10 - (ولقد استهزئ برسل من قبلك) فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم (فحاق) نزل (بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون) وهو العذاب فكذا يحيق بمن استهزأ بك
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مسلياً عنه بوعيده المستهزئين به عقوبة ما يلقى منهم من أذى الاستهزاء به، والاستخفاف في ذات الله: هون عليك، يا محمد، ما أنت لاق من هؤلاء المستهزئين بك، المستخفين بحقك في وفي طاعتي، وامض لما أمرتك به من الدعاء إلى توحيدي والإقرار بي والإذعان لطاعتي، فإنهم إن تمادوا في غيهم، وأصروا على المقام على كفرهم، نسلك بهم سبيل أسلافهم من سائر الأمم من غيرهم، من تعجيل النقمة لهم، وحلول المثلات بهم. فقد استهزأت أمم من قبلك برسل أرسلتهم إليهم بمثل الذي أرسلتك به إلى قومك، وفعلوا مثل ما فعل قومك بك، "فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون"، يعني بقوله: فحاق، فنزل وأحاط بالذين هزئوا من رسلهم، "ما كانوا به يستهزئون"، يقول: العذاب الذي كانوا يهزأون به، وينكرون أن يكون واقعاً بهم على ما أنذرتهم رسلهم.
يقال منه: حاق بهم هذا الأمر يحيق بهم حيقاً وحيوقاً وحيقاناً.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "فحاق بالذين سخروا منهم"، من الرسل، "ما كانوا به يستهزئون"، يقول: وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
ثم قال مؤنسا لنبيه عليه الصلاة والسلام ومعزياً :" ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق " أي نزل بأممهم من العذاب ما أهلكوا به جزاء استهزائهم بأنبيائهم حاق بالشيء يحيق حيقاً نزل قال الله تعالى : " ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله " [ فاطر: 43] و ما في قوله : " ما كانوا " بمعنى الذي، وقيل:بمعنى المصدر: أي حاق بهم عاقبة استهزائهم.
يقول تعالى مخبراً عن المشركين وعنادهم ومكابرتهم للحق, ومباهتتهم ومنازعتهم فيه, "ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم" أي عاينوه ورأوا نزوله, وباشروا ذلك, "لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين" وهذا كما قال تعالى مخبراً عن مكابرتهم للمحسوسات " ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون * لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون " وكقوله تعالى: "وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم" "وقالوا لولا أنزل عليه ملك" أي ليكون معه نذيراً, قال الله تعالى: "ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون" أي لو نزلت الملائكة على ما هم عليه, لجاءهم من الله العذاب, كما قال الله تعالى: "ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذاً منظرين" وقوله "يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين" الاية. وقوله تعالى: "ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون" أي ولو أنزلنا مع الرسول البشري ملكاً, أي لو بعثنا إلى البشر رسولاً ملكياً, لكان على هيئة الرجل ليمكنهم مخاطبته والانتفاع بالأخذ عنه, ولو كان كذلك لالتبس عليهم الأمر, كما هم يلبسون على أنفسهم في قبول رسالة البشري, كقوله تعالى: "قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً" فمن رحمته تعالى بخلقه, أنه يرسل إلى كل صنف من الخلائق رسلاً منهم, ليدعو بعضهم بعضاً, وليمكن بعضهم أن ينتفع ببعض, في المخاطبة والسؤال, كما قال تعالى: " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم " الاية, قال الضحاك عن ابن عباس في الاية يقول: لو أتاهم ملك, ما أتاهم إلا في صورة رجل, لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النور, "وللبسنا عليهم ما يلبسون" أي ولخلطنا عليهم ما يخلطون, وقال الوالبي عنه: ولشبهنا عليهم. وقوله " ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه, ووعد له وللمؤمنين به بالنصرة والعاقبة الحسنة, في الدنيا والاخرة, ثم قال تعالى: "قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين" أي فكروا في أنفسكم, وانظروا ما أحل الله بالقرون الماضية, الذين كذبوا رسله, وعاندوهم, من العذاب والنكال والعقوبة في الدنيا, مع ما ادخر لهم من العذاب الأليم, في الاخرة, وكيف نجى رسله وعباده المؤمنين.
ثم قال سبحانه مؤنساً لنبيه صلى الله عليه وسلم ومسلياً له 10- "ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون" يقال: حاق الشيء يحيق حيقاً وحيوقاً وحيقاناً نزل: أي فنزل ما كانوا به يستهزئون، وأحاط بهم: وهو الحق حيث أهلكوا من أجل الاستهزاء به.
10- " ولقد استهزئ برسل من قبلك "، كما استهزئ بك يا محمد يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم، " فحاق "، قال الربيع [بن أنس]: فنزل، وقال عطاء : حل، وقال الضحاك : أحاط، " بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " ، أي: جزاء استهزائهم من العذاب والنقمة .
10- " ولقد استهزئ برسل من قبلك " تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عما يرى من قومه. " فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " فأحاط بهم الذي كانوا يستهزئون به حيث أهلكوا لأجله، أو فنزل بهم وبال استهزائهم.
10. Messengers (of Allah) have been derided before thee, but that whereat they scoffed surrounded such of them as did deride.
10 - Mocked were (many) apostles before thee; but their scoffers were hemmed in by the thing that they mocked.