15 - (فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا) لما خوفوا بالعذاب (من أشد منا قوة) أي لا أحد كان واحدهم يقلع الصخرة العظيمة من الجبل يجعلها حيث يشاء (أولم يروا أن) يعلموا (الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون) المعجزات (فأرسلنا)
يقول تعالى ذكره : " فأما عاد " قوم هود " فاستكبروا " على ربهم وتجبروا " في الأرض " تكبراً وعتواً بغير ما أذن الله لهم به " وقالوا من أشد منا قوة ؟ أولم يروا أن الله الذي خلقهم " وأعطاهم ما أعطاهم من عظم الخلق ، وشدة البطش " هو أشد منهم قوة " فيحذروا عقابه ، ويتقوا سطوته لكفرهم به ، وتكذيبهم رسله " وكانوا بآياتنا يجحدون " يقول : وكانوا بأدلتنا وحججنا عليهم يجحدون .
قوله تعالى : " فأما عاد فاستكبروا في الأرض " على عباد الله هود ومن آمن معه " بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة " اغتروا بأجسامهم حين تهددهم بالغذاب ، وقالوا : نحن نقدر على دفع العذاب عن أنفسنا بفضل قوتنا . وذلك أنهم كانوا ذوي أجسام طوال وخلق عظيم . وقد مضى في (الأعراف ) عن ابن عباس : أن أطوالهم كان مائة ذراع وأصرهم كان ستين ذراعاً . فقال الله تعالى ردا عليهم : " أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة " وقدرة ، وإنما يقدر العبد تبإقدار الله ، فالله أقدر إذا . " وكانوا بآياتنا يجحدون " أي بمعجزاتنا يكفرون .
يقول تعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بما جئتهم به من الحق إن أعرضتم عما جئتكم به من عند الله تعالى فإني أنذركم حلول نقمة الله بكم كما حلت بالأمم الماضين من المكذبين بالمرسلين "صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود" أي ومن شاكلهما ممن فعل كفعلهما " إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم " كقوله تعالى: "واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه" أي في القرى المجاورة لبلادهم بعث الله إليهم الرسل يأمرون بعبادة الله وحده لا شريك له ومبشرين ومنذرين, ورأوا ما أحل الله بأعدائه من النقم, وما ألبس أولياءه من النعم, ومع هذا ما آمنوا ولا صدقوا بل كذبوا وجحدوا وقالوا: "لو شاء ربنا لأنزل ملائكة" أي لو أرسل الله رسلاً لكانوا ملائكة من عنده "فإنا بما أرسلتم به" أي أيها البشر "كافرون" أي لا نتبعكم وأنتم بشر مثلنا قال الله تعالى: "فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق" أي بغوا وعتوا وعصوا "وقالوا من أشد منا قوة ؟" أي منوا بشدة تركيبهم وقواهم واعتقدوا أنهم يمتنعون بها من بأس الله " أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة " أي أفما يتفكرون فيمن يبارزون بالعداوة فإنه العظيم الذي خلق الأشياء وركب فيها قواها الحاملة لها وأن بطشه شديد كما قال عز وجل: "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون" فبارزوا الجبار بالعداوة وجحدوا بآياته وعصوا رسله فلهذا قال: "فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً" قال بعضهم وهي شديدة الهبوب, وقيل الباردة. وقيل هي التي لها صوت والحق أنها متصفة بجميع ذلك فإنها كانت ريحاً شديدة قوية لتكون عقوبتهم من جنس ما اغتروا به من قواهم وكانت باردة شديدة البرد جداً كقوله تعالى: "بريح صرصر عاتية" أي باردة شديدة وكانت ذات صوت مزعج, ومنه سمي النهر المشهور ببلاد المشرق صرصراً لقوة صوت جريه. وقوله تعالى: "في أيام نحسات" أي متتابعات "سبع ليال وثمانية أيام حسوماً" وكقوله: "في يوم نحس مستمر" أي ابتدأوا العذاب في يوم نحس عليهم واستمر بهم هذا النحس "سبع ليال وثمانية أيام حسوماً" حتى أبادهم عن آخرهم واتصل بهم خزي الدنيا بعذاب الاخرة ولهذا قال: " لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى " أي أشد خزياً لهم "وهم لا ينصرون" أي في الاخرة كما لم ينصروا في الدنيا وما كان لهم من الله من واق يقيهم العذاب ويدرأ عنهم النكال, وقوله عز وجل: "وأما ثمود فهديناهم" قال ابن عباس رضي الله عنهما وأبو العالية وسعيد بن جبير وقتادة والسدي وابن زيد: بينا لهم, وقال الثوري دعوناهم "فاستحبوا العمى على الهدى" أي بصرناهم وبينا لهم ووضحنا لهم الحق على لسان نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام فخالفوه وكذبوه وعقروا ناقة الله تعالى التي جعلها آية وعلامة على صدق نبيهم "فأخذتهم صاعقة العذاب الهون" أي بعث الله عليهم صيحة ورجفة وذلاً وهواناً وعذاباً ونكالاً "بما كانوا يكسبون" أي من التكذيب والجحود "ونجينا الذين آمنوا" أي من بين أظهرهم لم يمسهم سوء ولا نالهم من ذلك ضرر بل نجاهم الله تعالى مع نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام بتقواهم لله عز وجل.
لما ذكر سبحانه عاداً وثمود إجمالاً ذكر ما يختص بكل طائفة من الطائفتين تفصيلاً، فقال: 15- "فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق" أي تكبروا عن الإيمان بالله وتصديق رسله واستعلوا على من في الأرض بغير الحق: أي بغير استحقاق ذلك الذي وقع منهم من التكبر والتجبر. ثم ذكر سبحانه بعض ما صدر عنهم من الأقوال الدالة على الاستكبار فقال: "وقالوا من أشد منا قوة" وكانوا ذوي أجسام طوال وقوة شديدة، فاغتروا بأجسامهم حين تهددهم هود بالعذاب، ومرادهم بهذا القول أنهم قادرون على دفع ما ينزل بهم من العذاب، فرد الله عليهم بقوله: " أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة " والاستفهام للاستنكار عليهم والتوبيخ لهم: أي أو لم يعلموا بأن الله أشد منهم قدرة، فهو قادر على أن ينزل بهم من أنواع عقابه ما شاء بقوله كن فيكون "وكانوا بآياتنا يجحدون" أي بمعجزات الرسل التي خصهم الله بها وجعلها دليلاً على نبوتهم، أو بآياتنا التي أنزلناها على رسلنا، أو بآياتنا التكوينية التي نصبناها لهم وجعلناها حجة عليهم، أو بجميع ذلك.
15. قوله عز وجل: " فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة "، وذلك أن هوداً عليه السلام هددهم بالعذاب، فقالوا: من أشد منا قوة؟ نحن نقدر على دفع العذاب عنا بفضل قوتنا، وكانوا ذوي أجسام طوال، قال الله تعالى رداً عليهم: " أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون ".
15-" فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق " فتعظموا فيها على أهلها من غير استحقاق . " وقالوا من أشد منا قوةً " اغتراراً بقوتهم وشوكتهم . قيل كان من قوتهم أن الرجل منهم ينزع الصخرة فيقتلعها بيده . " أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة " قدرة فإنه قادر بالذات مقتدر على ما لا يتناهى ، قوي على ما لا يقدر عليه أحد غيره . " وكانوا بآياتنا يجحدون " يعرفون أنها حق وينكرونها وهو عطف على " فاستكبروا " .
15. As for Aad, they were arrogant in the land without right, and they said: Who is mightier than us in power? Could they not see that Allah Who created them, He was mightier than them in power? And they denied Our revelations.
15 - Now the Ad behaved arrogantly through the land, against (all) truth and reason, and said: Who is superior to us in strength? What! Did they not see that God, Who created them, was superior to them in strength? But they continued to reject Our Signs!