10 - (يقولون) أي أرباب القلوب والأبصار استهزاء وإنكارا للبعث (أئنا) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين في الموضعين (لمردودون في الحافرة) أي أنرد بعد الموت إلى الحياة والحافرة اسم لأول الأمر ومنه رجع فلان حافرته والحافرة إذا رجع من حيث جاء
أخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب قال لما نزل قوله أئنا لمردودون في الحافرة قال كفار قريش لئن حيينا بعد الموت لنخسرن فنزلت قالوا تلك إذا كرة خاسرة
يقول تعالى ذكره : يقول هؤلاء المكذبون بالبعث من مشركي قريش إذا قيل لهم : إنكم مبعوثون من بعد الموت : أئنا لمردودون إلى حالنا الأولى قبل الممات ، فراجعون أحياء كما كنا قبل هلاكنا ، وقبل مماتنا ! وهو من قولهم : رجع فلان على حافرته : إذا رجع من حيث جاء ، ومنه قول الشاعر :
أحافرة على صلع وشيب معاذ الله من سفه وطيش
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " الحافرة " : يقول : الحياة .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن ابن عباس ، قوله " أإنا لمردودون في الحافرة " يقول : أئنا لنحيا بعد موتنا ، ونبعث من مكاننا هذا ؟
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة يقول " أإنا لمردودون في الحافرة " : أئنا لمبعوثون خلقاً جديداً ؟
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " في الحافرة " قال : أي مردودون خلقاً جديداً .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبي معشر ، عن محمد بن قيس أو محمد بن كعب القرظي " أإنا لمردودون في الحافرة " قال : في الحياة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن السدي " أإنا لمردودون في الحافرة " قال : في الحياة .
وقال آخرون : الحافرة : الأرض المحفورة التي حفرت فيها قبورهم ، فجعلوا ذلك نظير قوله " من ماء دافق " يعني مدفوق ، وقالوا : الحافرة بمعنى المحفورة ، ومعنى الكلام عندهم : أئنا لمردودون في قبورنا أمواتاً ؟
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " الحافرة " قال : الأرض ، نبعث خلقاً جديداً ، قال : البعث .
حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " أإنا لمردودون في الحافرة " قال : الأرض ، نبعث خلقاً جديداً .
وقال آخرون : الحافرة : النار .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت ابن زيد يقول في قول الله : " أإنا لمردودون في الحافرة " قال : الحافرة : النار ، وقرأ قول الله " تلك إذا كرة خاسرة " قال : ما أكثر أسماءها ، هي النار ، وهي الجحيم ، وهي سقر ، وهي جهنم ، وهي الهاوية ، وهي الحافرة ، وهي لظى وهي الحطمة .
قوله تعالى:" يقولون أإنا لمردودون في الحافرة " أي يقول هؤلاء المكذبون المنكرون للبعث، إذا قيل لهم إنكم تبعثون، قالوا منكرين متعجبين: أنرد بعد موتنا إلى أول الأمر فنعود أحياء كما كنا قبل الموت؟ وهو كقولهم " أإنا لمبعوثون خلقا جديدا " [ الإسراء :49] يقال: رجع فلان في حافرته، وعلى حافرته، أي رجع من حيث جاء، قاله قتادة. وأنشد ابن الأعرابي:
أحافرة على صلع وشيب معاذ الله من سفه وعار
يقول : أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي من الغزل والصبا بعد أن شبت وصلعت! ويقال: رجع على حافرته: أي الطريق الذي جاء منه. وقولهم في المثل: النقد عند الحافرة. قال يعقوب: أي عند أول كلمة. ويقال: التقى القوم فاقتتلوا عند الحافرة. أي عند أول ما التقوا. وقيل : الحافرة العاجلة، أي أئنا لمردودون إلى الدنيا فنصير أحياء كما كنا؟ قال الشاعر:
آليت لا أنساكم فاعلموا حتى يرد الناس في الحافرة
وقيل: الحافرة: الأرض التي تحفر فيها قبورهم، فهي بمعنى المحفورة، كقوله تعالى:" ماء دافق" [ الطارق:6] و " عيشة راضية" [ الحاقة:21]. والمعنى أئنا لمردودون في قبورنا أحياء. قاله مجاهد والخليل والفراء. وقيل : سميت الأرض الحافرة، لأنها مستقر الحوافر، كما سميت القدم أرضاً، لأنها على الأرض. والمعنى أئنا لراجعون بعد الموت إلى الأرض فنمشي على أقدامنا. وقال ابن زيد: الحافرة: النار، وقرأ " تلك إذا كرة خاسرة". وقال مقاتل و زيد بن أسلم : هي اسم من أسماء النار. وقال ابن عباس : الحافرة في كلام العرب: الدنيا. وقرأ أبو حيوة :(( الحفرة)) بغير ألف، مقصور من الحافر. وقيل الحفرة: الأرض المنتنة بأجساد موتاها، من قولهم : حفرت أسنانه، إذا ركبها الوسخ من ظاهرها وباطنها. ويقال: في أسنانه حفر، قد حفرت تحفر حفرا، مثل كسر يكس كسراً، إذا فسدت أصولها. وبنو أسد يقولون: في أسنانه بالتحريك. وقد حفرت مثال تعب تعبا، وهي أردأ اللغتين، قاله في الصحاح.
قال ابن مسعود وابن عباس ومسروق وسعيد بن جبير وأبو صالح وأبو الضحى والسدي "والنازعات غرقاً" الملائكة يعنون حين تنزع أرواح بني آدم, فمنهم من تأخذ روحه بعسر فتغرق في نزعها, ومنهم من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حلته من نشاط وهو قوله: "والناشطات نشطاً" قاله ابن عباس , وعن ابن عباس "والنازعات" هي أنفس الكفار تنزع ثم تنشط ثم تغرق في النار رواه ابن أبي حاتم وقال مجاهد "والنازعات غرقاً" الموت, وقال الحسن وقتادة "والنازعات غرقاً * والناشطات نشطاً" هي النجوم, وقال عطاء بن أبي رباح في قوله تعالى: "والنازعات" "والناشطات" هي القسي في القتال والصحيح الأول وعليه الأكثرون. وأما قوله تعالى: "والسابحات سبحاً" فقال ابن مسعود : هي الملائكة, وروي عن علي ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي صالح مثل ذلك, وعن مجاهد "والسابحات سبحاً" الموت, وقال قتادة : هي النجوم, وقال عطاء بن أبي رباح , هي السفن.
وقوله تعالى: "فالسابقات سبقاً" روي عن علي ومسروق ومجاهد وأبي صالح والحسن البصري يعني الملائكة, قال الحسن : سبقت إلى الإيمان والتصديق به وعن مجاهد : الموت. وقال قتادة : هي النجوم, وقال عطاء : هي الخيل في سبيل الله. وقوله تعالى: "فالمدبرات أمراً" قال علي ومجاهد وعطاء وأبو صالح والحسن وقتادة والربيع بن أنس والسدي : هي الملائكة, زاد الحسن : تدبر الأمر من السماء إلى الأرض يعني بأمر ربها عز وجل, ولم يختلفوا في هذا ولم يقطع ابن جرير بالمراد في شيء من ذلك, إلا أنه حكى في المدبرات أمراً أنها الملائكة ولا أثبت ولا نفى. وقوله تعالى: " يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة " قال ابن عباس : هما النفختان الأولى والثانية, وهكذا قال مجاهد والحسن وقتادة والضحاك وغير واحد, وعن مجاهد : أما الأولى وهي قوله جل وعلا: "يوم ترجف الراجفة" فكقوله جلت عظمته: "يوم ترجف الأرض والجبال" والثانية وهي الرادفة فهي كقوله "وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة" وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع , حدثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاءت الراجفة تتبعها الرادفة, جاء الموت بما فيه فقال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك, قال: إذاً يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك" وقد روى الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث سفيان الثوري بإسناده مثله, ولفظ الترمذي وابن أبي حاتم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: "يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه".
وقوله تعالى: "قلوب يومئذ واجفة" قال ابن عباس : يعني خائفة, وكذا قال مجاهد وقتادة "أبصارها خاشعة" أي أبصار أصحابها وإنما أضيف إليها للملابسة أي ذليلة حقيرة مما عاينت من الأهوال. وقوله تعالى: " يقولون أإنا لمردودون في الحافرة " يعني مشركي قريش ومن قال بقولهم في إنكار المعاد. يستبعدون وقوع البعث بعد المصير إلى الحافرة وهي القبور, قاله مجاهد , وبعد تمزق أجسادهم وتفتت عظامهم ونخورها, ولهذا قالوا: " أإذا كنا عظاما نخرة " وقرىء ناخرة وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة : أي بالية, قال ابن عباس : وهو العظم إذا بلي ودخلت الريح فيه "قالوا تلك إذاً كرة خاسرة" وعن ابن عباس ومحمد بن كعب وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي مالك والسدي وقتادة : الحافرة الحياة بعد الموت, وقال ابن زيد : الحافرة النار, وما أكثر أسماءها! هي النار والجحيم وسقر وجهنم والهاوية والحافرة ولظى والحطمة, وأما قولهم: "تلك إذاً كرة خاسرة" فقال محمد بن كعب : قالت قريش لئن أحيانا الله بعد أن نموت لنخسرن, قال الله تعالى: " فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة " أي فإنما هو أمر من الله لا مثنوية فيه ولا تأكيد, فإذا الناس قيام ينظرون وهو أن يأمر الله تعالى إسرافيل فينفخ في الصور نفخة البعث, فإذا الأولون والاخرون قيام بين يدي الرب عز وجل ينظرون, كما قال تعالى: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر" وقال تعالى: "وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب".
قال مجاهد: "فإنما هي زجرة واحدة" صيحة واحدة. وقال إبراهيم التيمي : أشد ما يكون الرب عز وجل غضباً على خلقه يوم يبعثهم, وقال الحسن البصري : زجرة من الغضب, وقال أبو مالك والربيع بن أنس : زجرة واحدة هي النفخة الاخرة. وقوله تعالى: "فإذا هم بالساهرة" قال ابن عباس : الساهرة الأرض كلها, وكذا قال سعيد بن جبير وقتادة وأبو صالح , وقال عكرمة والحسن والضحاك وابن زيد : الساهرة وجه الأرض, وقال مجاهد : كانوا بأسفلها فأخرجوا إلى أعلاها, قال والساهرة المكان المستوي, وقال الثوري : الساهرة أرض الشام, وقال عثمان بن أبي العاتكة : الساهرة أرض بيت المقدس, وقال وهب بن منبه : الساهرة جبل إلى جانب بيت المقدس, وقال قتادة أيضاً: الساهرة جهنم, وهذه أقوال كلها غريبة, والصحيح أنها الأرض وجهها الأعلى.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا حزر بن المبارك الشيخ الصالح , حدثنا بشر بن السري , حدثنا مصعب بن ثابت عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي "فإذا هم بالساهرة" قال: أرض بيضاء عفراء خالية كالخبزة النقي, وقال الربيع بن أنس : "فإذا هم بالساهرة" يقول الله عز وجل: "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار" ويقول تعالى: " ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولا أمتا " وقال تعالى: "ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة" وبرزت الأرض التي عليها الجبال وهي لا تعد من هذه الأرض وهي أرض لم يعمل عليها خطيئة ولم يهرق عليها دم.
10- " يقولون أإنا لمردودون في الحافرة " هذا حكاية لما يقوله المنكرون للبعث إذا قيل لهم إنكم تبعثون: أي أنرد إلى أول حالنا وابتداء أمرنا فنصير أحياء بعد موتنا، يقال رجع فلان في حافرته: أي رجع من حيث جاء، والحافرة عند العرب اسم لأول الشيء وابتداء الأمر، ومنه قولهم رجع فلان على حافرته: أي على الطريق الذي جاء منه، ويقال اقتتل القوم عند الحافرة: أي عند أول ما التقوا وسميت الطريق التي جاء منها حافرة لتأثيره فيها بمشيه فيها فهي حافرة بمعنى محفورة، ومن هذا قول الشاعر:
أحافرة على صلع وشيب معاذ الله من سفه وعار
أي أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي من الغزل بعد الشيب والصلع، وقيل الحافرة: العاجلة، والمعنى: إنا لمردودون إلى الدنيا، وقيل الحافرة: الأرض التي تحفر فيها قبورهم، ومنه قول الشاعر:
آليت لا أنساكم فاعلموا حتى يرد الناس في الحافرة
والمعنى: إنا لمردودون في قبورنا أحياء، كذا قال الخليل والفراء، وبه قال مجاهد. وقال ابن زيد: الحافرة النار، واستدل بقوله: "تلك إذاً كرة خاسرة". قرأ الجمهور "في الحافرة" وقرأ أبو حيوة في الحفرة.
10- "يقولون" يعني المنكرين للبعث إذا قيل لهم إنكم مبعوثون من بعد الموت: " أإنا لمردودون في الحافرة "؟ أي: إلى أول الحال وابتداء الأمر، فنصير أحياءً بعد الموت كما كنا؟ تقول العرب: رجع فلان في حافرته، أي رجع من حيث جاء، والحافرة عندهم اسم لابتداء الشيء، وأول الشيء.
وقال بعضهم: "الحافرة": وجه الأرض التي تحفر فيها قبورهم، سميت حافرة بمعنى المحفورة، كقوله: "عيشة راضية" أي مرضية.
وقيل: سميت حافرة لأنها مستقر الحوافر، أي أإنا لمردودون إلى الأرض فنبعث خلقاً جديداً نمشي عليها؟ وقال ابن زيد: "الحافرة" النار.
10-" يقولون أإنا لمردودون في الحافرة " في الحالة الأولى يعنون الحياة بعد الموت من قولهم رجع فلان في حافرته أي طريقه التي جاء فيها ، فحفرها أي أثر فيها بمشيه على النسبة كقوله تعالى : " في عيشة راضية " أو تشبيه القائل بالفاعل وقرئ في الحفرة بمعنى المحفورة يقال حفرت أسنانه فحفرت حفراً وهي حفرة .
10. (Now) they are saying: Shall we really be restored to our first state
10 - They say (now): What! Shall we indeed be returned to (our) former state?