11 - (أئذا كنا عظاما نخرة) وفي قراءة ناخرة بالية متفتتة نحيا
وقوله : " أإذا كنا عظاما نخرة " اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة والحجاز والبصرة " نخرة " بمعنى : بالية ، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة ( ناخرة ) بألف ، بمعنى : أنها مجوفة ، تنخر الرياح في جوفها إذا مرت بها ، وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيين يقول : الناخرة والنخرة ، سواء في المعنى ، بمنزلة الطامع والطمع ، والباخل والبخل ، وأفصح اللغتين عندنا وأشهرهما عندنا " نخرة " بغير ألف ، بمعنى : بالية ، غير أن رؤوس الآي قبلها وبعدها جاءت بالألف فأعجب إلي لذلك أن تلحق ناخرة بها ، ليتفق هو وسائر رؤوس الآيات ، ولولا ذلك كان أعجب القراءتين إلي حذف الألف منها .
ذكر من قال " نخرة " : بالية .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني ابي ، قال : ثني عمي ، ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، " أإذا كنا عظاما نخرة " فالنخرة : الفانية البالية .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " عظاما نخرة " قال : مرفوتة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " أإذا كنا عظاما " : تكذيباً بالبعث ، ناخرة : بالية ، قالوا " تلك إذا كرة خاسرة " يقول جل ثناؤه عن قيل هؤلاء المكذبين بالبعث ، قالوا : تلك ، يعنون تكل الرجعة ، أحياء بعد الممات ، إذاً : يعنون الآن كرة ، يعنون رجعة خاسرة ، يعنون غابنة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " إذا كرة خاسرة " : أي رجعة خاسرة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " تلك إذا كرة خاسرة " قال : وأي كرة أخسر منها ، أحيوا ثم صاروا إلى النار ، فكانت كرة سوء .
قوله تعالى:" أإذا كنا عظاما نخرة " أي بالية متفتتة. يقال : نخر العظم بالكسر: أي بلي وتفتت، يقال : عظام نخرة. وكذا قرأ الجمهور من أهل المدينة ومكة والشام والبصرة، واختاره أبو عبيد، لأن آثار التي تذكر فيها العظام، نظرنا فيها فرأينا نخرة لا ناخرة. وقرأ أبو عمرو وابنه عبد الله وابن عباس وابن مسعود وابن الزبير وحمزة والكسائي وأبو بكر((ناخرة)) بألف، واختاره الفراء والطبري وأبو معاذ النحوي، لوفاق رؤوس الآي. وفي الصحاح : والناخر من العظام التي تدخل الريح فيه ثم تخرج منه ولها نخير. ويقال: ما بها ناخر، أي ما بها أحد. حكاه يعقوب عن الباهلي. وقال أبو عمرو بن العلاء: الناخرة التي لم تنخر بعد، أي لم تبل ولا بد أن تنخر. وقيل : الناخر والمجوفة. وقيل: هما لغتان بمعنى، كذلك تقول العرب: نخر الشيء فهو نخر وناخر، كقولهم :طمع فهو طمع وطامع، وحذر وحاذر، وبخل وباخل، وفره وفاره، قال الشاعر:
يظل بها الشيخ الذي كان بادنا يدب على عوج له نخرات
عوج: يعني قوائم . وفي بعض التفسير: ناخرة بالألف : بالية، ونخرة: تنخر فيها الريح أي تمر فيها، على عكس الأول، قال:
من بعد ما صرت عظاما ناخرة
وقال بعضهم : الناخرة: التي أكلت اطرافها وبقيت أوساطها. والنخرة: التي فسدت كلها. قال مجاهد:نحرة أي مرفوتة، كما قال تعالى:"عظاما ورفاتا" ونخرة الريح بالضم:شدة هبوبها. والنخرة أيضاً والنخرة مثال الهمزة: مقدم أنف الفرس والحمار والخنزير، يقال: هشم نخرته: أي أنفه.
قال ابن مسعود وابن عباس ومسروق وسعيد بن جبير وأبو صالح وأبو الضحى والسدي "والنازعات غرقاً" الملائكة يعنون حين تنزع أرواح بني آدم, فمنهم من تأخذ روحه بعسر فتغرق في نزعها, ومنهم من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حلته من نشاط وهو قوله: "والناشطات نشطاً" قاله ابن عباس , وعن ابن عباس "والنازعات" هي أنفس الكفار تنزع ثم تنشط ثم تغرق في النار رواه ابن أبي حاتم وقال مجاهد "والنازعات غرقاً" الموت, وقال الحسن وقتادة "والنازعات غرقاً * والناشطات نشطاً" هي النجوم, وقال عطاء بن أبي رباح في قوله تعالى: "والنازعات" "والناشطات" هي القسي في القتال والصحيح الأول وعليه الأكثرون. وأما قوله تعالى: "والسابحات سبحاً" فقال ابن مسعود : هي الملائكة, وروي عن علي ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي صالح مثل ذلك, وعن مجاهد "والسابحات سبحاً" الموت, وقال قتادة : هي النجوم, وقال عطاء بن أبي رباح , هي السفن.
وقوله تعالى: "فالسابقات سبقاً" روي عن علي ومسروق ومجاهد وأبي صالح والحسن البصري يعني الملائكة, قال الحسن : سبقت إلى الإيمان والتصديق به وعن مجاهد : الموت. وقال قتادة : هي النجوم, وقال عطاء : هي الخيل في سبيل الله. وقوله تعالى: "فالمدبرات أمراً" قال علي ومجاهد وعطاء وأبو صالح والحسن وقتادة والربيع بن أنس والسدي : هي الملائكة, زاد الحسن : تدبر الأمر من السماء إلى الأرض يعني بأمر ربها عز وجل, ولم يختلفوا في هذا ولم يقطع ابن جرير بالمراد في شيء من ذلك, إلا أنه حكى في المدبرات أمراً أنها الملائكة ولا أثبت ولا نفى. وقوله تعالى: " يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة " قال ابن عباس : هما النفختان الأولى والثانية, وهكذا قال مجاهد والحسن وقتادة والضحاك وغير واحد, وعن مجاهد : أما الأولى وهي قوله جل وعلا: "يوم ترجف الراجفة" فكقوله جلت عظمته: "يوم ترجف الأرض والجبال" والثانية وهي الرادفة فهي كقوله "وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة" وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع , حدثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاءت الراجفة تتبعها الرادفة, جاء الموت بما فيه فقال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك, قال: إذاً يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك" وقد روى الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث سفيان الثوري بإسناده مثله, ولفظ الترمذي وابن أبي حاتم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: "يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه".
وقوله تعالى: "قلوب يومئذ واجفة" قال ابن عباس : يعني خائفة, وكذا قال مجاهد وقتادة "أبصارها خاشعة" أي أبصار أصحابها وإنما أضيف إليها للملابسة أي ذليلة حقيرة مما عاينت من الأهوال. وقوله تعالى: " يقولون أإنا لمردودون في الحافرة " يعني مشركي قريش ومن قال بقولهم في إنكار المعاد. يستبعدون وقوع البعث بعد المصير إلى الحافرة وهي القبور, قاله مجاهد , وبعد تمزق أجسادهم وتفتت عظامهم ونخورها, ولهذا قالوا: " أإذا كنا عظاما نخرة " وقرىء ناخرة وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة : أي بالية, قال ابن عباس : وهو العظم إذا بلي ودخلت الريح فيه "قالوا تلك إذاً كرة خاسرة" وعن ابن عباس ومحمد بن كعب وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي مالك والسدي وقتادة : الحافرة الحياة بعد الموت, وقال ابن زيد : الحافرة النار, وما أكثر أسماءها! هي النار والجحيم وسقر وجهنم والهاوية والحافرة ولظى والحطمة, وأما قولهم: "تلك إذاً كرة خاسرة" فقال محمد بن كعب : قالت قريش لئن أحيانا الله بعد أن نموت لنخسرن, قال الله تعالى: " فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة " أي فإنما هو أمر من الله لا مثنوية فيه ولا تأكيد, فإذا الناس قيام ينظرون وهو أن يأمر الله تعالى إسرافيل فينفخ في الصور نفخة البعث, فإذا الأولون والاخرون قيام بين يدي الرب عز وجل ينظرون, كما قال تعالى: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر" وقال تعالى: "وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب".
قال مجاهد: "فإنما هي زجرة واحدة" صيحة واحدة. وقال إبراهيم التيمي : أشد ما يكون الرب عز وجل غضباً على خلقه يوم يبعثهم, وقال الحسن البصري : زجرة من الغضب, وقال أبو مالك والربيع بن أنس : زجرة واحدة هي النفخة الاخرة. وقوله تعالى: "فإذا هم بالساهرة" قال ابن عباس : الساهرة الأرض كلها, وكذا قال سعيد بن جبير وقتادة وأبو صالح , وقال عكرمة والحسن والضحاك وابن زيد : الساهرة وجه الأرض, وقال مجاهد : كانوا بأسفلها فأخرجوا إلى أعلاها, قال والساهرة المكان المستوي, وقال الثوري : الساهرة أرض الشام, وقال عثمان بن أبي العاتكة : الساهرة أرض بيت المقدس, وقال وهب بن منبه : الساهرة جبل إلى جانب بيت المقدس, وقال قتادة أيضاً: الساهرة جهنم, وهذه أقوال كلها غريبة, والصحيح أنها الأرض وجهها الأعلى.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا حزر بن المبارك الشيخ الصالح , حدثنا بشر بن السري , حدثنا مصعب بن ثابت عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي "فإذا هم بالساهرة" قال: أرض بيضاء عفراء خالية كالخبزة النقي, وقال الربيع بن أنس : "فإذا هم بالساهرة" يقول الله عز وجل: "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار" ويقول تعالى: " ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولا أمتا " وقال تعالى: "ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة" وبرزت الأرض التي عليها الجبال وهي لا تعد من هذه الأرض وهي أرض لم يعمل عليها خطيئة ولم يهرق عليها دم.
11- " أإذا كنا عظاما نخرة " أي بالية متفتتة، يقال نخر العظم بالكسر: إذا بلى، وهذا تأكيد لإنكار البعث: أي كيف نرد أحياء ونبعث إذا كنا عظاماً نخرة، والعامل في إذا مضمر يدل عليه مردودون: أي أئذا كنا عظاماً بالية نرد ونبعث مع كونها أبعد شيء من الحياة. قرأ الجمهور "نخرةً" وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر " نخرة " واختار القراءة الأولى أبو عبيد وأبو حاتم، واختار القراءة الثانية الفراء وابن جرير وأبو معاذ النحوي. قال أبو عمرو بن العلاء: الناخرة التي لم تنخر بعد: أي لم تبل ولا بد أن تنخر. وقيل هما بمعنى، تقول العرب: نخر الشيء فهو ناخر ونخر، وطمع فهو طامع وطمع ونحو ذلك. قال الأخفش: هما جميعاً لغتان أيهما قرأت فحسن. قال الشاعر:
يظل بها الشيخ الذي كان بادنا يدب على عوج له نخرات
يعني على قوائم عوج، وقيل الناخرة التي أكلت أطرافها وبقيت أوساطها، والنخرة التي فسدت كلها. وقال مجاهد نخرة: أي مرفوتة كما في قوله: "رفاتا"، وقد قرئ إذا كنا وأئذا كنا بالاستفهام وبعدمه.
11- " أإذا كنا عظاما نخرة "، قرأ نافع، وابن عامر، والكسائي، ويعقوب: أإنا؟ مستفهماً، إذا بتركه، ضده أبو جعفر، الباقون باستفهامهما، وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو عمرو: عظاماً ناخرة، وقرأ الآخرون "نخرة" وهما لغتان، مثل الطمع والطامع والحذر والحاذر، ومعناهما البالية، وفرق قوم بينهما، فقالوا: النخرة: البالية، والناخرة: المجوفة التي تمر فيها الريح فتنخر، أي: تصوت.
11-" أإذا كنا " وقرأ نافع و ابن عامر و الكسائي إذا كنا على الخبر . " عظاما نخرة " بالية وقرأ الحجازيان و والشامي و حفص و روح نخرة وهي أبلغ .
11. Even after we are crumbled bones?
11 - What! when we shall have become rotten bones?