11 - (قوم فرعون) معه ظلموا أنفسهم بالكفر بالله وظلموا بني إسرائيل باستعبادهم (ألا) الهمزة للاستفهام الإنكاري (يتقون) الله بطاعته فيوحدوه
القول في تأويل قوله تعالى : " قوم فرعون ألا يتقون " .
قوله تعالى : " قوم فرعون ألا يتقون " فـ ( قوم) بدل ، ومعنى " ألا يتقون " ألا يخافون عقاب الله ؟ وقيل : هذا من الإيماء إلى الشيء لأنه أمره أن يأتي القوم الظالمين ، ودل قوله : " يتقون " على أنهم لا يتقون ، وعلى أنه أمرهم بالتقوى . وقيل : المعنى ، قل لهم (ألا تتقون ) وجاء بالياء لأنهم غيب وقت الخطاب ولو جاء بالتاء لجاز . ومثله " قل للذين كفروا ستغلبون " [ آل عمران : 12 ] بالتاء والياء . وقد قرأ عبيد بن عمير وأبو جازم (ألا تتقون ) بتاءين أي قل لهم " ألا تتقون " .
يخبر تعالى عما أمر به عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام حين ناداه من جانب الطور الأيمن, وكلمه وناجاه, وأرسله واصطفاه, وأمره بالذهاب إلى فرعون وملئه, ولهذا قال تعالى: " أن ائت القوم الظالمين * قوم فرعون ألا يتقون * قال رب إني أخاف أن يكذبون * ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون * ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " هذه أعذار سأل الله إزاحتها عنه, كما قال في سورة طه " قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري " إلى قوله " قد أوتيت سؤلك يا موسى ".
وقوله تعالى: "ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون" أي بسبب قتل ذلك القبطي الذي كان سبب خروجه من بلاد مصر "قال كلا" أي قال الله له: لا تخف من شيء من ذلك كقوله " سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون " "فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون" كقوله " إنني معكما أسمع وأرى " أي إنني معكما بحفظي وكلاءتي ونصري وتأييدي " فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين " كقوله في الاية الأخرى "إنا رسولا ربك" أي كل منا أرسل إليك "أن أرسل معنا بني إسرائيل" أي أطلقهم من إسارك وقبضتك وقهرك وتعذيبك, فإنهم عباد الله المؤمنون وحزبه المخلصون, وهم معك في العذاب المهين, فلما قال له موسى ذلك أعرض فرعون هنالك بالكلية, ونظر إليه بعين الازدراء والغمص, فقال "ألم نربك فينا وليداً" الاية, أي أما أنت الذي ربيناه فينا وفي بيتنا وعلى فراشنا, وأنعمنا عليه مدة من السنين, ثم بعد هذا قابلت ذلك الإحسان بتلك الفعلة أن قتلت منا رجلاً, وجحدت نعمتنا عليك, ولهذا قال "وأنت من الكافرين" أي الجاحدين. قاله ابن عباس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم , واختاره ابن جرير , "قال فعلتها إذاً" أي في تلك الحال "وأنا من الضالين" أي قبل أن يوحى إلي وينعم الله علي بالرسالة والنبوة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم "وأنا من الضالين" أي الجاهلين. قال ابن جريج : وهو كذلك في قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين" الاية, أي انفصل الحال الأول وجاء أمر آخر, فقد أرسلني الله إليك فإن أطعته سلمت, وإن خالفته عطبت, ثم قال موسى "وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل" أي وما أحسنت إلي وربيتني مقابل ما أسأت إلى بني إسرائيل فجعلتهم عبيداً وخدماً تصرفهم في أعمالك ومشاق رعيتك, أفيفي إحسانك إلى رجل واحد منهم بما أسأت إلى مجموعهم, أي ليس ما ذكرته شيئاً بالنسبة إلى ما فعلت بهم.
وانتصاب 11- "قوم فرعون" على أنه بدل، أو عطف بيان من القوم الظالمين، ومعنى "ألا يتقون" ألا يخافون عقاب الله سبحانه فيصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته. وقيل المعنى: قل لهم ألا تتقون، وجاء بالياء التحتية لأنه غيب وقت الخطاب، وقرأ عبيد بن عمير وأبو حازم ألا تتقون بالفوقية: أي قل لهم ذلك، ومثله "قل للذين كفروا ستغلبون" بالتحتية والفوقية.
11- "قوم فرعون ألا يتقون"، ألا يصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته.
11 -" قوم فرعون " بدل من الأول أو عطف بيان له ، ولعل الاقتصار على القوم للعلم بأن فرعون كان أولى بذلك . " ألا يتقون " استئناف أتبعه إرساله إليهم للإنذار تعجيباً له من إفراطهم في الظلم واجترائهم عليه ، وقرئ بالتاء على الالتفات إليهم زجراً لهم وغضباً عليهم ، وهم وإن كان غيباً حينئذ أجروا مجرى الحاضرين في كلام المرسل إليهم من حيث إنه مبلغه إليهم وإسماعه مبدأ إسماعهم ، مع ما فيه من مزيد الحث على التقوى لمن تدبره وتأمل مورده ، وقرئ بكسر النون اكتفاء بها عن ياء الإضافة ، ويحتمل أن يكون بمعنى ألا يا ناس اتقون كقوله : ألا يا اسجدوا .
11. The folk of Pharaoh. Will they not ward off (evil)?
11 - The people of Pharaoh: will they not fear God?