145 - (وكتبنا له في الألواح) أي ألواح التوراة وكانت من سدر الجنة أو زبرجد أو زمرد سبعة أو عشرة (من كل شيء) يحتاج إليه في الدين (موعظة وتفصيلاً) تبييناً (لكل شيء) بدل من الجار والمجرور قبله (فخذها) قبله قلنا مقدراً (بقوة) بجد واجتهاد (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين) فرعون وأتباعه وهي مصر لتعتبروا بهم
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وكتبنا لموسى في ألواحه.
وأدخلت الألف واللام في " الألواح "، بدلاً من الإضافة، كما قال الشاعر:
والأحلام غير عوازب
وكما قال جل ثناؤه: " فإن الجنة هي المأوى " [النازعات: 41]، يعني: هي مأواه.
وقوله: " من كل شيء "، يقول: من التذكير والتنبيه على عظمة الله وعز سلطانه، " موعظة "، لقومه ومن أمر بالعمل بما كتب في الألواح، " وتفصيلا لكل شيء "، يقول: وتبييناً لكل شيء من أمر الله ونهيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد - أو: سعيد بن جبير، وهو في أصل كتابي: عن سعيد بن جبير - في قول الله: " وتفصيلا لكل شيء "، قال: ما أمروا به ونهوا عنه.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، بنحوه.
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي : " وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء "، من الحلال والحرام.
حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهداً يقول في قوله: " وتفصيلا لكل شيء "، قال: ما أمروا به ونهوا عنه.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء "، قال عطية: أخبرني ابن عباس: أن موسى صلى الله عليه وسلم انصلت لما كربه الموت، قال: هذا من أجل آدم! قد كان الله جعلنا في دار مثوىً لا نموت، فخطأ آدم أنزلنا ههنا! فقال الله لموسى: أبعث إليك آدم فتخاصمه؟ قال: نعم! فلما بعث الله آدم، سأله موسى، فقال أبونا آدم عليهما السلام: يا موسى، سألت الله أن يبعثني لك! قال موسى: لولا أنت لم نكن ههنا! قال له آدم: أليس قد آتاك الله من كل شيء موعظة وتفصيلاً، أفلست تعلم أنه ما أصاب في الأرض من مصيبة ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن يبرأها؟ قال موسى: بلى! فخصمه آدم صلى الله عليهما.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهباً يقول في قوله: " وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء "، قال: كتب له: لا تشرك بي شيئاً من أهل السماء ولا من أهل الأرض، فإن كل ذلك خلقي. لا تحلف باسمي كاذباً، فإن من حلف باسمي فلا أزكيه، ووقر والديك.
القول في تأويل قوله: " فخذها بقوة ".
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقلنا لموسى، إذ كتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء: خذ الألواح بقوة.
وأخرج الخبر عن ((الألواح))، والمراد ما فيها.
واختلف أهل التأويل في معنى ((القوة))، في هذا الموضع.
فقال بعضهم: معناها: بجد.
ذكر من قال ذلك:
حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا ابن عيينة قال، قال أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس: " فخذها بقوة "، قال: بجد.
حدثني موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي : " فخذها بقوة "، قال: بجد واجتهاد.
وقال آخرون: معنى ذلك، فخذها بالطاعة لله.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس في قوله: " فخذها بقوة "، قال: بالطاعة.
وقد بينا معنى ذلك بشواهده، واختلاف أهل التأويل فيه، في ((سورة البقرة)) عند قوله: " خذوا ما آتيناكم بقوة " [البقرة: 63]، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
القول في تأويل قوله: " وأمر قومك يأخذوا بأحسنها ".
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قلنا لموسى: " وأمر قومك "، بني إسرائيل، " يأخذوا بأحسنها "، يقول يعملوا بأحسن ما يجدون فيها، كما:
حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي : " وأمر قومك يأخذوا بأحسنها "، بأحسن ما يجدون فيها.
حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس: " وأمر قومك يأخذوا بأحسنها "، قال: أمر موسى أن يأخذها بأشد مما أمر به قومه.
فإن قال قائل: وما معنى قوله: " وأمر قومك يأخذوا بأحسنها "، أكان من خصالهم ترك بعض ما فيها من الحسن؟
قيل: لا، ولكن كان فيها أمر ونهي، فأمرهم الله أن يعملوا بما أمرهم بعمله، ويتركوا ما نهاهم عنه، فالعمل بالمأمور به، أحسن من العمل بالمنهي عنه.
القول في تأويل قوله: " سأريكم دار الفاسقين ".
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لموسى، إذ كتب في الألواح من كل شيء: خذها بجد في العمل بما فيها واجتهاد، وأمر قومك يأخذوا بأحسن ما فيها، وانههم عن تضييعها وتضييع العمل بما فيها والشرك بي، فإن من أشرك بي منهم ومن غيرهم، فإني سأوريه في الآخرة عند مصيره إلي، " دار الفاسقين "، وهي نار الله التي أعدها لأعدائه.
وإنما قال: " سأريكم دار الفاسقين "، كما يقول القائل لمن يخاطبه: ((سأريك غداً إلام يصير إليه حال من خالف أمري!))، على وجه التهدد والوعيد لمن عصاه وخالف أمره.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك.
فقال بعضهم بنحو ما قلنا في ذلك.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " سأريكم دار الفاسقين "، قال: مصيرهم في الآخرة.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، مثله.
حدثني المثني قال، حدثنا مسلم قال، حدثنا مبارك، عن الحسن في قوله: " سأريكم دار الفاسقين "، قال: جهنم.
وقال آخرون: معنى ذلك: سأدخلكم أرض الشأم، فأريكم منازل الكافرين الذين هم سكانها من الجبابرة والعمالقة.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة : " سأريكم دار الفاسقين "، منازلهم.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة : " دار الفاسقين "، قال: منازلهم.
وقال آخرون: معنى ذلك: سأريكم دار قوم فرعون، وهي مصر.
ذكر من قال ذلك:
... .
قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في تأويل ذلك، لأن الذي قبل قوله جل ثناؤه: " سأريكم دار الفاسقين "، أمر من الله لموسى وقومه بالعمل بما في التوراة. فأولى الأمور بحكمة الله تعالى أن يختم ذلك بالوعيد على من ضيعه، وفرط في العمل لله، وحاد عن سبيله، دون الخبر عما قد انقطع الخبر عنه، أو عما لم يجر له ذكر.
قوله تعالى: "وكتبنا له في الألواح من كل شيء" يريد التوراة. وروي في الخبر أنه قبض عليه جبريل عليه السلام بجناحه فمر به في العلا حتى أدناه حتى سمع صريف القلم حين كتب الله له الألواح، ذكره الترمذي الحكيم. وقال مجاهد: كانت الألواح من زمردة خضراء. ابن جبير: من ياقوتة حمراء. أبو العالية: من زبرجد. الحسن: من خشب، نزلت من السماء. وقيل: من صخرة صماء، لينها الله لموسى عليه السلام فقطعها بيده ثم شقها بأصابعه، فأطاعته كالحديد لداود. قال مقاتل: أي كتبنا له في الألواح كنقش الخاتم: الربيع بن أنس: نزلت التوراة وهي سبعون وقر بعير. وأضاف الكتابة إلى نفسه على جهة التشريف، إذ هي مكتوبة بأمره كتبها جبريل بالقلم الذي كتب به الذكر. واستمد من نهر النور. وقيل: هي كتابة أظهرها الله وخلقها في الألواح. وأصل اللوح: لوح (بفتح اللام)، قال الله تعالى: "بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ" [البروج: 21-22] فكأن اللوح تلوح فيه المعاني. ويروى أنها لوحان، وجاء بالجمع لأن الاثنين جمع. ويقال: رجل عظيم الألواح إذا كان كبير عظم اليدين والرجلين. ابن عباس: وتكسرت الألواح حين ألقاها فرفعت إلا سدسها. وقيل: بقي سبعها ورفعت ستة أسباعها. فكان في الذي رفع تفصيل كل شيء، وفي الذي بقي الهدى والرحمة. وأسند أبو نعيم الحافظ "عن عمرو بن دينار قال: بلغني أن موسى بن عمران نبي الله صلى الله عليه وسلم صام أربعين ليلة، فلما ألقى الألواح تكسرت فصام مثلها فردت إليه". ومعنى من كل شيء مما يحتاج إليه في دينه من الأحكام وتبيين الحلال والحرام، عن الثوري وغيره. وقيل: هو لفظ يذكر تفخيماً ولا يراد به التعميم، تقول: دخلت السوق فاشتريت كل شيء. وعند فلان كل شيء. "تدمر كل شيء" [الأحقاف: 25]. "وأوتيت من كل شيء" [النمل: 23]. وقد تقدم."موعظة وتفصيلا لكل شيء" أي لكل شيء أمروا به من الأحكام، فإنه لم يكن عندهم اجتهاد، وإنما خص بذلك أمة محمد صلى الله عليه وسلم. "فخذها بقوة" في الكلام حذف، أي فقلنا له: خذها بقوة، أي بجد ونشاط. نظيره "خذوا ما آتيناكم بقوة" وقد تقدم. "وأمر قومك يأخذوا بأحسنها" أي يعملوا بالأوامر ويتركوا النواهي، ويتدبروا الأمثال والمواعظ. نظيره "واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم" [الزمر: 55]. وقال: "فيتبعون أحسنه" [الزمر: 18]. والعفو أحسن من الاقتصاص. والصبر أحسن من الانتصار. وقيل: أحسنها الفرائض والنوافل، وأدونها المباح. "سأريكم دار الفاسقين" قال الكلبي: دار الفاسقين ما مروا عليه إذا سافروا من منازل عاد وثمود، والقرون التي أهلكوا. وقيل: هي جهنم، عن الحسن و مجاهد. أي فلتكن منكم على ذكر، فاحذروا أن تكونوا منها. وقيل: أراد بها مصر، أي سأريكم ديار القبط ومساكن فرعون خالية عنهم، عن ابن جبير. قتادة: المعنى سأريكم منازل الكفار التي سكنوها قبلكم من الجبابرة والعمالقة لتعتبروا بها، يعني الشأم. وهذان القولان يدل عليهما "وأورثنا القوم" [الأعراف: 137] الآية. "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض" [القصص: 5] الآية، وقد تقدم. وقرأ ابن عباس وقسامة بن زهير سأورثكم من ورث. وهذا ظاهر. وقيل: الدار الهلاك، وجمعه أدوار. وذلك أن الله تعالى لما أغرق فرعون أوحى إلى البحر أن اقذف بأجسادهم إلى الساحل، قال: ففعل: فنظر إليهم بنو إسرائيل فأراهم هلاك الفاسقين.
يذكر تعالى أنه خاطب موسى بأنه اصطفاه على أهل زمانه برسالاته تعالى وبكلامه ولا شك أن محمداً صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم من الأولين والاخرين ولهذا اختصه الله تعالى بأن جعله خاتم الأنبياء والمرسلين الذي تستمر شريعته إلى قيام الساعة وأتباعه أكثر من أتباع سائر الأنبياء والمرسلين كلهم وبعده في الشرف والفضل إبراهيم الخليل عليه السلام ثم موسى بن عمران كليم الرحمن عليه السلام ولهذا قال الله تعالى له: "فخذ ما آتيتك" أي من الكلام والمناجاة "وكن من الشاكرين" أي على ذلك ولا تطلب ما لا طاقة لك به ثم أخبر تعالى أنه كتب له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء قيل كانت الألواح من جوهر وإن الله تعالى كتب له فيها مواعظ وأحكاماً مفصلة مبينة للحلال والحرام وكانت هذه الألواح مشتملة على التوراة التي قال الله تعالى فيها: "ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس" وقيل الألواح أعطيها موسى قبل التوراة والله أعلم, وعلى كل تقدير فكانت كالتعويض له عما سأل من الرؤية ومنع منها والله أعلم, وقوله "فخذها بقوة" أي بعزم على الطاعة "وأمر قومك يأخذوا بأحسنها" قال سفيان بن عيينة حدثنا أبو سعيد عن عكرمة عن ابن عباس قال أمر موسى عليه السلام أن يأخذ بأشد ما أمر قومه. وقوله "سأريكم دار الفاسقين" أي سترون عاقبة من خالف أمري وخرج عن طاعتي كيف يصير إلى الهلاك والدمار والتباب قال ابن جرير وإنما قال "سأريكم دار الفاسقين" كما يقول القائل لمن يخاطبه سأريك غداً إلى ما يصير إليه حال من خالف أمري على وجه التهديد والوعيد لمن عصاه وخالف أمره, ثم نقل معنى ذلك عن مجاهد والحسن البصري وقيل معناه "سأريكم دار الفاسقين" أي: من أهل الشام وأعطيكم إياها وقيل: منازل قوم فرعون والأول أولى والله أعلم لأن هذا بعد انفصال موسى وقومه عن بلاد مصر وهو خطاب لبني إسرائيل قبل دخولهم التيه والله أعلم.
قوله: 145- "وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء" من كل شيء: أي من كل ما يحتاج إليه بنو إسرائيل في دينهم ودنياهم، وهذه الألواح: هي التوراة، قيل: كانت من زمردة خضراء، وقيل: من ياقوتة حمراء، وقيل: من زبرجد، وقيل: من صخرة صماء. وقد اختلف في عدد الألواح وفي مقدار طولها وعرضها، والألواح: جمع لوح، وسمي لوحاً لكونه تلوح فيه المعاني، وأسند الله سبحانه الكتابة إلى نفسه تشريفا للمكتوب في الألواح، وهي مكتوبة بأمره سبحانه، وقيل: هي كتابة خلقها الله في الألواح، و "من كل شيء" في محل نصب على أنه مفعول "كتبنا" و "موعظة وتفصيلاً" بدل من محل كل شيء أي موعظة لمن يتعظ بها من بني إسرائيل وغيرهم وتفصيلاً للأحكام المحتاجة إلى التفصيل "فخذها بقوة" أي خذ الألواح بقوة: أي بجد ونشاط وقيل: الضمير عائد إلى الرسالات، أو إلى كل شيء، أو إلى التوراة، قيل: وهذا الأمر على إضمار القول: أي فقلنا له خذها، وقيل إن "فخذها" بدل من قوله: "فخذ ما آتيتك" "وأمر قومك يأخذوا بأحسنها" أي بأحسن ما فيها بما أجره أكثر من غيره، وهو مثل قوله تعالى: "اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم"، وقوله: "فيتبعون أحسنه"، ومن الأحسن الصبر على الغير والعفو عنه والعمل بالعزيمة دون الرخصة، وبالفريضة دون النافلة، وفعل المأمور به، وترك المنهي عنه. قوله: " سأريكم دار الفاسقين " قيل: هي أرض مصر التي كانت لفرعون وقومه وقيل: منازل عاد وثمود، وقيل: هي جهنم، وقيل: منازل الكفار من الجبابرة والعمالقة ليعتبروا بها، وقيل الدار: الهلاك. والمعنى: سأريكم هلاك الفاسقين. وقد تقدم تحقيق معنى الفسق.
145 - قوله عز وجل : " وكتبنا له " ، يعني موسى ، " في الألواح " ، قال ابن عباس : يريد ألواح التوراة ، وفي الحديث ( كانت من سدر الجنة طول اللوح اثنا عشر ذراعاً ) . وجاء في أحاديث خلق الله آدم بيده : ( وكتب التوراة بيده وغرس شجرة طوبى بيده ) .
قال الحسن : كانت الألواح من خشب . قال الكلبي : كانت من زبرجدة خضراء . وقال سعيد بن جبير : كانت من ياقوت أحمر ، وقال الربيع بن أنس : كانت الألواح من برد . قال ابن جريج : كانت من زمرد ، أمر الله جبريل حتى جاء بها من عدن ، وكتبها بالقلم الذي كتب به الذكر واستمد من نهر النور وقال وهب : أمره الله بقطع الألواح من صخرة صماء لينها الله له فقطعها بيده ثم شققها بأصبعه ، وسمع موسى صرير القلم بالكلمات العشرة وكان ذلك في أول يوم من ذي القعدة ، وكانت الألواح عشرة أذرع على طول موسى . وقال مقاتل ووهب : " وكتبنا له في الألواح " ، كنقش الخاتم . وقال الربيع بن أنس : نزلت التوراة وهي سبعون وقر بعير ، يقرأ الجزء منه في سنة ، لم يقرأها إلا أربعة نفر : موسى ، ويوشع ، وعزير ، وعيسى .
وقال الحسن : هذه الآية في التوراة ألف آية يعني ( وكتبنا له في الألواح ) " من كل شيء " ، مما أمروا به ونهوا عنه ، " موعظة " نهياً عن الجهل ، وحقيقة الموعظة : التذكرة والتحذير بما يخاف عاقبته ، " وتفصيلاً لكل شيء " ، أي : تبييناً لكل شيء من الأمر والنهي ، والحلال والحرام ، والحدود والأحكام . " فخذها بقوة " ، أي : بجد واجتهاد . وقيل : بقوة القلب وصحة العزيمة ، لأنه إذا أخذه بضعف النية أداه إلى الفتور ، " وأمر قومك يأخذوا بأحسنها " ، قال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما : يحلوا حلالها ، ويحرموا حرامها ، ويتدبروا أمثالها ، ويعملوا بمحكمها ، ويقفوا عند متشابهها وكان موسى عليه السلام أشد عبادة من قومه ، فأمر بما لم يؤمروا به .
قال قطرب : بأحسنها أي بحسنها ، وكلها حسن . وقيل : أحسنها الفرائض والنوافل ، وهي ما يستحق عليها الثواب ، وما دونها المباح ، لأنه لا يستحق عليه الثواب . وقيل : بأحسنها بأحسن الأمرين في كل شيء كالعفو أحسن من القصاص ، والصبر أحسن من الانتصار .
" سأريكم دار الفاسقين " ، قال مجاهد : مصيرها في الآخرة . قال الحسن وعطاء : يعني جهنم ، يحذركم أن تكونوا مثلهم . وقال قتادة وغيره : سأدخلكم الشام فأريكم منازل القرون الماضية الذين خالفوا أمر الله لتعتبروا بها . قال عطية العوفي : أراد دار فرعون وقومه وهي مصر ، يدل عليه قراءة قسامة بن زهير : ( سأورثكم دار الفاسقين ) ، وقال السدي : دار الفاسقين مصارع الكفار . وقال الكلبي : ما مروا عليه إذا سافروا من منازل عاد وثمود والقرون الذين أهلكوا .
145. " وكتبنا له في الألواح من كل شيء " مما يحتاجون إليه من أمر الدين . " موعظةً وتفصيلاً لكل شيء" بدل من الجار والمجرور ، أي وكتبنا له كل شيء من المواعظ وتفصيل الأحكام . واختلف في أن الألواح كانت عشرة أو سبعة ، وكانت من زمرد أو زبرجد ، أو ياقوت أحمر أو صخرة صماء لينها الله لموسى فقطعها بيده وسقفها بأصابعه وكان فيها التوراة أو غيرها . " فخذها " على إضمار القول عطفا على كتبنا أو بدل من قوله : " فخذ ما آتيتك " والهاء للألواح أو لكل شيء فإنه بمعنى الأشياء أو للرسالات . " بقوة" بجد وعزيمة . " وأمر قومك يأخذوا بأحسنها" أي بأحسن ما فيها كالصبر والعفو بالإضافة إلى الانتصار ، والاقتصاص على طريقة الندب والحث على الأفضل كقوله تعالى : " واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم " . أو بواجباتها فإن الواجب أحسن من غيره ، ويجوز أن براد بالأحسن البالغ في الحسن مطلقا بالإضافة ، وهو المأمور به كقولهم الصيف أحر من الشتاء . " سأريكم دار الفاسقين " دار فرعون وقومه بمصر خاوية على عروشها ، أو منازل عاد وثمود وأضرابهم لتعتبروا فلا تفسقوا ، أو دارهم في الآخرة وهي جهنم . وقرئ سأوريكم بمعنى سأبين لكم من أوريت الزند وسأورثكم ،ويؤيده قوله : " وأورثنا القوم " .
145. And We wrote for him, upon the tablets, the lesson to be drawn from all things and the explanation of all things, then (bade him): Hold it fast; and command thy people (saying): Take the better (course made clear) therein. I shall show thee the abode of evil livers.
145 - And we ordained laws for him in the tablets in all matters, both commanding and explaining all things, (and said): take and hold these with firmness, and enjoin thy people to hold fast by the best in the precepts: soon shall I show you the homes of the wicked, (how they lie desolate).