12 - (ولو ترى إذ المجرمون) الكافرون (ناكسوا رؤوسهم عند ربهم) مطأطؤوها حياء يقولون (ربنا أبصرنا) ما أنكرنا من البعث (وسمعنا) منك تصديق الرسل فيما كذبناهم فيه (فارجعنا) إلى الدنيا (نعمل صالحا) فيها (إنا موقنون) الآن فما ينفعهم ذلك ولا يرجعون وجواب لو لرأيت أمرا فظيعا
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لو ترى يا محمد هؤلاء القائلين " إذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد " إذ هم ناكسو رءوسهم عند ربهم حياء من ربهم، للذي سلف منهم من معاصيه في الدنيا، يقولون: يا " ربنا أبصرنا " ما كنا نكذب به من عقابك أهل معاصيك " وسمعنا " منك تصديق ما كانت رسلك تأمرنا به في الدنيا، فارجعنا: يقول: فاردننا إلى الدنيا نعمل فيها بطاعتك، وذلك العمل الصالح " إنا موقنون " يقول: إنا قد أيقنا الآن ما كنا به في الدنيا جهالاً من وحداينتك، وأنه لا يصلح أن يعبد سواك، ولا ينبغي أن يكون رب سواك، وأنك تحيي وتميت، وتبعث من في القبور بعد الممات والفناء وتفعل ما تشاء.
وبنحو ما قلنا في قوله: " ناكسوا رؤوسهم " قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، قوله " ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم " قال: قد حزنوا واستحيوا.
قوله تعالى: "ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم" ابتداء وخبر. قال الزجاج: والمخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة لأمته. والمعنى: ولو ترى يا محمد منكري البعث يوم القيامة لرأيت العجب. ومذهب أبي العباس غير هذا، وأن يكون المعنى: يا محمد، قل للمجرم ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم لندمت على ما كان منك. ناكسو رءوسهم أي من الندم والخزي والحزن والذل والغم. عند ربهم أي عند محاسبة ربهم وجزاء أعمالهم. ربنا أي يقولون ربنا. أبصرنا أي أبصرنا ما كنا نكذب. وسمعنا ما كنا ننكر. وقيل: أبصارنا صدق وعيدك. وسمعنا تصديق رسلك. أبصروا حين لا ينفعهم البصر، وسمعوا حين لا ينفعهم السمع. فأرجعنا أي إلى الدنيا. "نعمل صالحا إنا موقنون" أي مصدقون بالبعث، قاله النقاش. وقيل: مصدقون بالذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أنه حق، قاله يحيى بن سلام. قال سفيان الثوري: فأكذبهم الله تعالى فقال: "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون" الأنعام:28 وقيل: معنى إنا موقنون أي قد زالت عنا الشكوك الآن، وكانوا يسمعون ويبصرون في الدنيا، ولكن لم يكونوا يتدبرون، وكانوا كمن لا يبصر ولا يسمع، فلما تنبهوا في الآخرة صاروا حينئذ كأنهم سمعوا وأبصروا. وقيل: أي ربنا لك الحجة، فقد أبصرنا رسلك وعجائب خلقك في الدنيا، وسمعنا كلامهم فلا حجة لنا. فهذا اعتراف منهم، ثم طلبوا أن يردوا إلى الدنيا ليؤمنوا.
يخبر تعالى عن حال المشركين يوم القيامة وقالهم حين عاينوا البعث وقاموا بين يدي الله عز وجل, حقيرين ذليلين ناكسي رؤوسهم, أي من الحياء والخجل يقولون "ربنا أبصرنا وسمعنا" أي نحن الان نسمع قولك ونطيع أمرك, كما قال تعالى: "أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا" وكذلك يعودون على أنفسهم بالملامة إذا دخلوا النار بقولهم " لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير " وهكذا هؤلاء يقولون "ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا" أي إلى دار الدنيا "نعمل صالحاً إنا موقنون" أي قد أيقنا وتحققنا فيها أن وعدك حق ولقاءك حق, وقد علم الرب تعالى منهم أنه لو أعادهم إلى دار الدنيا لكانوا كما كانوا فيها كفاراً يكذبون بآيات الله ويخالفون رسله, كما قال تعالى: " ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا " الاية, وقال ههنا " ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها " كما قال تعالى: " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا " "ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" أي من الصنفين فدارهم النار لامحيد لهم عنها ولا محيص لهم منها, نعوذ بالله وكلماته التامة من ذلك, "فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا" أي يقال لأهل النار على سبيل التقريع والتوبيخ: ذوقوا هذا العذاب بسبب تكذيبكم به واستبعادكم وقوعه وتناسيكم له إذ عاملتموه معاملة من هو ناس له "إنا نسيناكم" أي سنعاملكم معاملة الناسي, لأنه تعالى لا ينسى شيئاً ولا يضل عنه شيء, بل من باب المقابلة كما قال تعالى: " اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا " وقوله تعالى: "وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون" أي بسبب كفركم وتكذيبكم, كما قال تعالى في الاية الأخرى " لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما وغساقا * جزاء وفاقا * إنهم كانوا لا يرجون حسابا * وكذبوا بآياتنا كذابا * وكل شيء أحصيناه كتابا * فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ".
قوله: 12- "ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم" المراد بالمجرمين هم القائلون إئذا ضللنا، والخطاب هنا لكل من يصلح له، أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ويجوز أن يراد بالمجرمين كل مجرم ويدخل فيه أولئك القائلون دخولاً أولياً، ومعنى "ناكسوا رؤوسهم" مطأطئوها حياءً وندماً على ما فرط منهم في الدنيا من الشرك بالله والعصيان له، ومعنى عند ربهم: عند محاسبته لهم. قال الزجاج: والمخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة لأمته، فالمعنى: ولو ترى يا محمد منكري البعث يوم القيامة لرأيت العجب "ربنا أبصرنا وسمعنا" أي يقولون: ربنا أبصرنا الآن ما كنا نكذب به وسمعنا ما كنا ننكره، وقيل أبصرنا صدق وعيدكم وسمعنا تصديق رسلك، فهؤلاء أبصروا حين لم ينفعهم البصر، وسمعوا حين لم ينفعهم السمع "فارجعنا" إلى الدنيا "نعمل" عملاً "صالحاً" كما أمرتنا "إنا موقنون" أي مصدقون، وقيل مصدقون بالذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وصفوا أنفسهم بالإيقان الآن طمعاً فيما طلبوه من إرجاعهم إلى الدنيا، وأنى لهم ذلك فقد حقت عليهم كلمة الله فإنهم "لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون" وقيل معنى "إنا موقنون" إنها قد زالت عنهم الشكوك التي كانت تخالطهم في الدنيا لما رأوا وسمعوا ما سمعوا، ويجوز أن يكون معنى "أبصرنا وسمعنا" صرنا ممن يسمع ويبصر فلا يحتاج إلى تقدير مفعول، ويجوزظ أن يكون صالحاً مفعولاً لنعمل كما يجوز أن يكون نعتاً لمصدر محذوف، وجواب لو محذوف: أي لرأيت أمراً فظيعاً وهولاً هائلاً.
12- "ولو ترى إذ المجرمون"، المشركون، "ناكسوا رؤوسهم"، مطأطئو رؤوسهم، "عند ربهم"، حياءً وندماً، "ربنا"، أي: يقولون ربنا، "أبصرنا"، ما كنا به مكذبين، "وسمعنا"، منك تصديق ما أتتنا به رسلك. وقيل: أبصرنا معاصينا وسمعنا ما قيل فينا، "فارجعنا" فارددنا إلى الدنيا، "نعمل صالحاً إنا موقنون"، وجواب لو مضمر مجازه لرأيت العجب.
12ـ " ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم " من الحياء والخزي . " ربنا " قائلين ربنا . " أبصرنا " ما وعدتنا . " وسمعنا " منك تصديق رسلك . " فارجعنا " إلى الدنيا . " نعمل صالحاً إنا موقنون " إذ لم يبق لنا شك بما شاهدنا ، وجواب " لو " محذوف تقديره لرأيت أمراً فظيعاً ، ويجوز أن تكون للتمني والمضي فيها وفي " إذ " لأن الثابت في علم الله منزلة الواقع ، ولا يقدر لـ " ترى " مفعول لأن المعنى لو يكون منك رؤية في هذا الوقت ، أو يقدر ما دل عليه صلة إذا والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد .
12. Couldst thou but see when the guilty hang their heads before their Lord, (and say): Our Lord! We have now seen and heard, so send us back; we will do right, now we are sure.
12 - If only thou couldst see when the guilty ones will bend low their heads before their Lord (saying:) Our Lord We have seen and we have heard: now then send us back (to the world): we will work righteousness: for we do indeed (now) believe.