي الترتيب وأيضاً فيه تخصيص عيسى رداً على اليهود وفي هذه الآية تنبيه على قدر نبينا صلى الله عليه وسلم وشرفه حيث قدمه في الذكر على أنبيائه ومثله قوله تعالى " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح " ب الأحزاب :7] الآية نوح مشتق من النوح وقد تقدم ذكره موعباً في آل عمران وانصرف وهو اسم أعجمي لأنه على ثلاثة أحرف فخف فأما إبراهيم وإسماعيل وإسحاق فأعجمية وهي معرفة وذلك لم تنصرف وكذا يعقوب وعيسى وموسى إلا أن عيسى وموسى يجوز أن تكون الألف فيهما للتأنيث فلا ينصرفان في معرفة ولا نكرة فأما يونس ويوسف فروى عن الحسن أنه قرأ ويونس بكسر النون وكذا يوسف يجعلهما من آنس وآسف، ويجب على هذا أن يصرفا ويهمزا ويكون جميعاً يآنس ويآسف ومن لم يهمز قال : يونس ويوسف وحكى أبو زيد: يونس ويوسف بفتح النون والسين، قال المهدوي: وكأن يونس في الأصل فعل مبني للفاعل ويونس فعلى مبني للمجهول للمفعول فيسمى بهما .
قوله تعالى :" وآتينا داود زبورا" الزبور كتاب داود وكان مائة وخمسين سورة ليس فيها حكم ولا حلال وحرام، وإنما هي حكم ومواعظ والزبور الكتابة والزبور بمعنى المزبور أي المكتوب كالرسول والركوب والحلوب، وقرأ حمزة زبوراً بضم الزاي جمع زبر كفلس وفلوس وزبر بمعنى المزبور، كما يقال: هذا الدرهم ضرب الأمير أي مضروبه والأصل في الكلمة التوثيق يقال: بئر مزبورة أي مطوية بالحجارة والكتاب يسمى إليه الإنس والجن والطير والوحش لحسن صوته، وكان متواضعاً يأكل من عمل يده، روى أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قلا إن كان داود صلى الله عليه وسلم ليخطب الناس وفي يده القفة من الخوص، فإذا فرغ ناولها بعض من إلى جنبه يبيعها وكان صنع الذروع وفي الحديث :
الزرقة في العين يمن وكان داود ازرق .
قال محمد بن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد, عن عكرمة أو سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: قال سكين وعدي بن زيد: يامحمد ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى, فأنزل الله في ذلك من قولهما: "إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده" إلى آخر الايات. وقال ابن جرير: حدثنا الحارث, حدثنا عبد العزيز, حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي, قال: أنزل الله "يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء" إلى قوله: "وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً" قال: فلما تلاها عليهم يعني على اليهود, وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة, جحدوا كل ما أنزل الله وقالوا: ما أنزل الله على بشر من شيء, ولا موسى ولا عيسى ولا على نبي من شيء, قال: فحل حبوته, وقال: ولا على أحد, فأنزل الله عز وجل "وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء" وفي هذا الذي قاله محمد بن كعب القرظي نظر, فإن هذه الاية التي في سورة الأنعام مكية, وهذه الاية التي في سورة النساء مدنية, وهي رد عليهم لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتاباً من السماء, قال الله تعالى: "فقد سألوا موسى أكبر من ذلك" ثم ذكر فضائحهم ومعايبهم وما كانوا عليه وما هم عليه الان من الكذب والافتراء, ثم ذكر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, كما أوحى إلى غيره من الأنبياء المتقدمين, فقال: "إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده" إلى قوله: "وآتينا داود زبوراً" والزبور اسم الكتاب الذي أوحاه الله إلى داود عليه السلام وسنذكر ترجمة كل واحد من هؤلاء الأنبياء عليهم من الله أفضل الصلاة والسلام, عند قصصهم من سورة الأنبياء إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان.
وقوله: "ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك" أي من قبل هذه الاية, يعني في السور المكية وغيرها وهذه تسمية الأنبياء الذين نص الله على أسمائهم في القرآن وهم: آدم وإدريس ونوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب وشعيب وموسى وهارون ويونس وداود وسليمان وإلياس واليسع وزكريا ويحيى وعيسى, وكذا ذو الكفل عند كثير من المفسرين وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم.
وقوله: "ورسلاً لم نقصصهم عليك" أي خلقاً آخرين لم يذكروا في القرآن, وقد اختلف في عدة الأنبياء والمرسلين, والمشهور في ذلك حديث أبي ذر الطويل, وذلك فيما رواه ابن مردويه رحمه الله في تفسيره حيث قال: حدثنا إبراهيم بن محمد حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن والحسين بن عبد الله بن يزيد, قالا: حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني, حدثني أبي عن جدي, عن أبي إدريس الخولاني, عن أبي ذر, قال: يارسول الله, كم الأنبياء ؟ قال: "مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً". قلت: يارسول الله, كم الرسل منهم ؟ قال: "ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير". قلت يارسول الله, من كان أولهم ؟ قال: "آدم" قلت: يارسول الله, نبي مرسل ؟ قال: "نعم خلقه الله بيده, ثم نفخ فيه من روحه, ثم سواه قبيلاً" ثم قال: "يا أبا ذر, أربعة سريانيون: آدم وشيث ونوح وخنوخ وهو إدريس, وهو أول من خط بالقلم, وأربعة من العرب: هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر, وأول نبي من بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى, وأول النبيين آدم, وآخرهم نبيك" وقد روى هذا الحديث بطوله الحافظ أبو حاتم بن حبان البستي في كتابه الأنواع والتقاسيم, وقد وسمه بالصحة, وخالفه أبو الفرج بن الجوزي فذكر هذا الحديث في كتابه الموضوعات واتهم به إبراهيم بن هشام هذا, ولا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث والله أعلم.
وقد روي هذا الحديث من وجه آخر عن صحابي آخر فقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف, حدثنا أبو المغيرة, حدثنا معان بن رفاعة عن علي بن يزيد, عن القاسم, عن أبي أمامة, قال: قلت: يانبي الله, كم الأنبياء ؟ قال: "مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً والرسل من ذلك ثلثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً" معان بن رفاعه السلامي ضعيف, وعلي بن يزيد ضعيف, والقاسم أبو عبد الرحمن ضعيف أيضاً. وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا أحمد بن إسحاق أبو عبد الله الجوهري البصري, حدثنا مكي بن إبراهيم, حدثنا موسى بن عبيدة الربذي عن يزيد الرقاشي, عن أنس, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعث الله ثمانية آلاف نبي: أربعة آلاف إلى بني إسرائيل, وأربعة آلاف إلى سائر الناس" وهذا أيضاً إسناد ضعيف, فيه الربذي ضعيف وشيخه الرقاشي أضعف منه والله أعلم.
قال أبو يعلى: حدثنا أبو الربيع, حدثنا محمد بن ثابت العبدي, حدثنا محمد بن خالد الأنصاري عن يزيد الرقاشي, عن أنس, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان فيمن خلا من إخواني من الأنبياء ثمانية آلاف نبي, ثم كان عيسى بن مريم, ثم كنت أنا" وقد رويناه عن أنس من وجه آخر, فأخبرنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي, أخبرنا أبو الفضل بن عساكر, أنبأنا الإمام بكر القاسم بن أبي سعيد الصفار, أخبرتنا عمة أبي عائشة بنت أحمد بن منصور بن الصفار, أخبرنا الشريف أبو السنانك هبة الله بن أبي الصهباء محمد بن حيدر القرشي, حدثنا الإمام الأستاذ أبو إسحاق الأسفراييني, قال: أخبرنا الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي, حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة, حدثنا أحمد بن طارق, حدثنا مسلم بن خالد, حدثنا زياد بن سعد عن محمد بن المنكدر, عن صفوان بن سليم, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت على أثر ثمانية آلاف نبي, منهم أربعة آلاف نبي من بني إسرائيل" وهذا غريب من هذا الوجه, وإسناده لا بأس به, رجاله كلهم معرفون إلا أحمد بن طارق هذا, فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح, والله أعلم. وحديث أبي ذر الغفاري الطويل في عدد الأنبياء عليهم السلام. قال محمد بن حسين الاجري: حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الفريابي إملاء في شهر رجب سنة سبع وتسعين ومائتين, حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني, حدثنا أبي عن جده, عن أبي إدريس الخولاني, عن أبي ذر, قال: دخلت المسجد, فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده, فجلست إليه, فقلت: يارسول الله, إنك أمرتني بالصلاة. قال: "الصلاة خير موضوع, فاستكثر أو استقل" قال: قلت: يارسول الله, فأي الأعمال أفضل ؟ قال: "إيمان بالله وجهاد في سبيله". قلت: يارسول الله, فأي المؤمنين أفضل ؟ قال: "أحسنهم خلقاً". قلت: يارسول الله, فأي المسلمين أسلم ؟ قال: "من سلم الناس من لسانه ويده". قلت: يارسول الله, فأي الهجرة أفضل ؟ قال: "من هجر السيئات" قلت: يارسول الله أي الصلاة أفضل ؟ قال: "طول القنوت" فقلت: يارسول الله , فأي الصيام أفضل ؟ قال: "فرض مجزىء وعند الله أضعاف كثيرة" قلت: يارسول الله فأي الجهاد أفضل ؟ قال: "من عقر جواده وأهريق دمه". قلت: يارسول الله, فأي الرقاب أفضل ؟ قال: "أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها". قلت: يارسول الله, فأي الصدقة أفضل ؟ قال: "جهد من مقل وسر إلى فقير". قلت: يارسول الله, فأي آية ما أنزل عليك أعظم ؟ قال "آية الكرسي", ثم قال يا أبا ذر, وما السموات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة" قال: قلت: يارسول الله, كم الانبياء ؟ قال "مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً". قال: قلت: يارسول الله, كم الرسل من ذلك ؟ قال: "ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير كثير طيب". قلت: فمن كان أولهم ؟ قال: "آدم" قلت: أنبي مرسل ؟ قال: "نعم, خلقه الله" بيده, ونفخ فيه من روحه, سواه قبيلا", ثم قال: "يا أبا ذر, أربعة سريانيون: آدم وشيث وخنوخ وهو إدريس, وهو أول من خط بقلم, ونوح, وأربعة من العرب: هود وشعيب وصالح ونبيك با أبا ذر, وأول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى, وأول الرسل آدم وآخرهم محمد" قال: قلت: يارسول الله, كم كتاب أنزله الله ؟ قال: "مائة كتاب وأربعة كتب, أنزل الله على شيث خمسين صحيفة, وعلى خنوخ ثلاثين صحيفة, وعلى إبراهيم عشر صحائف, وأنزل على موسى من قبل التوراة عشرة صحائف, وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان" قال: قلت: يارسول الله, ما كانت صحف إبراهيم ؟ قال "كلها يا أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض, ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم, فإني لا أردها ولو كانت من كافر, وكان فيها أمثال, وعلى العاقل أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه, وساعة يحاسب فيها نفسه, وساعة يفكر في صنع الله, وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب, وعلى العاقل أن لا يكون ضاغناً إلا لثلاث: تزود لمعاد, أو مرمة لمعاش, أو لذة في غير محرم, وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه, مقبلاً على شأنه: حافظاً للسانه, ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه". قال: قلت: يارسول الله, فما كانت صحف موسى ؟ قال "كانت عبراً كلها, عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح, عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب, وعجبت لمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم يطمئن إليها, وعجبت لمن أيقن بالحساب غداً ثم هو لا يعمل". قال: قلت: يارسول الله, فهل في أيدينا شيء مما كان في أيدي إبراهيم وموسى, وما أنزل الله عليك ؟ قال "نعم اقرأ يا أبا ذر " قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى * بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى * إن هذا لفي الصحف الأولى * صحف إبراهيم وموسى "". قال: قلت: يارسول الله, أوصني قال: أوصيك بتقوى الله فإنه رأس أمرك قال: قلت يا رسول الله زدني قال "عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض" قال: قلت: يارسول الله زدني. قال "إياك وكثرة الضحك, فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه", قال: قلت: يارسول الله زدني, قال: "عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي". قلت: زدني. قال "عليك بالصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان, وعون لك على أمر دينك". قلت: زدني قال: "انظر إلى من هو تحتك, ولا تنظر إلى من هو فوقك, فإنه أجدر لك أن لا تزدري نعمة الله عليك" . قلت: زدني. قال: "أحبب المساكين وجالسهم, فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك". قلت: زدني قال: "صل قرابتك وإن قطعوك". قلت: زدني. قال: "قل الحق وإن كان مراً" قلت: زدني. قال "لا تخف في الله لومة لائم". قلت: زدني. قال "يردك عن الناس ما تعرف من نفسك, ولا تجد عليهم فيما تحب, وكفى بك عيباً أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك, أو تجد عليهم فيما تحب", ثم ضرب بيده صدري فقال: "يا أبا ذر, لا عقل كالتدبير, ولا ورع كالكف, ولا حسب كحسن الخلق"
وروى الإمام أحمد عن أبي المغيرة, عن معان بن رفاعة, عن علي بن يزيد, عن القاسم, عن أبي أمامة أن أبا ذر سأل النبي صلى الله عليه وسلم, فذكر أمر الصلاة والصيام والصدقة, وفضل آية الكرسي, ولا حول ولا قوة إلا بالله, وأفضل الشهداء, وأفضل الرقاب, ونبوة آدم وأنه مكلم, وعدد الأنبياء, والمرسلين كنحو ما تقدم.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: وجدت في كتاب أبي يخطه: حدثني عبد المتعالي بن عبد الوهاب, حدثنا يحيى بن سعيد الأموي, حدثنا مجالد عن أبي الوداك, قال: قال أبو سعيد: هل تقول الخوارج بالدجال ؟ قال: قلت: لا , فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني خاتم ألف نبي أو أكثر, وما بعث نبي يتبع إلا وقد حذر أمته منه, وإني قد بين لي فيه ما لم يبين لأحد, وإنه أعور, وإن ربكم ليس بأعور, وعينه اليمنى عوراء جاحظة لا تخفى كأنها نخامة في حائط مجصص, وعينه اليسرى كأنها كوكب دري, معه من كل لسان, ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء, وصورة النار سوداء تدخن", وقد رويناه في الجزء الذي فيه رواية أبي يعلى الموصلي عن يحيى بن معين: حدثنا مروان بن معاوية, حدثنا مجالد عن أبي الوداك, عن أبي سعيد, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أختم ألف ألف نبي أو أكثر, ما بعث الله من نبي إلى قومه إلا حذرهم الدجال", وذكر تمام الحديث, هذا لفظه بزيادة ألف وقد تكون مقحمة, والله أعلم.
وسياق رواية الإمام أحمد أثبت وأولى بالصحة, ورجال إسناد هذا الحديث لا بأس بهم, وقد روي هذا الحديث من طريق جابر بن عبد الله رضي الله عنه, قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا عمرو بن علي, حدثنا يحيى بن سعيد, حدثنا مجالد عن الشعبي, عن جابر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لخاتم ألف نبي أو أكثر, وإنه ليس منهم نبي إلا وقد أنذر قومه الدجال, وإني قد بين لي ما لم يبين لأحد منهم, وإنه أعور, وإن ربكم ليس بأعور"
قوله: "وكلم الله موسى تكليماً" وهذا تشريف لموسى عليه السلام بهذه الصفة, ولهذا يقال له: الكليم, وقد قال الحافظ أبو بكر بن مردوية: حدثنا أحمد بن محمد بن سليمان المالكي, حدثنا مسيح بن حاتم, حدثنا عبد الجبار بن عبد الله, قال: جاء رجل إلى أبي بكر بن عياش فقال: سمعت رجلاً يقرأ "وكلم الله موسى تكليماً", فقال أبو بكر: ما قرأ هذا إلا كافر, قرأت على الأعمش, وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب, وقرأ يحيى بن وثاب على أبي عبد الرحمن السلمي, وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي على علي بن أبي طالب, وقرأ علي بن أبي طالب على رسول الله صلى الله عليه وسلم "وكلم الله موسى تكليماً" وإنما اشتد غضب أبي بكر بن عياش رحمه الله على من قرأ كذلك, لأنه حرف لفظ القرآن ومعناه, وكان هذا من المعتزلة الذين ينكرون أن يكون الله كلم موسى عليه السلام أو يكلم أحداً من خلقه, كما رويناه عن بعض المعتزلة أنه قرأ على بعض المشايخ "وكلم الله موسى تكليماً" فقال له: يا ابن اللخناء, كيف تصنع بقوله تعالى: "ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه" ؟ يعني أن هذا لا يحتمل التحريف, ولا التأويل, وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا أحمد بن الحسين بن بهرام, حدثنا محمد بن مرزوق, حدثنا هانىء بن يحيى عن الحسن بن أبي جعفر, عن قتادة, عن يحيى بن وثاب, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما كلم الله موسى كان يبصر دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء"صح موقوفاً كان جيداً, وقد روى الحاكم في مستدركه وابن مردويه من حديث حميد بن قيس الأعرج, عن عبد الله بن الحارث, عن ابن مسعود, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان على موسى يوم كلمه ربه جبة صوف, وكساء صوف, وسراويل صوف, ونعلان من جلد حمار غير ذكي" .
وقال ابن مردويه بإسناده, عن جويبر, عن الضحاك, عن ابن عباس, قال: إن الله ناجى موسى بمائة ألف كلمة وأربعين ألف كلمة في ثلاثة أيام, وصايا كلها, فلما سمع موسى كلام الادميين مقتهم مما وقع في مسامعه من كلام الرب عز وجل, وهذا أيضاً إسناد ضعيف, فإن جويبر أضعف, والضحاك لم يدرك ابن عباس رضي الله عنهما. فأما الأثر الذي رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه وغيرهما من طريق الفضل بن عيسى الرقاشي, عن محمد بن المنكدر, عن جابر بن عبد الله أنه قال: لما كلم الله موسى يوم الطور, كلمه بغير الكلام الذي كلمه يوم ناداه, فقال له موسى: يارب هذا كلامك الذي كلمتني به, قال: لا ياموسى, إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان, ولي قوة الألسنة كلها, وأنا أقوى من ذلك, فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل, قالوا: ياموسى, صف لنا كلام الرحمن. قال: لا أستطيعه. قالوا: فشبه لنا. قال: ألم تسمعوا إلى صوت الصواعق فإنه قريب منه وليس به. وهذا إسناد ضعيف, فإن الفضل الرقاشي هذا ضعيف بمرة.
وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري, عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث, عن جزء بن جابر الجثعمي, عن كعب, قال: إن الله لما كلم موسى بالألسنة كلها, فقال له موسى: يارب, هذا كلامك ؟ قال: لا, ولو كلمتك بكلامي لم تستقم له. قال: يارب, فهل من خلقك شيء يشبه كلامك ؟ قال: لا, وأشد خلقي شبهاً بكلامي أشد ما تسمعون من الصواعق, فهذا موقوف على كعب الأحبار, وهو يحكي عن الكتب المتقدمة المشتملة على أخبار بني إسرائيل وفيها الغث والسمين.
وقوله: "رسلاً مبشرين ومنذرين" أي يبشرون من أطاع الله واتبع رضوانه بالخيرات, وينذرون من خالف أمره وكذب رسله بالعقاب والعذاب, وقوله: "لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً" أي أنه تعالى أنزل كتبه وأرسل رسله بالبشارة والنذارة, وبين ما يحبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه, لئلا يبقى لمعتذر عذر, كما قال تعالى: "ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى", وكذا قوله: "ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم" الاية. وقد ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا أحد أغير من الله, من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن, ولا أحد أحب إليه المدح من الله عز وجل, من أجل ذلك مدح نفسه, ولا أحد أحب إليه العذر من الله, من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين", وفي لفظ آخر "من أجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه".
قوله 163- "إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده" هذا متصل بقوله "يسألك أهل الكتاب" والمعنى: أن أمر محمد صلى الله عليه وسلم كأمر من تقدمه من الأنبياء فما بالكم تطلبون منه ما لم يطلبه أحد من المعاصرين للرسل، والوحي إعلام في خفاء، يقال: وحي إليه بالكلام وحياً، وأوحى يوحي إيحاء، وخص نوحاً لكونه أول نبي شرعت على لسانه الشرائع، وقيل غير ذلك. والكاف في قوله "كما" نعت مصدر محذوف: أي: إيحاء مثل إيحائنا إلى نوح، أو حال: أي أوحينا إليك هذا الإيحاء حال كونه مشبهاً بإيحائنا إلى نوح. قوله "وأوحينا إلى إبراهيم" معطوف على "أوحينا إلى نوح" " وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط " وهم أولاد يعقوب كما تقدم "وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان" خص هؤلاء بالذكر بعد دخولهم في لفظ النبيين تشريفاً لهم كقوله "وملائكته ورسله وجبريل"، وقدم عيسى على أيوب ومن بعده مع كونهم في زمان قبل زمانه، رداً على اليهود الذي كفروا به، وأيضاً فالواو ليس إلا لمطلق الجمع. قوله "وآتينا داود زبوراً" معطوف على أوحينا. والزبور: كتاب داود. قال القرطبي: وهو مائة وخمسون سورة ليس فيها حكم ولا حلال ولا حرام، وإنما هي حكم ومواعظ انتهى. قلت: هو مائة وخمسون مزموراً. والمزمور: فصل يشتمل على كلام لداود يستغيث بالله من خصومه ويدعو الله عليهم ويستنصره، وتارة يأتي بمواعظ، وكان يقول ذلك في الغالب في الكنيسة، ويستعمل مع تكلمه بذلك شيئاً من الآلات التي لها نغمات حسنة، كما هو مصرح بذلك في كثير من تلك المزمورات. والزبير: الكتابة. والزبور بمعنى المزبور: أي المكتوب. كالرسول والحلوب والركوب. وقرأ حمزة "زبوراً" بضم الزاي، جمع زبر كفلس وفلوس. والزبر بمعنى المزبور، والأصل في الكلمة التوثيق يقال: بئر مزبورة: أي مطوية بالحجارة، والكتاب سمي زبوراً لقوة الوثيقة به.
163-قوله تعالى:"إنا أوحينا إليك" هذا بناء على ما سبق من قوله "يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء "(النساء-153) ، فلما ذكر الله عيوبهم وذنوبهم غضبوا وجحدوا كل ما أنزل الله عز وجل ، وقالوا : ما أنزل الله على بشر من شيء ، فنزل :"وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء"(الأنعام -91) وأنزل"إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده" فذكر عدة من الرسل الذين أوحى إليهم ، وبدأ بذكر نوح عليه السلام لأنه كان البشر مثل آدم عليه السلام ، قال الله تعالى:"وجعلنا ذريته هم الباقي"(الصافات -77) ولأنه أول نبي من أنبياء الشريعة، وأول نذير على الشرك، وأول من عذبت أمته لردهم دعوته ، وأهلك أهل الأرض بدعائه وكان أطول الأنبياء عمراً وجعلت معجزته في نفسه ، لأنه عمر ألف سنة فلم تسقط له سن ولم تشب له شعرة ولم تنتقص له قوة، ولم يصبر نبي على أذى قومه ما صبر هو على طول عمره .
قوله تعالى:" وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط "، وهم أولاد يعقوب، " وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا " ، قرأ الأعمش وحمزة:"زبوراً" والزبور بضم الزاي حيث كان ، بمعنى: جمع زبور ،أي آتينا داوود كتباً وصحفاً مزبورةً،أي: مكتوبة ، وقرأ الآخرون بفتح الزاي وهو اسم الكتاب الذي أنزل الله تعالى على داوود عليه السلام ، وكان فيه التحميد والتمجيد والثناء على الله عز وجل، وكان داوود يبرز إلى البرية فيقوم ويقرأ الزبور ويقوم معه علماء بني إسرائيل، فيقومون خلفه ويقوم الناس خلف العلماء، ويقوم الجن خلف الناس، الأعظم فالأعظم ، والشياطين خلف الجن وتجيء الدواب التي في الجبال فيقمن بين يديه تعجباً لما يسمعن منه ، والطير ترفرف على رؤوسهم ، فلما قارف الذنب لم ير ذلك ، فقيل له: ذاك أنس الطاعة، وهذا وحشة المعصية.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي أناأبو بكر الجوزقيأناأبو العباس أنايحيى بن زكرياأناالحسن بن حماد حدثنا يحيى بن سعيد الأموي عنطلحة بن يحيى عن أبي بن أبي موسى عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لو رأيتني البارحة وأنا أستمع لقراءتك لقد أعطيت مزماراً من مزامير آل داود"، فقال :أما والله يا رسول الله لو علمت أنك تستمع لحبرته لحبرته وكان عمر رضي الله عنه إذا رآه يقول: ذكرنا يا أبا موسى، فيقرأ عنده.
163" إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده " جواب لأهل الكتاب عن اقتراحهم أن ينزل عليهم كتاباً من السماء، واحتجاج عليهم بأن أمره في الوحي كسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. " وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان " خصهم بالذكر مع اشتمال النبيين عليهم تعظيماً لهم، فإن إبراهيم أول أولي العزم منهم وعيسى آخرهم، والباقين أشرف الأنبياء ومشاهيرهم. " وآتينا داود زبورا " وقرأ حمزة " زبورا " بالضم وهو جمع زبر. بمعنى مزبور.
163. Lo! We inspire thee as We inspired Noah and the prophets after him, as We inspired Abraham and Ishmael and Isaac and Jacob and the tribes, and Jesus and Job and Jonah and Aaron and Solomon, and as we imparted unto David the Psalms;
163 - We have sent thee inspiration, as we sent it to Noah and the messengers after him: we sent inspiration to Abraham, Ismail, Isaac, Jacob and the tribes, to Jesus, Job, Jonah, Aaron, and Solomon, and to David we gave the psalms.