14 - (قل) لهم (أغير الله أتخذ وليا) أعبده (فاطر السماوات والأرض) مبدعهما (وهو يُطْعِم) يرزِق (ولا يُطْعَم) لايُرزَق (قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم) لله من هذه الأمة (و) قيل لي (لا تكونن من المشركين) به
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: "قل"، يا محمد، لهؤلاء المشركين العادلين بربهم الأوثان والأصنام، والمنكرين عليك إخلاص التوحيد لربك، الداعين إلى عبادة الآلهة والأوثان: شيئا غير الله تعالى ذكره: "أتخذ ولياً"، أستنصره وأستعينه على النوائب والحوادث، كما:
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "قل أغير الله أتخذ وليا"، قال: أما الولي، فالذي يتولونه ويقرون له بالربوبية.
"فاطر السماوات والأرض"، يقول: أشيئاً غير الله فاطر السماوات أتخذ ولياً؟ "فاطر السماوات والأرض"، من نعت الله وصفته، ولذلك خفض.
ويعني بقوله: "فاطر السماوات والأرض"، مبتدعهما ومبتدئهما وخالقهما، كالذي:
حدثنا به ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد قال: سمعت ابن عباس يقول: كنت لا أدري ما"فاطر السماوات والأرض"، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما لصاحبه: أنا فطرتها، يقول: أنا ابتدأتها.
حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط، عن السدي: "فاطر السماوات والأرض"، قال: خالق السماوات والأرض.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "فاطر السماوات والأرض"، قال: خالق السماوات والأرض.
يقال من ذلك: فطرها الله يفطرها ويفطرها فطراً وفطوراً، ومنه قوله: "هل ترى من فطور" [الملك: 3]، يعني؟ شقوقاً وصدوعاً. يقال: سيف فطار، إذا كثر فيه التشقق ، وهو عيب فيه، ومنه قول عنترة :
وسيفي كالعقيقة فهو كمعي سلاحي، لا أفل ولا فطاراً
ومنه يقال: فطر ناب الجمل، إذا تشقق اللحم فخرج، ومنه قوله: "تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن" [الشورى:15]، أي: يتشققن، ويتصدعن.
وأما قوله: "وهو يطعم ولا يطعم"، فإنه يعني: وهو يرزق خلقه ولا يرزق، كما:
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "وهو يطعم ولا يطعم"، قال: يرزق ولا يرزق.
وقد ذكر بعضهم أنه كان يقرأ ذلك: (وهو يطعم ولا يطعم، أي: أنه يطعم خلقه، ولا يأكل هو، ولا معنى لذلك، لقلة القرأة به.
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: "قل"، يا محمد، للذين يدعونك إلى اتخاذ الآلهة أولياء من دون الله، ويحثونك على عبادتها: أغير الله فاطر السماوات والأرض، وهو يرزقني وغيري ولا يرزقه أحد، أتخذ وليا هو له عبد مملوك وخلق مخلوق؟ وقل لهم أيضا: إني أمرني ربي: "أن أكون أول من أسلم"، يقول: أول من خضع له بالعبودية، وتذلل لأمره ونهيه، وانقاد له من أهل دهري وزمان ، "ولا تكونن من المشركي"، يقول: وقل: وقيل لي: لا تكونن من المشركين بالله، الذين يجعلون الآلهة والأنداد شركاء.
وجعل قوله: "أمرت"، بدلاً من: قيل لي، لأن قوله: "أمرت" معناه: قيل لي. فكأنه قيل: قل إني قيل لي: كن أول من أسلم، ولا تكونن من المشركين، فاجتزىء بذكرالأمر من ذكرالقول، إذ كان الأمر معلوماً أنه قول .
قوله تعالى :" قل أغير الله أتخذ وليا " مفعولان لما دعوه إلى عبادة الأصنام دين آبائه أنزل الله تعالى :" قل" يا محمد: " أغير الله أتخذ وليا " أي ربا ومعبوداً وناصراً دون الله " فاطر السماوات والأرض " بالخفض على النعت لاسم الله ، وأجاز الأخفش الرفع على إضمار مبتدأ وقال الزجاج: ويجوز النصب على المدح أبو علي الفارسي : ويجوز نصبه على فعل مضمر كأنه قال : أترك فاطر السماوات والأرض، لأن قوله: " أغير الله أتخذ وليا " يدل على ترك الولاية له وحسن إضماره لقوله هذه الدلالة " وهو يطعم ولا يطعم " كذا قراءة العامة أي يرزق ولا يرزق دليله قوله تعالى " ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون " [ الذاريات: 57] وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد والأعمش: وهو يطعم ولا يطعم وهي قراءة حسنة، أي أنه يرزق عباده وهو سبحانه غير محتاج إلى ما يحتاج إليه المخلوقون من الغذاء وقرئ بضم الياء وكسر العين في الفعلين أي إن الله يطعم عباده ويرزقهم والولي لا يطعم نفسه ولا من يتخذه وقرئ بفتح الياء والعين في الأول أي الول " ولا يطعم " بضم الياء وكسر العين .وخص الإطعام بالذكر دون غيره من ضروب الإنعام لأن الحاجة إليه أمس لجميع الأنام
" قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم " أي استسلم لأمر الله تعالى وقيل: أول من أخلص أي من قومي وأمتي عن الحسن وغيره " ولا تكونن من المشركين " أي وقيل لي: " ولا تكونن من المشركين ".
يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض ومن فيهما, وأنه قد كتب على نفسه المقدسة الرحمة, كما ثبت في الصحيحين, من طريق الأعمش: عن أبي صالح, عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله لما خلق الخلق, كتب كتاباً عنده فوق العرش, إن رحمتي تغلب غضبي" وقوله "ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه" هذه اللام هي الموطئة للقسم, فأقسم بنفسه الكريمة, ليجمعن عباده "إلى ميقات يوم معلوم" وهو يوم القيامة الذي لا ريب فيه, أي لا شك فيه عند عباده المؤمنين, فأما الجاحدون المكذبون, فهم في ريبهم يترددون, وقال ابن مردويه عند تفسير هذه الاية: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم, حدثنا عبيد الله بن أحمد بن عقبة, حدثنا عباس بن محمد, حدثنا حسين بن محمد, حدثنا محصن بن عتبة اليماني, عن الزبير بن شبيب, عن عثمان بن حاضر, عن ابن عباس, قال:" سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقوف بين يدي رب العالمين, هل فيه ماء ؟ قال والذي نفسي بيده إن فيه لماء, إن أولياء الله ليردون حياض الأنبياء, ويبعث الله تعالى سبعين ألف ملك, في أيديهم عصي من نار, يذودون الكفار عن حياض الأنبياء", هذا حديث غريب, وفي الترمذي "إن لكل نبي حوضاً, وأرجو أن أكون أكثرهم وارداً" وقوله "الذين خسروا أنفسهم" أي يوم القيامة "فهم لا يؤمنون" أي لا يصدقون بالمعاد, ولا يخافون شر ذلك اليوم, ثم قال تعالى: "وله ما سكن في الليل والنهار" أي كل دابة في السموات والأرض الجميع عباده وخلقه, وتحت قهره وتصرفه وتدبيره, لا إله إلا هو, "وهو السميع العليم" أي السميع لأقوال عباده, العليم بحركاتهم وضمائرهم وسرائرهم, ثم قال تعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, الذي بعثه بالتوحيد العظيم وبالشرع القويم, وأمره أن يدعو الناس إلى صراط الله المستقيم "قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السموات والأرض" كقوله "قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون" والمعنى لا أتخذ ولياً إلا الله وحده لا شريك له, فإنه فاطر السموات والأرض, أي خالقهما ومبدعهما, على غير مثال سبق "وهو يطعم ولا يطعم" أي وهو الرزاق لخلقه من غير احتياج إليهم, كما قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" الاية, وقرأ بعضهم ههنا "وهو يطعم ولا يطعم" أي لا يأكل, وفي حديث سهيل بن صالح: عن أبيه, عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: دعا رجل من الأنصار, من أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم على طعام, فانطلقنا معه, فلما طعم النبي صلى الله عليه وسلم وغسل يديه, قال "الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم, ومن علينا فهدانا وأطعمنا, وسقانا من الشراب, وكسانا من العري, وكل بلاء حسن أبلانا الحمد لله غير مودع ربي ولا مكافاً ولا مكفور, ولا مستغنى عنه, الحمد لله الذي أطعمنا من الطعام, وسقانا من الشراب, وكسانا من العري, وهدانا من الضلال, وبصرنا من العمى, وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً, الحمد لله رب العالمين" "قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم" أي من هذه الأمة " ولا تكونن من المشركين * قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم " يعني يوم القيامة "من يصرف عنه" أي العذاب "يومئذ فقد رحمه" يعني رحمه الله "وذلك الفوز المبين" كقوله "فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز" والفوز حصول الربح, ونفي الخسارة.
قوله: 14- "قل أغير الله أتخذ ولياً" الاستفهام للإنكار، قال لهم: ذلك لما دعوه إلى عبادة الأصنام، ولما كان الإنكار لاتخاذ غير الله ولياً، لا لاتخاذ الولي مطلقاً دخلت الهمزة على المفعول لا على الفعل. والمراد بالولي هنا: المعبود: أي كيف أتخذ غير الله معبوداً؟ و "فاطر السموات والأرض" مجرور على أنه نعت لاسم الله، وأجاز الأخفش الرفع على إضمار مبتدأ، وأجاز الزجاج النصب على المدح، وأجاز أبو علي الفارسي نصبه بفعل مضمر كأنه قيل: أترك فاطر السموات والأرض. قوله: "وهو يطعم ولا يطعم" قرأ الجمهور بضم الياء وكسر العين في الأول، وضمها وفتح العين في الثاني: أي يرزق ولا يرزق، وقرأ سعيد بن جبير ومجاهد والأعمش بفتح الياء في الثاني وفتح العين، وقرئ بفتح الياء والعين في الأول وضمها وكسر العين في الثاني على أن الضمير يعود إلى الولي المذكور، وخص الإطعام دون غيره من ضروب الإنعام لأن الحاجة إليه أمس. قوله: "قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم" أمره سبحانه بعدما تقدم من اتخاذ غير الله ولياً أن يقول لهم إنه مأمور بأن يكون أول من أسلم وجهه لله من قومه، وأخلص من أمته، وقيل معنى "أسلم" استسلم لأمر الله، ثم نهاه الله عز وجل أن يكون من المشركين. والمعنى: أمرت بأن أكون أول من أسلم ونهيت عن الشرك: أي يقول لهم هذا.
14- قوله تعالى " قل أغير الله أتخذ ولياً " ؟وهذا حين دعا إلى دين آبائه، فقال تعالى: قل يا محمد أغير الله أتخذ ولياً،[رباً ومعبوداً وناصراً ومعيناً]؟ "فاطر السموات والأرض " ، أي: خالقهما ومبدعهما ومبتديهما، " وهو يطعم ولا يطعم "، إي : وهو يرزق ولا يرزق، كما قال: (ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ). " قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم "، يعني: من هذه الأمة، والإسلام بمعنى الاستسلام لأمر الله،وقيل: أسلم أخلص، " ولا تكونن "، يعني: وقيل لي ولا تكونن، " من المشركين ".
14- " قل أغير الله أتخذ ولياً " إنكار لاتخاذ غير الله ولياً لا لاتخاذ الولي. فلذلك قدم وأولى الهمزة والمراد بالولي المعبود لأنه رد لمن دعاه إلى الشرك. " فاطر السموات والأرض " مبدعهما، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: ما عرفت معنى الفاطر حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما، أنا فطرتها أي ابتدأتها. وجره على الصفة لله فإنه بمعنى الماضي ولذلك قرئ ( فطر ) وقرئ بالرفع والنصب على المدح." وهو يطعم ولا يطعم " يرزق ولا يرزق، وتخصيص الطعام لشدة الحاجة إليه. وقرئ ولا يطعم بفتح الياء وبعكس الأول على أن الضمير لغير الله، والمعنى كيف أشرك بمن هو فاطر السموات والأرض ما هو نازل عن رتبة الحيوانية، وببنائهما لفاعل على أن الثاني من انعم بمعنى استطعم أو على معنى أنه يطعم ولا يطعم أخرى كقوله: " يقبض ويبسط ". " قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم " لأن النبي صلى الله عليه وسلم سابق أمته في الدين. " ولا تكونن من المشركين " وقيل لي ولا تكونن، ويجوز عطفه على قل.
14. Say: Shall I choose for a protecting friend other than Allah, the Originator of the heavens and the earth, who feedeth and is never fed? Say: I am ordered to be the first to surrender (unto Him) . And be not thou (O Muhammad) of the idolaters
14 - Say: shall I take for my protector any other than God, the maker of the heavens and the earth? and he it is that feedeth but is not fed. say: nay but I am commanded to be the first of those who bow to God (in Islam), and be not thou of the company of those who join gods with God.