13 - (هو الذي يريكم آياته) دلائل توحيده (وينزل لكم من السماء رزقا) بالمطر (وما يتذكر) يتعظ (إلا من ينيب) يرجع عن الشرك
يقول تعالى ذكره : الذي يريكم أيها الناس حججه وأدلته على وحدانيته وربوبيته " وينزل لكم من السماء رزقاً " يقول ينزل لكم من أرزاقكم من السماء بإدرار الغيث الذي يخرج به أقواتكم من الأرض ، وغذاء أنعامكم عليكم " وما يتذكر إلا من ينيب " يقول وما يتذكر حجج الله التي جعلها أدلة على وحدانيته ، فيعتبر بها ويتعظ ، ويعلم حقيقة ما تدل عليه ، إلا من ينيب ، يقول : إلا من يرجع إلى توحيده ، ويقبل على طاعته .
كما حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي " إلا من ينيب " قال : من يقبل إلى طاعة الله .
قوله تعالى : " هو الذي يريكم آياته " أي دلائل توحيده وقدرته " وينزل لكم من السماء رزقا " جمع بين إظهار الآيات وإنزال الرزق ، لأن بالآيات قوام الأديان ، وبالرزق قوام الأبدان . وهذه الآيات هي السموات والأرضون وما فيهما وما بينهما من الشمس والقمر والنجوم والرياح والسحاب والبخار والأنهار والعيون والجبال والأشجار وآثار ثوم هلكوا . " وما يتذكر " أي ما يتعظ بهذه الآ يات فيوحد الله " إلا من ينيب " أي يرجع إلى طاعة الله .
يقول تعالى مخبراً عن الكفار إنهم ينادون يوم القيامة وهم في غمرات النيران يتلظون وذلك عندما باشروا من عذاب الله تعالى ما لا قبل لأحد به فمقتوا عند ذلك أنفسهم وأبغضوها غاية البغض بسبب ما أسلفوا من الأعمال السيئة التي كانت سبب دخولهم إلى النار فأخبرتهم الملائكة عند ذلك إخباراً عالياً نادوهم نداء بأن مقت الله تعالى لهم في الدنيا حين كان يعرض عليهم الإيمان فيكفرون أشد من مقتكم أيها المعذبون أنفسكم اليوم في هذه الحالة. قال قتادة في قوله تعالى: "لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون" يقول لمقت الله أهل الضلالة حين عرض عليهم الإيمان في الدنيا فتركوه وأبوا أن يقبلوه أكبر مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة, وهكذا قال الحسن البصري ومجاهد والسدي وذر بن عبيد الله الهمداني وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وابن جرير الطبري رحمة الله عليهم أجمعين. وقوله: "قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين" قال الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود رضي الله عنه هذه الاية كقوله تعالى: "كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون" وكذا قال ابن عباس والضحاك وقتادة وأبو مالك وهذا هو الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية. وقال السدي أميتوا في الدنيا ثم أحيوا في قبورهم فخوطبوا, ثم أميتوا ثم أحيوا يوم القيامة, وقال ابن زيد: أحيوا حين أخذ عليهم الميثاق من صلب آدم عليه السلام ثم خلقهم في الأرحام ثم أماتهم ثم أحياهم يوم القيامة, وهذان القولان من السدي وابن زيد ضعيفان لأنه يلزمهما على ما قالا ثلاث إحياءات وإماتات, والصحيح قول ابن مسعود وابن عباس ومن تابعهما, والمقصود من هذا كله أن الكفار يسألون الرجعة وهم وقوف بين يدي الله عز وجل في عرصات القيامة كما قال عز وجل: " ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون " فلا يجابون ثم إذا رأوا النار وعاينوها ووقفوا عليها ونظروا إلى ما فيها من العذاب والنكال سألوا الرجعة أشد مما سألوا أول مرة فلا يجابون قال الله تعالى: " ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون " فإذا دخلوا النار وذاقوا مسها وحسيسها ومقامعها وأغلالها كان سؤالهم للرجعة أشد وأعظم " وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير " "ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون * قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون" وفي هذه الاية الكريمة تلطفوا في السؤال وقدموا بين يدي كلامهم مقدمة وهي قولهم "ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين" أي قدرتك عظيمة فإنك أحييتنا بعد ما كنا أمواتاً ثم أمتنا ثم أحييتنا فأنت قادر على ما تشاء, وقد اعترفنا بذنوبنا وإننا كنا ظالمين لأنفسنا في الدار الدنيا "فهل إلى خروج من سبيل" أي فهل أنت مجيبنا إلى أن تعيدنا إلى الدار الدنيا فإنك قادر على ذلك لنعمل غير الذي كنا نعمل فإن عدنا إلى ماكنا فيه فإنا ظالمون, فأجيبوا أن لا سبيل إلى عودكم ومرجعكم إلى الدار الدنيا, ثم علل المنع من ذلك بأن سجاياكم لا تقبل الحق ولا تقتضيه بل تجحده وتنفيه, ولهذا قال تعالى: "ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا" أي أنتم هكذا تكونون وإن رددتم إلى الدار الدنيا كما قال عز وجل: "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون" وقوله جل وعلا: "فالحكم لله العلي الكبير" أي هو الحاكم في خلقه العادل الذي لا يجور فيهدي من يشاء ويضل من يشاء ويرحم من يشاء ويعذب من يشاء لا إله إلا هو, وقوله جل جلاله: "هو الذي يريكم آياته" أي يظهر قدرته لخلقه بما يشاهدونه في خلقه العلوي والسفلي من الايات العظيمة الدالة على كمال خالقها ومبدعها ومنشئها "وينزل لكم من السماء رزقاً" وهو المطر الذي يخرج به من الزروع والثمار ما هو مشاهد بالحس من اختلاف ألوانه وطعومه وروائحه وأشكاله وألوانه وهو ماء واحد فبالقدرة العظيمة فاوت بين هذه الأشياء "وما يتذكر" أي يعتبر ويتفكر في هذه الأشياء ويستدل بها على عظمة خالقها "إلا من ينيب" أي من هو بصير منيب إلى الله تبارك وتعالى وقوله عز وجل: "فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون" أي فأخلصوا لله وحده العبادة والدعاء وخالفوا المشركين في مسلكهم ومذهبهم. قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا هشام يعني بن عروة بن الزبير عن أبي الزبير محمد بن مسلم بن مدرس المكي قال: كان عبد الله بن الزبير يقول في دبر كل صلاة حين يسلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن, لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون, قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة, ورواه مسلم وأبو داود والنسائي من طرق عن هشام بن عروة وحجاج بن أبي عثمان وموسى بن عقبة ثلاثتهم عن أبي الزبير عن عبد الله بن الزبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صلاة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" وذكر تمامه. وقد ثبت في الصحيح عن ابن الزبير رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عقب الصلوات المكتوبات: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله, لا إله إلا الله, ولا نعبد إلا إياه, له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن, لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون". وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع حدثنا الخصيب بن ناصع حدثنا صالح يعني المري عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ادعوا الله تبارك وتعالى وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله تعالى لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه".
13- "هو الذي يريكم آياته" أي دلائل توحيده وعلامات قدرته "وينزل لكم من السماء رزقاً" يعني المطر فإنه سبب الأرزاق. جمع سبحانه بين إظهار الآيات وإنزال الأرزاق، لأن بإظهار الآيات قوام الأديان، وبالأرزاق قوام الأبدان، وهذه الآيات هي التكوينية التي جعلها الله سبحانه في سمواته وأرضه وما فيهما وما بينهما. قرأ الجمهور "ينزل" بالتشديد. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتخفيف "وما يتذكر إلا من ينيب" أي ما يتذكر ويتعظ بتلك الآيات الباهرة فيستدل بها على التوحيد وصدق الوعد والوعيد إلا من ينيب: أي يرجع إلى طاعة الله بما يستفيده من النظر في آيات الله.
13. " هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقاً "، يعني: المطر الذي هو سبب الأرزاق، " وما يتذكر "، وما يتعظ بهذه الآيات، " إلا من ينيب "، يرجع إلى الله تعالى في جميع أموره.
13-" هو الذي يريكم آياته " الدالة على التوحيد وسائر ما يجب أن يعلم تكميلاً لنفوسكم " وينزل لكم من السماء رزقاً " أسباب كالمطر مراعاة لمعاشكم . " وما يتذكر " بالآيات التي هي كالمركوزة في العقول لظهورها المغفول عنها للانهماك في التقليد واتباع الهوى " إلا من ينيب " يرجع عن الإنكار بالإقبال عليها والتفكير فيها ،فإن الجازم بشيء لا ينظر فيما ينافيه .
13. He it is who showeth you His portents, and sendeth down for you provision from the sky. None payeth heed save him who turneth (unto Him) repentant.
13 - He it is who showeth you His Signs, and sendeth down sustenance for you from the sky: but only those receive admonition who turn (to God).