15 - (لقالوا إنما سكرت) سدت (أبصارنا بل نحن قوم مسحورون) يخيل إلينا ذلك
اختلف أهل التأويل في المعنيين بقوله "فظلوا فيه يعرجون" فقال بعضهم : معنى الكلام : ولو فتحنا على هؤلاء القائلين لك يا محمد ( لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ) باباً من السماء فظلت الملائكة تعرج فيه ، وهم يرونهم عياناً "لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون" .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني ابي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : "ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون" يقول : لو فتحنا عليهم باباً من السماء ، فظلت الملائكة تعرج فيه ، لقال أهل الشرك : إنما أخذ أبصارنا ، وشبه علينا ، وإنما سحرنا ، فذلك قولهم ( لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ) .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن ابن عباس "فظلوا فيه يعرجون" فظلت الملائكة يعرجون فيه يراهم بنو آدم عياناً "لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون" .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : ( يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ) . قال : ما بين ذلك إلى قوله : "ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون" قال : رحع إلى قوله ( لوما تأتينا بالملائكة ) ما بين ذلك . قال ابن جريج ، قال ابن عباس : فظلت الملائكة تعرج . فنظروا إليهم "لقالوا إنما سكرت أبصارنا" . قال : قريش تقوله .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون" ، قال : قال ابن عباس : لو فتح الله عليهم من السماء باباً فظلت الملائكة تعرج فيه ، يقول : يختلفون فيه جائين وذاهبين "لقالوا إنما سكرت أبصارنا" .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : "ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون" يعني : الملائكة : يقول : لو فتحت على المشركين باباً من السماء ، فنظروا إلى الملائكة تعرج بين السماء والأرض ، لقال المشركون "نحن قوم مسحورون" سحرنا وليس هذا بالحق ، ألا ترى أنهم قالوا قبل هذه الآية : ( لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ) .
حدثني المثنى ، قال: حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا هشام ، عن عمر ، عن نصر ، عن الضحاك ، في قوله : "ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون" قال : لو أني فتحت باباً من السماء تعرج فيه الملائكة بين السماء والأرض ، لقال المشركون "بل نحن قوم مسحورون" ألا ترى أنهم قالوا ( لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ) .
وقال آخرون : إنما عني بذلك : بنو آدم .
ومعنى الكلام عندهم : ولو فتحنا على هؤلاء المشركين من قومك يا محمد باباً من السماء فظلوا هم فيه يعرجون "لقالوا إنما سكرت أبصارنا" .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : "ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون" قال قتادة ، كان الحسن يقول :لو فعل هذا ببني آدم فظلوا فيه يعرجون أي يختلفون "لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون" .
وأما قوله "يعرجون" فإن معناه : يرقون فيه ويصعدون ، يقال منه : عوج يعرج عروجاً إذا رقي وصعد . وواحدة المعارج : معرج ومعراج ، ومنه قول كثير :
إلى حسب عود بنا المرء قبله أبوه له فيه معارج سلم
وقد حكي عرج يعرج بكسر الراء في الاستقبال . وقوله "لقالوا إنما سكرت أبصارنا" يقول : لقال هؤلاء المشركون الذين وصف جل ثناؤه صفتهم : ما هذا بحق إنما سكرت أبصارنا .
واختلفت القراء في قراءة قوله "سكرت" فقرأ أهل المدينة والعراق "سكرت" بتشديد الكاف ، بمعنى : غشيت وغطيت ، هكذا كان يقول أبو عمرو بن العلاء فيما ذكر لي عنه . وذكر عن مجاهد أنه كان يقرأ لقالوا إنما سكرت .
حدثني بذلك الحارث ، قال : حدثنا القاسم ، قال : سمعت الكسائي يحدث عن حمزة ، عن شبل ، عن مجاهد أنه قرأها سكرت أبصارنا خفيفة ، وذهب مجاهد في قراءته ذلك كذلك إلى : حبست ابصارنا عن الرؤية والنظر من سكور الريح ، وذلك سكونها وركودها ، يقال منه : سكرت الريح : إذا سكنت وركدت . وقد حكي عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان يقول : هو مأذخوذ من سكر الشراب ، وأن معناه : قد غشى أبصارنا السكر .
وأما أهل التأويل ، فإنهم اختلفوا في تأويله ، فقال بعضهم : معنى "سكرت" سدت .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا ورقاء ، وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، وحدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، وحدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : "سكرت أبصارنا" قال : سدت .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا حجاج ، يعني ابن محمد ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني ابن كثير قال : سدت .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت ابا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : "سكرت أبصارنا" يعني : سدت ، فكأن مجاهداً ذهب في قوله ، وتأويله ذلك بمعنى : سدت إلى أنه بمعنى : منعت النظر ، كما يسكر الماء فيمنع من الجري بحبسه في مكان بالسكر الذي يسكر به .
وقال آخرون : معنى سكرت : أخذت .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن ابن عباس : "لقالوا إنما سكرت أبصارنا" يقول : أخذت أبصارنا .
حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : إنما أخذ أبصارنا ، وشبه علينا ، وإنما سخرنا .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة "لقالوا إنما سكرت أبصارنا" يقول : سحرت أبصارنا : يقول : أخذت أبصارنا .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد ، قال : حدثنا شيبان ، عن قتادة ، قال : من قرأ "سكرت" مشددة : يعني سدت . ومن قرأ سكرت مخففة ، فإنه يعني سحرت ، وكأن هؤلاء وجهوا معنى قوله "سكرت" إلى أن أبصارهم سحرت ، فشبه عليهم ما يبصرون ، فلا يميزون بين الصحيح مما يرون وغيره من قول العرب : سكر على فلان رأيه : إذا اختلط عليه رأيه فيما يريد ، فلم يدر الصواب فيه من غيره فإذا عزم على الرأي قالوا : ذهب عنه التكسير .
وقال آخرون : هو مأذخوذ من السكر ، ومعناه : غشي على أبصارنا فلا نبصر ، كما يفعل السكر بصاحبه ، فذلك إذا دير به وغشي بصره كالسمادير فلم يبصر .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إنما سكرت أبصارنا قال : سكرت ، السكران الذي لا يعقل .
وقال آخرون : معنى ذلك : عميت .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ،عن الكلبي "سكرت" قال : عميت .
وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي قول من قال : معنى ذلك : أخذت أبصارنا وسحرت ، فلا تبصر الشيء على ما هو به ، وذهب حد إبصارها ، وانطفأ نوره ، كما يقال للشيء الحار إذا ذهبت فورته ، وسكن حد حره : قد سكر يسكر . قال المثنى بن جندل الطهوي :
جاء الشتاء واجثأل القبر واسخفت الأفعى وكانت تظهر
جعلت عين الحرور تسكر
أي تسكن وتذهب وتنطفىء ، وقال ذو الرمة :
بل انصداع الفجر والتهجر وخوضهن الليل حين يسكر
يعني : حين تسكن فورته . وذكر عن قيس أنها تقول : سكرت الريح تسكر سكوراً ، بمعنى : سكنت ، وإن كان ذلك عنها صحيحاً ، فإن معنى سكرت وسكرت بالتخفيف والتشديد متقاربان ، غير أن القراءة التي لا أستجيز غيرها في القرآن "سكرت" بالتشديد لإجماع الحجة من القراء عليها ، وغير جائز خلافها فيما جاءت به مجمعة عليه .
ومعنى " سكرت " سدت بالسحر، قاله ابن عباس و الضحاك . وقال الحسن: سحرت. الكلبي : أغشيت أبصارنا، وعنه أيضاً عميت. قتادة: أخذت. وقال المؤرخ: دير بنا من الدوران، أي صارت أبصارنا سكرى. جويبر: خدعت. وقال أبو عمرو بن العلاء: ( سكرت) غشيت وغطيت. ومنه قول الشاعر:
وطلعت شمس عليها مغفر وجعلت عين الحرور تسكر
وقال مجاهد: ( سكرت) حبست. ومنه قول أوس بن حجر:
فصرت على ليلة ساهرة فليست بطلق ولا ساكرة
قلت: وهذه أقوال متقاربة يجمعها قولك: منعت. قال ابن عزيز: ( سكرت أبصارنا) سدت أبصارنا، هو من قولك: سكرت النهر إذا سددته. ويقال: هو من سكر الشراب، كأن العين يلحقها ما يلحق الشارب إذا سكر. وقرأ ابن كثير ( سكرت) بالتخفيف. والباقون بالتشديد. قال ابن الأعرابي : سكرت ملئت. قال المهدوي : والتخفيف والتشديد في ( سكرت) ظاهران، التشديد للتكثير والتخفيف يؤدي عن معناه. والمعروف أن ( سكر) لا يتعدى. قال أبو علي: يجوز أن يكون سمع متعدياً في البصر. ومن قرأ ( سكرت) فإنه شبه ما عرض لأبصارهم بحال السكران، كأنها جرت مجرى السكران لعدم تحصيله. وقد قيل: إنه بالتخفيف من سكر الشراب، وبالتشديد أخذت، ذكرهما الماوردي . وقال النحاس : والمعروف من قراءة مجاهد والحسن ( سكرت) بالتخفيف. قال الحسن: أي سحرت. وحكى أبو عبيد عن أبي عبيدة أنه يقال: سكرت أبصارهم إذا غشيها سمادير حتى لا يبصروا. وقال الفراء: من قرأ ( سكرت) أخذه من سكور الريح. قال النحاس : وهذه الأقوال متقاربة. والأصل فيها ما قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله تعالى، قال: هو من السكر في الشراب. وهذا قول حسن، أي غشيهم ما غطى أبصارهم كما غشي السكران ما غطى عقله. وسكور الريح سكونها وفتورها، فهو يرجع إلى معنى التحيير.
يخبر تعالى عن قوة كفرهم وعنادهم ومكابرتهم للحق أنه لو فتح لهم باباً من السماء فجعلوا يصعدون فيه لما صدقوا بذلك, بل قالوا: "إنما سكرت أبصارنا" قال مجاهد وابن كثير والضحاك: سدت أبصارنا. وقال قتادة عن ابن عباس: أخذت أبصارنا. وقال العوفي عن ابن عباس: شبه علينا وإنما سحرنا. وقال الكلبي: عميت أبصارنا. وقال ابن زيد: "سكرت أبصارنا", السكران الذي لا يعقل.
15- "لقالوا" أي الكفار لفرط عنادهم وزيادة عتوهم "إنما سكرت أبصارنا" قرأ ابن كثير سكرت بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد وهو من سكر الشراب، أو من السكر، وهو سدها عن الإحساس، يقال سكر النهر: إذا سده وحبسه عن الجري، ورجح الثاني بقراءة التخفيف. وقال أبو عمرو بن العلاء: سكرت غشيت وغطيت، ومنه قول الشاعر:
وطلعت شمس عليها مغفر وجعلت عين الجزور تسكر
وبه قال أبو عبيد وأبو عبيدة، وروي عن أبي عمرو أيضاً أنه من سكر الشراب: أي غشيهم ما غطى أبصارهم كما غشي السكران ما غطى عقله، وقيل معنى سكرت حبست كما تقدم، ومنه قول أوس بن حجر:
فصرت على ليلة ساهره فليست بطلق ولا ساكره
قال النحاس: وهذه الأقوال متقاربة " بل نحن قوم مسحورون " أضربوا عن قولهم سكرت أبصارنا، ثم ادعوا أنهم مسحورون: أي سحرهم محمد صلى الله عليه وسلم. وفي هذا بيان لعنادهم العظيم الذي لا يقلعهم عنه شيء من الأشياء كائناً ما كان، فإنهم إذا رأوا آية توجب عليهم الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله نسبوا إلى أبصارهم أن إدراكها غير حقيقي لعارض السكر، أو أن عقولهم قد سحرت فصار إدراكهم غير صحيح، ومن بلغ في التعنت إلى هذا الحد فلا تنفع فيه موعظة، ولا يهتدي بآية.
وقد أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: "تلك آيات الكتاب" قال: التوراة والإنجيل. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في "تلك آيات الكتاب" قال: الكتب التي كانت قبل القرآن: "وقرآن مبين" قال: مبين والله هداه ورشده وخيره. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس وابن مسعود وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين" قال: ود المشركون يوم بدر حين ضربت أعناقهم فعرضوا على النار أنهم كانوا مؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في الآية قال: هذا في الجهنميين إذا رأوهم يخرجون من النار. وأخرج سعيد بن منصور وهناد بن السري في الزهد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس قال: ما يزال الله يشفع ويدخل ويشفع ويرحم حتى يقول: من كان مسلماً فليدخل الجنة، فذلك قوله: "ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين". وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن عباس وأنس أنهما تذاكرا هذه الآية "ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين" فقالا: هذا حيث يجمع الله من أهل الخطايا من المسلمين والمشركين في النار، فيقول المشركون: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون، فيغضب الله لهم فيخرجهم بفضله ورحمته. وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند، قال السيوطي صحيح عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ناساً من أمتي يعذبون بذنوبهم فيكونون في النار ما شاء الله أن يكونوا، ثم يعيرهم أهل الشرك فيقولون ما نرى ما كنتم فيه من تصديقكم نفعكم، فلا يبقى موحد إلا أخرجه الله من النار، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم "ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين"". وأخرج ابن أبي عاصم في السنة وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أبي موسى الأشعري مرفوعاً نحوه. وأخرج إسحاق بن راهويه وابن حبان والطبراني وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه أيضاً. وأخرج هناد بن السري والطبراني في الأوسط وأبو نعيم عن أنس مرفوعاً نحوه أيضاً. وفي الباب أحاديث في تعيين هذا السبب في نزول هذه الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: "ذرهم يأكلوا ويتمتعوا" الآية قال: هؤلاء الكفرة. وأخرج أيضاً عن أبي مالك في قوله: "ذرهم" قال: خل عنهم. وأخرج ابن جرير عن الزهري في قوله: "ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون" قال: نرى أنه إذا حضره أجله، فإنه لا يؤخر ساعة ولا يقدم، وأما ما لم يحضر أجله فإن الله يؤخر ما شاء ويقدم ما شاء. قلت: وكلام الزهري هذا لا حاصل له ولا مفاد فيه. وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله: "يا أيها الذي نزل عليه الذكر" قال: القرآن. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: "ما ننزل الملائكة إلا بالحق" قال: بالرسالة والعذاب. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: "وما كانوا إذاً منظرين" قال: وما كانوا لو نزلت الملائكة بمنظرين من أن يعذبوا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في مجاهد "وإنا له لحافظون" قال: عندنا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "في شيع الأولين" قال: أمم الأولين. وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس في قوله: "كذلك نسلكه في قلوب المجرمين" قال: الشرك نسلكه في قلوب المشركين. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة مثله. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن الحسن مثله أيضاً. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة "وقد خلت سنة الأولين" قال: وقائع الله فيمن خلا من الأمم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: "فظلوا فيه يعرجون" قال ابن جريج: قال ابن عباس: فظلت الملائكة تعرج فنظروا إليهم لقالوا "إنما سكرت أبصارنا" قال: قريش تقوله. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في الآية عن ابن عباس أيضاً يقول: ولو فتحنا عليهم بابا من أبواب السماء فظلت الملائكة تعرج فيه يختلفون فيه ذاهبين وجائين لقال أهل الشرك: إنما أخذ أبصارنا وشبه علينا، وإنما سحرنا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد سكرت أبصارنا: قال سدت. وأخرج ابن جرير عن قتادة نحوه قال: ومن قرأ "سكرت" مخففة، فإنه يعني سحرت.
15-"لقالوا إنما سكرت"، سدت، "أبصارنا"، قاله ابن عباس.
وقال الحسن: سحرت.
وقال قتادة: أخذت.
وقال الكلبي: عميت.
وقرأ ابن كثير "سكرت"بالتخفيف، أي: حبست ومنعت النظر كما يسكر النهر لحبس الماء.
"بل نحن قوم مسحورون"، أي: عمل فينا السحر فسحرنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
15."لقالوا"من غلوهم في العناد وتشكيكهم في الحق"إنما سكرت أبصارنا" سدت عن الأبصار بالسحر من السكر ، ويدل عليه قراءةابن كثيربالتخفيف ، او حيرت من السكر ويدل عليه قراءة من قرأ"سكرت""بل نحن قوم مسحورون"قد سحرنا محمد بذلك كما قالوه عند ظهور غيره من الآيات، وفي كلمتي الحصر ولإضراب دلالة على البت بأن ما يرونه لا حقيقة له بل هو باطل خيل إليهم بنوع من السحر.
15. They would say: Our sight is wrong nay, but we are folk bewitched.
15 - They would only say: our eyes have been intoxicated: nay, we have been bewitched by sorcery.