116 - (إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم) أيها الناس (من دون الله) أي غيره (من ولي) يحفظكم منه (ولا نصير) يمنعكم من ضرره
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الله، أيها الناس، له سلطان السموات والأرض وملكهما، وكل من دونه من الملوك، فعبيده ومماليكه، بيده حياتهم وموتهم، يحيي من يشاء منهم، ويميت من يشاء منهم. فلا تجزعوا، أيها المؤمنون، من قتال من كفر بي من الملوك، ملوك الروم كانوا أو ملوك فارس والحبشة، أو غيرهم، واغزوهم وجاهدوهم في طاعتي، فإني المعز من أشاء منهم ومنكم، والمذل من أشاء.
وهذا حض من الله جل ثناؤه المؤمنين على قتال كل من كفر به من المماليك، إغراء منه لهم بحربهم.
وقوله: " وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير "، يقول: وما لكم من أحد هو لكم حليف من دون الله يظاهركم عليه، إن أنتم خالفتم أمر الله فعاقبكم على خلافكم أمره، يستنقذكم من عقابه، " ولا نصير "، ينصركم منه إن أراد بكم سوءاً. يقول: فبالله فثقوا، وإياه فارهبوا، وجاهدوا في سبيله من كفر به، فإنه قد اشترى منكم أنفسكم وأموالكم بأن لكم الجنة، تقاتلون في سبيله فتقتلون وتقتلون.
"إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير" تقدم معناه غير مرة.
يقول تعالى مخبراً عن نفسه الكريمة وحكمه العادل: إنه لا يضل قوماً بعد إبلاغ الرسالة إليهم, حتى يكونوا قد قامت عليهم الحجة, كما قال تعالى: "وأما ثمود فهديناهم" الاية, وقال مجاهد في قوله تعالى: "وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم" الاية, قال بيان الله عز وجل للمؤمنين في ترك الاستغفار للمشركين خاصة, وفي بيانه لهم من معصيته وطاعته عامة, فافعلوا أو ذروا. وقال ابن جرير: يقول الله تعالى وما كان الله ليقضي عليكم في استغفاركم لموتاكم المشركين بالضلال بعد إذ رزقكم الهداية ووفقكم للإيمان به وبرسوله, حتى يتقدم إليكم بالنهي عنه فتتركوا, فأما قبل أن يبين لكم كراهة ذلك بالنهي عنه فلم تضيعوا نهيه إلى ما نهاكم عنه فإنه لا يحكم عليه بالضلال, فإن الطاعة والمعصية إنما يكونان من المأمور والمنهي, وأما من لم يؤمر ولم ينه فغير كائن مطيعاً أو عاصياً فيما لم يؤمر به ولم ينه عنه.
وقوله تعالى: " إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير " قال ابن جرير, هذا تحريض من الله تعالى لعباده المؤمنين في قتال المشركين وملوك الكفر, وأن يثقوا بنصر الله مالك السموات والأرض ولا يرهبوا من أعدائه, فإنه لا ولي لهم من دون الله ولا نصير لهم سواه, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن أبي دلامة البغدادي, حدثنا عبد الوهاب بن عطاء, حدثنا سعيد عن قتادة عن صفوان بن محرز عن حكيم بن حزام قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه إذ قال لهم: "هل تسمعون ما أسمع ؟" قالوا ما نسمع من شيء, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط وما فيها من موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم" وقال كعب الأحبار: ما من موضع خرم إبرة من الأرض إلا وملك موكل بها يرفع علم ذلك إلى الله, وإن ملائكة السماء لأكثر من عدد التراب, وإن حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى مخه مسيرة مائة عام.
116- " إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير " ثم بين لهم أن له سبحانه ملك السموات والأرض لا يشاركه في ذلك مشارك، ولا ينازعه منازع يتصرف في ملكه بما شاء من التصرفات التي من جملتها أنه يحيي من قضت مشيئته بإحيائه، ويميت من قضت مشيئته بإماتته، وما لعباده من دونه من ولي يواليهم ولا نصير ينصرهم، فلا يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى، فإن القرابة لا تنفع شيئاً ولا تؤثر أثراً، بل التصرف في جميع الأشياء لله وحده.
116-"إن الله له ملك السموات والأرض"، يحكم بما يشاء، " يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ".
116."إن الله له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير"لما منعهم عن الاستغفار للمشركين وإن كانوا أولي قربى وتضمن ذلك وجوب التبرؤ عنهم رأساً ، بين لهم أن الله مالك كل موجود ومتولي أمره والغالب عليه ولا يتأتى له ولاية ولا نصرة إلا منه ، ليتوجهوا بشرا شرهم إليه ويتبرؤوا مما عداه حتى لا يبقى لهم مقصود فيما يأتون ويذرون سواه.
116. Lo! Allah! Unto Him belongeth the sovereignty of the heavens and the earth. He quickeneth and He giveth death. And ye have, instead of Allah, no protecting friend nor helper.
116 - Unto God belongeth the dominion of the heavens and the earth. he giveth life and he taketh it. except for him ye have no protector nor helper.