12 - (فلعلك) يا محمد (تارك بعض ما يوحى إليك) فلا تبلغهم إياه لتهاونهم به (وضائق به صدرك) بتلاوته عليهم لأجل (أن يقولوا لولا) هلا (أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك) يصدقه كما اقترحنا (إنما أنت نذير) فما عليك إلا البلاغ لا الإتيان بما اقترحوه (والله على كل شيء وكيل) حفيظ فيجازيهم
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فلعلك ، يا محمد ، تارك بعض ما يوحي إليك ربك أن تبلغه من أمرك بتبليغه ذلك ، وضائق بما يوحى إليك صدرك ، فلا تبلغه إياهم ، مخافة أن يقولوا : "لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك" ، له مصدق بأنه لله رسول ! يقول تعالى ذكره : فبلغهم ما أوحيته إليك ، فإنك إنما أنت نذير تنذرهم عقابي ، وتحذرهم بأسي على كفرهم بي ، إنما الآيات التي يسألونكها عندي وفي سلطاني ، أنزلها إذا شئت ، ليس عليك ، إلا البلاغ الإنذار ، "والله على كل شيء وكيل" ، يقول : والله القيم بكل شيء ، وبيده تدبيره ، فانفذ لما أمرتك به ، ولا تمنعك مسألتهم إياك الآيات من تبليغهم وحيي ، والنفوذ لأمري .
بنحو الذي قلنا في ذلك ، فال بعض بعض أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قال : قال الله لنبيه : فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك أن تفعل فيه ما أمرت ، وتدعو إليه كما أرسلت . قالوا : "لولا أنزل عليه كنز" ، لا نرى معه مالاً ! أين المال ؟ ، "أو جاء معه ملك" ينذر معه ! ، "إنما أنت نذير" ، فبلغ ما أمرت .
قوله تعالى: " فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك " أي فلعلك لعظيم ما تراه منهم من الكفر والتكذيب تتوهم أنهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه. وقيل: إنهم لما قالوا " لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك " هم أن يدع سب آلهتهم فنزلت هذه الآية، فالكلام معناه الاستفهام، أي هل أنت تارك ما فيه سب آلهتهم كما سألوك؟ وتأكد عليه الأمر في الإبلاغ، كقوله: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " ( المائدة: 5) وقيل: معنى الكلام النفي مع استبعاد، أي لا يكون منك ذلك، بل تبلغهم كل ما أنزل إليك، وذلك أن مشركي مكة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أتينا بكتاب ليس فيه سب آلهتنا لاتبعناك، فهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يدع سب آلهتهم، فنزلت.
قوله تعالى: " وضائق به صدرك " عطف على ( تارك) و ( صدرك) مرفوع به، والهاء في ( به) تعود على ( ما) أو على بعض، أو على التبليغ، أو التكذيب. وقال ( ضائق) ولم يقل ضيق ليشاكل ( تارك) الذي قبله، ولأن الضائق عارض، والضيق ألزم منه. " أن يقولوا " في موضع نصب، أي كراهية أن يقولوا، أو لئلا يقولوا كقوله: " يبين الله لكم أن تضلوا " ( النساء: 4) أي لئلا تضلوا. أو لأن يقولوا. " لولا " أي هلا " أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك " يصدقه، قاله عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي، فقال الله تعالى: يا محمد " إنما أنت نذير " إنما عليك أن تنذرهم، لا بأن تأتيهم بما يقترحونه من الآيات. " والله على كل شيء وكيل " أي حافظ وشهيد.
يقول تعالى مسلياً لرسوله صلى الله عليه وسلم عما كان يتعنت به المشركون فيما كانوا يقولونه عن الرسول كما أخبر تعالى عنهم في قوله: " وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا * أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا " فأمر الله تعالى رسوله صلوات الله وسلامه عليه وأرشده إلى أن لا يضيق بذلك منهم صدره ولا يصدنه ذلك ولا يثنينه عن دعائهم إلى الله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار كما قال تعالى: "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون" الاية, وقال ههنا "فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا" أي لقولهم ذلك فإنما أنت نذير ولك أسوة بإخوانك من الرسل قبلك فإنهم كذبوا وأوذوا فصبروا حتى أتاهم نصر الله عز وجل, ثم بين تعالى إعجاز القرآن وأنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله ولا بعشر سور مثله ولا بسورة من مثله لأن كلام الرب تعالى لا يشبه كلام المخلوقين كما أن صفاته لا تشبه صفات المحدثات. وذاته لا يشبهها شيء تعالى وتقدس وتنزه لا إله إلا هو ولا رب سواه ثم قال تعالى: " فإلم يستجيبوا لكم " فإن لم يأتوا بمعارضة ما دعوتموهم إليه فاعلموا أنهم عاجزون عن ذلك وأن هذا الكلام منزل من عند الله متضمن علمه وأمره ونهيه "وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون".
ثم سلى الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: 12- "فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك" أي فلعلك لعظم ما تراه منهم من الكفر والتكذيب، واقتراح الآيات التي يقترحونها عليك على حسب هواهم وتعنتهم تارك بعض ما يوحى إليك مما أنزله الله عليك وأمرك بتبليغه، مما يشق عليهم سماعه أو يستشقون العمل به، كسب آلهتهم وأمرهم بالإيمان بالله وحده. قيل: وهذا الكلام خارج مخرج الاستفهام: أي هل أنت تارك؟ وقيل: هو في معنى النفي مع الاستبعاد: أي لا يكون منك ذلك، بل تبلغهم جميع ما أنزل الله عليك، أحبوا ذلك أم كرهوه، شاءوا أم أبوا "وضائق به صدرك" معطوف على تارك، والضمير في به راجع إلى ما أو إلى بعض، وعبر بضائق دون ضيق لأن اسم الفاعل فيه معنى الحدوث والعروض والصفة المشبهة فيها معنى اللزوم "أن يقولوا" أي كراهة أن يقولوا، أو مخافة أن يقولوا أو لئلا يقولوا: "لولا أنزل عليه كنز" أي هلا أنزل عليه كنز: أي مال مكنوز مخزون ينتفع به "أو جاء معه ملك" يصدقه ويبين لنا صحة رسالته، ثم بين سبحانه أن حاله صلى الله عليه وسلم مقصور على النذارة، فقال: "إنما أنت نذير" ليس عليك إلا الإنذار بما أوحي إليك، وليس عليك حصول مطلوبهم وإيجاب مقترحاتهم "والله على كل شيء وكيل" يحفظ ما يقولون وهو فاعل بهم ما يجب أن يفعل.
12-" فلعلك "، يا محمد، "تارك بعض ما يوحى إليك"، فلا تبلغه إياهم. وذلك أن كفار مكة لما قالوا: "ائت بقرآن غير هذا" (يونس-15) ليس فيه سب آلهتنا هم النبي صلى الله عليه وسلم أن يدع آلهتهم ظاهرا، فأنزل الله تعالى:
"فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك" يعني: سب الآلهة، "وضائق به صدرك"، أي: فلعلك يضيق صدرك "أن يقولوا"، أي: لأن يقولوا، "لولا أنزل عليه كنز" ينفقه "أو جاء معه ملك"، يصدقه، قاله عبد الله بن أبي أمية المخرومي.
قال الله تعالى: "إنما أنت نذير" ليس عليك إلا البلاغ، "والله على كل شيء وكيل" حافظ.
12."فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك"تترك تبليغ بعض ما يوحى إليك وهو ما يخالف رأي المشركين مخافة ردهم واستهزائهم به، ولا يلزم من توقع الشيء لوجود ما يدعو إليه وقوعه لجواز أن يكون ما يصرف عنه وهو عصمة الرسل عن الخيانة في الوحي والثقة في التبليغ ها هنا."وضائق به صدرك"وعارض لك أحياناً ضيق صدرك بأن تتلوه عليهم مخافة."أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز" ينفقه في الاستتباع كالملوك."أو جاء معه ملك"يصدقه وقيل الضمير في"به"مبهم يفسره "أن يقولوا"."إنما أنت نذير"ليس عليك إلا الإنذار بما أوحي إليك ولا عليك ردوا أو اقترحوا فما بالك يضيق به صدرك ."والله على كل شيء وكيل"فتوكل عليه فإنه عالم بحالهم وفاعل بهم جزاء أقوالهم وأفعالهم.
12. A likely thing, that thou wouldst forsake aught of that which hath been revealed unto thee, and that thy breast should be straitened for it, because they say: Why hath not a treasure been sent down for him, or an angel come with him? Thou art but a warner, and Allah is in charge of all things.
12 - Perchance thou mayest (feel the inclination) to give up a part of what is revealed unto thee, and thy heart feeleth straitened lest they say, why is not a treasure sent down unto him, or why does not an angel come down with him? but thou art there only to warn it is God that arrangeth all affairs