13 - (وكأين) وكم (من قرية) أريد بها أهلها (هي أشد قوة من قريتك) قوة أهل مكة (التي أخرجتك) روعي لفظ قرية (أهلكناهم) روعي معنى قرية الأولى (فلا ناصر لهم) من إهلاكنا
وأخرج ابو يعلى عن ابن عباس قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقاء الغار نظر إلى مكة فقال أنت أحب بلاد الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك لم أخرج عنك فأنزل الله وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك الآية
يقول تعالى ذكره : وكم يا محمد من قرية هي أشد قوة من قريتك ، يقول : أهلها أشد بأساً ، وأكثر جمعاً وأعد عديداً من أهل قريتك وهي مكة . وأخرج الخبر عن القرية ، والمراد به أهلها .
وبنحو الذي قلنا قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد عن سعيد عن قتادة قوله " وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم " قال : هي مكة .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ثور عن معمر عن قتادة في قوله " وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك " قال : قريته مكة .
حدثنا ابن عبد الاعلى قال : ثنا المعمر بن سليمان عن أبيه عن حبيش عن عكرمة عن ابن عباس أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ، لما خرج من مكة إلى الغزو ، أراه قال : إلى مكة ، فقال : أنت أحب بلاد الله إلى الله ، وأنت أحب بلاد الله إلي ، فلو أن المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك . فأعتى الأعداء من عتا على الله في حرمة أو قتل غير قاتله ، أو قتل بذحول الجاهلية فأنزل الله تبارك وتعالى " وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم " وقال جل ثناؤه : أخرجتك ، فأخرج الخبر عن القرية ، فلذلك أنث ، ثم قال : أهلكناهم ، لأن المعنى في قوله أخرجتك ، ما وصفت من أنه أريد به أهل القرية ، فأخرج الخبر مرة على اللفظ ، ومرة على المعنى .
وقوله " فلا ناصر لهم " فيه وجهان من التأويل : احدهما أن يكون معناه ، وإن يكون معناه ، وإن كان قد نصب الناصر بالتبرئة : فلم يكن لهم ناصر ، وذلك أن العرب قد تضمر كان أحياناً في مثل هذا . والآخر أن يكون معناه : فلا ناصر لهم الآن من عذاب الله ينصرهم .
قوله تعالى : " وكأين من قرية " تقدم الكلام في ( كأين ) في آل عمران ، وهي هاهنا بمعنى كم ، أي وكم من قرية وأنشد الأخفش قول لبيد :
وكائن رأينا من ملوك وسوقة ومفتاح قيد للأسير المكبل
فيكون معناه : وكم من أهل قرية ، " هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك " أي أخرجك أهلها ، " أهلكناهم فلا ناصر لهم " "قال قتادة وابن عباس : لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال : اللهم أنت أحب البلاد إلى الله وأنت أحب البلاد إلي ولولا المشركون أهلك أخرجوني لما خرجت منك " فنزلت الآية ، ذكره الثعلبي ، وهو حديث صحيح .
يقول تعالى: "أفلم يسيروا" يعني المشركين بالله المكذبين لرسوله "في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم" أي عاقبهم بتكذيبهم وكفرهم, أي ونجى المؤمنين من بين أظهرهم, ولهذا قال تعالى: "وللكافرين أمثالها". ثم قال: "ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم" ولهذا لما قال أبو سفيان صخر بن حرب رئيس المشركين يوم أحد, حين سأل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلم يجب وقال: أما هؤلاء فقد هلكوا, وأجابه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: كذبت يا عدو الله بل أبقى الله تعالى لك ما يسوءك, وإن الذين عددت لأحياء, فقال أبو سفيان يوم بيوم بدر, والحرب سجال, أما إنكم ستجدون مثلة لم آمر بها, ولم أنه عنها, ثم ذهب يرتجز ويقول: اعل هبل اعل هبل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تجيبوه ؟" فقالوا: يا رسول الله وما نقول قال صلى الله عليه وسلم قولوا: "الله أعلى وأجل" ثم قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم, فقال صلى الله عليه وسلم: "ألا تجيبوه ؟" قالوا: وما نقول يا رسول الله ؟ قال: قولوا: "الله مولانا ولا مولى لكم".
ثم قال سبحانه وتعالى: "إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار" أي يوم القيامة " والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام " أي في دنياهم يتمتعون بها ويأكلون منها كأكل الأنعام خضما وقضما, وليس لهم همة إلا في ذلك, ولهذا ثبت في الصحيح "المؤمن يأكل في معىً واحد, والكافر يأكل في سبعة أمعاء" ثم قال تعالى: "والنار مثوى لهم" أي يوم جزائهم, وقوله عز وجل: "وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك" يعني مكة "أهلكناهم فلا ناصر لهم" وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لأهل مكة في تكذيبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو سيد الرسل وخاتم الأنبياء, فإذا كان الله عز وجل قد أهلك الأمم الذين كذبوا الرسل قبله بسببهم, وقد كانوا أشد قوة من هؤلاء فماذا ظن هؤلاء أن يفعل الله بهم في الدنيا والأخرى ؟ فإن رفع عن كثير منهم العقوبة في الدنيا لبركة وجود الرسول نبي الرحمة فإن العذاب يوفر على الكافرين به في معادهم "يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون".
وقوله تعالى: "من قريتك التي أخرجتك" أي الذين أخرجوك من بين أظهرهم. وقال ابن أبي حاتم: ذكر أبي عن محمد بن عبد الأعلى عن المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش, عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما, أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة إلى الغار أتاه قال فالتفت إلى مكة وقال: "أنت أحب بلاد الله إلى الله, وأنت أحب بلاد الله إلي, ولولا أن المشركين أخرجوني لم أخرج منك" فأعدى الأعداء من عدا على الله تعالى في حرمه, أو قتل غير قاتله, أو قتل بدحول الجاهلية, فأنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم "وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم".
خوف سبحانه الكفار بأنه قد أهلك من هو أشد منهم فقال: 13- "وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم" قد قدمنا أن "كأين" مركبة من الكاف وأي وأنها بمعنى كم الخبرية: أي وكم من قرية، وأنشد الأخفش قول الوليد:
وكأين رأينا من ملوك وسوقة ومفتاح قيد للأسير المكبل
ومعنى الآية: وكم من أهل قرية هم أشد قوة من أهل قريتك التي أخرجوك منها أهلكناهم "فلا ناصر لهم" فبالأولى من هو أضعف منهم وهم قريش الذين هم أهل قرية النبي صلى الله عليه وسلم وهي مكة، فالكلام على حذف المضاف كما في قوله: "واسأل القرية" قال مقاتل: أي أهلكناهم بالعذاب حين كذبوا رسولهم.
13. " وكأين من قرية هي أشد قوةً من قريتك التي أخرجتك "، أي أخرجك أهلها، قال ابن عباس: كم رجال هم أشد من أهل مكة؟ يدل عليه قوله: " أهلكناهم "، ولم يقل: أهلكناها، " فلا ناصر لهم "، قال ابن عباس: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال: (( أنت أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلي ولو أن المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك )) فأنزل الله هذه الآية.
13-" وكأين من قرية هي أشد قوةً من قريتك التي أخرجتك " على حذف المضاف وإجراء أحكامه على المضاف إليه ، والإخراج باعتبار التسبب . " أهلكناهم " بأنواع العذاب . " فلا ناصر لهم " يدفع عنهم العذاب وهو كالحال المحكية .
13. And how many a township stronger than thy township (O Muhammad) which hath cast thee out, have We destroyed, and they had no helper!
13 - And how many cities, with more power than thy city which has driven thee out, have We destroyed (for their sins)? And there was none to aid them.