11 - (هذا خلق الله) مخلوقه (فأروني) أخبروني يا أهل مكة (ماذا خلق الذين من دونه) غيره أي آلهتهم حتى أشركتموها به تعالى وما استفهام إنكار مبتدأ وذا بمعنى الذي بصلته خبره وأروني معلق عن العمل وما بعده سد مسد المفعولين (بل) للانتقال (الظالمون في ضلال مبين) بين بإشراكهم وأنتم منهم
يقول تعالى ذكره: هذا الذي عددت عليكم أيها الناس أني خلقته في هذه الآية خلق الله الذي له ألوهة كل شيء، وعبادة كل خلق، الذي تصلح العبادة لغيره، ولا تنبغي لشيء سواه، فأروني أيها المشركون في عبادتكم إياه من دونه من الآلهة والأوثان، أي شيء خلق الذين من دونه من آلهتكم وأصنامكم، حتى استحقت عليكم العبادة فبعدتموها من دونه، كما استحق ذلك عليكم خالقكم، وخالق هذه الأشياء التي عددتها عليكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " هذا خلق الله " ما ذكر من خلق السماوات والأرض، وما بث من الدواب، وما أنبت من كل زوج كريم، فأروني ماذا خلق الذين من دونه الأصنام الذين تدعون من دونه.
وقوله " بل الظالمون في ضلال مبين " يقول تعالى ذكره: ما عبد هؤلاء المشركون الأوثان والأصنام من أجل أنها تخلق شيئاً، ولكنهم دعاهم إلى عبادتهم ضلالهم، وذهابهم عن سبيل الحق، فهم في ضلال: يقول: فهم في جور عن الحق، وذهاب عن الاستقامة مبين، يقول: يبين لمن تأمله، ونظر فيه وفكر بعقل أنه ضلال لا هدى.
قوله تعالى: "هذا خلق الله" مبتدأ وخبر. والخلق بمعنى المخلوق، أي هذا الذي ذكرته مما تعينون خلق الله أي مخلوق الله، أي خلقها من غير شريك. "فأروني" معاشر المشركين "ماذا خلق الذين من دونه" يعني الأصنام. "بل الظالمون" أي المشركين "في ضلال مبين" أي خسران ظاهر. وما استفهام في موضع رفع بالابتداء وخبره ذا وذا بمعنى الذي. وخلق واقع على هاء محذوفة، تقديره فأروني أي شيء خلق الذين من دونه، والجملة في موضع نصب بـ أروني وعلى هذا القول تقول: ماذا تعلمت، أنحو أم شعر. ويجوز أن تكون ما في موضع نصب بـ أروني وإذا زائداً، وعلى هذا القول يقول: ماذا تعلمت، أنحواً أم شعراً
يبين سبحانه بهذا قدرته العظيمة على خلق السموات والأرض, وما فيها وما بينهما, فقال تعالى: "خلق السموات بغير عمد" قال الحسن وقتادة : ليس لها عمد مرئية ولا غير مرئية. وقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد , لها عمد لا ترونها, وقد تقدم تقرير هذه المسألة في أول سورة الرعد بما أغنى عن إعادته, "وألقى في الأرض رواسي" يعني الجبال أرست الأرض وثقلتها لئلا تضطرب بأهلها على وجه الماء, ولهذا قال "أن تميد بكم" أي لئلا تميد بكم.
وقوله تعالى: "وبث فيها من كل دابة" أي وذرأ فيها من أصناف الحيوانات مما لا يعلم عدد أشكالها وألوانها إلا الذي خلقها, ولما قرر سبحانه أنه الخالق نبه على أنه الرازق بقوله "وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم" أي من كل زوج من النبات كريم, أي حسن المنظر. وقال الشعبي : والناس أيضاً من نبات الأرض, فمن دخل الجنة فهو كريم, ومن دخل النار فهو لئيم. وقوله تعالى: "هذا خلق الله" أي هذا الذي ذكره الله تعالى من خلق السموات والأرض وما بينهما صادر عن فعل الله وخلقه وتقديره, وحده لا شريك له في ذلك, ولهذا قال تعالى: "فأروني ماذا خلق الذين من دونه" أي مما تعبدون وتدعون من الأصنام والأنداد "بل الظالمون" يعني المشركين بالله العابدين معه غيره "في ضلال" أي جهل وعمى "مبين" أي واضح ظاهر لا خفاء به.
والإشارة بقوله: 11- "هذا" إلى ما ذكر في خلق السموات والأرض، وهو مبتدأ وخبره "خلق الله" أي مخلوقه "فأروني ماذا خلق الذين من دونه" من آلهتكم التي تعبدونها، والاستفهام للتقريع والتوبيخ، والمعنى: فأروني أي شيء خلقوا مما يحاكي خلق الله أو يقاربه، وهذا الأمر لهم لقصد التعجيز والتبكيت. ثم أضرب عن تبكيتهم بما ذكر إلى الحكم عليهم بالضلال الظاهر فقال "بل الظالمون في ضلال" فقرر ظلمهم أولاً وضلالهم ثانياً، ووصف ضلالهم بالوضوح والظهور، ومن كان هكذا فلا يعقل الحجة ولا يهتدي إلى الحق.
وقد أخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث" يعني باطل الحديث. وهو النضر بن الحارث بن علقمة اشترى أحاديث الأعاجم وصنيعهم في دهرهم. وكان يكتب الكتب من الحيرة إلى الشام ويكذب بالقرآن. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن مردويه في الآية قال: باطل الحديث. وهو الغناء ونحوه "ليضل عن سبيل الله" قال: قراءة القرآن وذكر الله، نزلت في رجل من قريش اشترى جارية مغنية. وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في السنن عنه أيضاً في الآية قال: هو الغناء وأشباهه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عنه أيضاً في الآية قال: الجواري الضاربات. وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي الصهباء قال: سألت عبد الله بن مسعود عن قوله: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث" قال: هو والله الغناء. ولفظ ابن جرير: هو الغناء والله الذي لا إله إلا هو، يرددها ثلاث مرات. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي وابن ماجه وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن أبي أماة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن، ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام" في مثل هذا أنزلت هذه الآية "ومن الناس من يشتري لهو الحديث" الآية، وفي إسناده عبيد بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم بن عبد الرحمن وفيهم ضعف. وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وابن مردويه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع إليها، ثم قرأ "ومن الناس من يشتري لهو الحديث"".وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في السنن عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الغناء ينبت النفاق كما ينبت الماء البقل" وروياه عنه موقوفاً. وأخرج ابن أبي الدنيا وابن مردويه عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله إليه شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك". وفي الباب أحاديث في كل حديث منها مقال. وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن مسعود في قوله: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث"قال: الرجل يشتري جارية تغني ليلاً ونهاراً. وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمر "أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في قوله: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث": إنما ذلك شراء الرجل اللعب والباطل". وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن نافع قال: كنت أسير مع عبد الله بن عمر في طريق. فسمع زمارة فوضع أصبعيه في أذنيه، ثم عدل عن الطريق، فلم يزل يقول يا نافع أتسمع؟ قلت لا فأخرج أصبعيه من أذنيه وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع. وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان".
11- "هذا"، يعني الذي ذكرت مما تعاينون، "خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه"، من آلهتكم التي تعبدونها، "بل الظالمون في ضلال مبين".
11 -" هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه " هذا الذي ذكر مخلوقه فماذا خلق آلهتكم حتى استحقوا مشاركته ، و " ماذا " نصب بـ " خلق " أو ما مرتفع بالابتداء وخبره ذا بصلته " فأروني " معلق عنه . " بل الظالمون في ضلال مبين " إضراب عن تبكيتهم إلى التسجيل عليهم بالضلال الذي لا يخفى على ناظر ، ووضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على أنهم ظالمون بإشراكهم .
11. This is the Creation of Allah. Now show me that which those (ye worship) beside Him have created. Nay, but the wrong doers are in error manifest!
11 - Such is the Creation of God: now show Me what is there that others besides Him have created: nay, but the Transgressors are in manifest error.