15 - (لقد كان لسبأ) بالصرف وعدمه قبيلة سميت بإسم جد لهم من العرب (في مسكنهم) باليمن (آية) دالة على قدرة الله تعالى (جنتان) بدل (عن يمين وشمال) عن يمين واديهم وشماله وقيل لهم (كلوا من رزق ربكم واشكروا له) على ما رزقكم من النعمة في ارض سبأ (بلدة طيبة) ليس فيها سباخ ولا بعوضة ولا ذبابة ولا برغوث ولا عقرب ولا حية ويمر الغريب فيها وفي ثيابه قمل فيموت لطيب هوائها (ورب غفور)
أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن رباح قال حدثني فلان ان فروة بن مسيك الغطفاني قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله إن سبأ قوم كان لهم في الجاهلية عز وإني أخشى ان يرتدوا عن الإسلام أفأقاتلهم فقال ما أمرت فيهم بشيء بعد فأنزلت هذه الآية لقد كان لسبأ في مسكنهم الآيات
يقول تعالى ذكره: لقد كان لولد سبإ في مسكنهم علامة بينة، وحجة واضحة، على أنه لا رب لهم إلا الذي أنعم عليهم النعم التي كانوا فيها.
وسبأ عن رسول الله اسم أبي اليمن.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن أبي حيان الكلبي، عن يحيى بن هانىء، عن عروة المرادي، عن رجل منهم يقال له: فروة بن مسيك، قال: " قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني عن سبإ ما كان؟ رجلاً كان أو امرأة أو جبلاً، أو دواب؟ فقال: لا، كان رجلاً من العرب وله عشرة أولاد، فتيمن منهم ستة، وتشاءم أربعة، فأما الذين تيمنوا منه فكندة، وحمير، والأزد والأشعريون، ومذحج، وأنمار الذين منها خثعم، وبجيلة. وأما الذين تشاءموا فعاملة، وجذام، ولخم، وغسان ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثني الحسن بن الحكم، قال: ثنا أبو سبرة النخعي، عن فروة بن مسيك القطيعي، قال: " قال رجل: يا رسول الله أخبرني عن سبإ ما هو؟ أرض أو امرأة؟ قال: ليس بأرض ولا أمرأة، ولكنه رجل ولد عشرة من الولد، فتيامن ستة، وتشاءهم أربعة، فأما الذين تشاءموا، فلخم، وجذام، وعاملة، وغسان، وأما الذين تيامنوا: فكندة، والأشعريون، والأزد، ومذحج، وحمير، وأنمار، فقال رجل: ما أنمار؟ قال: الذين منهم خثعم وبجيلة ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا العنقزي، قال: أخبرني أسباط بن نصر، عن يحيى بن هانىء المرادي، عن أبيه، أو عن عمه ( أسباط شك) قال: " قدم فروة بن مسيك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يار سول الله، أخبرني عن سبإ، أجبلاً كان أو أرضاً، فقال: لم يكن جبلاً ولا أرضاً، ولكنه كان رجلاً من العرب ولد عشرة قبائل، ثم ذكر نحوه، إلا أنه قال: وأنمار الذين يقولون منهم بجيلة وخثعم "، فإن كان الأمر كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أن سبأ رجل، كان الإجراء فيه وغير الإجراء معتدلين. أما الإجراء فعلى أنه اسم رجل معروف، وأما ترك الإجراء فعلى أنه اسم قبيلة أو أرض. وقد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء.
واختلفت القراء في قراءة قوله ( في مساكنهم) فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين ( في مساكنهم) على الجماع بمعنى منازل آل سبأ. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين ( في مسكنهم) على التوحيد وبكسر الكاف، وهي لغة لأهل اليمن فيما ذكر لي. وقرأ حمزة " مسكنهم " على التوحيد وفتح الكاف.
والصواب من القول في ذلك عندنا: أن كل ذلك قراءات متقاربات المعنى، فبأي ذلك قرأ القارىء فمصيب. وقوله " آية " قد بينا معناها قبل. وأما قوله " جنتان عن يمين وشمال " فإنه يعني: بتسانان كانا بين جبلين، عن يمين من أتاهما وشماله.
وكان من صفتهما فيما ذكر لنا ما:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا سليمان، قال: ثنا أبو هلال، قال: سمعت قتادة، في قوله " لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال " قال: كانت جنتان بين جبلين، فكانت المرأة تخرج مكتلها على رأسها، فتمشي بين جبلين، فيمتلىء مكتلها، وما مست بيدها، فلما طغوا بعث الله عليهم دابة، يقال لها ( جرذ)، فنقبت عليهم، فغرقتهم، فما بقي لهم إلا أثل، وشيء من سدر قليل.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله " لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال " ... إلى قوله " فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم " قال: ولم يكن يرى في قريتهم بعوضة قط، ولا ذباب، ولا برغوث، ولا عقرب، ولا حية، وإن كان الركب ليأتون وفي ثيابهم القمل والدواب، فما هم إلا أن ينظروا إلى بيوتهم، فمتوت الدواب، قال: وإن كان الإنسان ليدخل الجنتين، فيمسك القفة على رأسه، فيخرج حين يخرج وقد امتلأت تلك القفة من أنواع الفاكهة ولم يتناول منها شيئاً بيده، قال: والسد يسقيها. ورفعت الجنتان في قوله " جنتان عن يمين وشمال " ترجمة عن الآية، لأن معنى الكلام: لقد كان لسبأ في مسكنهم آية هي جنتان عن أيمانهم وشمائلهم.
وقوله " كلوا من رزق ربكم " الذي يرزقكم من هاتين الجنتين من زروعهما وأثمارهما " واشكروا له " على ما أنعم به عليكم من رزقه ذلك. وإلى هذا منتهى الخبر، ثم ابتدأ الخبر عن البلدة، فقيل: هذه بلدة طيبة: أي ليست بسبخة، ولكنها كما ذكرنا من صفتها عن عبد الرحمن بن زيد أن كانت كما وصفها به ابن زيد، من أنه لم يكن فيها شيء مؤذ، الهمج والدبيب والهوام " ورب غفور " يقول: ورب غفور لذنوبكم إن أنتم أطعتموه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " بلدة طيبة ورب غفور " وربكم غفور لذنوبكم، قوم أعطاهم الله نعمة، وأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته.
قوله تعالى : " لقد كان لسبإ في مسكنهم آية " قرأ نافع وغيره بالصرف والتنوين على أنه اسم حي ، وهو في الأصل اسم رجل ، جاء بذلك التوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم روى الترمذي قال : حدثنا أبو كريب و عبد بن حميد قالا حدثنا أبو أسامة عن الحسن بن الحكم النخعي قال : حدثنا سبرة النخعي " عن فروة بن مسيك المرادي قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم ، فأذن لي في قتالهم وأمرني ، فلما خرجت من عنده سأل عني : ما فعل الغطيفي ؟ فأخبر أني قد سرت ، قال : فأرسل في أثري فردني فأتيته وهو في نفر من أصحابه فقال : ادع القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه من لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث إليك ، قال : وأنزل في سبأ ما أنزل ، فقال رجل : يا رسول الله ، وما سبأ ؟ أرض أو امرأة ؟ قال : ليس بأرض ولا بامرأة ولكنه رجل عشرة من العرب فتيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة ، فأما الذين تشاءموا فلحم وجذام وغسان وعاملة ، وأما الذين تيامنوا فالأزد والأشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار ، فقال رجل : يا رسول الله وما أنمار ؟ قال : الذين منهم خثعم وبجيلة "، وروي هذا عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ، وقرأ ابن كثير و أبو عمر ( لسبأ ) بغير صرف ، جعله اسماً للقبيلة ، وهو اختيار أبي عبيد ، واستدل على أنه اسم قبيلة بأن بعده ( في مساكنهم ) النحاس : ولو كان كما قال لكان في مساكنها ، وقد مضى في النمل زيادة بيان لهذا المعنى ، وقال الشاعر في الصرف :
الواردون وتيم في ذرى سبأ قد عض أعناقهم جلد الجواميس
وقال آخر في غير الصرف :
من سبأ الحاضرين مأرب إذ يبنون من دون سيلها العرما
وقرأ قنبل و أبو حيوة و الجحدري ( لسبأ ) بإسكان الهمزة ، ( في مساكنهم ) قراءة العامة على الجمع ، وهي اختيار أبي عبيد و أبي حاتم ، لأن لهم مساكن كثيرة وليس بمسكن واحد ، وقرأ إبراهيم و حمزة و حفص ( مسكنهم ) موحداً ، إلا أنهم فتحوا الكاف ، وقرأ يحيى و الأعمش و الكسائي موحداً كذلك ، إلا أنهم كسروا الكاف ، قال النحاس : والساكن في هذا أبين ، لأنه يجمع اللفظ والمعنى ، فإذا قلت : ( مسكنهم ) كان فيه تقديران : أحدهما : أن يكون واحداً يؤدي عن الجمع والآخر : أن يكون مصدراً لا يثنى ولا يجمع كما قال الله تعالى : " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم " [ البقرة : 7 ] ، فجاء بالسمع موحداً ، وكذا " مقعد صدق " [القمر : 55 ] ، و ( مسكن ) مثل مسجد ، خارج عن القياس ، ولا يوجد مثله إلا سماعاً " آية " اسم كان ، أي علامة دالة على قدرة الله تعالى على أن لهم خالقاً خلقهم ، وأن كل الخلائق لو اجتمعوا على أن يخرجوا من الخشبة ثمرة لم يمكنهم ذلك ، ولم يهتدوا إلى اختلاف أجناس الثمار وألوانها وطعومها وروائحها وأزهارها ، وفي ذلك ما يدل على أنها لا تكون إلا من عالم قادر ، " جنتان " يجوز أن يكون بدلاً من ( آية ) ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف ، فيوقف على هذا الوجه على ( آية ) وليس بتمام ، قال الزجاج : أي الآية جنتان ، فجنتان رفع لأنه خبر ابتداء محذوف ، وقال الفراء : رفع تفسيراً للآية ، ويجوز أن تنصب ( آية ) على أنها خبر كان ، ويجوز أن تنصب الجنتين على الخبر أيضاً في غير القرآن ، وقال عبد الرحمن بن زيد : إن الآية التي كانت لأهل سبأ في مساكنهم أنهم لم يروا فيها بعوضة قط ولا ذباباً ولا برغوثاً ولا قملة ولا عقرباً ولا حية ولا غيرها من الهوام ، وإذا جاءهم الركب في ثيابهم القمل والدواب فإذا نظروا إلى بيوتهم ماتت الدواب ، وقيل : إن الآية هي الجنتان ، كانت المرأة تمشي فيهما وعلى رأسهما مكتل فيمتلئ من أنواع الفواكه من غير أن تمسها بيدها قاله قتادة ، وروي أن الجنتين كانتا بين جبلين باليمين ، قال سفيان : وجد فيهما قصران مكتوب على أحدهما : نحن بنينا سلحين في سبعين خريفاً دائبين ، على الآخر مكتوب : نحن بنينا صرواح ، مقيل ومراح ، فكانت إحدى الجنتين عن يمين الوادي والأخرى عن شماله ، قال القشيري : ولم يرد جنتين اثنتين بل أراد من الجنتين يمنة ويسرة ، أي كانت بلادهم ذات بساتين وأشجار وثمار ، تستتر الناس بظلالها ، " كلوا من رزق ربكم " أي قيل لهم كلوا ، ولم يكن ثم أمر ، ولكنهم تمكنوا من تلك النعم ، وقيل : أي قالت الرسل لهم قد أباح الله تعالى لكم ذلك ، أي أباح لكم هذه النعم فاشكروه بالطاعة ، " من رزق ربكم " أي من ثمار الجنتين ، " واشكروا له " يعني على ما رزقكم ، " بلدة طيبة " ، هذا كلام مستأنف ، أي هذه بلدة طيبة أي كثيرة الثمار ، وقيل : غير سبخة ، وقيل : طيبة ليس فيها هوام لطيب هوائها ، قال مجاهد : هي صنعاء ، " ورب غفور " أي والمنعم بها عليكم رب غفور يستر ذنوبكم ، فجمع لهم بين مغفرة ذنوبهم وطيب بلدهم ولم يجمع ذلك لجميع خلقه ، وقيل : إنما ذكر المغفرة مشيراً إلى أن الرزق قد يكون فيه حرام ، وقد مضى القول في هذا في أول البقرة ، وقيل : إنما امتن عليهم بعفوه عن عذاب الاستئصال بتكذيب من كذبوه من سالف الأنبياء إلى أن استداموا الإصرار فاستؤصلوا .
كانت سبأ ملوك اليمن وأهلها, وكانت التبابعة منهم وبلقيس صاحبة سليمان عليه الصلاة والسلام من جملتهم, وكانوا في نعمة وغبطة في بلادهم وعيشهم واتساع أرزاقهم وزروعهم وثمارهم, وبعث الله تبارك وتعالى إليهم الرسل تأمرهم أن يأكلوا من رزقه ويشكروه بتوحيده وعبادته, فكانوا كذلك ما شاء الله تعالى, ثم أعرضوا عما أمروا به, فعوقبوا بإرسال السيل والتفرق في البلاد أيدي سبأ, شذر مذر, كما سيأتي إن شاء الله تعالى تفصيله وبيانه قريباً وبه الثقة.
قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن عبد الرحمن بن وعلة قال: سمعت ابن عباس يقول: " إن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبأ: ما هو أرجل أم امرأة أم أرض ؟ قال صلى الله عليه وسلم: بل هو رجل ولد له عشرة, فسكن اليمن منهم ستة, والشام منهم أربعة, فأما اليمانيون, فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير, وأما الشامية: فلخم وجذام وعاملة وغسان" ورواه عبد عن الحسن بن موسى عن ابن لهيعة به. وهذا إسناد حسن, ولم يخرجوه, وقد رواه الحافظ أبو عمر بن عبد البر ـ في كتاب القصد والأمم, بمعرفة أصول أنساب العرب والعجم ـ من حديث ابن لهيعة عن علقمة بن وعلة عن ابن عباس رضي الله عنهما, فذكر نحوه. وقد روي نحوه من وجه آخر.
وقال الإمام أحمد أيضاً و عبد بن حميد : حدثنا يزيد بن هارون , حدثنا أبو جناب يحيى بن أبي حية الكلبي عن يحيى بن هانىء بن عروة عن فروة بن مسيك رضي لله عنه قال: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أقاتل بمقبل قومي مدبرهم, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم فقاتل بمقبل قومك مدبرهم فلما وليت دعاني فقال: لا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الإسلام فقلت: يارسول الله أرأيت سبأ, واد هو أو جبل أو ما هو ؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا بل هو رجل من العرب, ولد له عشرة فتيامن ستة, وتشاءم أربعة, تيامن الأزد والأشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار, الذين يقال لهم بجيلة وخثعم, وتشاءم لخم وجذام وعاملة وغسان" وهذا أيضاً إسناد حسن وإن كان فيه أبو جناب الكلبي , وقد تكلموا فيه لكن رواه ابن جرير عن أبي كريب عن العنقري عن أسباط بن نصر عن يحيى بن هانىء المرادي عن عمه أو عن أبيه ـ شك ـ أسباط ـ قال: قدم فروة بن مسيك رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
(طريق أخرى) لهذا الحديث. قال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى , حدثنا ابن وهب , حدثني ابن لهيعة عن توبة بن نمر عن عبد العزيز بن يحيى أنه أخبره قال: كنا عند عبيدة بن عبد الرحمن بأفريقية, فقال يوماً: ما أظن قوماً بأرض إلا وهم من أهلها, فقال علي بن أبي رباح : " كلا قد حدثني فلان أن فروة بن مسيك الغطيفي رضي الله عنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن سبأ قوم كان لهم عز في الجاهلية, وإني أخشى أن يرتدوا عن الإسلام, أفأقاتلهم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم ما أمرت فيهم بشيء بعد" فأنزلت هذه الاية " لقد كان لسبإ في مسكنهم آية " الايات, فقال له رجل:" يا رسول الله ما سبأ ؟ فذكر مثل هذا الحديث الذي قبله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن سبأ ما هو: أبلد أم رجل أم امرأة ؟ قال صلى الله عليه وسلم: بل رجل ولد له عشرة, فسكن اليمن منهم ستة, والشام أربعة, أما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد الأشعريون وأنمار وحمير غير ما حلها, وأما الشام فلخم وجذام وغسان وعاملة" فيه غرابة من حيث ذكر نزول الاية بالمدينة, والسورة مكية كلها, والله سبحانه وتعالى أعلم.
(طريق أخرى) قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب , حدثنا أبو أسامة , حدثنا الحسن بن الحكم , حدثنا أبو سبرة النخعي عن فروة بن مسيك الغطيفي رضي الله عنه قال: " قال رجل: يا رسول الله أخبرني عن سبأ ما هو: أرض أم امرأة ؟ قال صلى الله عليه وسلم: ليس بأرض ولا امرأة, ولكنه رجل ولد له عشرة من الولد, فتيامن ستة وتشاءم أربعة, فأما الذين تشاءموا فلخم وجذام وعاملة وغسان, وأما الذين تيامنوا فكندة والأشعريون والأزد ومذحج وحمير وأنمار فقال رجل: ما أنمار ؟ قال صلى الله عليه وسلم: الذين منهم خثعم وبجيلة" ورواه الترمذي في جامعه عن أبي كريب وعبد بن حميد قالا: حدثنا أبو أسامة فذكره أبسط من هذا, ثم قال: هذا حديث حسن غريب.
وقال أبو عمر بن عبد البر : حدثنا عبد الوارث بن سفيان , حدثنا قاسم بن أصبغ , حدثنا أحمد بن زهير , حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي , حدثنا ابن كثير هو عثمان بن كثير عن الليث بن سعد عن موسى بن علي , عن يزيد بن حصين عن تميم الداري رضي الله عنه قال: " إن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن سبأ, فذكر مثله" , فقوي هذا الحديث وحسن. قال علماء النسب ـ منهم محمد بن إسحاق ـ: اسم سبأ عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان,وإنما سمي سبأ لأنه أول من سبأ في العرب, وكان يقال له الرائش لأنه أول من غنم في الغزو, فأعطى قومه فسمي الرائش, والعرب تسمي المال ريشاً ورياشاً. وذكروا أنه بشر برسول الله صلى الله عليه وسلم في زمانه المتقدم, وقال في ذلك شعراً:
سيملك بعدنا ملكاً عظيماً نبي لا يرخص في الحرام
ويملك بعده منهم ملوك يدينوه العباد بغير ذام
ويملك بعدهم منا ملوك يصير الملك فينا باقتسام
ويملك بعد قحطان نبي تقي مخبت خير الأنام
يسمى أحمداً ياليت أني أعمر بعد مبعثه بعام
فأعضده وأحبوه بنصري بكل مدجج وبكل رام
متى يظهر فكونوا ناصريه ومن يلقاه يبلغه سلامي
ذكر ذلك الهمداني في كتاب ـ الإكليل ـ واختلفوا في قحطان على ثلاثة أقوال (أحدها) أنه من سلالة إرم بن سام بن نوح, واختلفوا في كيفية اتصال نسبه به على ثلاثة طرائق. (والثاني) أنه من سلالة عابر, وهو هود عليه الصلاة والسلام, واختلفوا أيضاً في كيفية نسبه به على ثلاثة طرائق أيضاً. (والثالث) أنه من سلالة إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام, واختلفوا في كيفية اتصال نسبه على ثلاث طرائق أيضاً. وقد ذكر ذلك مستقصى الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر النمري رحمة الله تعالى عليه في كتابه المسمى الإنباه على ذكر أصول القبائل الرواة.
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "كان رجلاً من العرب" يعني العرب العاربة الذين كانوا قبل الخليل عليه الصلاة والسلام من سلالة سام بن نوح, وعلى القول الثالث كان من سلالة الخليل عليه السلام, وليس هذا المشهور عندهم, والله أعلم. ولكن في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنفر من أسلم ينتضلون, فقال: "ارموا بني إسماعيل ؟ فإن أباكم كان رامياً" فأسلم قبيلة من الأنصار ـ والأنصار أوسها وخزرجها من غسان من عرب اليمن من سبأ ـ نزلوا بيثرب لما تفرقت سبأ في البلاد حين بعث الله عز وجل عليهم سيل العرم, ونزلت طائقة منهم بالشام, وإنما قيل باليمن وقيل لهم غسان بماء نزلوا عليه قيل إنه قريب من المشلل, كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
إما سألت فإنا معشر نجب الأزد نسبتنا والماء غسان
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "ولد له عشرة من العرب" أي كان من نسله هؤلاء العشرة الذين يرجع إليهم أصول القبائل من عرب اليمن لا أنهم ولدوا من صلبه, بل منهم من بينه وبينه الأبوان والثلاثة, والأقل والأكثر, كما هو مقرر مبين في مواضعه من كتب النسب. ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "فتيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة" أي بعد ما أرسل الله تعالى عليهم سيل العرم, منهم من أقام ببلادهم, ومنهم من نزح عنها إلى غيرها. وكان من أمر السد أنه كان الماء يأيتهم من بين جبلين, وتجتمع إليه أيضاً سيول أمطارهم وأوديتهم, فعمد ملوكهم الأقادم فبنوا بينهما سداً عظيماً محكماً, حتى ارتفع الماء وحكم على حافات ذينك الجبلين, فغرسوا الأشجار واستغلوا الثمار في غاية ما يكون من الكثرة والحسن, كما ذكر غير واحد من السلف منهم قتادة أن المرأة كانت تمشي تحت الأشجار, وعلى رأسها مكتل أو زنبيل وهو الذي تخترف فيه الثمار, فيتساقط من الأشجار في ذلك ما يملؤه من غير أن يحتاج إلى كلفة ولا قطاف لكثرته ونضجه واستوائه, وكان هذا السد بمأرب. بلدة بينها وبين صنعاء ثلاث مراحل, ويعرف بسد مأرب, وذكر آخرون أنه لم يكن ببلدهم شيء من الذباب ولا البعوض ولا البراغيث, ولا شيء من الهوام,وذلك لاعتدال الهواء وصحة المزاج وعناية الله بهم ليوحدوه ويعبدوه, كما قال تبارك وتعالى: " لقد كان لسبإ في مسكنهم آية " ثم فسرها بقوله عز وجل: "جنتان عن يمين وشمال" أي من ناحيتي الجبلين والبلدة بين ذلك "كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور" أي غفور لكم إن استمررتم على التوحيد.
وقوله تعالى: "فأعرضوا" أي عن توحيد الله وعبادته وشكره على ما أنعم به عليهم, وعدلوا إلى عبادة الشمس من دون الله, كما قال الهدهد لسليمان عليه الصلاة والسلام " وجئتك من سبإ بنبإ يقين * إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم * وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون " وقال محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه : بعث الله تعالى إليهم ثلاثة عشر نبياً وقال السدي : أرسل الله عز وجل إليهم اثني عشر ألف نبي, والله أعلم.
وقوله تعالى: "فأرسلنا عليهم سيل العرم" المراد بالعرم المياه, وقيل الوادي, وقيل الجرذ, وقيل الماء الغزير, فيكون من باب إضافة الاسم إلى صفته مثل مسجد الجامع وسعيد كرز, حكى ذلك السهيلي . وذكر غير واحد منهم ابن عباس ووهب بن منبه وقتادة والضحاك : إن الله عز وجل لما أراد عقوبتهم بإرسال العرم عليهم, بعث على السد دابة من الأرض يقال لها الجرذ نقبته. قال وهب بن منبه : وقد كانوا يجدون في كتبهم أن سبب خراب هذا السد هو الجرذ فكانوا يرصدون عنده السنانير برهة من الزمن فلما جاء القدر غلبت الفأر السنانير, وولجت إلى السد فنقبته فانهار عليهم, وقال قتادة وغيره: الجرذ هو الخلد, نقبت أسافله حتى إذا ضعف ووهى, وجاءت أيام السيول صدم الماء البناء فسقط, فانساب الماء في أسفل الوادي وخرب ما بين يديه من الأبنية والأشجار وغير ذلك, ونضب الماء عن الأشجار التي في الجبلين عن يمين وشمال, فيبست وتحطمت وتبدلت تلك الأشجار المثمرة الأنيقة النضرة, كما قال الله تبارك وتعالى: "وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط" قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وعطاء الخراساني والحسن وقتادة والسدي : وهو الأراك وأكلة البرير "وأثل" قال العوفي عن ابن عباس : هو الطرفاء. وقال غيره هو شجر يشبه الطرفاء, وقيل هو السمر, والله أعلم.
وقوله: "وشيء من سدر قليل" لما كان أجود هذه الأشجار المبدل بها هو السدر قال: "وشيء من سدر قليل" فهذا الذي صار أمر تينك الجنتين إليه بعد الثمار النضيجة, والمناظر الحسنة, والظلال العميقة, والأنهار الجارية, تبدلت إلى شجر الأراك والطرفاء والسدر ذي الشوك الكثير والتمر القليل, وذلك بسبب كفرهم وشركهم بالله وتكذيبهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل, ولهذا قال تعالى: "ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور" أي عاقبناهم بكفرهم. قال مجاهد : ولا يعاقب إلا الكفور. وقال الحسن البصري : صدق الله العظيم لا يعاقب بمثل فعله إلا الكفور. وقال طاوس : لا يناقش إلا الكفور. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا أبو عمر بن النحاس الرملي , حدثنا حجاج بن محمد , حدثنا أبو البيداء عن هشام بن صالح التغلبي عن ابن خيرة , وكان من أصحاب علي رضي الله عنه, قال: جزاء المعصية الوهن في العبادة, والضيق في المعيشة, والتعسر في اللذة, قيل: وما التعسر في اللذة ؟ قال: لا يصادف لذة حلال إلا جاءه من ينغصه إياها.
لما ذكر سبحانه حال بعض الشاكرين لنعمه عقبه بحال بعض الجاحدين لها، فقال: 15- " لقد كان لسبإ " المراد بسبأ القبيلة التي هي من أولاد سبأ، وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود. قرأ الجمهور "لسبإ" بالجر والتنوين على أنه اسم حي: أي الحي الذين هم أولاد سبأ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو "لسبإ" ممنوع الصرف بتأويل القبيلة، واختار هذه القراءة أبو عبيد، ويقوي القراءة الأولى قوله: "في مساكنهم" ولو كان على تأويل القبيلة لقال في مساكنها، فما ورد على القراءة الأولى قول الشاعر:
الواردون وتيم في ذرى سبإ قد عض أعناقها جلد الجواميس
ومما ورد على القراءة الثانية قول الشاعر:
من سبأ الحاضرين مأرب إذ يبنون من دون مسيله العرما
وقرأ قنبل وأبو حيوة والجحدري لسبأ بإسكان الهمزة، وقرئ بقلبها ألفاً. وقرأ الجمهور "في مساكنهم" على الجمع، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم، ووجه الاختيار أنها كانت لهم منازل كثيرة، ومساكن متعددة وقرأ حمزة وحفص بالإفراد مع فتح الكاف. وقرأ الكسائي بالإفراد مع كسرها، وبهذه القراءة قرأ يحيى بن وثاب والأعمش، ووجه الإفراد أنه مصدر يشمل القليل والكثير، أو اسم مكان وأريد به معنى الجمع، وهذه المساكن التي كانت لهم هي التي يقال لها الآن مأرب، وبينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث ليال، ومعنى قوله: "آية" أي علامة دالة على كمال قدرة الله وبديع صنعه، ثم بين هذه الآية فقال: "جنتان" وارتفاعهما على البدل من آية قاله الفراء، أو على أنهما خبر مبتدأ محذوف قاله الزجاج، أو على أنهما مبتدأ وخبره عن يمين وشمال واختار هذا الوجه ابن عطية، وفيه أنه لا يجوز الابتداء بالنكرة من غير مسوغ وقرأ ابن أبي عبلة جنتين بالنصب على أنهما خبر ثان واسمها آية، وهاتان الجنتان كانتا عن يمين واديهم وشماله قد أحاطتا به من جهتيه، وكانت مساكنهم في الوادي، والآية هي الجنتان، كانت المرأة تمشي فيهما وعلى رأسها الكتل، فيمتلئ من أنواع الفواكه التي تتساقط من غير أن تمسها بيدها. وقال عبد الرحمن بن زيد: إن الآية التي كانت لأهل سبأ في مساكنهم أنهم لم يروا فيها بعوضة ولا ذباباً ولا برغوثاً ولا قملة ولا عقرباً ولا حية ولا غير ذلك من الهوام، وإذا جاءهم الركب في ثيابهم القمل ماتت عند رؤيتهم لبيوتهم. قال القشيري: ولم يرد جنتين إثنتين، بل أراد من الجهتين يمنة ويسرة في كل جهة بساتين كثيرة "كلوا من رزق ربكم" أي قيل لهم ذلك ولم يكن ثم أمر، ولكن المراد تمكينهم من تلك النعم، وقيل إنها قالت لهم الملائكة، والمراد بالرزق هو ثمار الجنتين، وقيل إنهم خوطبوا بذلك على لسان نبيهم "واشكروا له" على ما رزقكم من هذه النعم واعملوا بطاعته واجتنبوا معاصيه، وجملة "بلدة طيبة ورب غفور" مستأنفة لبيان موجب الشكر. والمعنى: هذه بلدة طيبة لكثرة أشجارها وطيب ثمارها. وقيل معنى كونها طيبة: أنها غير سبخة، وقيل ليس فيها هوام. وقال مجاهد: هي صنعاء. ومعنى "ورب غفور" أن المنعم عليهم رب غفور لذنوبهم. قال مقاتل: المعنى وربكم إن شكرتم فيها رزقكم رب غفور للذنوب. وقيل إنما جمع لهم بين طيب البلدة والمغفرة للإشارة إلى أن الرزق قد يكون فيه حرام. وقرأ ورش بنصب بلدة ورب على المدح، أو على تقدير اسكنوا بلدة واشكروا رباً.
قوله عز وجل: 15- "لقد كان لسبإ في مسكنهم"، روى أبو سبرة النخعي عن فروة بن مسيك العطيفي، قال: "قال رجل: يا رسول الله أخبرني عن سبأ كان رجلاً أو امرأة أو أرضاً؟ قال: كان رجلاً من العرب وله عشرة من الولد، تيامن منهم ستة، وتشاءم أربعة، فأما الذين تيامنوا: فكندة، والأشعريون، وأزد، ومذحج، وأنمار، وحمير، فقال رجل: وما أنمار؟ قال الذين منهم خثعم وبجيلة: وأما الذين تشاءموا: فعاملة، وجذام، ولخم، وغسان، وسبأ هو ابن يشجب بن يعرب بن قحطان".
"في مسكنهم"، قرأ حمزة، وحفص: مسكنهم بفتح الكاف، على الواحد، وقرأ الكسائي بكسر الكاف، وقرأ الآخرون: مساكنهم على الجمع، وكانت مساكنهم بمأرب من اليمن، "آية"، دلالة على وحدانيتنا وقدرتنا، ثم فسر الآية فقال: "جنتان"، أي: هي جنتان بستانان، " عن يمين وشمال "، أي: عن يمين الوادي وشماله. وقيل: عن يمين من أتاهم وشماله، وكان لهم واد قيل أحاطت الجنتان بذلك الوادي "كلوا"، أي: وقيل لهم كلوا، "من رزق ربكم"، يعني: من ثمار الجنتين، قال السدي ومقاتل: كانت المرأة تحمل مكتلها على رأسها وتمر بالجنتين فيمتلئ مكتلها من أنواع الفواكه من غير أن تمس شيئاً بيدها، "واشكروا له"، أي: على ما رزقكم من النعمة، والمعنى: اعملوا بطاعته، "بلدة طيبة"، أي: أرض سبأ بلدة طيبة ليست بسبخة، قال ابن زيد: لم يكن يرى في بلدتهم بعوضة ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية، وكان الرجل يمر ببلدهم وفي ثيابه القمل فيموت القمل كله من طيب الهواء، فذلك قوله تعالى: "بلدة طيبة"، أي: طيبة الهواء، "ورب غفور"، قال مقاتل: وربكم إن شكرتموه فيما رزقكم رب غفور للذنوب.
15ـ " لقد كان لسبإ " لأولاد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، ومنع الصرف عنه ابن كثير و أبو عمرو لأنه صار اسم القبيلة ، وعن ابن كثير قلب همزته ألفاً ولعله أخرجه بين بين فلم يؤده الراوي كما وجب . " في مساكنهم " في مواضع سكناهم ، وهي باليمن يقال لها مأرب . بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيام ، وقرأ حمزة و حفص بالإفراد والفتح ، و الكسائي بالكسر حملاً على ما شذ من القياس كالمسجد والمطلع . " آيةً " علامة دالة على وجود الصانع المختار ، وأنه قادر على ما يشاء من الأمور العجيبة مجاز للمحسن والمسيء معاضدة للبرهان السابق كما قي قصتي داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام . " جنتان " بدل من " آية " أو خبر محذوف تقديره الآية جنتان ، وقرئ بالنصب على المدح والمراد جماعتان من البساتين . " عن يمين وشمال " جماعة يمين بلدهم وجماعة عن شماله كل واحدة منهما في تقاربها وتضامنها كأنها جنة واحدة ، أو بستاناً كل رجل منهم عن يمين مسكنه وعن شماله . " كلوا من رزق ربكم واشكروا له " حكاية لما قال لهم نبيهم ، أو لسان الحال أو دلالة بأنهم كانوا أحقاء بأن يقال لهم ذلك . " بلدةً طيبة ورب غفور " اسئناف للدلالة على موجب الشكر ، أي هذه البلدة التي فيها رزقكم بلدة طيبة وربكم الذي رزقكم وطلب شكركم رب غفور فرطات من يشكره . وقرئ الكل بالنصب على المدح . قيل كانتا أخصب البلاد وأطيبها لم يكن فيها عاهة ولا هامة .
15. There was indeed a sign for Sheba in their dwelling place: Two gardens on the right hand and the left (as who should say): Eat of the provision of your Lord and render thanks to Him. A fair land and an indulgent Lord!
15 - There was for Saba, aforetime, a Sign in their home land two Gardens to the right and to the left. Eat of the Sustenance (provided) by your Lord, and be grateful to Him: a territory fair and happy, and a Lord Oft forgiving.