11 - (إن ربهم بهم يومئذ لخبير) لعالم فيجازيهم على كفرهم أعيد الضمير جمعا نظرا لمعنى الإنسان وهذه الجملة دلت على مفعول يعلم أي إنا نجازيه وقت ما ذكر وتعلق خبير بيومئذ وهو تعالى خبير دائما لأنه يوم المجازاة
وقوله : " إن ربهم بهم يومئذ لخبير " يقول : إن ربهم بأعمالهم ، وما أسروا في صدورهم ، وأضمروه فيها ، وما أعلنوه بجوارحهم منها ، عليم لا يخفى عليه منها شيء ، وهو مجازيهم على جميع ذلك يومئذ .
قوله تعالى:" إن ربهم بهم يومئذ لخبير" أي عالم لايخفى عليه منهم خافية. وهو عالم بهم في ذلك اليوم وفي غيره، ولكن المعنى أنه يجازيهم في ذلك اليوم. وقوله: " إذا بعثر" العامل في (إذا): (بعثر)، ولايعمل فيه
" يعلم"، إذ لا يراد به العلم من الإنسان ذلك الوقت، إنما يراد في الدنيا. ولا يعمل فيه (خبير)، لأن ما بعد (إن) لايعمل فيما قبلها. والعامل في
"يومئذ" : (خبير)، إن فصلت اللام بينهما، لأن موضع اللام الابتداء. وإنما دخلت في الخبر لدخول(إن) على المبتدأ. ويروى أن الحجاج قرأ هذه السورة على المنبر يحضهم على الغزو، فجرى على لسانه: (أن ربهم) بفتح الألف، ثم استدركها فقال:(خبير) بغير لام. ولولا اللام لكانت مفتوحة، لوقوع العلم عليها. وقرأ أبو السمال (أن ربهم بهم يومئذ خبير) والله سبحانه وتعالى أعلم.
يقسم تعالى بالخيل إذا أجريت في سبيله فعدت وضبحت وهو الصوت الذي يسمع من الفرس حين تعدو "فالموريات قدحاً" يعني اصطكاك نعالها للصخر فتقدح منه النار "فالمغيرات صبحاً" يعني الإغارة وقت الصباح كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير صباحاً ويستمع الأذان فإن سمع أذاناً وإلا أغار. وقوله تعالى: "فأثرن به نقعاً" يعني غباراً في مكان معترك الخيول "فوسطن به جمعاً" أي توسطن ذلك المكان كلهن جمع. قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج , حدثنا عبدة عن الأعمش , عن إبراهيم عن عبد الله "والعاديات ضبحاً" قال: الإبل, وقال علي : هي الإبل. وقال ابن عباس : هي الخيل, فبلغ علياً قول ابن عباس فقال: ما كانت لنا خيل يوم بدر. قال ابن عباس : إنما كان ذلك في سرية بعثت.
قال ابن أبي حاتم وابن جرير : وحدثنا يونس , أخبرنا ابن وهب , أخبرني أبو صخر عن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حدثه قال: بينا أنا في الحجر جالساً جاءني رجل فسألني عن "العاديات ضبحاً" فقلت له: الخيل حين تغير في سبيل الله, ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم فانفتل عني فذهب إلى علي رضي الله عنه وهو عند سقاية زمزم فسأله عن "العاديات ضبحاً" فقال: سألت عنها أحداً قبلي ؟ قال: نعم, سألت ابن عباس فقال الخيل حين تغير في سبيل الله, قال: اذهب فادعه لي, فلما وقف على رأسه قال: أتفتي الناس بما لا علم لك, والله لئن كان أول غزوة في الإسلام بدر وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد , فكيف تكون العاديات ضبحاً ؟ إنما العاديات ضبحاً من عرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى منى, قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي رضي الله عنه, وبهذا الإسناد عن ابن عباس قال: قال علي : إنما العاديات ضبحاً من عرفة إلى المزدلفة فإذا أووا إلى المزدلفة أوروا النيران, وقال العوفي وغيره عن ابن عباس : هي الخيل.
وقد قال بقول علي إنها الإبل جماعة منهم إبراهيم وعبيد بن عمير , وقال بقول ابن عباس آخرون منهم مجاهد وعكرمة وعطاء وقتادة والضحاك واختاره ابن جرير , وقال ابن عباس وعطاء : ما ضبحت دابة قط إلا فرس أو كلب. وقال ابن جريج عن عطاء : سمعت ابن عباس يصف الضبح أح أح, وقال أكثر هؤلاء في قوله: "فالموريات قدحاً" يعني بحوافرها, وقيل أسعرن الحرب بين ركبانهن, قاله قتادة وعن ابن عباس ومجاهد "فالموريات قدحاً" يعني مكر الرجال وقيل هو إيقاد النار إذا رجعوا إلى منازلهم من الليل, وقيل المراد بذلك نيران القبائل, وقال: من فسرها بالخيل هو إيقاد النار بالمزدلفة. قال ابن جرير : والصواب الأول أنها الخيل حين تقدح بحوافرها.
وقوله تعالى: "فالمغيرات صبحاً" قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : يعني إغارة الخيل صبحاً في سبيل الله, وقال من فسرها بالإبل هو الدفع صبحاً من المزدلفة إلى منى. وقالوا كلهم في قوله: "فأثرن به نقعاً" هو المكان الذي حلت فيه, أثارت به الغبار إما في حج أو غزو وقوله تعالى: "فوسطن به جمعاً" قال العوفي عن ابن عباس وعطاء وعكرمة وقتادة والضحاك : يعني جمع الكفار من العدو, ويحتمل أن يكون فوسطن بذلك المكان جميعهن ويكون جمعاً منصوباً على الحال المؤكدة, وقد روى أبو بكر البزار ههنا حديثاً غريباً جداً, فقال: حدثنا أحمد بن عبدة , حدثنا حفص بن جميع , حدثنا سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً فأشهرت شهراً لا يأتيه منها خبر, فنزلت "والعاديات ضبحاً" ضبحت بأرجلها "فالموريات قدحاً" قدحت بحوافرها الحجارة فأورت ناراً "فالمغيرات صبحاً" صبحت القوم بغارة "فأثرن به نقعاً" أثارت بحوافرها التراب "فوسطن به جمعاً" قال: صبحت القوم جميعاً. وقوله تعالى: "إن الإنسان لربه لكنود" هذا هو المقسم عليه بمعنى إنه بنعم ربه لكفور جحود قال ابن عباس ومجاهد وإبراهيم النخعي وأبو الجوزاء وأبو العالية وأبو الضحى وسعيد بن جبير ومحمد بن قيس, والضحاك والحسن وقتادة والربيع بن أنس وابن زيد : الكنود الكفور, قال الحسن : الكنود هو الذي يعد المصائب وينسى نعم الله عليه.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو كريب , حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الإنسان لربه لكنود" ـ قال ـ الكنود الذي يأكل وحده ويضرب عبده ويمنع رفده" رواه ابن أبي حاتم من طريق جعفر بن الزبير , وهو متروك فهذا إسناد ضعيف, وقد رواه ابن جرير أيضاً من حديث حريز بن عثمان عن حمزة بن هانى عن أبي أمامة موقوفاً. وقوله تعالى: "وإنه على ذلك لشهيد" قال قتادة وسفيان الثوري : وإن الله على ذلك لشهيد ويحتمل أن يعود الضمير على الإنسان, قاله محمد بن كعب القرظي فيكون تقديره وإن الإنسان على كونه كنوداً لشهيد أي بلسان حاله أي ظاهر ذلك عليه في أقواله وأفعاله كما قال تعالى: "ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر".
قوله تعالى: "وإنه لحب الخير لشديد" أي وإنه لحب الخير وهو المال لشديد, وفيه مذهبان (أحدهما) أن المعنى وإنه لشديد المحبة للمال (والثاني) وإنه لحريص بخيل من محبة المال وكلاهما صحيح. ثم قال تبارك وتعالى مزهداً في الدنيا ومرغباً في الاخرة ومنبهاً على ما هو كائن بعد هذه الحال وما يستقبله الإنسان من الأهوال: " أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور " أي أخرج ما فيها من الأموات "وحصل ما في الصدور" قال ابن عباس وغيره: يعني أبرز وأظهر ما كانوا يسرون في نفوسهم "إن ربهم بهم يومئذ لخبير" أي لعالم بجميع ما كانوا يصنعون ويعملون ومجازيهم عليه أوفر الجزاء ولا يظلم مثقال ذرة.
11- "إن ربهم بهم يومئذ لخبير" أي إن رب المبعوثين بهم لخبير لا تخفى عليه منهم خافية فيجازيهم بالخير خيراً، وبالشر شراً. قال الزجاج: الله خبير بهم في ذلك اليوم وفي غيره، ولكن المعنى: إن الله يجازيهم على كفرهم في ذلك اليوم، ومثله قوله تعالى: "أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم" معناه: أولئك الذين لا يترك الله مجازاتهم. قرأ الجمهور "إن ربهم" بكسر الهمزة وباللام في "لخبير"، وقرأ أبو السماك بفتح الهمزة وإسقاط اللام من ليخبر.
وقد أخرج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد وابن مردويه عن ابن عباس قال "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً فاستمرت شهراً لا يأتيه منها خبر فنزلت "والعاديات ضبحا" ضبحت بأرجلها" ولفظ ابن مردويه: ضبحت بمناخرها "فالموريات قدحا" قدحت بحوافرها الحجارة فأورت ناراً "فالمغيرات صبحا" صبحت القوم بغارة "فأثرن به نقعا" أثارت بحوافرها التراب "فوسطن به جمعا" صبحت القوم جميعاً. وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عنه قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى العدو فأبطأ خبرها، فشق ذلك عليه، فأخبره الله خبرهم وما كان من أمهرم، فقال: "والعاديات ضبحا" قال: هي الخيل". والضبح نخير الخيل حين تنخر "فالموريات قدحا" قال: حين تجري الخيل توري ناراً أصابت سنابكها الحجارة "فالمغيرات صبحا" قال: هي الخيل أغارت فصبحت العدو "فأثرن به نقعا" قال: هي الخيل أثرن بحوافرها، يقول بعدو الخيل، والنقع الغبار "فوسطن به جمعا" قال: الجمع العدو. وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال: تقاولت أنا وعكرمة في شأن العاديات، فقال: قال ابن عباس: هي الخيل في القتال، وضبحها حين ترخي مشافرها إذا عدت "فالموريات قدحا" أرت المشركين مكرهم "فالمغيرات صبحا" قال: إذا صبحت العدو "فوسطن به جمعا" قال: إذا توسطت العدو. وقال أبو صالح: فقلت: قال علي هي الإبل في الحج ومولاي كان أعلم من مولاك. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال: بينما أنا في الحجر جالس إذا أتاني رجل يسأل عن العاديات ضبحا، فقلت: الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم، فانفتل عني فذهب إلى علي بن أبي طالب وهو جالس تحت ساقيه زمزم، فسأله عن العاديات ضبحا، فقال: سألت عنها أحداً قبلي؟ قال: نعم سألت عنها ابن عباس، فقال: هي الخيل حين تغير في سبيل الله، فقال اذهب فادعه لي، فلما وقفت على رأسه قال: تفتي الناس بما لا علم لك، والله إن كان لأول عزوة في الإسلام ليدر، وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود، فكيف تكون "العاديات ضبحا" إنما العاديات ضبحا من عرفة إلى المزدلفة، فإذا أووا إلى المزدلفة أوقدوا النيران، والمغيرات صبحاً: من المزدلفة إلى منى، فذلك جمع، وأما قوله: "فأثرن به نقعا" فهي نقع الأرض تطؤه بأخفافها وحوافرها. قال ابن عباس: فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود "والعاديات ضبحا" قال: الإبل، أخرجوه عنه من طريق الأعمش عن إبراهيم النخعي. قال إبراهيم: وقال علي بن أبي طالب: هي الإبل. وقال ابن عباس: هي الخيل، فبلغ علياً قول ابن عباس: فقال: ما كانت لنا خيل يوم بدر. قال ابن عباس: إنما كانت تلك في سرية بعثت. وأخرج عبد بن حميد عن عامر الشعبي قال: تمارى علي وابن عباس في العاديات ضبحا، فقال ابن عباس: هي الخيل، وقال علي: كذبت يابن فلانة، والله ما كان معنا يوم بدر فارس إلا المقداد كان على فرس أبلق. قال: وكان يقول هي الإبل، فقال ابن عباس: ألا ترى أنها تثير نقعاً فما شيء تثير إلا بحوافرها. وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس "والعاديات ضبحا" قال: الخيل "فالموريات قدحا" قال: الرجل إذا أورى زنده "فالمغيرات صبحا" قال: الخيل تصبح العدو "فأثرن به نقعا" قال: التراب "فوسطن به جمعاً" قال: العدو. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد "والعاديات ضبحا" قال: قال ابن عباس: القتال. وقال ابن مسعود: الحج. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس "والعاديات ضبحا" قال: ليس شيء من الدواب يضبح إلا الكلب أو الفرس "فالموريات قدحا" قال: هو مكر الرجل قدح فأورى "فالمغيرات صبحا" قال: غارة الخيل صبحا "فأثرن به نقعا" قال. غباراً وقع سنابك الخيل "فوسطن به جمعا" قال: جمع العدو. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس "والعاديات ضبحا" قال: الخيل ضبحها زحيرها، ألم تر أن الفرس إذا عدا قال: أح أح، فذلك ضبحها. وأخرج ابن المنذر عن علي قال: الضبح من الخيل الحمحمة، ومن الإبل النفس. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود "والعاديات ضبحا" قال: هي الإبل في الحج "فالموريات قدحا" إذا سفت الحصى بمناسمها فضرب الحصى بعضه بعضاً فيخرج منه النار "فالمغيرات صبحا" حين يفيضون من جمع " فأثرن به نقعا " قال: إذا سرن يثرن التراب. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال: الكنود بلساننا أهل البلد الكفور. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "إن الإنسان لربه لكنود" قال لكفور. وأخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب والحكيم الترمذي وابن مردويه عن أبي أمامة قال: الكنود الذي يمنع رفده وينزل وحده ويضرب عبده. ورواه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والديلمي وابن عساكر مرفوعاً، وضعف إسناده السيوطي، وفي إسناده جعفر بن الزبير وهو متروك، والموقوف أصح لأنه لم يكن من طريقه. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس " وإنه على ذلك لشهيد " قال: الإنسان "وإنه لحب الخير" قال: المال. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه "إذا بعثر ما في القبور" قال: بحث "وحصل ما في الصدور" قال: أبرز.
11- "إن ربهم بهم"، جمع الكناية لأن الإنسان اسم الجنس، "يومئذ لخبير"، عالم، قال الزجاج: إن الله خبير بهم في ذلك اليوم وفي غيره، ولكن المعنى أنه يجازيهم على كفرهم في ذلك اليوم.
11-" إن ربهم بهم يومئذ " وهو يوم القيامة " لخبير " عالم بما أعلنوا وما أسروا فيجازيهم عليه ، وإنما قال " ما " ثم قال " بهم " لاختلاف شأنهم في الحالين ، وقرئ " أن " و خبير بلا لام . عن النبي صلى الله عليه وسلم" من قرأ سورة والعاديات أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من بات بالمزدلفة وشهد جمعاً " .
11. On that day will their Lord be perfectly informed concerning them.
11 - That their Lord had been well acquainted with them, (even to) that Day?