16 - (قال فبما أغويتني) أي بإغوائك لي ، والباء للقسم وجوابه (لأقعدن لهم) أي لبني آدم (صراطك المستقيم) أي على الطريق الموصل إليك
قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : قال إبليس لربه :" فبما أغويتني" ، يقول : فبما أضللتني ، كما : حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " فبما أغويتني " ، يقول : أضللتني
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : " فبما أغويتني " ، قال : فبما أضللتني .
وكان بعضهم يتأول قوله : " فبما أغويتني" ، بما أهلكتني ، من قولهم : غوى الفصيل يغوى غوى، وذلك إذا فقد اللبن فمات ، من قول الشاعر:
معطفة الأثناء ليس فصيلها برازئها دزا ولا ميعب غوى
وأصل الإغواء في كلام العرب : تزيين الرجل للرجل الشيء حتى يحسنه عنده ، غارا له .
وقد حكي عن بعض قبائل طيىء ، أنها تقول : أصبح فلان غاويا، أي : أصبح مريضا. وكان بعضهم يتأول ذلك أنه بمعنى القسم ، كان معناه عنده : فبإغوائك إياي ، لأقعدن لهم صراطك المستقيم ، كما يقال : بالله لأفعلن كذا.
وكان بعضهم يتاول ذلك بمعنى المجازاة، كان معناه عنده : فلأنك أغويتني - أو: فبانك أغويتني - لأقعدن لهم صراطك المستقيم.
قال أبو جعفر : وفي هذا بيان واضح على فساد ما يقول القدرية، من أن كل من كفر أو امن فبتفويض الله أسباب ذلك إليه ، وأن السبب الذي به يصل المؤمن إلى الإيمان ، هو السبب الذي به يصل الكافر الى الكفر. وذلك أن ذلك لو كان كما قالوا، لكان الخبيث قد قال بقوله : " فبما أغويتني " ، فبما أصلحتني، اذ كان سبب الإغواء هو سبب الإصلاح ، وكان في إخباره عن الإغواء إخبار عن الإصلاح ، ولكن لما كان سبباهما مختلفين ، وكان السبب الذي به غوى وهلك من عند الله . أضاف ذلك اليه فقال :" فبما أغويتني" . وكذلك قال محمد بن كعب القرظي ، فيما:
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال ، حدثنا زيد بن الحباب قال ، حدثنا أبو مودود : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول : قاتل الله القدرية، لإبليس أعلم بالله منهم وأما قوله : " لأقعدن لهم صراطك المستقيم " ، فانه يقول : لأجلسن لبني آدم " صراطك المستقيم " ، يعني : طريقك القويم ، وذلك دين الله الحق ، وهو الإسلام وشرائعه . وإنما معنى الكلام : لأصدن بني آدم عن عبادتك وطاعتك ، ولأغوينهم كما أغويتني ، ولأضلنهم كما أضللتني . وذلك كما روي عن سبرة بن أبي الفاكه :
أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الشيطان قعد لابن آدم باطرقة، فقعد له بطريق الإسلام فقال :أتسلم وتذردينك ودين ابائك ؟ فعصاه فأسلم . ثم قعد له بطريق الهجرة فقال : أتهاجر وتذر أرضك وسماءك ، وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطول ؟ فعصاه وهاجر. ثم قعد له بطريق الجهاد، وهو جهد النفس والمال ، فقال : أتقاتل فتقتل ، فتنكح المرأة، ويقسم المال ؟ قال : فعصاه فجاهد". وروي عن عون بن عبدالله في ذلك ما:
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا حبوية أبو يزيد ، عن عبد الله بن بكير ، عن محمد بن سوقة ، عن عون بن عبد الله : " لأقعدن لهم صراطك المستقيم " ، قال : طريق مكة .
والذي قاله عون ، وإن كان من صراط الله المستقيم ، فليس هو الصراط كله . وإنما أخبر عدو الله أنه يقعد لهم صراط الله المستقيم ، ولم يخصص منه شيئا دون شيء . فالذي روي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أشبه بظاهر التنزيل ، وأولى بالتأويل ، لأن الخبيث لا يألو عباد الله الصد عن كل ما كان لهم قربة إلى الله.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل في معنى " المستقيم " ، في هذا الموضع .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " صراطك المستقيم" ، قال : الحق .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا أبو سعد المدني قال : سمعت مجاهدا يقول : " لأقعدن لهم صراطك المستقيم " ، قال : سبيل الحق ، فلأضلنهم إلا قليلا.
قال أبو جعفر : واختلف أهل العربية في ذلك .
فقال بعض نحويي البصرة: معناه : لأقعدن لهم على صراطك المستقيم ، كما يقال : توجه مكة،، أي : إلى مكة، وكما قال الشاعر:
كآني إذ أسعى لأظفر طائرا مع النجم من جؤ السماء يصوب
بمعنى : لأظفر بطائر، فالقى الباء، وكما قال : " أعجلتم أمر ربكم " بمعنى : أعجلتم عن أمر ربكم . وقال بعض نحويي الكوفة: المعنى، والله أعلم : لأقعدن لهم على طريقهم ، وفي طريقهم . قال : لالقاء الصفة من هذا جائز، كما تقول : قعدت لك وجه الطريق ، و على وجه الطريق ،، لأن الطريق صفة في المعنى، فاحتمل ما يحتمله اليوم و الليلة، و العام ، إذا قيل : آتيك غدا، و آتيك في غدا.
قال أبو جعفر : وهذا القول هو أولى القولين في ذلك عندي بالصواب ، لأن : القعود مقتض مكاناً يقعد فيه ، فكما يقال : قعدت في مكانك ، يقال : قعدت على صراطك ، و في صراطك ، كما قال الشاعر : لدن بهزالكف يعسل متنه فيه ، كما عسل الطريق الثعلب
فلا تكاد العرب تقول ذلك في أسماء البلدان ، لا يكادون يقولون : جلست مكة، و قمت بغداد .
فيه ثلاث مسائل:
الأولى- قوله تعالى: "فبما أغويتني" الإغواء إيقاع الغي في القلب، أي فبما أوقعت في قلبي من الغي والعناد والاسكتبار. وهذا لأن كفر إبليس ليس كفر جهل، بل هو كفر عناد واستكبار. وقد تقدم في البقرة. قيل: معنى الكلام القسم، أي فبإغوائك إياي لأقعدن لهم على صراطك، أو في صراطك، فحذف. دليل هذا القول قوله في (ص): "فبعزتك لأغوينهم أجمعين" [ص: 82] فكأن إبليس أعظم قدر إغواء الله إياه لما فيه من التسليط على العباد، فأقسم به إعظاماً لقدره عنده. وقيل: الباء بمعنى اللام، كأنه قال: فلإغوائك إياي. وقيل: هي بمعنى مع، والمعنى فمع إغوائك إياي. وقيل: هو استفهام، كأنه سأل بأي شيء أغواه؟. وكان ينبغي على هذا أن يكون: فبم أغويتني؟. وقيل: المعنى فبما أهلكتني بلعنك إياي. والإغواء الإهلاك، قال الله تعالى: "فسوف يلقون غيا" [مريم: 59] أي هلاكاً. وقيل: فبما أضللتني. والإغواء: الإضلال والإبعاد، قاله ابن عباس. وقيل: خيبتني من رحمتك، ومنه قول الشاعر:
ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً
أي من يخب. وقال ابن الأعرابي: يقال غوى الرجل يغوي غياً إذا فسد عليه أمره، أو فسد هو في نفسه. وهو أحد معاني قوله تعالى: "وعصى آدم ربه فغوى" [طه: 124] أي فسد عيشه في الجنة. ويقال: غوي الفصيل إذا لم يدر لبن أمه.
الثانية- مذهب أهل السنة أن الله تعالى أضله وخلق فيه الكفر، ولذلك نسب الإغواء في هذا إلى الله تعالى. وهو الحقيقة، فلا شيء في الوجود إلا وهو مخلوق له، صادر عن إرادته تعالى. وخالف الإمامية والقدرية وغيرهما شيخهم إبليس الذي طاوعوه في كل ما زينه لهم، ولم يطاوعوه في هذه المسألة ويقولون: أخطأ إبليس، وهو أهل للخطأ حيث نسب الغواية إلى ربه، تعالى الله عن ذلك. فيقال لهم: وإبليس وإن كان أهلاً للخطأ فما تصنعون في نبي مكرم معصوم. وهو نوح عليه السلام حيث قال لقومه: "ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون" [هود: 34] وقد روي أن طاوساً جاءه رجل في المسجد الحرام، وكان مهتماً بالقدر، وكان من الفقهاء الكبار، فجلس إليه فقال له طاوس: تقوم أو تقام؟ فقيل طاوس: تقول هذا لرجل فقيه! فقال: إبليس أفقه منه، يقول إبليس: رب بما أغويتني. ويقول هذا: أنا أغوي نفسي.
الثالثة- قوله تعالى: "لأقعدن لهم صراطك المستقيم" أي بالصد عنه، وتزيين الباطل حتى يهلكوا كما هلك، أو يضلوا كما ضل، أو يخيبوا كما خيب، حسب ما تقدم من المعاني الثلاثة في أغويتني. والصراط المستقيم هو الطريق الموصل إلى الجنة، وصراطك منصوب على حذف على أو في من قوله: صراطك المستقيم، كما حكى سيبويه ضرب زيد الظهر والبطن. وأنشد:
لدن بهز الكف يعسل متنه فيه كما عسل الطريق الثعلب
يخبر تعالى أنه لما أنذر إبليس "إلى يوم يبعثون" واستوثق إبليس بذلك, أخذ في المعاندة والتمرد, فقال "فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم" أي كما أغويتني, قال ابن عباس: كما أضللتني, وقال غيره: كما أهلكتني لأقعدن لعبادك الذين تخلقهم من ذرية هذا الذي أبعدتني بسببه على "صراطك المستقيم" أي طريق الحق وسبيل النجاة, لأضلنهم عنها لئلا يعبدوك ولا يوحدوك بسبب إضلالك إياي, وقال بعض النحاة: الباء هنا قسمية كأنه يقول فبإغوائك إياي لأقعدن لهم صراطك المستقيم, قال مجاهد: صراطك المستقيم يعني الحق, وقال محمد بن سوقة عن عون بن عبد الله: يعني طريق مكة, قال ابن جرير: الصحيح أن الصراط المستقيم أعم من ذلك, (قلت) لما روى الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم, حدثنا أبو عقيل يعني الثقفي عبد الله بن عقيل, حدثنا موسى بن المسيب, أخبرني سالم بن أبي الجعد, عن سبرة بن أبي الفاكه, قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الشيطان قعد لابن آدم بطرقه فقعد له بطريق الإسلام, فقال: أتسلم وتذر دينك ودين آبائك قال فعصاه وأسلم" قال "قعد له بطريق الهجرة فقال: أتهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطول, فعصاه وهاجر, ثم قعد له بطريق الجهاد وهو جهاد النفس والمال, فقال تقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال قال فعصاه وجاهد".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك منهم فمات, كان حقاً على الله أن يدخله الجنة, وإن قتل كان حقاً على الله أن يدخله الجنة, وإن غرق كان حقاً على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابة كان حقاً على الله أن يدخله الجنة" وقوله " ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم " الاية, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " ثم لآتينهم من بين أيديهم " أشككهم في آخرتهم "ومن خلفهم" أرغبهم في دنياهم "وعن أيمانهم" أشبه عليهم أمر دينهم "وعن شمائلهم" أشهي لهم المعاصي, وقال ابن أبي طلحة في رواية العوفي كلاهما عن ابن عباس: أما من بين أيديهم فمن قبل دنياهم, وأما من خلفهم فأمر آخرتهم, وأما عن أيمانهم فمن قبل حسناتهم, وأما عن شمائلهم فمن قبل سيئاتهم, وقال سعيد بن أبي عروبة: عن قتادة, أتاهم من بين أيديهم فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار, ومن خلفهم من أمر الدنيا فزينها لهم ودعاهم إليها, وعن أيمانهم من قبل حسناتهم بطأهم عنها, وعن شمائلهم زين لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها وأمرهم بها, أتاك يا بن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك, لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله, وكذا روي عن إبراهيم النخعي والحكم بن عتيبة والسدي وابن جريج, إلا أنهم قالوا: من بين أيديهم الدنيا, ومن خلفهم الاخرة.
وقال مجاهد: من بين أيديهم وعن أيمانهم من حيث يبصرون, ومن خلفهم وعن شمائلهم حيث لا يبصرون, واختار ابن جرير: أن المراد جميع طرق الخير والشر, فالخير يصدهم عنه والشر يحسنه لهم, وقال الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس في قوله " ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم " ولم يقل من فوقهم, لأن الرحمة تنزل من فوقهم, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "ولا تجد أكثرهم شاكرين" قال: موحدين, وقول إبليس هذا إنما هو ظن منه وتوهم, وقد وافق في هذا الواقع, كما قال تعالى: " ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين * وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ " ولهذا ورد في الحديث الاستعاذة من تسلط الشيطان على الإنسان من جهاته كلها, كما قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا نصر بن علي, حدثنا عمرو بن مجمع, عن يونس بن خباب عن ابن جبير بن مطعم يعني نافع بن جبير, عن ابن عباس, وحدثنا عمر بن الخطاب يعني السجستاني, حدثنا عبيد الله بن جعفر, حدثنا عبد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة, عن يونس بن خباب عن ابن جبير بن مطعم, عن ابن عباس, قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو "اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي, اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي, وأعوذ بك اللهم أن أغتال من تحتي" تفرد به البزار وحسنه..
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع, حدثنا عبادة بن مسلم الفزاري, حدثني جرير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم, سمعت عبد الله بن عمر يقول: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي "اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والاخرة, اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي, اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي, اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي, قال وكيع: من تحتي يعني الخسف, ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث عبادة بن مسلم به, وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
وجملة 16- "قال فبما أغويتني" مستأنفة كالجمل السابقة واردة جواباً لسؤال مقدر، والباء في "فبما" للسببية والفاء لترتيب الجملة على ما قبلها، وقيل: الباء للقسم كقوله: "فبعزتك لأغوينهم أجمعين" أي فبإغوائك إياي "لأقعدن لهم صراطك المستقيم" والإغواء: الإيقاع في الغي، وقيل: الباء بمعنى اللام، وقيل بمعنى مع. والمعنى: فمع إغوائك إياي، وقيل: "ما" في "فبما أغويتني" للاستفهام. والمعنى: فبأي شيء أغويتني والأول أولى. ومراده بهذا الإغواء الذي جعله سبباً لما سيفعله مع العباد هو ترك السجود منه وأن ذلك كان بإغواء الله له، حتى اختار الضلالة على الهدى، وقيل: أراد به اللعنة التي لعنه الله: أي فبما لعنتني فأهلكتني لأقعدن لهم ومنه "فسوف يلقون غياً" أي هلاكاً. وقال ابن الأعرابي: يقال: غوى الرجل يغوي غياً: إذا فسد عليه أمره أو فسد هو نفسه، ومنه "وعصى آدم ربه فغوى" أي فسد عيشه في الجنة "لأقعدن لهم" أي لأجدن في إغوائهم حتى يفسدوا بسببي كما فسدت بسبب تركي السجود لأبيهم. والصراط المستقيم هو الطريق الموصل إلى الجنة، وانتصابه على الظرفية: أي في صراطك المستقيم كما حكى سيبويه ضرب زيد الظهر والبطن، واللام في "لأقعدن" لام القسم، والباء في "بما أغويتني" متعلقة بفعل القسم المحذوف: أي فبما أغويتني أقسم لأقعدن.
16- " قال فبما أغويتني "، اختلفوا في (ما) قيل: هو استفهام يعني فبأي شيء أغويتني ؟ثم ابتدأ فقال: " لأقعدن لهم "وقيل: ( ما ) الجزاء، أي: لأجل أنك أغويتني لأحقدن لهم. وقيل: هو (ما) المصدرية موضع القسم تقديره: فبإغوائك إياي لأقعدن لهم، كقوله "بما غفر لي ربي" (يس،27)، يعني: لغفران ربي.
والمعنى بقدرتك علي ونفاذ سلطانك في . وقال ابن الأنباري : أي فيما أوقعت في قلبي من الغي الذي كان سبب هبوطي من السماء، أغويتني: أضللتني عن الهدى. وقيل: أهلكتني. وقيل: خيبتني، " لأقعدن لهم صراطك المستقيم "، أي: لأجلسن لبني آدم على طريقك القويم وهو الإسلام.
16. " قال فبما أغويتني " أي بعد أن أمهلتني لاجتهدن في إغوائهم بأي طريق يمكنني بسبب إغوائك إياي بواسطتهم تسمية ، أو حملاً على الغي ، أو تكليفاً بما غويت لأجله والباء متعلقة بفعل القسم المحذوف لا أقعدن فإن اللام تصد عنه وقيل الباء للقسم : "لأقعدن لهم " ترصداً بهم كما يقعد القطاع للسابلة . " صراطك المستقيم " طريق الإسلام ونصبه على الظرف كقوله:
لدن بهز الكف يعسل متنه فيه كما عسل الطريق الثعلب
وقيل تقديره على صراطك كقولهم : ضرب زيد الظهر والبطن . .
16. He said : Now, because Thou hast sent me astray, verily I shall lurk in ambush for them on Thy Right Path.
16 - He said: Because thou Hast thrown me out of the Way I o I will Lie in wait for them On Thy Straight Way: