108 - (قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد) أي ما يوحى إلي في أمر الإله إلا وحدانيته (فهل أنتم مسلمون) منقادون لما يوحى إلي من وحدانية الإله والاستفهام بمعنى الأمر
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قال يا محمد : ما يوحي إلي ربي إلا انه لا إله لكم يجوز أن يعبد إلا إله واحد ، لا تصلح العبادة إلا له ، ولا ينبغي ذلك لغيره " فهل أنتم مسلمون " يقول : فهل أنتم مذعنون له أيها المشركون ، العابدون الأوثان والأصنام بالخضوع لذلك ، ومتبرئون من عبادة ما دونه من آلهتكم .
قوله تعالى: " قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد " فلا يجوز الإشراك به. " فهل أنتم مسلمون " أي منقادون لتوحيد الله تعالى، أي فأسلموا، كقوله تعالى: " فهل أنتم منتهون " [المائدة: 91] أي انتهوا.
يقول تعالى آمراً رسوله صلواته وسلامه عليه أن يقول للمشركين " إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون "أي متبعون على ذلك مستسلمون منقادون له "فإن تولوا" أي تركوا ما دعوتهم إليه "فقل آذنتكم على سواء" أي أعلمتكم أني حرب لكم كما أنكم حرب لي بريء منكم كما أنتم برآء مني, كقوله: " وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون " وقال: "وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء" أي ليكن علمك وعلمهم بنبذ العهود على السواء, وهكذا ههنا "فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء" أي أعلمتكم ببراءتي منكم وبراءتكم مني لعلمي بذلك.
وقوله: "وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون" أي هو واقع لا محالة, ولكن لا علم لي بقربه ولا ببعده "إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون" اي إن الله يعلم الغيب جميعه ويعلم ما يظهره العباد وما يسرون, يعلم الظواهر والضمائر, ويعلم السر وأخفى, ويعلم ما العباد عاملون في أجهارهم وأسرارهم, وسيجزيهم على ذلك القليل والجليل. وقوله: "وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين" أي وما أدري لعل هذا فتنة لكم ومتاع إلى حين. قال ابن جرير : لعل تأخير ذلك عنكم فتنة لكم ومتاع إلى أجل مسمى, وحكاه عون عن ابن عباس فالله أعلم "قال رب احكم بالحق" أي افصل بيننا وبين قومنا المكذبين بالحق. قال قتادة : كانت الأنبياء عليهم السلام يقولون: "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين" وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك, وعن مالك عن زيد بن أسلم : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شهد قتالاً قال: "رب احكم بالحق". وقوله: "وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون" أي على ما يقولون ويفترون من الكذب ويتنوعون في مقامات التكذيب والإفك, والله المستعان عليكم في ذلك.
آخر تفسير سورة الأنبياء عليهم السلام ولله الحمد والمنة.
ثم بين سبحانه أن أصل تلك الرحمة هو التوحيد والبراءة من الشرك فقال: 108- " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد " إن كانت ما موصولة فالمعنى: أن الذي يوحى إلي هو أن وصفه تعالى مقصور على الوحدانية لا يتجاوزها إلى ما يناقضها أو يضادها، وإن كانت ما كافة فالمعنى: أن الوحي إلي مقصور على استئثار الله بالوحدة، ووجه ذلك أن القصر أبداً يكون لما يلي إنما، فإنما الأولى لقصر الوصف على الشيء كقولك إنما يقوم زيد: أي ما يقوم إلا زيد. والثانية لقصر الشيء على الحكم كقولك إنما زيد قائم: أي ليس به إلا صفة القيام "فهل أنتم مسلمون" منقادون مخلصون للعبادة ولتوحيد الله سبحانه.
108. " قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون "، أي أسلموا.
108ـ " قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد " أي ما يوحى إلي إلا أنه لا إله لكم إلا إله واحد ، وذلك لأن المقصود الأصلي من بعثته مقصور على التوحيد فالأولى لقصر الحكم على الشيء والثانية على العكس . " فهل أنتم مسلمون " مخلصون العبادة لله تعالى على مقتضى الوحي المصدق بالحجة ، وقد عرفت أن التوحيد مما يصح إثباته بالسمع .
108. Say: It is only inspired in me that your God is One God. Will ye then surrender (unto Him)!
108 - Say: what has come to me by inspiration is that your God is one God: will ye therefore bow To his Will (in Islam)?