139 - (إن هؤلاء متبر) هالك (ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون)
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قيل موسى لقومه من بني إسرائيل. يقول تعالى ذكره: قال لهم موسى: إن هؤلاء العكوف على هذه الأصنام، الله ملك ما هم فيه من العمل، ومفسده ومخسرهم فيه، بإثابته إياهم عليه العذاب المهين، " وباطل ما كانوا يعملون "، من عبادتهم إياها، فمضمحل لأنه غير نافعهم عند مجيء أمر الله وحلوله بساحتهم، ولا مدافع عنهم بأس الله إذا نزل بهم، ولا منقذهم من عذابه إذا عذبهم في القيامة، فهو في معنى ما لم يكن.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل، حدثني موسى بن هرون قال، حدثنا عمرو بن حماد، قالا جميعاً، حدثنا أسباط، عن السدي : " إن هؤلاء متبر ما هم فيه "، يقول: مهلك ما هم فيه. حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " إن هؤلاء متبر ما هم فيه "، يقول: خسران.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون "، قال: هذا كله واحد كهيئة: ((غفور رحيم))، ((عفو غفور)). قال: والعرب تقول: ((إنه البائس لمتبر))، و((إنه البائس لمخسر)).
قوله تعالى: "إن هؤلاء متبر ما هم فيه" أي مهلك، والتبار: الهلاك. وكل إناء مكسر متبر. وأمر متبر. أي إن العابد والمعبود مهلكان. وقوله: "وباطل" أي ذاهب مضمحل. "ما كانوا يعملون" كانوا صلة زائدة.
يخبر تعالى عما قاله جهلة بني إسرائيل لموسى عليه السلام حين جاوزوا البحر وقد رأوا من آيات الله وعظيم سلطانه ما رأوا "فأتوا" أي فمروا "على قوم يعكفون على أصنام لهم".
قال بعض المفسرين كانوا من الكنعانيين وقيل كانوامن لخم قال ابن جرير: وكانوا يعبدون أصناماً على صور البقر فلهذا أثار ذلك شبهة لهم في عبادتهم العجل بعد ذلك فقالوا "يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون" أي تجهلون عظمة الله وجلاله وما يجب أن ينزه عنه من الشريك والمثيل "إن هؤلاء متبر ما هم فيه" أي هالك "وباطل ما كانوا يعملون" وروى الإمام أبو جعفر ابن جرير في تفسير هذه الاية من حديث محمد بن إسحاق وعقيل ومعمر كلهم عن الزهري عن سنان بن أبي سنان عن أبي واقد الليثي" أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين قال وكان للكفار سدرة يعكفون عندها ويعلقون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط قال: فمررنا بسدرة خضراء عظيمة قال: فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال: قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى لموسى: " اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون * إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون " "وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن سنان بن أبي سنان الديلي عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين فمررنا بسدرة فقلت يا نبي الله: اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة إنكم تركبون سنن من قبلكم" أورده ابن جرير ورواه ابن أبي حاتم من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده مرفوعاً.
ثم قال لهم موسى: "إن هؤلاء" يعني القوم العاكفين على الأصنام "متبر ما هم فيه" التبار الهلاك، وكل إناء منكسر فهو متبر: أي أن هؤلاء هالك ما هم فيه مدمر مكسر، والذي هم فيه عبادة الأصنام أخبرهم بأن هذا الدين الذي هؤلاء القوم عليه هالك مدمر لا يتم منه شيء. قوله: "وباطل ما كانوا يعملون" أي ذاهب مضمحل جميع ما كانوا يعملونه من الأعمال مع عبادتهم للأصنام. قال في الكشاف: وفي إيقاع هؤلاء اسماً لـ إن وتقديم خبر المبتدأ من الجملة الواقعة خبراً لها، وسم لعبدة الأصنام بأنهم هم المعرضون للتبار، وأنه لا يعدوهم البتة، وأنه لهم ضربة لازب ليحذرهم عاقبة ما طلبوا ويبغض إليهم ما أحبوا.
139 - " إن هؤلاء متبر " مهلك ، " ما هم فيه " والتتبير الإهلاك ، " وباطل ما كانوا يعملون " .
139. " إن هؤلاء " إشارة إلى القوم . " متبر " مكسر مدمر . " ما هم فيه " يعني أن الله يهدم دينهم الذي هم عليه ويحطم أصنامهم وجعلها رضاضا " وباطل " مضمحل ز " ما كانوا يعملون " من عبادتها وإن قصدوا بها التقرب إلى الله تعالى ، وإنما بالغ في هذا الكلام بإيقاع " هؤلاء " اسم " إن " والإخبار عما هم فيه بالتبار وعما فعلوا بالبطلان ن وتقديم الخبرين في الجملتين الواقعتين خبرا لأن للتنبيه على أن الدمار لاحق لما هم فيه لا محالة، وأن الإحباط الكلي لازب لما مضى عنهم تنفيرا وتحذيرا عما طلبوا .
139. Lo! as for these, their way will be destroyed and all that they are doing is in vain.
139 - As to these folk, the cult they are in is (but) a fragment of a ruin, and vain is the (worship) which they practise.