12 - (إن الذين يخشون ربهم) يخافون (بالغيب) في غيبتهم عن أعين الناس فيطيعونه سرا فيكون علانية أولى (لهم مغفرة وأجر كبير) أي الجنة
يقول تعالى ذكره : إن الذين يخافون ربهم بالغيب : يقول : وهم لم يروه " لهم مغفرة " يقول : لهم عفو من الله عن ذنوبهم " وأجر كبير " يقول : وثواب من الله لهم على خشيتهم إياه بالغيب جزيل .
قوله تعالى: "إن الذين يخشون ربهم بالغيب" نظيره: "من خشي الرحمن بالغيب" ق:33 وقد مضى الكلام فيه. أي يخافون الله ويخافون عذابه الذي هو بالغيب، وهو عذاب يوم القيامة. "لهم مغفرة" لذنوبهم "وأجر كبير" وهو الجنة.
يقول تعالى مخبراً عمن يخاف مقام ربه فيما بينه وبينه إذا كان غائباً عن الناس, فينكف عن المعاصي ويقوم بالطاعات حيث لا يراه أحد إلا الله تعالى بأنه له مغفرة وأجر كبير أي تكفر عنه ذنوبه ويجازى بالثواب الجزيل, كما ثبت في الصحيحين "سبعة يظلهم الله تعالى في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله فذكر منهم رجلاً دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله, ورجلاً تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ". وقال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا طالوت بن عباد , حدثنا الحارث بن عبيد عن ثابت عن أنس قال: " قالوا يا رسول الله, إنا نكون عندك على حال فإذا فارقناك كنا على غيره قال: كيف أنتم وربكم ؟ قالوا: الله ربنا في السر والعلانية, قال: ليس ذلكم النفاق" لم يروه عن ثابت إلا الحارث بن عبيد فيما نعلمه ثم قال منبهاً على أنه مطلع على الضمائر والسرائر "وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور" أي بما يخطر في القلوب.
"ألا يعلم من خلق ؟" أي ألا يعلم الخالق, وقيل معناه ألا يعلم الله مخلوقه ؟ والأول أولى لقوله: "وهو اللطيف الخبير", ثم ذكر نعمته على خلقه في تسخيره لهم الأرض وتذليله إياها لهم بأن جعلها قارة ساكنة لا تميد ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال وأنبع فيها من العيون, وسلك فيها من السبل, وهيأ فيها من المنافع ومواضع الزروع والثمار فقال تعالى: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها" أي فسافروا حيث شئتم من أقطارها وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات, واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئاً إلا أن ييسره الله لكم, ولهذا قال تعالى: "وكلوا من رزقه" فالسعي في السبب لا ينافي التوكل كما قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن , حدثنا حيوة , أخبرني بكر بن عمرو أنه سمع عبد الله بن هبيرة يقول: إنه سمع أبا سهم الحبشاني يقول: إنه سمع عمر بن الخطاب يقول: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لوأنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير, تغدو خماصاً وتروح بطاناً" رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث ابن هبيرة , وقال الترمذي : حسن صحيح, فأثبت لها رواحاً وغدواً لطلب الرزق مع توكلها على الله عز وجل وهو المسخر المسير المسبب "وإليه النشور" أي المرجع يوم القيامة. قال ابن عباس ومجاهد والسدي وقتادة : مناكبها أطرافها وفجاجها ونواحيها, وقال ابن عباس وقتادة أيضاً: مناكبها الجبال, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا عمرو بن حكام الأزدي , حدثنا شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن بشير بن كعب أنه قرأ هذه الاية "فامشوا في مناكبها" فقال لأم ولد له: إن علمت ما مناكبها فأنت عتيقة فقالت: هي الجبال, فسأل أبا الدرداء فقال: هي الجبال.
قوله: 12- "إن الذين يخشون ربهم بالغيب" لما فرغ سبحانه من ذكر أحوال أهل النار ذكر أهل الجنة، وبالغيب حال من الغاعل أو المفعول: أي غائبين عنه، أو غائباً عنهم، والمعنى: أنهم يخشون عذابه ولم يروه فيؤمنون به خوفاً من عذابه، ويجوز أن يكون المعنى: يخشون ربهم حال كونهم غائبين عن أعين الناس وذلك في خلواتهم، أو المراد بالغيب كون العذاب غائباً عنهم لأنهم في الدنيا، وهم إنما يكون يوم القيامة فتكون الباء على هذا سببية "لهم مغفرة" عظيمة يغفر الله بها ذنوبهم "وأجر كبير" وهو الجنة، ومثل هذه الآية قوله: "من خشي الرحمن بالغيب".
12- "إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير".
12-" إن الذين يخشون ربهم بالغيب " يخافون عذابه غائباً عنهم لم يعاينوه بعد ، أو غائبين عنه أو عن أعين الناس ، أو بالمخفي منهم وهو قلوبهم . " لهم مغفرة " لذنوبهم . " و أجر كبير " تصغر دونه لذائذ الدنيا .
12. Lo! those who fear their Lord in secret, theirs will be forgiveness and a great reward.
12 - As for those who fear their Lord unseen, for them is Forgiveness and a great Reward.