103 - (ثم ننجّي) المضارع لحكاية الحال الماضي (رسلنا والذين آمنوا) من العذاب (كذلك) الإنجاء (حقاً علينا ننج المؤمنين) النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين تعذيب المشركين
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قل، يا محمد، لهؤلاء المشركين من قومك: انتظروا مثل أيام الذين خلوا من قبلكم من الأمم السالفة الذين هلكوا بعذاب الله، فإن ذلك إذا جاء لم يهلك به سواهم ومن كان على مثل الذي هم عليه من تكذيبك، ثم ننجي هناك رسولنا محمداً صلى الله عليه وسلم ومن آمن به وصدقه واتبعه على دينه، كما فعلنا قبل ذلك برسلنا الذين أهلكنا أممهم، فأنجيناهم ومن آمن به معهم من عذابنا حين حق على أممهم، " كذلك حقا علينا ننج المؤمنين "، يقول: كما فعلنا بالماضين من رسلنا فأنجيناها والمؤمنين معها وأهلكنا أممها، كذلك نفعل بك، يا محمد، وبالمؤمنين، فننجيك وننجي المؤمنين بك، حقاً علينا غير شك.
قوله تعالى: "ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا" أي من سنتنا إذا أنزلنا بقوم عذاباً أخرجنا من بينهم الرسل والمؤمنين، و ثم معناه ثم اعلموا أنا ننجي رسلنا. "كذلك حقا علينا" أي واجباً علينا، لأنه أخبر ولا خلف في خبره. وقرأ يعقوب. ثم ننجي مخففاً. وقرأ الكسائي وحفص ويعقوب. ننجي المؤمنين مخففاً، وشدد الباقون، وهما لغتان فصيحتان: أنجى ينجي إنجاء، ونجى ينجي تنجية بمعنىً واحد.
يرشد تعالى عباده إلى التفكر في آلائه وما خلق الله في السموات والأرض من الايات الباهرة لذوي الألباب, مما في السموات من كواكب نيرات, ثوابت وسيارات, والشمس والقمر والليل والنهار واختلافهما وإيلاج أحدهما في الاخر حتى يطول هذا ويقصر هذا, ثم يقصر هذا ويطول هذا, وارتفاع السماء واتساعها وحسنها وزينتها وما أنزل الله منها من مطر فأحيا به الأرض بعد موتها, وأخرج فيها من أفانين الثمار والزروع والأزاهير وصنوف النبات وما ذرأ فيها من دواب مختلفة الأشكال والألوان والمنافع وما فيها من جبال وسهول وقفار وعمران وخراب, وما في البحر من العجائب والأمواج وهو مع هذا مسخر مذلل للسالكين يحمل سفنهم ويجري بها برفق بتسخير القدير لا إله إلا هو ولا رب سواه.
وقوله: " وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون " أي وأي شيء تغني الايات السماوية والأرضية والرسل بآياتها وحججها وبراهينها الدالة على صدقها عن قوم لا يؤمنون كقوله "إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون" الاية. وقوله: "فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم" أي فهل ينتظر هؤلاء المكذبون لك يا محمد من النقمة والعذاب إلا مثل أيام الله في الذين خلوا من قبلهم من الأمم الماضية المكذبة لرسلهم "قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين * ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا" أي ونهلك المكذبين بالرسل "كذلك حقاً علينا ننج المؤمنين" حقاً أوجبه الله تعالى على نفسه الكريمة كقوله: "كتب ربكم على نفسه الرحمة" وكما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي".
وثم في قوله: 103- "ثم ننجي رسلنا" للعطف على مقدر يدل عليه ما قبله كأنه قيل أهلكنا الأمم ثم نجينا رسلنا المرسلين إليهم. وقرأ يعقوب ثم "ننجي" مخففاً. وقرأ كذلك أيضاً في "حقاً علينا ننج المؤمنين". وروي كذلك عن الكسائي وحفص في الثانية. وقرأ الباقون بالتشديد، وهما لغتان فصيحتان: أنجى ينجي إنجاء، ونجى ينجي تنجية بمعنى واحد "والذين آمنوا" معطوف على رسلنا: أي نجيناهم ونجينا الذين آمنوا، والتعبير بلفظ الفعل المستقبل لاستحضار صورة الحال الماضية تهويلاً لأمرها "كذلك حقاً علينا" أي حق ذلك علينا حقاً، أو إنجاء مثل ذلك الإنجاء حقاً "ننج المؤمنين" من عذابنا للكفار، والمراد بالمؤمنين: الجنس، فيدخل في ذلك الرسل وأتباعهم، أو يكون خاصاً بالمؤمنين وهم أتباع الرسل، لأن الرسل داخلون في ذلك بالأولى.
103-"ثم ننجي رسلنا"، قرأ يعقوب ننجي خفيف مختلف عنه، "والذين آمنوا"، معهم عند نزول العذاب معناه: نجينا، مستقبل بمعنى الماضي، "كذلك"، كما نجيناهم، "حقاً"، واجبا، "علينا ننج المؤمنين"، قرأ الكسائي وحفص ويعقوب ننجي بالتخفيف والآخرون بالتشديد، ونجا وأنجى بمعنى واحد.
103."ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا" عطف على محذوف دل عليه"إلا مثل أيام الذين خلوا"كأنه قيل،نهلك الأمم ثم ننجي رسلنا ومن آمن بهم ، على حكاية الحال الماضية. "كذلك حقاً علينا ننج المؤمنين" كذلك الإنجاء أو إنحاء كذلك نندي محمداً وصحبه حين نهلك المشركين، و"حقاً علينا" اعتراض ونصبه بفعله المقدر .وقيل بدل من كذلك . وقرأ حفص والكسائي"ننجي"مخففاً.
103. Then shall We save Our messengers and the believers, in like manner (as of old). It is incumbent upon Us to save believers.
103 - In the end we deliver our apostles and those who believe: thus is it fitting on our part that we should deliver those who believe