15 - (ولا) بالواو والفاء (يخاف) تعالى (عقباها) تبعتها
وقوله : " ولا يخاف عقباها " اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معناه : لا يخاف تبعة دمدمته عليهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " ولا يخاف عقباها " قال : لا يخاف الله من أحد تبعة .
حدثني إبراهيم بن المستمر ، قال : ثنا عثمان بن عمرو ، قال : ثنا عمرو بن مرئد ، عن الحسن ، في قوله " ولا يخاف عقباها " قال : ذاك ربنا تبارك وتعالى ، لا يخالف تبعة مما صنع بهم .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن عمر بن منبه هكذا هو في كتابي سمعت الحسن قرأ : " ولا يخاف عقباها " قال : ذلك الرب صنع ذلك بهم ، ولم يخف تبعة .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله " ولا يخاف عقباها " قال : لا يخاف تبعتهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " ولا يخاف عقباها " يقول يخاف أن يتبع بشيء مما صنع بهم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " ولا يخاف عقباها " قال محمد بن عمرو في حديثه ، قال الله : " ولا يخاف عقباها " . وقال الحارث في حديثه : الله لا يخاف عقباها .
حدثني محمد بن سنان ، قال : ثنا يعقوب ، قال : ثنا رزين بن إبراهم ، عن أبي سليمان ، قال : سمعت بكر بن عبد الله المزني يقول في قوله " ولا يخاف عقباها " قال : لا يخاف الله التبعة .
وقال آخرون : بل معنى ذ لك : ولم يخف الذي قعرها عقباها : أي عقبى فعلته التي فعل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، قال ثنا أبو روق ، قال : ثنا الضحاك " ولا يخاف عقباها " قال : لم يخف الذي عقرها عقباها .
حدثنا ابن حميد ، قال :ثنا مهران ، عن سفيان ، عن السدي " ولا يخاف عقباها " قال : الذي لا يخاف الذي صنع عقبى ما صنع .
واختلف القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الحجاز والشام ( فلا يخاف عقباها ) بالفاء ، وكذلك ذلك في مصاحفهم . وقرأته عامة قراء العراق في المصرين بالواو " ولا يخاف عقباها " وكذلك هو في مصاحفهم .
والصواب من القول في ذلك : انهما قراءتان معرفتان ، غير مختلفتي المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
واختلف القراء في إمالة ما كان من ذوات الواو في هذه السورة وغيرها ، كقوله والقمر إذا تلاها * والنهار إذا جلاها ونحو ذلك ، فكان بفتح ذلك كله عامة قراء الكوفة وسميلون ما كان من ذوات الياء غير عاصم و الكسائي ، فإن عاصماً يفتح جميع ذلك ، ما كان منه من ذوات الوو وذوات الياء ، لا يضجع منه شيئاً وكان الكسائي يكسر ذلك كله . وكان أبو عمرو ينظر إلى اتساق رءوس الآي ، فإن كانت متسقة على شيء واحد ، أمال جميعأً . وأما عامة قراء المدينة ، فإنهم لا يميلون شيئاً من ذلك الإمالة الشديدة ، ولا يفتحونه الفتح الشديد ، ولكن بين ذلك . وأفصح ذلك وأحسنه : أن ينظر إلى ابتاء السورة ، فإن كانت رؤوسها بالياء ، أجري جيمعها بالإمالة غير الفاجشة ، وإن كانت رؤوسها بالواو ، فتحت وجرى جميعها بالفتح غير الفاحش ، وإذا انفرد نوع من ذلك في موضع ، أميل ذوات الياء الإمالة المعتدلة ، فتح ذوات الواو الفتح المتوسط ، وإن أميلت هذه وفتحت هذه ، لم يكن لحناً ، غير أن الفصيح من الكلام هو الذي وصفنا صفته .
قوله تعالى:" ولا يخاف عقباها" أي فعل الله ذلك بهم غير خائف أن تلحقه تبعة الدمدمة من أحد، قاله ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد. والهاء في (عقباها) ترجع الى الفعلة، كقوله(من اغتسل يوم الجمعة فيها ونعمت) أي بالفعلهة والخصلة. قال السدي والضحاك والكلبي : ترجع إلى العاقر، أي لم يخف الذي عقرها عقبى ما صنع. وقاله الن عباس أيضاً. وفي الكلام تقديم وتأخير، مجازه: إذ انبعث أشقاها ولا يخاف عقباها. وقيل: لا يخاف رسول الله صالح عاقبة إهلاك قومه، ولا يخشى ضرراً يعود عليه من عذابهم ، لأنه قد أنذرهم، ونجاة الله تعالى حين أهلكهم. وقرأ نافع وابن عامر (فلا)بالفاء. وهو الأجود، لأنه يرجع إلى المعنى الأول، أي فلا يخاف الله عاقبة إهلاكهم. والباقون بالواو، وهي أشبه بالمعنى الثاني، أي ولا يخاف الكافر عاقبة ما صنع. وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك المصاحف، وفيه: (ولا يخاف ) بالواو. وكذا هي في مصاحف أهل مكة والعراقيين بالواو، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، اتباعاً لمصحفهم.
يخبر تعالى عن ثمود أنهم كذبوا رسولهم بسبب ما كانوا عليه من الطغيان والبغي, وقال محمد بن كعب : "بطغواها" أي بأجمعها, والأول أولى, قاله مجاهد وقتادة وغيرهما, فأعقبهم ذلك تكذيباً في قلوبهم بما جاءهم به رسولهم عليه الصلاة والسلام من الهدى واليقين "إذ انبعث أشقاها" أي أشقى القبيلة وهو قدار بن سالف عاقر الناقة, وهو أحيمر ثمود, وهو الذي قال الله تعالى: "فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر" الاية. وكان هذا الرجل عزيزاً فيهم شريفاً في قومه نسيباً رئيساً مطاعاً, كما قال الإمام أحمد : حدثنا ابن نمير , حدثنا هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة وذكر الذي عقرها فقال: "إذ انبعث أشقاها انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه مثل أبي زمعة" ورواه البخاري في التفسير و مسلم في صفة النار و الترمذي والنسائي في التفسير من سننيهما, وكذا ابن جرير وابن أبي حاتم عن هشام بن عروة به. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة , حدثنا إبراهيم بن موسى , حدثنا عيسى بن يونس , حدثنا محمد بن إسحاق , حدثني يزيد بن محمد بن خثيم عن محمد بن كعب القرظي عن محمد بن خثيم أبي يزيد , عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : "ألا أحدثك بأشقى الناس ؟ قال: بلى. قال: رجلان أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على هذا ـ يعني قرنه ـ حتى تبتل منه هذه" يعني لحيته.
وقوله تعالى: "فقال لهم رسول الله" يعني صالحاً عليه السلام "ناقة الله" أي احذروا ناقة الله أن تمسوها بسوء "وسقياها" أي لا تعتدوا عليها في سقياها فإن لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم, قال الله تعالى: "فكذبوه فعقروها" أي كذبوه فيما جاءهم به فأعقبهم ذلك أن عقروا الناقة التي أخرجها الله من الصخرة آية لهم وحجة عليهم "فدمدم عليهم ربهم بذنبهم" أي غضب عليهم فدمر عليهم "فسواها" أي فجعل العقوبة نازلة عليهم على السواء قال قتادة : بلغنا أن أحيمر ثمود لم يعقر الناقة حتى بايعه صغيرهم وكبيرهم وأنثاهم, فلما اشترك القوم في عقرها دمدم الله عليهم بذنبهم فسواها. وقوله تعالى: "ولا يخاف" وقرىء فلا يخاف "عقباها" قال ابن عباس : لا يخاف الله من أحد تبعة, وكذا قال مجاهد والحسن وبكر بن عبد الله المزني وغيرهم, وقال الضحاك والسدي : "ولا يخاف عقباها" أي لم يخف الذي عقرها عاقبة ما صنع, والقول الأول أولى لدلالة السياق عليه والله أعلم. آخر تفسير سورة والشمس وضحاها, ولله الحمد والمنة.
15- "ولا يخاف عقباها" أي فعل الله ذلك بهم غير خائف من عاقبة ولا تبعة، والضمير في عقباها يرجع إلى الفعلة، أو إلى الدمدمة المدلول عليها بدمدم. وقال السدي والضحاك والكلبي: إن الكلام يرجع إلى العاقر لا إلى الله سبحانه: أي لم يخف الذي عقرها عقبى ما صنع. وقيل لا يخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم عاقبة إهلاك قومه ولا يخشى ضرراً يعود عليه من عذابهم، لأنه قد أنذرهم، والأول أولى. قرأ الجمهور "ولا يخاف" بالواو، وقرأ نافع وابن عامر بالفاء.
وقد أخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس "وضحاها" قال: ضوئها "والقمر إذا تلاها" قال: تبعها "والنهار إذا جلاها" قال: أضاءها "والسماء وما بناها" قال: الله بنى السماء "والأرض وما طحاها" قال: دحاها "فألهمها فجورها وتقواها" قال: علمها الطاعة والمعصية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه: "والأرض وما طحاها" يقول: قسمها "فألهمها فجورها وتقواها" قال: من الخير والشر. وأخرج الحاكم وصححه عنه أيضاً "فألهمها" قال: ألزمها فجورها وتقواها. وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عمران بن حصين "أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، شيء قد قضي عليهم، ومضى في قدر قد سبق، أو فيما يستقبلون مما أتاهم نبيهم واتخذت عليهم به الحجة، قال: بل شيء قد قضي عليهم؟ قال: فلم يعملون إذن؟ قال: من كان الله خلقه لواحدة من المنزلتين يهيئه لعملها وتصديق ذلك في كتاب الله " ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها "" وسيأتي في السورة التي بعد هذه نحو هذا الحديث. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن زيد بن أرقم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها". وأخرجه ابن المنذر الطبراني وابن مردويه من حديث ابن عباس، وزاد "كان إذا تلا هذه الآية " ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها " قال: فذكره" وزاد أيضاً وهو في الصلاة. وأخرج حديث زيد بن أرقم مسلم أيضاً. وأخرج نحوه أحمد من حديث عائشة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس "قد أفلح من زكاها" يقول: قد أفلح من زكى الله نفسه "وقد خاب من دساها" يقول: قد خاب من دس الله نفسه فأضله "ولا يخاف عقباها" قال: لا يخاف من أحد تبعة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه "وقد خاب من دساها" يعني مكر بها. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي من طريق وجويبر عن الضحاك عن ابن عباس "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في قوله: "قد أفلح من زكاها" الآية: أفلحت نفس زكاها الله، وخابت نفس خيبها الله من كل خير" وجويبر ضعيف. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً "بطغواها" قال: اسم العذاب الذي جاءها الطغوى، فقال: كذبت ثمود بعذابها. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن زمعة قال: "خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة وذكر الذي عقرها، فقال: "إذ انبعث أشقاها" قال: انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه مثل أبي زمعة". وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والبغوي والطبراني وابن مردويه والحاكم وأبو نعيم في الدلائل عن عمار بن ياسر قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: ألا أحدثك بأشقى الناس؟ قال بلى. قال رجلان: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك على هذا" يعني قرنه "حتى تبتل منه هذه" يعني لحيته.
15- "ولا يخاف عقباها"، قرأ أهل المدينة والشام: فلا بالفاء وكذلك هو في مصاحفهم وقرأ الباقون بالواو، وهكذا في مصاحفهم "عقباها" عاقبتها.
قال الحسن: معناه: لا يخاف الله من أحد تبعة في إهلاكهم. وهي رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
وقال الضحاك، والسدي، والكلبي: هو راجع إلى العاقر، وفي الكلام تقديم وتأخير، وتقديره: إذ انبعث أشقاها ولا يخاف عقباها.
15-" ولا يخاف عقباها " أي عاقبة الدمدمة أو عاقبة هلاك ثمود وتبعتها فيبقي بعض الإبقاء والواو للحال وقرأ نافع و ابن عامر فلا على العطف .
عن النبي صلى الله عليه وسلم" من قرأ سورة الشمس فكأنما تصدق بكل شيء طلعت عليه الشمس والقمر " .
15. He dreadeth not the sequel (of events).
15 - And for Him is no fear of its consequences.