14 - (ولو دخلت) المدينة (عليهم من أقطارها) نواحيها (ثم سئلوا) سألهم الداخلون (الفتنة) الشرك (لآتوها) بالمد والقصر أعطوها وفعلوها (وما تلبثوا بها إلا يسيرا)
وقوله " ولو دخلت عليهم من أقطارها " يقول: ولو دخلت المدينة على هؤلاء القائلين " إن بيوتنا عورة " من أقطارها، يعني: من جوانبها ونواحيها، واحدها: قطر، وفيها لغة أخرى: قتر، وأقتار، ومنه قول الراجز:
إن شئت أن تدهن أو تمراً فولهن قترك الأشرا
وقوله " ثم سئلوا الفتنة " يقول: ثم سئلوا الرجوع من الإيمان إلى الشرك ( لآتوها) يقول: لفعلوا ورجعوا عن الإسلام وأشركوا. وقوله " وما تلبثوا بها إلا يسيرا " يقول: وما احتبسوا عن إجابتهم إلى الشرك إلا يسيراً قليلاً، ولأسرعوا إلى ذلك.
وبنحو الذي قلنا في قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " ولو دخلت عليهم من أقطارها " أي لو دخل عليهم من نواحي المدينة " ثم سئلوا الفتنة ": أي الشرك ( لآتوها) يقول: لأعطوها، " وما تلبثوا بها إلا يسيرا " يقول: إلا أعطوه طيبة به أنفسهم ما يحتبسونه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله " ولو دخلت عليهم من أقطارها " يقول: لو دخلت المدينة عليهم من نواحيها " ثم سئلوا الفتنة لأتوها " سئلوا أن يكفروا لكفروا، قال: وهؤلاء المنافقون لو دخلت عليهم الجيوش، والذين يريدون قتالهم ثم سئلوا أن يكفروا لكفروا، قال: والفتنة: الكفر، وهي التي يقول الله ( الفتنة أشد من القتل) ( البقرة: 191) أي الكفر يقول: يحملهم الخوف منهم، وخبث الفتنة التي هم عليها من النفاق على أن يكفروا به.
واختلفت القراء في قراءة قوله " لأتوها " فقرأ ذلك عامة قراء المدينة وبعض قراء مكة " لأتوها " بقصر الألف، بمعنى جاءوها. وقرأه بعض المكيين وعامة قراء الكوفة والبصرة ( لآتوها) بمد الألف، بمعنى: لأعطوها، لقوله: ثم سئلوا الفتنة، وقالوا: إذا كان سؤال كان إعطاء، والمد أعجب القراءتين إلي لما ذكرت، وإن كانت الأخرى جائزة.
قوله تعالى :" ولو دخلت عليهم من أقطارها " وهي البيوت أو المدينة أي من نواحيها وجوانبها الواحد قطر، وهو الجانب والناحية وكذلك القتر لغة في القطر " ثم سئلوا الفتنة لأتوها " أي لجاؤوها هذا على قراءة نافع وابن كثير بالقصر وقرأ الباقون بالمد أي لأعطوها من أنفسهم وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم، وقد جاء في الحديث : أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يعذبون في الله ويسألون الشرك فكل أعطى ما سألوه إلا بلالاً وفيه دليل على قراءة المد من الإعطاء ويدل على قراءة القصر قوله : " ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار " فهذا يدل على لأتوها مقصوراً وفي الفتنة هنا وجهان: أحدهما سئلوا القتال في العصبية لأسرعوا إليه قاله الضحاك الثاني: ثم سئلوا الشرك لأجابوا إيه مسرعين قاله الحسن " وما تلبثوا بها "أي بالمدينة بعد إعطاء الكفر إلا قليلاً حتى يهلكوا قاله السدي والقتبي والحسن والفراء وقال أكثر المفسرين : أي وما احتبسوا عن فتنة الشرك إلا قليلاً ولأجابوا بالشرك مسرعين، وذلك لضعيف نياتهم ولفرط فلو اختلطت بهم الأحزاب لأظهروا الكفر
يخبر تعالى عن هؤلاء الذين "يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً" أنهم لو دخل عليهم الأعداء من كل جانب من جوانب المدينة وقطر من أقطارها, ثم سئلوا الفتنة وهي الدخول في الكفر لكفروا سريعاً, وهم لا يحافظون على الإيمان ولا يستمسكون به مع أدنى خوف وفزع, هكذا فسرها قتادة وعبد الرحمن بن زيد وابن جرير , وهذا ذم لهم في غاية الذم, ثم قال تعالى يذكرهم بما كانوا عاهدوا الله من قبل هذا الخوف أن لا يولوا الأدبار ولا يفرون من الزحف " وكان عهد الله مسؤولا " أي وإن الله تعالى سيسألهم عن ذلك العهد لا بد من ذلك, ثم أخبرهم أن فرارهم ذلك لا يؤخر آجالهم ولا يطول أعمارهم بل ربما كان ذلك سبباً في تعجيل أخذهم غرة, ولهذا قال تعالى: "وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً" أي بعد هربكم وفراركم " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى " ثم قال تعالى: "قل من ذا الذي يعصمكم من الله" أي يمنعكم "إن أراد بكم سوءاً أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً" أي ليس لهم ولا لغيرهم من دون الله مجير ولا مغيث.
14- "ولو دخلت عليهم من أقطارها" يعني بيوتهم أو المدينة، والأقطار: النواحي جمع قطر، وهو الجانب والناحية، والمعنى: لو دخلت عليهم بيوتهم أو المدينة من جوانبها جميعاً لا من بعضها، نزلت بهم هذه النازلة الشديدة، واستبيحت ديارهم، وهتكت حرمهم ومنازلهم "ثم سئلوا الفتنة" من جهة أخرى عند نزول هذه النازلة الشديدة بهم " لأتوها " أي لجاءوها أو أعطوها، ومعنى الفتنة هنا: إما القتال في العصبية كما قال الضحاك، أو الشرك بالله والرجعة إلى الكفر الذي يبطنونه ويظهرون خلافه كما قال الحسن، قرأ الجمهور " لأتوها " بالمد: أي لأعطوها من أنفسهم، وقرأ نافع وابن كثير بالقصر: أي لجاءوها "وما تلبثوا بها إلا يسيراً" أي بالمدينة بعد أن أتوى الفتنة إلا تلبثاً يسيراً حتى يهلكوا، كذا قال الحسن والسدي والفراء والقتيبي. وقال أكثر المفسيرين: إن المعنى: وما احتبسوا عن فتنة الشرك إلا قليلاً، بل هم مسرعون إليها راغبون فيها لا يقفون عنها إلا مجرد وقوع السؤال لهم، ولا يتعللن عن الإجابة بأن بيوتهم في هذه الحالة عورة مع أنها قد صارت عورة على الحقيقة كما تعللوا عن أجابة الرسول والقتال معه بأنها عورة ولم تكن إذ ذاك عورة.
14- "ولو دخلت عليهم"، أي: لو دخلت عليهم المدينة، يعني هؤلاء الجيوش الذين يريدون قتالهم، وهم الأحزاب، "من أقطارها"، جوانبها ونواحيها جمع قطر، "ثم سئلوا الفتنة"، أي: الشرك، " لأتوها "، لأعطوها، وقرأ أهل الحجاز لأتوها مقصوراً، أي: لجاؤوها وفعلوها ورجعوا عن الإسلام، "وما تلبثوا بها"، أي: ما احتسبوا عن الفتنة، "إلا يسيراً"، ولأسرعوا الإجابة إلى الشرك طيبةً به أنفسهم، هذا قول أكثر المفسرين.
وقال الحسن والفراء: وما أقاموا بالمدينة بعد إعطاء الكفر إلا قليلاً حتى يهلكوا.
14 -" ولو دخلت عليهم " دخلت المدينة أو بيوتهم . " من أقطارها " من جوانبها وحذف الفاعل للإيماء بأن دخول هؤلاء المتحزبين عليه ودخول غيرهم من العساكر سيان في اقتضاء الحكم المرتب عليه . " ثم سئلوا الفتنة " الردة ومقاتلة المسلمين . " لأتوها " لأعطوها ، وقرأ الحجازيان بالقصر بمعنى لجاءوها وفعلوها . " وما تلبثوا بها " بالفتنة أو بإعطائها . " إلا يسيراً " ريثما يكون السؤال والجواب ، وقيل ما لبثوا بالمدينة بعد تمام الارتداد إلا يسيراً .
14. If the enemy had entered from all sides and they had been exhorted to treachery, they would have committed it, and would have hesitated thereupon but little.
14 - And if an entry had been effected to them from the sides of the (City), and they had been incited to sedition, they would certainly have brought it to pass, with none but a brief delay.