12 - واذكر (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض) ضعف اعتقاد (ما وعدنا الله ورسوله) بالنصر (إلا غرورا) باطلا
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طريق كثير بن عبد الله ابن عمرو المزني عن أبيه عن جده قال خط رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق عام الأحزاب فأخرج الله من بطن الخندق صخرة بيضاء مدورة فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المعول فضربها ضربة صدعها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتي المدينة فكبر وكبر المسلمون ثم ضرب الثانية فصدعها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها فكبر وكبر المسلمون ثم ضربها الثالثة فكسرها وبرق منها برق أضاء ما بين لا بيتها فكبر وكبر المسلمون فسئل عن ذلك فقال ضربت الأولى فأضاءت لي قصور الحيرة ومدائن كسرى وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها ثم ضربت الثانية فأضاءت لي قصور الحمر من أرض الروم وأخبرني جبريل ان أمتي ظاهرة عليها ثم ضربت الثالثة فأضاءت لي قصور صنعاء وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها فقال المنافقون ألا تعجبون يحدثكم ويمنيكم ويعدكم الباطل ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق لا تستطيعون أن تبرزوا فنزل القرآن وإن يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض وما وعدنا الله
ورسوله إلا غرورا وأخرج ابن جويبر عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في متعب بن قشير الأنصاري وهو صاحب هذه المقالة
واخرج ابن إسحق والبيهقي ايضا عن عروة بن الزبير ومحمد بن كعب القرظي وغيرهما قال قال متعب بن قشير كان محمد يرى ان يأكل من كنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط وقال أوس ابن قيظي في ملأ من قومه ان بيوتنا عورة وهي خارجة من المدينة أئذن لنا فنرجع إلى نسائنا وأبنائنا فأنزل الله على رسوله حين فزع عنهم ما كانوا فيه من البلاء يذكرهم نعمته عليهم وكفايته إياهم بعد سوء الظن منهم ومقالة من قال من اهل النفاق يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود الآية
وقوله " وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ": شك في الإيمان، وضعف في اعتقادهم إياه: ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً، وذلك فيما ذكر قول معتب بن قشير.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان " وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا " يقول: معتب بن قشير، إذ قال ما قال يوم الخندقز
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا حسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله " وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض " قال: تكلمهم بالنفاق يومئذ، وتكلم المؤمنون بالله والإيمان، قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا " قال: قال ذلك أناس من المنافقين: قد كان محمد يعدنا فتح فارس والروم، وقد حصرنا ها هنا، حتى ما يستطيع أحدنا أن يبرز لحاجته، ماوعدناالله ورسوله إلا غروراً.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، قال: قال رجل يوم الأحزاب لرجل من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم: يا فلان أرأيت إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله. فأين هذا من هذا، وأحدنا لا يستطيع أن يخرج يبول من الخوف؟ " ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ". فقال له: كذبت، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه سلم خبرك، قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فدعاه فقال: ما قلت؟ فقال: كذب علي يا رسول الله، ما قلت شيئاً، ما خرج هذا من فمي قط، قال الله: ( يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر) ... ( التوبة: 74) حتى بلغ ( وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير) ( التوبة: 74) قال: فهذا قول الله: ( إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة) ( التوبة: 66) ".
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن خالد بن عثمة، قال: ثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن أبيه، قال: " خط رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق عام ذكرت الأحزاب، من أحمر الشيخين، طرف بني حارثة، حتى بلغ المذاذ، ثم جعل أربعين ذراعاً بين كل عشرة، فاختلف المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلاً قوياً، فقال الأنصار: سلمان منا، وقال المهاجرون: سلمان منا، فقال النبي صلى الله عليه سلم: سلمان منا أهل البيت . قال عمرو بن عوف: فكنت أنا وسلمان وحذيفة بن اليمان والنعمان بن مقرن المزني، وستة من الأنصار، في أربعين ذراعاً، فحفرنا تحت دوبار حتى بلغنا الصرى، أخرج الله من بطن الخندق صخرة بيضاء مروة، فكسرت حديدنا، وشقت علينا، فقلنا: يا سلمان، ارق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره خبر هذه الصخرة، فإما أن نعدل عنهان فإن المعدل قريب، وإما أن يأمرنا فيها بأمره، فإنا لا نحب أن نجاوز خطه. فرقي سلمان حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضارب عليه قبةً تركية، فقال: يا رسول الله بأبينا أنت وأمنا، خرجت صخرة بيضاء من بطن الخندق، مروة، فكسرت حديدنا، وشقت علينا، حتى ما يجيء منها قليل ولا كثير، فمرنا فيها بأمرك، فإنا لا نحب أن نجاوز خطك. فهبط رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سلمان في الخندق، ورقينا نحن التسعة على شفة الخندق، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المعول من سلمان، فضرب الصخرة ضربة صدعها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها، يعني: لابتي المدينة، حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، وكبر المسلمون. ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية، فصدعها وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، وكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثالثة، فكسرها وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، ثم أخذ بين سلمان فرقي، فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد رأيت شيئاً ما رأيته قط، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القوم، فقال: هل رأيتم ما يقول سليمان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، بأبينا أنت وأمنا! قد رأيناك تضرب، فيخرج برق كالموج، فرأيناك تكبر فنكبر، ولا نرى شيئاً غير ذلك، قال صدقتم ضربت ضربتي الأولى، فبرق الذي رأيتم، أضاء لي منه قصور الحيرة ومدائن كسرى، كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبرائيل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثالثة، وبرق منها الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور صنعاء، كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبرائيل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا، يبلغهم النصر، وأبشروا، يبلغهم النصر، وأبشروا يبلغهم النصر. فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمد لله موعود صدق، بأن وعدنا النصر بعد الحصر، فطبقت الأحزاب، فقال المسلمون " هذا ما وعدنا الله ورسوله " ... الآية، وقال المنافقون: ألا تعجبون .؟ يحدثكم ويمنيكم ويعدكم الباطل، يخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم، وأنتم تحفرون الخندق من الفرق، ولا تستطيعون أن تبرزوا؟ وأنزل القرآن: " وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا " ".
قوله تعالى :" وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض " أي شك ونفاق " ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا " أي باطلاً من القول وذلك أن طعمة بن أبيرق ومعتب بن قشير وجماعة نحو من سبعين رجلاً قالوا يوم الخندق: كيف يعدنا كنوز كسرى وقيصر لا يستطيع أحدنا أن يتبرز؟ وإنما قالوا ذلك لما فشا في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من قوله عند ضرب الصخرة على ما تقدم في حديث النسائي فأنزل الله تعالى هذه الآية .
يقول الله تعالى مخبراً عن ذلك الحال حين نزلت الأحزاب حول المدينة, والمسلمون محصورون في غاية الجهد والضيق, ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم, أنهم ابتلوا واختبروا وزلزلوا زلزالاً شديداً, فحينئذ ظهر النفاق, وتكلم الذين في قلوبهم مرض بما في أنفسهم "وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً" أما المنافق فنجم نفاقه, والذي في قلبه شبهة أو حسيكة لضعف حاله فتنفس بما يجده من الوسواس في نفسه لضعف إيمانه وشدة ماهو فيه من ضيق الحال, وقوم آخرون قالوا كما قال الله تعالى: " وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب " يعني المدينة. كما جاء في الصحيح "أريت في المنام دار هجرتكم, أرض بين حرتين, فذهب وهلي أنها هجر فإذا هي يثرب" وفي لفظ: المدينة.
فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن مهدي , حدثنا صالح بن عمر عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى , عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله تعالى, إنما هي طابة هي طابة" تفرد الإمام أحمد , وفي إسناده ضعف, والله أعلم. ويقال كان أصل تسميتها يثرب برجل نزلها من العماليق يقال له يثرب بن عبيد بن مهلاييل بن عوص بن عملاق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح, قاله السهيلي . قال: وروي عن بعضهم أنه قال: إن لها في التوراة أحد عشر اسماً: المدينة وطابة وطيبة والمسكينة والجابرة والمحبة والمحبوبة والقاصمة والمجبورة والعذراء والمرحومة. وعن كعب الأحبار قال: إنا نجد في التوراة يقول الله تعالى للمدينة: ياطيبة وياطابة ويامسكينة لا تقلي الكنوز أرفع أحاجرك على أحاجر القرى.
وقوله "لا مقام لكم" أي ههنا يعنون عند النبي صلى الله عليه وسلم في مقام المرابطة "فارجعوا" أي إلى بيوتكم ومنازلكم "ويستأذن فريق منهم النبي" قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما: هم بنو حارثة قالوا: بيوتنا نخاف عليها السراق, وكذا قال غير واحد, وذكر ابن إسحاق أن القائل لذلك هو أوس بن قيظي, يعني اعتذروا في الرجوع إلى منازلهم بأنها عورة أي ليس دونها ما يحجبها من العدو, فهم يخشون عليها منهم, قال الله تعالى: "وما هي بعورة" أي ليست كما يزعمون "إن يريدون إلا فراراً" أي هرباً من الزحف.
12- "وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض" معطوف على إذ زاغت الأبصار، والمرض في القلوب هو الشك والريبة، والمراد بالمنافقون: عبد الله بن أبي وأصحابه، وبالذين في قلوبهم مرض: أهل الشك والاضطراب " ما وعدنا الله ورسوله " من النصر والظفر "إلا غروراً" أي باطلاً من القول، وكان القائلون بهذه المقالة نحو سبعين رجلاً من أهل النفاق والشك، وهذا القول المحكي عن هؤلاء هو كالتفسير للظنون المذكورة: أي كان ظن هؤلاء هذا الظن، كما ظن المؤمنين النصر وإعلاء كلمة الله.
12- "وإذ يقول المنافقون"، معتب بن قشير، وقيل: عبد الله بن أبي وأصحابه، "والذين في قلوبهم مرض" شك وضعف اعتقاد: "ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً"، وهو قول أهل النفاق: يعدنا محمد فتح قصور الشام وفارس وأحدنا لا يستطيع أن يجاوز رحله، هذا والله الغرور.
12 -" وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض " ضعف اعتقاد . " ما وعدنا الله ورسوله " من الظفر وإعلاء الدين . " إلا غروراً " وعداً باطلاً . قيل قائله معتب بن قشير قال يعدنا محمد بفتح فارس والروم وأحدنا لا يقدر أن يتبرز فرقاً ما هذا إلا وعد غرور .
12. And When the hypocrites, and those in whose hearts is a disease, were saying: Allah and His messenger promised us naught but delusion.
12 - And behold The Hypocrites and those in whose hearts is a disease (even) say: God and His Apostle promised us nothing but delusions.