100 - (أَوَلَم يهد للذين) يتبين (يرثون الأرض) بالسكنى (من بعد) هلاك (أهلها أن) فاعل مخففة واسمها محذوف أي أنه (لو نشاء أصبناهم) بالعذاب (بذنوبهم) كما أصبنا من قبلهم والهمزة في المواضع الأربعة للتوبيخ والفاء والواو الداخلة عليهما للعطف وفي قراءة بسكون الواو في الموضع الأول عطفا بأو (و) نحن (نطبع) نختم (على قلوبهم فهم لا يسمعون) الموعظة سماع تدبر
قال أبو جعفر: يقول: أو لم يبن للذين يستخلفون في الأرض بعد هلاك آخرين قبلهم كانوا أهلها، فساروا سيرتهم، وعملوا أعمالهم، وعتوا عن أمر ربهم، " أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم "، يقول: أن لو نشاء فعلنا بهم كما فعلنا بمن قبلهم، فأخذناهم بذنوبهم، وعجلنا لهم بأسنا كما عجلنا لمن كان قبلهم ممن ورثوا عنه الأرض، فأهلكناهم بذنوبهم، " ونطبع على قلوبهم "، يقول: ونختم على قلوبهم، " فهم لا يسمعون "، موعظةً ولا تذكيراً، سماع منتفع بهما.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " أولم يهد "، قال: يبين.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، مثله.
... قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " أولم يهد "، أو لم يبين.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها "، يقول: أو لم يتبين لهم.
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي : " أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها "، يقول: أو لم يتبين للذين يرثون الأرض من بعد أهلها، هم المشركون.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها "، أو لم نبين لهم، " أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم "، قال: و((الهدى))، البيان الذي بعث هادياً لهم، مبيناً لهم حتى يعرفوا. لولا البيان لم يعرفوا.
قوله تعالى: "أولم يهد" أي يبين. "للذين يرثون الأرض" يريد كفار مكة ومن حولهم. "أصبناهم" أي أخذناهم "بذنوبهم" أي بكفرهم وتكذيبهم. "ونطبع" أي ونحن نطبع، فهو مستأنف. وقيل: هو معطوف على أصبنا، أي نصيبهم ونطبع، فوقع الماضي موقع المستقبل.
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله "أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها" أو لم يتبين لهم أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم, وكذا قال مجاهد وغيره, وقال أبو جعفر بن جرير في تفسيرها: يقول تعالى أو لم يتبين للذين يستخلفون في الأرض من بعد إهلاك آخرين قبلهم كانوا أهلها فساروا سيرتهم وعملوا أعمالهم وعتوا على ربهم "أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم" يقول: أن لو نشاء فعلنا بهم كما فعلنا بمن قبلهم "ونطبع على قلوبهم" يقول ونختم على قلوبهم "فهم لا يسمعون" موعظة ولا تذكيراً (قلت) وهكذا قال تعالى: " أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى " وقال تعالى: " أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون " وقال " أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال * وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم " الاية, وقال تعالى: "وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً" أي هل ترى لهم شخصاً أو تسمع لهم صوتاً ؟.
وقال تعالى: " ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين " وقال تعالى بعد ذكره إهلاك عاد" فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين * ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون * ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون ".
وقال تعالى: "وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير" وقال تعالى: "ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير" وقال تعالى: " فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد * أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " وقال تعالى " ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " إلى غير ذلك من الايات الدالة على حلول نقمه بأعدائه وحصول نعمه لأوليائه ولهذا عقب بقوله وهو أصدق القائلين ورب العالمين.
قوله: 100- " أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها " قرئ نهد بالنون وبالتحتية فعلى القراءة بالنون يكون فاعل الفعل هو الله سبحانه ومفعول الفعل "أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم" أي أن الشأن هو هذا، وعلى القراءة بالتحتية يكون فاعل يهد هو "أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم" أي أخذناهم بكفرهم وتكذيبهم، والهداية هنا بمعنى التبيين، ولهذا عديت باللام. قوله: "ونطبع على قلوبهم" أي ونحن نطبع على قلوبهم على الاستئناف ولا يصح عطفه على أصبنا لأنهم ممن طبع الله على قلبه عدم قبولهم للإيمان، وقيل: هو معطوف على فعل مقدر دل عليه الكلام، كأنه قيل: يغفلون عن الهداية ونطبع، وقيل: معطوف على يرثون، قوله: "فهم لا يسمعون" جواب لو: أي صاروا بسبب إصابتنا لهم بذنوبهم والطبع على قلوبهم لا يسمعون ما يتلوه عليهم من أرسله الله إليهم من الوعظ والإعذار والإنذار.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة" قال: مكان الشدة الرخاء "حتى عفوا" قال: كثروا وكثرت أموالهم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: "حتى عفوا" قال: جموا. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: "قد مس آباءنا الضراء والسراء" قال: قالوا: قد أتى على آبائنا مثل هذا فلم يكن شيئاً "فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون". وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه في قوله: "ولو أن أهل القرى آمنوا" قال: بما أنزل الله "واتقوا" قال: ما حرمه الله "لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض" يقول: أعطتهم السماء بركتها والأرض نباتها. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق معاذ بن رفاعة عن موسى الطائفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكرموا الخبز فإن الله أنزله من بركات السماء وأخرجه من بركات الأرض". وأخرج البزار والطبراني، قال السيوطي: بسند ضعيف عن عبد الله ابن أم حرام قال: صليت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أكرموا الخبز فإن الله أنزله من بركات السماء وسخر له بركات الأرض، ومن تتبع ما يسقط من السفرة غفر له". وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: كان أهل قرية أوسع الله عليهم حتى كانوا يستنجون بالخبز فبعث الله عليهم الجوع. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: " أولم يهد " قال: أو لم نبين. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: "للذين يرثون الأرض من بعد أهلها" قال: المشركون.
100 - " أولم يهد " ، قرأ قتادة و يعقوب : ( نهد ) بالنون على التعظيم ، والباقون بالياء على التفريد ، يعني أو لم نبين ، " للذين يرثون الأرض من بعد " ، هلاك " أهلها " ، الذين كانوا فيها قبلهم " أن لو نشاء أصبناهم " ، أي : أخذناهم وعاقبناهم ، " بذنوبهم " كما عاقبنا من قبلهم ، " ونطبع " ، نختم " على قلوبهم فهم لا يسمعون " ، الإيمان ولا يقبلون الموعظة ، قال الزجاج : قوله " ونطبع على قلوبهم " منقطع عما قبله لأن قوله " أصبناهم " ماض و" نطبع " مستقبل .
100. " أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها " أي مخلفون من خلا قبلهم ويرثون ديارهم ، وإنما عدي يهد باللام لأنه بمعنى يبين . " أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم " أن الشأن لو نشاء أصبناهم بجزاء ذنوبهم كما أصبنا من قبلهم ،وهو فاعل يهد ومن قرأه بالنون جعله مفعولاً . " ونطبع على قلوبهم " عطف على ما دل عليه ، أو لم يهد أي يغفلون عن الهداية أو منقطع عنه بمعنى ونحن نطبع ، ولا يجوز عطفه على أصبناهم على أنه بمعنى وطبعنا لأنه في سياقه جواب لولا فضائه إلى نفي الطبع عنهم " فهم لا يسمعون " سماع تفهم واعتبار .
100. Is it not an indication to those who inherit the land after its people (who thus reaped the consequence of evil doing) that, if We will, We can smite them for their sins and print upon their hearts so that they hear not?
100 - To those who inherit the earth in succession to its (previous) possessors, is it not a guiding (lesson) that, if we so willed, we could punish them (too) for their sins, and seal up their hearts so that they could not hear?