(إن يشأ يذهبكم) يا (أيها الناس ويأت بآخرين) بدلكم (وكان الله على ذلك قديرا)
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه : إن يشأ الله ، أيها الناس ، "يذهبكم"، أي : يذهبكم بإهلاككم وإفنائكم ، "ويأت بآخرين"، يقول : ويأت بناس آخرين غيركم لمؤازرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ونصرته ، "وكان الله على ذلك قديرا"، يقول : وكان الله على إهلاككم وإفنائكم واستبدال آخرين غيركم بكم ، "قديرا"، يعني : ذا قدرة على ذلك.
وإنما وبخ جل ثناؤه بهذه الآيات ، الخائنين الذين خانوا الدرع التي وصفنا شأنها، الذين ذكرهم الله في قوله: "ولا تكن للخائنين خصيما" [النساء:55]، وحذر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يكونوا مثلهم ، وأن يفعلوا فعل المرتد منهم في ارتداده ولحاقه بالمشركين ، وعرفهم أن من فعل فعله منهم ، فلن يضر إلا نفسه ، ولن يوبق بردته غير نفسه ، لأنه المحتاج -مع جميع ما في السماوات وما في الأرض - إلى الله، والله الغني عنهم. ثم توعدهم في قوله : "إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين"، بالهلاك والاستئصال ، إن هم فعلوا فعل ابن أبيرق طعمة المرتد، وباستبدال آخرين غيرهم بهم ، لنصرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وصحبته ومؤازرته على دينه ، كما قال في الآية الأخرى: "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم" [محمد: 38].
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها لما نزلت ، ضرب بيده على ظهر سلمان فقال : هم قوم هذا، يعني عجم الفرس ، كذلك:
حدثت عن عبد العزيز بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال قتادة في ذلك بما:
حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: "إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا"، قادر والله ربنا على ذلك: أن يهلك من يشاء من خلقه ، ويأتي بآخرين من بعدهم.
قوله تعالى :" إن يشأ يذهبكم" يعني بالموت " أيها الناس" يريد المشركين والمنافقين " ويأت بآخرين " يعني بغيركم ، ولما نزلت هذه الآية "ضرب رسول الله عليه وسلم على ظهر سلمان وقال :
هم قوم هذا " وقيل: الآية عامة ، أني وإن تكفروا يذهبكم ويأت بخلق أطوع لله منكم وهذا كما قال في آية أخرى : " وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم " [ محمد : 38] وفي الآية تخويف وتنبيه لجميع من كانت له ولاية وإمارة ورياسة فلا يعدل في رعيته، أو كان عالماً فلا يعمل بعلمه ولا ينصح الناس ، أن يذهبه ويأتي بغيره. " وكان الله على ذلك قديرا" والقدرة صفة أزلية، لا تتناهى مقدوراته، كما لا تتناهى معلوماته والماضي والمستقبل في صفاته بمعنى واحد وإنما خص الماضي بالذكر لئلا يتوهم أنه يحدث في ذاته وصفاته والقدرة هي التي يكون بها الفعل ولا يجوز وجود العجز معها
يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض وأنه الحاكم فيهما, ولهذا قال: "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم" أي وصيناكم بما وصيناهم به من تقوى الله عز وجل بعبادته وحده لا شريك له. ثم قال: "وإن تكفروا فإن لله ما في السموات وما في الأرض" الاية كما قال تعالى إخباراً عن موسى أنه قال لقومه " إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ". وقال: "فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد" أي غني عن عباده, (حميد) أي محمود في جميع ما يقدره ويشرعه, قوله: "ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً" أي هو القائم على كل نفس بما كسبت, الرقيب الشهيد على كل شيء. وقوله: "إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراً" أي هو قادر على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه, وكما قال: "وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم" وقال بعض السلف: ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره. وقال تعالى: "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد* وما ذلك على الله بعزيز" أي وما هو عليه بممتنع, وقوله: " من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة " أي يامن ليس له همة إلا الدنيا, اعلم أن عند الله ثواب الدنيا والاخرة, وإذا سألته من هذه أغناك وأعطاك وأقناك, كما قال تعالى: " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق * ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار * أولئك لهم نصيب مما كسبوا " الاية, وقال تعالى: " من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه " الاية, وقال تعالى: " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا * انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض " الاية, وقد زعم ابن جرير أن المعنى في هذه الاية "من كان يريد ثواب الدنيا" أي من المنافقين الذين أظهروا الإيمان لأجل ذلك "فعند الله ثواب الدنيا" وهو ما حصل من المغانم وغيرها مع المسلمين, وقوله: " والآخرة " أي وعند الله ثواب الاخرة وهو ما ادخره لهم من العقوبة في نار جهنم وجعلها كقوله: " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " ولاشك أن هذه الاية معناها ظاهر, وأما تفسيره الاية الأولى بهذا ففيه نظر, فإن قوله: " فعند الله ثواب الدنيا والآخرة " ظاهر في حصول الخير في الدنيا والاخرة أي بيده هذا وهذا, فلا يقتصرن قاصر الهمة على السعي للدنيا فقط, بل لتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والاخرة, فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع, وهو الله الذي لا إله إلا هو الذي قد قسم السعادة والشقاوة بين الناس في الدنيا والاخرة, وعدل بينهم فيما علمه فيهم ممن يستحق هذا وممن يستحق هذا. ولهذا قال: "وكان الله سميعاً بصيراً"
133- "إن يشأ يذهبكم" أي يفنكم "ويأت بآخرين" أي: بقوم آخرين غيركم، وهو كقوله تعالى "وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم".
133-قوله تعالى:"إن يشأ يذهبكم"، يهلككم"أيها الناس"،يعني: الكفار،" ويأت بآخرين "، يقول بغيركم خير منكم وأطوع ،"وكان الله على ذلك قديراً"قادراً.
133" إن يشأ يذهبكم أيها الناس " يفنكم، ومفعول يشأ محذوف دل عليه الجواب. " ويأت بآخرين " ويوجد قوماً آخرين أو خلقاً آخرين مكان الأنس. " وكان الله على ذلك " من الإعدام والإيجاد. " قديرا " بليغ القدرة لا يعجزه مراد، وهذا أيضاً تقرير لغناه وقدرته، وتهديد لمن كفر به وخالف أمره. وقيل: هو خطاب لمن عادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من العرب ومعناه معنى قوله تعالى: " وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم " لما روي: "أنه لما نزلت ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على ظهر سلمان وقال: إنهم قوم هذا".
133. If He will, He can remove you, O people, and produce others (in your stead) . Allah is Able to do that.
133 - If it were his will, he could destroy you, O mankind, and create another race; for he hath power this to do.