104 - (وما نؤخره إلا لأجل معدود) لوقت معلوم عند الله
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وما نؤخر يوم القيامة عنكم أن نجيئكم به إلا لأن يقضى ، فقضى له أجلاً فعده وأحصاه ، فلا يأتي إلا لأجله ذلك ، لا يتقدم مجيئه قبل ذلك ولا يتأخر .
قوله تعالى: " وما نؤخره " أي ما نؤخر ذلك اليوم. " إلا لأجل معدود " أي لأجل سبق به قضاؤنا، وهو معدود عندنا. " يوم يأتي " وقرىء ( يوم يأت) لأن الياء تحذف إذا كان قبلها كسرة، تقول: لا أدر، ذكره القشيري. قال النحاس : قرأه أهل المدينة وأبو عمرو و الكسائي بإثبات الياء في الإدراج، وحذفها في الوقف، وروي أن أبيا وابن مسعود قرأا ( يوم يأتي) بالياء في الوقف والوصل. وقرأ الأعمش وحمزة ( يوم يأت) بغير ياء في الوقف والوصل، قال أبو جعفر النحاس: الوجه في هذا ألا يوقف عليه، وأن يوصل بالياء، لأن جماعة من النحويين قالوا: لا تحذف الياء، ولا يجزم الشيء بغير جازم، فأما الوقف بغير ياء ففيه قول الكسائي ، قال: لأن الفعل السالم يوقف عليه كالمجزوم، فحذف الياء، كما تحذف الضمة. وأما قراءة حمزة فقد احتج أبو عبيد لحذف الياء في الوصل والوقف بحجتين إحداهما: أنه زعم أنه رآه في الإمام الذي يقال له إنه مصحف عثمان رضي الله عنه بغير ياء. والحجة الأخرى - أنه حكى أنها لغة هذيل، تقول: ما أدر، قال النحاس : أما حجته بمصحف عثمان رضي الله عنه فقيل لي ذهب، وأما حجته بقولهم: ( ما أدر) فلا حجة فيه، لأن هذا الحذف قد حكاه النحويون القدماء، ذكروا علته، وأنه لا يقاس عليه. وأنشد الفراء في حذف الياء:
كفاك كف ما تليق درهما جوداً وأخرى تعط بالسيف الدما
أي تعطي. وقد حكى سيبويه والخليل أن العرب تقول: لا أدر، فتحذف الياء وتجتزيء بالكسرة، إلا أنهم يزعمون أن ذلك لكثرة الاستعمال. قال الزجاج : والأجود في النحو إثبات الياء، قال: والذي أراه اتباع المصحف وإجماع القراء، لأن القراءة سنة، وقد جاء مثله في كلام العرب.
يقول تعالى إن في إهلاكنا الكافرين وإنجائنا المؤمنين "لاية" أي عظة واعتباراً على صدق موعودنا في الاخرة "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" وقال تعالى "فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين" الاية. وقوله: "ذلك يوم مجموع له الناس" أي أولهم وآخرهم كقوله: "وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً" "وذلك يوم مشهود" أي عظيم تحضره الملائكة ويجتمع فيه الرسل وتحشر الخلائق بأسرهم من الإنس والجن والطير والوحوش والدواب ويحكم فيه العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها, وقوله "وما نؤخره إلا لأجل معدود" أي ما نؤخر إقامة القيامة إلا لأنه قد سبقت كلمة الله في وجود أناس معدودين من ذرية آدم وضرب مدة معينة إذا انقطعت وتكامل وجود أولئك المقدر خروجهم قامت الساعة ولهذا قال: "وما نؤخره إلا لأجل معدود" أي لمدة مؤقتة لا يزاد عليها ولا ينتقص منها "يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه" أي يوم يأتي يوم القيامة لا يتكلم أحد إلا بإذن الله كقوله: "لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً" وقال: "وخشعت الأصوات للرحمن" الاية. وفي الصحيحين من حديث الشفاعة "ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم" وقوله: "فمنهم شقي وسعيد" أي فمن أهل الجمع شقي ومنهم سعيد كما قال "فريق في الجنة وفريق في السعير" وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده: حدثنا موسى بن حيان حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا سليمان أبو سفيان حدثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر قال: لما نزلت "فمنهم شقي وسعيد" سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله: علام نعمل ؟ على شيء قد فرغ منه أم على شيء لم يفرغ منه, فقال: "على شيء قد فرغ منه يا عمر وجرت به الأقلام, ولكن كل ميسر لما خلق له" ثم بين تعالى حال الأشقياء وحال السعداء فقال:
104- "وما نؤخره إلا لأجل معدود" أي وما نؤخر ذلك اليوم إلا لانتهاء أجل معدود معلوم بالعدد، قد عين الله سبحانه وقوع الجزاء بعده.
104- "وما نؤخره"، أي: وما نؤخر ذلك اليوم، فلا نقيم عليكم القيامة وقرأ يعقوب، وما يؤخره بالياء، "إلا لأجل معدود"، معلوم عند الله.
104."وما نؤخره"أي اليوم."إلا لأجل معدود"إلا لانتهاء مدة معدودة متناهية على حذف المضاف وإرادة مدة التأجيل كلها بالأجل لا منتهاها فإنه غير معدود.
104. And We defer it only as a term already reckoned.
104 - Nor shall we delay it but for a term appointed