15 - (فأنجيناه) نوحا (وأصحاب السفينة) الذين كانوا معه فيها (وجعلناها آية) عبرة (للعالمين) لمن بعدهم من الناس إن عصوا رسلهم وعاش نوح بعد الطوفان ستين سنة أو أكثر حتى كثر الناس
يقول تعالى ذكره: فأنجينا نوحاً وأصحاب سفينته، وهم الذين حملهم في سفينته من ولده وأزواجهم.
وقد بينا ذلك فيما مضى قبل، وذكرنا الروايات فيه، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
" وجعلناها آية للعالمين " يقول: وجعلنا السفينة التي أنجيناه وأصحابه فيها عبرة وعطة للعالمين، وحجة عليهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة، قوله " فأنجيناه وأصحاب السفينة " ... الآية. قال: أبقاها الله آية للناس بأعلى الجودي. ولو قيل: معنى " وجعلناها آية للعالمين " وجعلنا عقوبتنا إياهم آية للعالمين، وجعل الهاء والألف في قوله " وجعلناها " كناية عن العقوبة أو السخط، ونحو ذلك، إذ كان قد تقدم ذلك في قوله " فأخذهم الطوفان وهم ظالمون " كان وجهاً من التأويل.
قوله تعالى : " فأنجيناه وأصحاب السفينة " معطوف علىالهاء " وجعلناها آية للعالمين " الهاء والألف في ( جعلناها ) للسفينة ، أو للعقوبة ، أو للنجاة ، ثلاثة أقوال .
هذه تسلية من الله تعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, يخبره عن نوح عليه السلام أنه مكث في قومه هذه المدة يدعوهم إلى الله تعالى ليلاً ونهاراً, وسراً وجهاراً, ومع هذا ما زادهم ذلك إلا فراراً عن الحق وإعراضاً عنه وتكذيباً له, وما آمن معه منهم إلا قليل, ولهذا قال تعالى: "فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون" أي بعد هذه المدة الطويلة ما نجع فيهم البلاغ والإنذار, فأنت يا محمد لا تأسف على من كفر بك من قومك ولا تحزن عليهم, فإن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء, وبيده الأمر, وإليه ترجع الأمور " إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية " الاية, واعلم أن الله سيظهرك وينصرك ويؤيدك, ويذل عدوك ويكبتهم, ويجعلهم أسفل السافلين.
قال حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن ماهك عن ابن عباس قال: بعث نوح وهو لأربعين سنة, ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً, وعاش بعد الطوفان ستين عاماً حتى كثر الناس وفشوا. وقال قتادة : يقال إن عمره كله ألف سنة إلا خمسين عاماً لبث فيهم قبل أن يدعوهم ثلثمائة سنة, ودعاهم ثلثمائة سنة, ولبث بعد الطوفان ثلثمائة سنة وخمسين عاماً, وهذا قول غريب, وظاهر السياق من الاية أنه مكث في قومه يدعوهم إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاماً. وقال عون بن أبي شداد : إن الله تعالى أرسل نوحاً إلى قومه وهو ابن خمسين وثلثمائة سنة, فدعاهم ألف سنة إلا خمسين عاماً, ثم عاش بعد ذلك ثلثمائة وخمسين سنة, وهذا أيضاً غريب, رواه ابن أبي حاتم وابن جرير . وقول ابن عباس أقرب, والله أعلم.
وقال الثوري عن سلمة بن كهيل عن مجاهد قال: قال لي ابن عمر : كم لبث نوح في قومه ؟ قال: قلت ألف سنة إلا خمسين عاماً, قال: فإن الناس لم يزالوا في نقصان من أعمارهم وأحلامهم وأخلاقهم إلى يومك هذا. وقوله تعالى: "فأنجيناه وأصحاب السفينة" أي الذين آمنوا بنوح عليه السلام, وقد تقدم ذكر ذلك مفصلاً في سورة هود, وتقدم تفسيره بما أغنى عن إعادته.
وقوله تعالى: "وجعلناها آية للعالمين" أي وجعلنا تلك السفينة باقية إما عينها, كما قال قتادة : إنها بقيت إلى أول الإسلام على جبل الجودي أو نوعها جعله للناس تذكرة لنعمه على الخلق كيف أنجاهم من الطوفان, كما قال تعالى: " وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون * وخلقنا لهم من مثله ما يركبون * وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون * إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين " وقال تعالى: "إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية * لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية" وقال ههنا: "فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين" وهذا من باب التدريج من الشخص إلى الجنس, كقوله تعالى: "ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين" أي وجعلنا نوعها رجوماً فإن التي يرمى بها ليست هي زينة للسماء, وقال تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين" ولهذا نظائر كثيرة. وقال ابن جرير : لو قيل إن الضمير في قوله: "وجعلناها" عائد إلى العقوبة لكانوجهاً, والله أعلم.
15- "فأنجيناه وأصحاب السفينة" أي أنجيناه نوحاً وأنجينا من معه في السفينة من أولاده وأتباعه. واختلف في عددهم على أقوال "وجعلناها" أي السفينة "آية للعالمين" أي عبرة عظيمة لهم، وفي كونها آية وجوه: أحدها أنها كانت باقية على الجودي مدة مديدة. وثانيها أن الله سلم السفينة من الرياح المزعجة، وثالثها أن الماء غيض قبل نفاذ الزاد. وهذا غير مناسب لوصف السفينة بأن الله جعلها آية، وقيل إن الضمير راجع في جعلناها إلى الواقعة أو إلى النجاة، أو إلى العقوبة بالغرق.
15- "فأنجيناه وأصحاب السفينة"، يعني من الغرق، "وجعلناها"، يعني السفينة "آية"،أي: عبرة، "للعالمين"، فإنها كانت باقية على الجودي مدة مديدة. وقيل: جعلنا عقوبتهم للغرق عبرة. وقال ابن عباس رضي الله عنهما:/ بعث نوح لأربعين سنة، وبقي في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا، وكان عمره ألفاً وخمسين سنة.
15ـ " فأنجيناه " أي نوحاً عليه الصلاة والسلام . " وأصحاب السفينة " ومن أركب معه من أولاده وأتباعه وكانوا ثمانين . وقيل ثمانية وسبعين وقيل عشرة نصفهم ذكور ونصفهم إناث . " وجعلناها " أي السفينة أو الحادثة . " آيةً للعالمين " يتعظون ويستدلون بها .
15. And We rescued him and those with him in the ship, and made of it a portent for the peoples.
15 - But We saved him and Companions of the Ark, and We made the (Ark) a Sign for all Peoples!