15 - (وما ينظر) ينتظر (هؤلاء) كفار مكة (إلا صيحة واحدة) هي نفخة القيامة تحل بهم العذاب (ما لها من فواق) بفتح الفاء وضمها رجوع
يقول تعالى ذكره : "وما ينظر هؤلاء" المشركون بالله من قريش "إلا صيحة واحدة" يعني بالصيحة الواحدة: النفخة الأولى في الصور "ما لها من فواق" * يقول : ما لتلك الصيحة من فيقة، يعني من فتور ولا انقطاع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله "وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة" يعني : أمة محمد "ما لها من فواق".
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا المحاربي ، عن إسماعيل بن رافع ، عن يزيد بن زياد، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي ، عن أبي هريرة،" قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل ، فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينظر متى يؤمر، قال أبو هريرة : يا رسول الله وما الصور؟ قال : قرن ، قال : كيف هو؟ قال : قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات : نفخة الفزع الأولى، والثانية : نفخة الصعق ، والثالثة : نفخة القيام لرب العالمين ، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى ، فيقول : انفخ نفخة الفزع ، فيفزع أهل السماوات وأهل الأرض إلا من شاء الله، ويأمره الله فيديمها ويطولها فلا يفتر، وهي التي يقول الله "وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق"".
واختلف أهل التأويل في معنى قوله "ما لها من فواق"فقال بعضهم : يعني بذلك : ما لتلك الصيحة من ارتداد ولا رجوع.
ذكر من قال ذلك:
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية، عن علي ، عن ابن عباس "ما لها من فواق"يقول : من ترداد.
حدثني محمد بن سعد، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس "ما لها من فواق" يقول : ما لها من رجعة.
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، قوله "ما لها من فواق" قال : من رجوع.
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "ما لها من فواق" يعني الساعة ما لها من رجوع ولا ارتداد.
وقال آخرون بل معنى ذلك: ما لهؤلاء المشركين بعد ذلك إفاقة ولا رجوع إلى الدنيا.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي "ما لها من فواق" يقول : ليس لهم بعدها إفاقة ولا رجوع إلى الدنيا.
وقال آخرون : الصيحة في هذا الموضع : العذاب.ومعنى الكلام : ما ينتظر هؤلاء المشركون إلا عذاباً يهلكهم ، لا إفاقة لهم منه.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله "ما لها من فواق" قال : ما ينتظرون إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ، يا لها من صيحة لا يفيقون فيها كما يفيق الذي يغشى عليه وكما يفيق المريض ، تهلكهم ، ليس لهم فيها إفاقة.
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة "من فواق" بفتح الفاء.
وقرأته عامة أهل الكوفة من فواق بضم الفاء.
واختلف أهل العربية في معناها إذا قرئت بفتح الفاء وضمها، فقال بعض البصريين منهم : معناها !ذا فتحت الفاء: ما لها من راحة، وإذا ضمت جعلها فواق ناقة ما بين الحلبتين. وكان بعض الكوفيين منهم يقول : معنى الفتح والضم فيها واحد، وإنما هما لغتان مثل السواف والسواف ، وجمام المكوك وجمامه ، وقصاص الشعر وقصاصه.
والصواب من القول في ذلك أنهما لغتان ، وذلك أنا لم نجد أحداً من المتقدمين على اختلافهم في قراءته يفرقون بين معنى الضم فيه والفتح ، ولو كان مختلف المعنى باختلاف الفتح فيه والضم ، لقد كانوا فرقوا بين ذلك في المعنى. فإذا كان ذلك كذلك ، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب. وأصل ذلك من قولهم : أفاقت الناقة، فهي تفيق إفاقة، وذلك إذا ردت ما بين الرضعتين ولدها إلى الرضعة الأخرى، وذلك أن ترضع البهيمة أمها، ثم تتركها حتى ينزل شيء من اللبن ، فتلك الإفاقة يقال إذا اجتمع ذلك في الضرع فيقة، كما قال الأعشى:
حتى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت جاءت لترضع شق النفس لو رضعا.
قوله تعالى : " وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة " < ينظر > بمعنى ينتظر ، ومنه قوله تعالى : " انظرونا نقتبس من نوركم " [ الحديد : 13 ] . < هؤلاء > يعني كفار مكة . < إلا صيحة واحدة > أي نفخة القيامة . أي ما ينتظرون بعد ما أصيبوا ببدر إلا صيحة القيامة . وقيل : ما ينتظر أحيائهم الآن إلا الصيحة التي هي النفخة في الصور ، كما قال تعالى : " ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون * فلا يستطيعون توصية " [ يس : 48 - 49 ] وهذا إخبار عن قرب القيامة والموت . وقيل : أي ما ينتظر كفار آخر هذه الأمة المتدينين بدين أولئك إلا صيحة واحدة وهي النفخة . وقال عبد الله بن عمرو : لم تكن صيحة في السماء إلا بغضب من الله عز وجل على أهل الأرض . " ما لها من فواق " أي من ترداد ، عن ابن عباس . مجاهد : ما لها رجوع . قتادة : ما لها مثنوية . السدي ما لها من إفاقة . وقرأ حمزة و الكسائي : < ما لها من فواق > بضم الفاء . الباقون بالفتح . الجوهري : والفواق والفواق ما بين الحلبتين من الوقت ، لأنها تحلب ثم تترك سويعه يرضعها الفصيل لتذر ثم تحلب . يقال : ما أقام عند إلا فواقاً ، وفي الحديث : " العيادة قدر فواق الناقة " . وقوله تعالى : " ما لها من فواق " يقرأ بالفتح والضم أي ما لها من نظرة وراحة وأفاقة . والفيقة بالكسر إسم اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين : صارت الواو ياء لكسر ما قبلها ، قال الأعشى يصف بقرة :
حتى إذا فيق في ضرعها اجتمعت جاءت لترضع شق النفس لو رضع
والجمع فيق ثم أفواق مثل شبر وأشبار ثم أفاويق . قال ابن همام السلولي :
وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها أفاويق حتى ما يدر لها ثعل
والأفاويق أيضاً ما اجتمع في السحاب من ماء وهو يمطر ساعة بعد ساعة . وأفاقت الناقة إفاقة أي اجتمعت الفيقة في ضرعها ، فهي مفيق ومفيقة - عن ابي عمرو - والجمع مفاويق . وقال الفراء و أبو عبيدة وغيرهما : < من فواق > بفتح الفاء أي راحة لا يفيقون فيها ، كما يفيق المريض والمغشي عليه . و < من فواق > بضم الفاء من انتظار . وقد تقدم أنهما بمعنى وهو ما بين الحلبتين .
قلت : والمعنى المراد أنها ممتدة لا تقطيع فيها . " وروى أبو هريرة قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في طائفة من أصحابه ... الحديث . وفيه : يأمر الله عز وجل إسرافيل بالنفخة الاولى فيقول انفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السماوات وأهل الأرض إلا من شاء الله ويأمره فيمدها ويديمها ويطولها يقول الله عز وجل : " وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق " " وذكر الحديث ، خرجه علي بن معبد وغيره كما ذكرناه في كتاب التذكرة .
يقول تعالى مخبراً عن هؤلاء القرون الماضية وما حل بهم من العذاب والنكال والنقمات في مخالفة الرسل وتكذيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وقد تقدمت قصصهم مبسوطة في أماكن متعددة وقوله تعالى: "أولئك الأحزاب" أي كانوا أكثر منكم وأشد قوة وأكثر أموالاً وأولاداً فما دفع ذلك عنهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمر ربك ولهذا قال عز وجل: "إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب" فجعل علة إهلاكهم هو تكذيبهم بالرسل فليحذر المخاطبون من ذلك أشد الحذر.
وقوله تعالى: "وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق" قال مالك عن زيد بن أسلم: أي ليس لها مثنوية أي ما ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها أي فقد اقتربت ودنت وأزفت وهذه الصيحة هي نفخة الفزع التي يأمر الله تعالى إسرافيل أن يطولها فلا يبقى أحد من أهل السموات والأرض إلا فزع إلا من استثنى الله عز وجل.
وقوله جل جلاله: "وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب" هذا إنكار من الله تعالى على المشركين في دعائهم على أنفسهم بتعجيل العذاب فإن القط هو الكتاب وقيل هو الحظ والنصيب. قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد والضحاك والحسن وغير واحد سألوا تعجيل العذاب, زاد قتادة كما قالوا "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم" وقيل سألوا تعجيل نصيبهم من الجنة إن كانت موجودة ليلقوا ذاك في الدنيا وإنما خرج هذا منهم مخرج الاستبعاد والتكذيب. وقال ابن جرير سألوا تعجيل ما يستحقونه من الخير أو الشر في الدنيا وهذا الذي قاله جيد وعليه يدور كلام الضحاك وإسماعيل بن أبي خالد والله أعلم. ولما كان هذا الكلام منهم على وجه الاستهزاء والاستبعاد. قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم آمراً له بالصبر على أذاهم ومبشراً له على صبره بالعاقبة والنصر والظفر.
15- "وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة" أي ما ينتظرون إلا صيحة، وهي النفخة الكائنة عند قيام الساعة. وقيل هي النفخة الثانية، وعلى الأول المراد من عاصر نبينا صلى الله عليه وسلم من الكفار، وعلى الثاني المراد كفار الأمم المذكورة: أي ليس بينهم وبين حلول ما أعد الله لهم من عذاب النار إلا أن ينفخ في الصور النفخة الثانية. وقيل المراد بالصيحة عذاب يفجؤهم في الدنيا كما قال الشاعر:
صاح الزمان بآل برمك صيحة خروا لشدتها على الأذقان
وجملة "ما لها من فواق" في محل نصب صفة لصيحة. قال الزجاج: فواق وفواق بفتح الفاء وضمها أي ما لها من رجوع، والفواق ما بين حلبتي الناقة، وهو مشتق من الرجوع أيضاً، لأنه يعود اللبن إلى الضرع بين الحلبتين، وأفاق من مرضه: أي رجع إلى الصحة، ولهذا قال مجاهد ومقاتل: إن الفواق الرجوع. وقال قتادة ما لها من مثنوية. وقال السدي: ما لها من إفاقة، وقيل ما لها من مرد. قال الجوهري: ما لها من نظرة وراحة وإفاقة، ومعنى الآية أن تلك الصيحة هي ميعاد عذابهم، فإذا جاءت لم ترجع ولا ترد عنهم ولا تصرف منهم ولا تتوقف مقدار فواق ناقة، وهي ما بين حلبتي الحالب لها، ومنه قول الأعشى:
حتى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت جاءت لترضع شق النفس لو رضعا
والفيقة اسم اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين، وجمعها فيق وأفواق. قرأ حمزة والكسائي "ما لها من فواق" بضم الفاء وقرأ الباقون بفتحها. قال الفراء وأبو عبيدة: الفواق بفتح الفاء الراحة: أي لا يفيقون فيها كما يفيق المريض والمغشي عليه، وبالضم الانتظار.
15. " وما ينظر "، ينتظر، " هؤلاء "، يعني: كفار مكة، " إلا صيحة واحدة "، وهي نفخة الصور، " ما لها من فواق "، قرأ حمزة ، و الكسائي : (( فواق )) بضم الفاء، وقرأ الآخرون بفتحها وهما لغتان، بالفتح لغة قريش، والضم لغة تميم.
قال ابن عباس و قتادة : من رجوع، أي: ما يرد ذلك الصوت فيكون له رجوع.
وقال مجاهد : نظرة. وقال الضحاك : مثنوية، أي صرف ورد.
والمعنى: أن تلك الصيحة التي هي ميعاد عذابهم إذا جاءت لم ترد ولم تصرف.
وفرق بعضهم بين الفتح والضم، فقال الفراء ، وأبو عبيدة: الفتح بمعنى الراحة والإفاقة، كالجواب من الإجابة، ذهبا بها إلى إفاقة المريض من علته، والفواق بالضم ما بين الحلبتين، وهو أن تحلب الناقة ثم تترك ساعة حتى يجتمع اللبن، فما بين الحلبتين فواق، أي أن العذاب لا يمهلهم بذلك القدر.
وقيل: هما أيضاً مستعارتان من الرجوع، لأن اللبن يعود إلى الضرع بين الحلبتين، وإفاقة المريض: رجوعه إلى الصحة.
15-" وما ينظر هؤلاء " وما ينتظر قومك أو الأحزاب فإنهم كالحضور لاستحضارهم بالذكر ، أو حضورهم في علم الله تعالى : " إلا صيحةً واحدةً " هي النفخة الأولى . " ما لها من فواق " من توقف مقدار فواق وهو ما بين الحلبتين ، أو رجوع وترداد فإنه فيه يرجع اللبن إلى الضرع ، وقرأ حمزة و الكسائي بالضم وهما لغتان .
15. These wait for but one Shout, there will be no second thereto.
15 - These (to day) only wait for a single mighty Blast, which (when it comes) will brook no delay.