10 - (وأنفقوا) في الزكاة (مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا) بمعنى هلا أو لا زائدة ولو للتمني (أخرتني إلى أجل قريب فأصدق) بإدغام التاء في الأصل في الصاد أتصدق بالزكاة (وأكن من الصالحين) بأن أحج قال ابن عباس رضي الله عنهما ما قصر أحد من الزكاة والحج إلا سأل الرجعة عند الموت
يقول تعالى ذكره : وأنفقوا أيها المؤمنون بالله ورسوله من الأموال التي رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول إذا نزل به الموت : يا رب هلا أخرتني فتمهل لي في الأجل إلى أجل قريب " فأصدق " يقول : فأزكي مالي " وأكن من الصالحين " يقل : وأعمل بطاعتك ، وأؤدي فرائضك .
وقيل : عني بقوله " وأكن من الصالحين " وأحج بيتك الحرام .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس و سعيد بن الربيع ، قال سعيد ، ثنا سفيان ، وقال يونس : أخبرنا سفيان عن أبي جناب عن الضحاك بن مزاحم ، عن ابن عباس ، قال : ما من أحد يموت لم يؤد زكاة ماله ولم يحج إلا سأل الكرة ، فقالوا : يا أبا عباس لا تزال تأتينا بالشيء ، لا نعرفه ، قال : فأنا أقرأ عليكم في كتاب الله " وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق " قال : أودي زكاة مالي " وأكن من الصالحين " قال : أحج .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي سنان ، عن رجل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : ما يمنع أحدكم إذا كان له مال يجب عليه فيه الزكاة أن يزكي ، وإذا أطاق الحج أن يحج من قبل أن يأتيه الموت ، فيسأل ربه الكرة فلا فلا يعطاها ، فقال رجل ،: أما تتقي الله ، يسأل المؤمن الكرة ؟ قال : نعم ، أقرأ عليكم قرآناً ، فقرأ " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله " فقال الرجل : فما الذي يوجب علي الحج ؟ قال : راحلة تحمله ونفقة تبلغه .
حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي و فضالة بن الفضل قال : عباد : أخبرنا يزيد أبو حازم مولى الضحاك ، وقال فضالة : ثنا بزيع عن الضحاك بن مزاحم في قوله " لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق " قال : فأتصدق بزكاة مالي " وأكن من الصالحين " قال : الحج .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله " إلى آخر السورة : هو الرجل المؤمن نزل به الموت وله مال كثير لم يزكه ، ولم يحج منه ، ولم يعط منه حق الله يسأل الرجعة عند الموت فيزكي ماله ، قال الله " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها " .
حدثني محمد بن سعد ،قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله " لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله " إلى قوله " وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت " قال : هو الرجل المؤمن إذا نزل به الموت وله مال لم يزكه ولم يحج منه ، ولم يعط حق الله فيه ، فيسأل الرجعة عند الموت ليتصدق من ماله ويزكي ، قال الله " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها " .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان " فأصدق وأكن من الصالحين " قال : الزكاة والحج .
واختلفت القراء في قراءة قوله " وأكن من الصالحين " فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار غير ابن محيصن و أبي عمرو : " وأكن " جزماً بها على تأويل قوله " فأصدق " لو لم تكن فيه الفاء ، وذلك أن قوله " فأصدق " لو لم تكن فيه الفاء كان جزماً وقرأ ذلك ابن محيصن و أبو عمرو ( وأكون ) بإثبات الواو ونصب ( وأكون ) عطفاً به على قوله " فأصدق " فنصب قوله ( وأكون ) إذ كان قوله " فأصدق " نصباً .
والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
فيه أربع مسائل: الأولى-: قوله " أنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت " يدل على وجوب تعجيل أداء الزكاة، ولا يجوز تأخيرها أصلاً. وكذلك سائر العبادات إذا تعين وقتها.
الثانية-: قوله تعالى: " فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين"سأل الرجعة إلى الدنيا ليعمل صالحاً. وروى الترمذي عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال: من كان له مال يبلغه حج بيت ربه أو تجب عليه فيه زكاة فلم يفعل، سأل الرجعة عند الموت. فقال رجل: يا بن عباس، اتق الله، إنما سأل الرجعة الكفار. فقال: سأتلو عليك بذلك قرآناً قال: فما يوجب الزكاة ؟ قال : إذا بلغ المال مائتين فصاعداً. قال: فما يوجب الحج ؟ قال: الزاد والراحة.
قلت: ذكره الحليمي أبو عبد الله الحسين بن الحسن في كتاب منهاج الدين مرفوعاً فقال: وقال: ابن عباس:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان عنده مال يبلغه الحج....." الحديث فذكره. وقد تقدم في آل عمران لفظه.
الثالثة-: قال ابن العربي: أخذ ابن عباس بعموم الآية في إنفاق الواجب خاصة دون نقل، فأما تفسيره بالزكاة فصحيح كله عموماً وتقديراً بالمائتين. وأما القول في الحج ففيه إشكال، لأنا إن قلنا: إن الحج على التراخي ففي المعصية في الموت قبل الخلاف بين العلماء، فلا تخرج الآية عليه. وإن قلنا : إن الحج على الفور فالآية ف العموم صحيح، لأن من وجب عليه الحج فلم يؤده لقي من الله ما يود أنه رجع ليأتي بما وليس لكلام ابن عباس فيه مدخل، لأجل أن الرجعة والعيد لا يدخل في المسائل المجتهد فيها ولا المختلف عليها، وإنما يدخل في المتفق عليه. والصحيح تناوله للواجب من الإنفاق كيف تصرف بالإجماع أو بنص القرآن، لأجل أن ما عدا ذلك لا يتطرق إليه تحقيق الوعيد.
الرابعة-: قوله تعالى: " لولا " أي هلا، فيكون استفهاماً. وقيل: لا صلة، فيكون الكلام بمعنى التمني. فأصدق نصل على جواب التمني بالفاء.
وأكن عطف على فأصدق وهي قراءة أبي عمرو وابن محيصن ومجاهد. وقرأ الباقون وأكن بالجزم عطفاً على موضع الفاء، لأن قوله: فأصدق لو لم تكن الفاء لكان مجزوماً، أي أصدق. ومثله: " من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم " فيمن جزم. قال ابن عباس: هذه الآية أشد على أهل التوحيد، لأنه لا يتمنى الرجوع في الدنيا أو التأخير فيها أحد له عند الله خير في الآخرة.
يقول تعالى آمراً لعباده المؤمنين بكثرة ذكره, وناهياً لهم عن أن تشغلهم الأموال والأولاد عن ذلك, ومخبراً لهم بأنه من التهى بمتاع الحياة الدنيا وزينتها عما خلق له من طاعة ربه وذكره, فإنه من الخاسرين الذين يخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة, ثم حثهم على الإنفاق في طاعته فقال: " وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين " فكل مفرط يندم عند الاحتضار ويسأل طول المدة ولو شيئاً يسيراً ليستعتب ويستدرك ما فاته وهيهات, كان ما كان وأتى ما هو آت, وكل بحسب تفريطه, أما الكفار فكما قال تعالى: " وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال " وقال تعالى: "حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون". ثم قال تعالى: "ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون" أي لا ينظر أحداً بعد حلول أجله. وهو أعلم وأخبر بمن يكون صادقاً في قوله وسؤاله ممن لورد لعاد إلى شر مما كان عليه ولهذا قال تعالى: "والله خبير بما تعملون".
وقال أبو عيسى الترمذي: حدثنا عبد بن حميد, حدثنا جعفر بن عون, حدثنا أبو جناب الكلبي عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال: من كان له مال يبلغه حج بيت ربه أو تجب عليه فيه زكاة فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت, فقال رجل: يا ابن عباس اتق الله فإنما يسأل الرجعة الكفار, فقال: سأتلو عليك بذلك قرآناً " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون * وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين * ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون " قال: فما يوجب الزكاة ؟ قال: إذا بلغ المال مائتين فصاعداً, قال: فما يوجب الحج ؟ قال: الزاد والبعير. ثم قال: حدثنا عبد بن حميد, حدثنا عبد الرزاق عن الثوري عن يحيى بن أبي حية وهو أبو جناب الكلبي عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ثم قال: وقد رواه سفيان بن عيينة وغيره عن أبي جناب عن الضحاك عن ابن عباس من قوله وهو أصح, وضعف أبا جناب الكلبي.
قلت: ورواية الضحاك عن ابن عباس فيها انقطاع والله أعلم. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا ابن نفيل, حدثنا سليمان بن عطاء عن مسلمة الجهني عن عمه يعني أبا مشجعة بن ربعي, عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ذكرنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الزيادة في العمر فقال "إن الله لا يؤخر نفساً إذا جاء أجلها, وإنما الزيادة في العمر أن يرزق الله العبد ذرية صالحة يدعون له فيلحقه دعاؤهم في قبره". آخر تفسير سورة المنافقين. ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة .
10- " وأنفقوا من ما رزقناكم " الظاهر أن المراد الإنفاق في الخر على عمومه، ومن للتبعيض أي أنفقوا بعض ما رزقناكم في سبيل الخير، وقيل المراد الزكاة المفروضة "من قبل أن يأتي أحدكم الموت" بأن تنزل به أسبابه ويشاهد حضور علاماته، وقدم المفعول على الفاعل للاهتمام "فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب" أي يقول عند نزول ما نزل به منادياً لربه هلا أمهلتني وأخرت موتي إلى أجل قريب: أي أمد قصير "فأصدق" أي فأتصدق بمالي " وأكن من الصالحين " قرأ الجمهور "فأصدق " بإدغام التاء في الصاد ، وانتصابه على أنه جواب التمني، وقيل إن لا في لولا زائدة، والأصل لو أخرتني. وقرأ أبي وابن مسعود وسعيد بن جبير فأتصدق بدون إدغام على الأصل. وقرأ الجمهور "وأكن" بالجزم على محل على موضع فأصدق لأنه على معنى إن أخرتني أصدق وأكن. وكذا قال أبو علي الفارسي وابن عطية وغيرهم. وقال سيبويه حاكياً عن الخليل: إنه جزم على توهم الشرط الذي يدل عليه التمني، وجعل سيبويه هذا نظير قول زهير:
بدا لي أني لست مدرك ما مضى ولا سابق شيئاً إذا كان حاثيا
فخفض ولا سابق عطفاً على مدرك الذي هو خبر ليس على توهم زيادة الباء فيه. وقرأ أبو عمرو وابن محيصن ومجاهد " وأكن " بالنصب عطفاً على فأصدق، ووجهها واضح. ولكن قال أبو عبيد: رأيت في مصحف عثمان وأكن بغير واو، وقرأ عبيد بن عمير وأكون بالرفع على الاستئناف: أي وأنا أكون. قال الضحاك: لا ينزل بأحد الموت لم يحج ولم يؤد زكاة إلا سأل الرجعة، وقرأ هذه الآية.
10- " وأنفقوا من ما رزقناكم "، قال ابن عباس: يريد زكاة الأموال، "من قبل أن يأتي أحدكم الموت"، فيسأل الرجعة، "فيقول رب لولا أخرتني"، هلا أخرتني أمهلتني. وقيل: لا صلة، فيكون الكلام بمعنى التمني، أي: لو أخرتني، "إلى أجل قريب فأصدق"، فأتصدق وأزكي مالي، "وأكن من الصالحين"، أي من المؤمنين.
نظيره قوله تعالى: "ومن صلح من آبائهم" (الرعد- 23) (غافر- 8)، هذا قول مقاتل وجماعة. وقالوا: نزلت الآية في المنافقين.
وقيل: نزلت الآية في المؤمنين.
والمراد بالصلاح هنا: الحج. وروى الضحاك، وعطية عن ابن عباس قال: ما من أحد يموت وكان له مال لم يؤد زكاته وأطاق الحج فلم يحج إلا سأل الرجعة عند الموت. وقرأ هذه الآية.
وقال: "وأكن من الصالحين" قرأ أبو عمرو وأكون بالواو ونصب النون على جواب التمني وعلى لفظ فأصدق، وقال: إنما حذفت الواو من المصحف اختصاراً.
وقرأ الآخرون: "وأكن" بالجزم عطفاً على قوله "فأصدق" لو لم يكن فيه الفاء، لأنه لو لم يكن فيه فاء كان جزماً. يعني: إن أخرتني أصدق وأكن، ولأنه مكتوب في المصحف بحذف الواو.
10-" أنفقوا مما رزقناكم " بعض أموالكم ادخاراً للآخرة . " من قبل أن يأتي أحدكم الموت " أي يرى دلالته " فيقول رب لولا أخرتني " هلا أمهلتني ." إلى أجل قريب " أمد غير بعيد . " فأصدق " فأتصدق . " و أكن من الصالحين " بالتدارك ، و جزم " أكن " للعطف على موضع الفاء وما بعده ، وقرأ أبو عمرو و أكون منصوباً عطفاً على " فأصدق " ، وقرئ بالرفع على و أنا أكون فيكون عدة بالصلاح .
10. And spend of that wherewith We have provided you before death cometh unto one of you and he saith: My Lord! If only thou wouldst reprieve me for a little while, then I would give alms and be among the righteous.
10 - And spend something (in charity) out of the substance which We have bestowed on you, before Death should come to any of you and he should say, O my Lord! Why didst thou not give me respite for a little while? I should then have given (largely) in charity, and I should have been one of the doers of God.