15 - (كلا) ردا لما يوده (إنها) أي النار (لظى) اسم لجهنم لأنها تتلظى أي تتلهب على الكفار
يقول تعالى ذكر: كلا ليس ذلك كذلك ، ليس ينجيه من عذاب الله شيء ، ثم ابتدأ الخبر عما أعده له هنالك جل ثناؤهن، فقال " إنها لظى " ولظى : اسم من أسماء جهنم ، ولذلك لم يجر .
واختلف أهل العربية في موضعها ، فقال بعض نحويي البصرة : موضعها نصب على البدل من الهاء ، وخبر إن " نزاعة " ، قال :وأن شئت جعلت لظي رفعا على خبر إن ، ورفعت " نزاعة " على الابتداء وقال بعض من أنكر ذلك : لا ينبغي أن يتبع الظاهر المكني إلا في الشذوذ ، قال : والاختبار " إنها لظى * نزاعة للشوى " لظي الخبر ، ونزاعة حال ، قال : ومن رفع استأنف ، لأنه مدح أو ذم ، قال : ولا تكون ابتداء إلا كذلك .
والصواب من القول في ذلك عندنا ، إن " لظى " الخبر ، و " نزاعة " ابتداء ، فذلك رفع ، ولا يجوز النصب في القراءة لإجماع قراء الأمصار على رفعها ، ولا قارئ قرأ كذلك بالنصب ، وإن كان للنصب في العربية وجه ، وقد يجوز أن تكون الهاء من قول ((إنها)) عمادا، ولظي مرفوعة بنزاعة، ونزاعة بلظي كما يقال : إنها هند قائمة ، وإنه هند قائمة ، فالهاء عماد في الوجهين .
قوله تعالى: "كلا إنها لظى". "كلا" تقدم القول في كلام وأنها تكون بمعنى حقاً، وبمعنى لا. وهي هنا تحتمل الأمرين، فإذا كانت بمعنى حقاً كان تمام الكلام ينجيه. وإذا كانت بمعنى لا كان تمام الكلام عليها، أي ليس ينجيه من عذاب الله الافتداء ثم قال: "إنها لظى" أي هي جهنم، أي تتظلى نيرانها، كقوله تعالى: "فأنذرتكم نارا تلظى" الليل: 14 واشتقاق لظى من التلظي. والتظاء النار التهابها، وتلظيها تلهبها. وقيل: كان أصلها لظظ أي ما دامت لدوام عذابها، فقبلت إحدى الظائين ألفاً فبقيت لظى. وقيل: هي الدركة الثانية من طبقات جهنم. وهي اسم مؤنث معرفة فلا ينصرف.
يقول تعالى العذاب واقع بالكافرين: "يوم تكون السماء كالمهل" قال ابن عباس ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير وعكرمة والسدي وغير واحد: أي كدردي الزيت "وتكون الجبال كالعهن" أي كالصوف المنفوش, قاله مجاهد وقتادة والسدي , وهذه الاية كقوله تعالى: "وتكون الجبال كالعهن المنفوش" وقوله تعالى: " ولا يسأل حميم حميما * يبصرونهم " أي لا يسأل القريب قريبه عن حاله وهو يراه في أسوأ الأحوال فتشغله نفسه عن غيره, قال العوفي عن ابن عباس : يعرف بعضهم بعضاً ويتعارفون بينهم ثم يفر بعضهم من بعض بعد ذلك يقول الله تعالى: " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " وهذه الاية الكريمة كقوله تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً إن وعد الله حق" وكقوله تعالى: "وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى" وكقوله تعالى: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون" وكقوله تعالى: " يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " وقوله تعالى: "يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه * ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه * كلا" أي لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض وبأعز ما يجده من المال ولو بملء الأرض ذهباً, أو من ولده الذي كان في الدنيا حشاشة كبده يود يوم القيامة إذا رأى الأهوال أن يفتدي من عذاب الله به ولا يقبل منه.
قال مجاهد والسدي "فصيلته" قبيلته وعشيرته, وقال عكرمة : فخذه الذي هومنهم, وقال أشهب عن مالك : فصيلته: أمه, وقوله تعالى: "إنها لظى" يصف النار وشدة حرها "نزاعة للشوى" قال ابن عباس ومجاهد : جلدة الرأس, وقال العوفي عن ابن عباس " نزاعة للشوى " الجلود والهام, وقال مجاهد : ما دون العظم من اللحم, وقال سعيد بن جبير : للعصب والعقب. وقال أبو صالح "نزاعة للشوى" يعني أطراف اليدين والرجلين, وقال أيضاً "نزاعة للشوى" لحم الساقين, وقال الحسن البصري وثابت البناني "نزاعة للشوى" أي مكارم وجهه, وقال الحسن أيضاً: تحرق كل شيء فيه ويبقى فؤاده يصيح. وقال قتادة "نزاعة للشوى" أي نزاعة لهامته ومكارم وجهه وخلقه وأطرافه. وقال الضحاك : تبري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئاً, وقال ابن زيد : الشوى الاراب العظام, فقوله نزاعة قال: تقطع عظامهم ثم تبدل جلودهم وخلقهم.
وقوله تعالى: "تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى" أي تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها, وقدر لهم أنهم في الدار الدنيا يعملون عملها, فتدعوهم يوم القيامة بلسان اطلق ذلق ثم تلتقطهم من بين أهل المحشر كما يلتقط الطير الحب, وذلك أنهم كما قال الله عز وجل: كانوا ممن أدبر وتولى أي كذب بقلبه وترك العمل بجوارحه "وجمع فأوعى" أي جمع المال بعضه على بعض فأوعاه أي أوكاه ومنع حق الله منه من الواجب عليه في النفقات ومن إخراج الزكاة, وقد ورد في الحديث "لا توعي فيوعي الله عليك" وكان عبد الله بن عكيم لا يربط له كيساً ويقول: سمعت الله يقول: "وجمع فأوعى" وقال الحسن البصري : يا ابن آدم سمعت وعيد الله ثم أوعيت الدنيا. وقال قتادة في قوله: "وجمع فأوعى" قال: كان جموعاً قموماً للخبيث.
وقوله: 15- "كلا" ردع للمجرم عن تلك الودادة، وبيان امتناع ما وده من الافتداء، وكلا يأتي بمعنى حقاً، وبمعنى لا مع تضمنها لمعى الزجر والردع، والضمير في قوله: "إنها لظى" لجهنم، واشتقاقها من التلظي في النار وهو التلهب، وقيل أصله لظظ بمعنى دوام العذاب، فقلبت إحدى الظاءين ألفاً، وقيل لظى: هي الدركة الثانية من طباق جهنم.
15- "كلا"، لا ينجيه من عذاب الله شيء، ثم ابتدأ فقال: "إنها لظى"، وهي اسم من أسماء جهنم. قيل: هي الدركة الثانية، سميت بذلك لأنها تتلظى، أي: تتلهب.
15-" كلا " ردع للمجرم عن الودادة ودلالة على أن الافتداء لا ينجيه " إنها " الضمير للنار أو مبهم يفسره " لظى " وهو خبر أو بدل أو للقصة و " لظى " مبتدأ خبره .
15. But nay! for lo! it is the fire of hell
15 - By no means! For it would be the Fire of Hell!