16 - (قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا) إن فررتم (لا تمتعون) في الدنيا بعد فراركم (إلا قليلا) بقية آجالكم
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم " قل " يا محمد لهؤلاء الذين يستأذنوك في الانصراف عنك ويقولون: إن بيوتنا عورة " لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل " يقول: لأن ذلك، أو ما كتب الله منهما واصل إليكم بكل حال، كرهتم أو أحببتم " وإذا لا تمتعون إلا قليلا " يقول: وإذا فررتم من الموت أو القتل لم يزد فراركم ذلك في أعماركم وآجالكم، بل إنما تمتعون في هذه الدنيا إلى الوقت الذي كتب لكم، ثم يأتيكم ما كتب لكم وعليكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا " وإنما الدنيا كلها قليل.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين، عن ربيع بن خيثم " وإذا لا تمتعون إلا قليلا " قال: إلا آجالهم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن الأعمش ، عن أبي رزين، عن الربيع بن خيثم مثله، إلا أنه قال: ما بينهم وبين آجالهم.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن أبي رزين، أنه قال في هذه الآية ( فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا) ( التوبة: 82) قال: ليضحكوا في الدنيا قليلاً، وليبكوا في النار كثيراً. وقال في هذه الآية " وإذا لا تمتعون إلا قليلا " قال: إلى آجالهم. أحد هذين الحديثين رفعه إلى ربيع بن خيثم.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن الأعمش ، عن أبي رزين، عن الربيع بن خيثم " وإذا لا تمتعون إلا قليلا " قال: الأجل. ورفع قوله " تمتعون " ولم ينصب بإذن للواو التي معها، وذلك أنه إذا كان قبلها واو، كان معنى ( إذا) التأخير بعد الفعل، كأنه قيل: ولو فروا لا يمتعون إلا قليلاً إذاً، وقد ينصب بها أحياناً، وإن كان معها واو، لأن الفعل متروك، فكأنها لأول الكلام.
قوله تعالى :" قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل" أي من حضر أجله مات أو قتل، فلا ينفع الفرار " وإذا لا تمتعون إلا قليلا" أي في الدنيا بعد الفرار إلى أن تنقضي آجالكم، وكل ما هو أت فقريب وروى الساجي عن يعقوب الحضرمي وإذا لا يمتعون بياء وفي بعض الروايات وإذا لا تمتعوا نصب ب إذاً والرفع بمعنى ولا تمتعون وإذاً ملغاة ويجوز إعمالها فهذا حكمها إذا كان قبلها الواو والفاء فإذا كانت مبتدأة نصبت بها فقلت : إذا أكرمك
يخبر تعالى عن هؤلاء الذين "يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً" أنهم لو دخل عليهم الأعداء من كل جانب من جوانب المدينة وقطر من أقطارها, ثم سئلوا الفتنة وهي الدخول في الكفر لكفروا سريعاً, وهم لا يحافظون على الإيمان ولا يستمسكون به مع أدنى خوف وفزع, هكذا فسرها قتادة وعبد الرحمن بن زيد وابن جرير , وهذا ذم لهم في غاية الذم, ثم قال تعالى يذكرهم بما كانوا عاهدوا الله من قبل هذا الخوف أن لا يولوا الأدبار ولا يفرون من الزحف " وكان عهد الله مسؤولا " أي وإن الله تعالى سيسألهم عن ذلك العهد لا بد من ذلك, ثم أخبرهم أن فرارهم ذلك لا يؤخر آجالهم ولا يطول أعمارهم بل ربما كان ذلك سبباً في تعجيل أخذهم غرة, ولهذا قال تعالى: "وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً" أي بعد هربكم وفراركم " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى " ثم قال تعالى: "قل من ذا الذي يعصمكم من الله" أي يمنعكم "إن أراد بكم سوءاً أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً" أي ليس لهم ولا لغيرهم من دون الله مجير ولا مغيث.
16- "قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل" فإن من حضر أجله مات أو قتل فر أو لم يفر "وإذا لا تمتعون إلا قليلاً" أي تمتعاً قليلاً أو زماناً قليلاً بعد فرارهم إلى أن تنقضي آجالهم، وكل ما هو آت فهو قريب قرأ الجمهور "تمتعون" بالفوقية، وقرأ يعقوب الحضرمي في رواية الساجي عنه بالتحتية. وفي بعض الروايات لا تمتعوا بحذف النون إعمالاً لإذن، وعلى قراءة الجمهور هي ملغاة.
16- "قل"، لهم، "لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل"، الذي كتب عليكم لأن من حضر أجله مات أو قتل، "وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً"، أي: لا تمتعون بعد الفرار إلا مدة آجالكم وهي قليل.
16 -" قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل " فإنه لا بد لكل شخص من حتف أنف ، أو قتل في وقت معين سبق به القضاء وجبى عليه القلم . " وإذا لا تمتعون إلا قليلاً " أي وإن نفعكم الفرار مثلا فمنعتم بالتأخير لم يكن ذلك التمتيع إلا تمتيعاً ، أو زماناً قليلاً .
16. Say: Flight will not avail you if ye flee from death or killing, and then ye dwell in comfort but a little while.
16 - Say: Running away will not profit you if ye are running away from death or slaughter; and even if (ye do escape), no more than a brief (respite) will ye be allowed to enjoy.