103 - (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا) تمييز طابق المميز وبينهم بقوله
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : " قل " يا محمد لهؤلاء الذين يبغون عنتك ويجادلونك بالباطل ، ويحاورونك بالمسائل من أهل الكتابين : اليهود ، والنصارى " هل ننبئكم " أيها القوم" بالأخسرين أعمالا" يعني بالذين أتعبوا أنفسهم في عمل يبغون به ربحا وفضلا، فنالوا به عطبا وهلاكا ولم يدركوا طلبا، كالمشتري سلعة يرجو بها فضلا وربحا، فخاب رجاؤه ، وخسر بيعه ، ووكس في الذي رجا فضله . واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بذلك ، فقال بعضهم : عني به الرهبان والقسوس .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا المقبري ، قال : ثنا حيوة بن شريح ، قال : أخبرني السكن بن أبي كريمة ، أن أمه أخبرته أنها سمعت أبا خميصة عبد الله بن قيس يقول : سمعت علي بن أبي طالب يقول في هذه الآية " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا" هم الرهبان الذين حبسوا أنفسهم في الصوامع .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت حيوة يقول : ثني السكن بن أبي كريمة ، عن أمه أخبرته أنها سمعت عبد الله بن قيس يقول : سمعت علي بن أبي طالب يقول ، فذكر نحوه .
قوله تعالى: " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا " إلى قوله: " وزناً " فيه مسألتان:
الأولى: قوله تعالى: " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا " - الآية - فيه دلالة على أن من الناس من يعمل العمل وهو يظن أنه محسن وقد حبط سعيه، والذي يوجب إحباط السعي إما فساد الاعتقاد أو المراءاة، والمراد هنا الكفر. روى البخاري عن مصعب قال:
سألت أبي " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا " أهم الحرورية؟ قال: لا، هم اليهود والنصارى. أما اليهود فكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم، وأما النصارى فكفروا بالجنة، فقالوا: لا طعام فيها ولا شراب، والحرورية الذي ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، وكان سعد يسميهم الفاسقين. والآية معناها التوبيخ، أي قل لهؤلاء الكفرة الذين عبدوا غيري:
يخيب سعيهم وآمالهم غداً، فهم الأخسرون أعمالا،
قال البخاري : حدثنا محمد بن بشار , حدثنا محمد بن جعفر , حدثنا شعبة عن عمرو عن مصعب قال: سألت أبي يعني سعد بن أبي وقاص عن قول الله: "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً" أهم الحرورية ؟ قال: لا هم اليهود والنصارى, أما اليهود فكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم, وأما النصارى فكفروا بالجنة وقالو: لا طعام فيها ولا شراب, والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه, فكان سعد رضي الله عنه يسميهم الفاسقين, وقال علي بن أبي طالب والضحاك وغير واحد: هم الحرورية, ومعنى هذا عن علي رضي الله عنه أن هذه الاية الكريمة تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم, لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص ولا هؤلاء, بل هي أعم من هذا, فإن هذه الاية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى وقبل وجود الخوارج بالكلية, وإنما هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها, وأن عمله مقبول وهو مخطىء وعمله مردود, كما قال تعالى: " وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة * تصلى نارا حامية " وقال تعالى: "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً" وقال تعالى: "والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً" وقال تعالى في هذه الاية الكريمة: "قل هل ننبئكم" أي نخبركم "بالأخسرين أعمالاً" ثم فسرهم, فقال "الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا" أي عملوا أعمالاً باطلة على غير شريعة مشروعة مرضية مقبولة "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" أي يعتقدون أنهم على شيء وأنهم مقبولون محبوبون.
وقوله "أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه" أي جحدوا آيات الله في الدنيا وبراهينه التي أقام على وحدانيته وصدق رسله, وكذبوا بالدار الاخرة "فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً" أي لا نثقل موازينهم لأنها خالية عن الخير. قال البخاري : حدثنا محمد بن عبد الله , حدثنا سعيد بن أبي مريم , أخبرنا المغيرة , حدثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة ـ وقال ـ اقرءوا إن شئتم "فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً"". وعن يحيى بن بكير عن مغيرة بن عبد الرحمن , عن أبي الزناد مثله, هكذا ذكره عن يحيى بن بكير معلقاً, وقد رواه مسلم عن أبي بكر محمد بن إسحاق عن يحيى بن بكير به.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا أبو الوليد , حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد , عن صالح مولى التوأمة , عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بالرجل الأكول الشروب العظيم, فيوزن بحبة فلا يزنها" قال وقرأ "فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً" وكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب عن أبي الصلت عن أبي الزناد , عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعاً, فذكره بلفظ البخاري سواء. وقال أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار : حدثنا العباس بن محمد , حدثنا عون بن عمارة , حدثنا هشيم بن حسان عن واصل عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأقبل رجل من قريش يخطر في حلة له, فلما قام على النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بريدة هذا ممن لا يقيم الله له يوم القيامة وزناً" ثم قال: تفرد به واصل مولى أبي عنبسة , وعون بن عمارة وليس بالحافظ ولم يتابع عليه.
وقد قال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار , حدثنا عبد الرحمن , حدثنا سفيان عن الأعمش عن شمر عن أبي يحيى , عن كعب قال: يؤتى يوم القيامة برجل عظيم طويل, فلا يزن عند الله جناح بعوضة, اقرءوا "فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً". وقوله: "ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا" أي إنما جازيناهم بهذا الجزاء بسبب كفرهم واتخاذهم آيات الله ورسله هزواً, استهزءوا بهم وكذبوهم أشد التكذيب.
103- "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً" انتصاب أعمالاً على التمييز، والجمع للدلالة على إرادة الأنواع منها.
103 - قوله عز وجل : " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً " ، يعني : الذين أتعبوا أنفسهم في عمل يرجون به فضلاً ونوالاً ، فنالوا هلاكاً وبواراً ، كمن يشتري سلعة يرجو عليها ربحاً فخسر وخاب سعيه .
واختلفوا فيهم : قال ابن عباس ، وسعد بن أبي وقاص : هم اليهود والنصارى . وقيل : هم الرهبان
103."قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً "نصب على التمييز وجمع لأنه من أسماء الفاعلين أو لتنوع أعمالهم.
103. Say: Shall We inform you who will be the greatest losers by their works?
103 - Say: shall we tell you of those who lose most in respect of their deeds?