10 - (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين) فأجدبت الأرض واشتد بهم الجوع إلى أن رأوا من شدله كهيئة الدخان بين السماء والأرض
ك أخرج البخاري عن ابن مسعود قال إن قريشا لما استعصوا على النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابهم قحط حتى أكلوا العظام فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد فأنزل الله فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل يا رسول الله استسق الله لمضر فإنها قد هلكت فاستسقى فسقوا فنزلت
يعني تعالى ذكره بقوله : " فارتقب " فانتظر يا محمد بهؤلاء المشركين من قومك الذين هم في شك يلعبون . وإنما هو افتعل ، من رقبته : إذا انتظرته وحرسته .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " فارتقب " : أي فانتظر .
وقوله : " يوم تأتي السماء بدخان مبين " اختلف أهل التأويل في هذا الذي أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يرتقبه ، وأخبره أن السماء تأتي فيه بدخان مبين : أي يوم هو ، ومتى هو ، وفي معنى الدخان الذي ذكر في هذا الموضع ، فقال بعضهم : ذلك حين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش ربه تبارك وتعالى أن يأخذهم بسنين كسني يوسف ، فأخذوا بالمجاعة ، قالوا : وعني بالدخان ما كان يصيبهم حينئذ في أبصارهم من شدة الجوع من الظلمة كهيئة الدخان .
ذكر من قال ذلك : حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي ، قال : ثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، قال : دخلنا المسجد ، فإذا رجل يقص على أصحابه ، ويقول : " يوم تأتي السماء بدخان مبين " تدرون ما ذلك الدخان ؟ ذلك دخان يأتي يوم القيامة ، فيأخذ أسماع المنافقين وأبصارهم ، ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام . قال : فأتينا ابن مسعود فذكرنا ذلك له وكان مضطجعاً ، ففزع ، فقعد فقال : إن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : "قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين"[ ص : 86 ] إن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم : الله أعلم ، سأحدثكم عن ذلك ، إن قريشاً لما أبطأت عن الإسلام ، واستعصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف ، فأصابهم من الجهد والجوع حتى أكلوا العظام والميتة ، وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان ، قال الله تبارك وتعالى " يوم تأتي السماء بدخان مبين * يغشى الناس هذا عذاب أليم " فقالوا : " ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون " قال الله جل ثناؤه : " إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون * يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون " [ الدخان : 15 ، 16 ] قال : فعادوا يوم بدر فانتقم الله منهم .
حدثني عبد الله بن محمد الزهري ، قال : ثنا مالك بن سعير ، قال : ثنا الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق قال : كان في المسجد رجل يذكر الناس ، فذكر نحو حديث عيسى ، عن يحيى بن عيسى ، إلا أنه قال : فانتقم يوم بدر ، فهي البطشة الكبرى .
حدثنا ابن حميد ، و عمرو بن الحميد ، قالا : ثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح ، عن مسروق ، قال : كنا عند عبد الله بن مسعود جلوساً وهو مضطجع بيننا ، فأتاه رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن : إنا قاصاً عند أبواب كندة يقص ويزعم أن آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار ، ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام . فقام عبد الله وجلس وهو غضبان ، فقال : يا أيها الناس اتقوا الله ، فمن علم شيئاً فليقل بما يعلم ، ومن لا يعلم فليقل : الله أعلم . وقال عمرو : فإنه أعلم لأحدكم أن يقول لما لا يعلم : الله أعلم ، وما على أحدكم أن يقول لما لا يعلم : لا أعلم ، فإن الله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم " قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين " " إن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى من الناس إدباراً ، قال : اللهم سبعاً كسبع يوسف ، فأخذتهم سنة حصت كل شيء ، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف ، ينظر أحدهم إلى السماء فيرى دخاناً من الجوع ، فأتاه أبو سفيان بن حرب فقال : يا محمد إنك جئت تأمر بالطاعة وبصلة الرحم ، وإن قومك قد هلكوا ، فادع الله لهم ، قال الله عز وجل : " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين " ... إلى قوله : " إنكم عائدون " قال : فكشف عنهم " يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون " فالبطشة يوم بدر ، وقد مضت آية الروم وآية الدخان ، والبطشة واللزام " .
حدثني أبو السائب ، قال : ثنا معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق قال : قال عبد الله : خمس قد مضين : الدخان ، واللزام ، والبطشة ، والقمر ، والروم .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، قال : شهدت جنازة فيها زيد بن علي فأنشأ يحدث يومئذ ، فقال : إن الدخان يجيء قبل يوم القيامة ، فيأخذ بأنف المؤمن الزكام ، ويأخذ بمسامع الكافر ، قال : قلت رحمك الله ، إن صاحبنا عبد الله قد قال غير هذا ، قال : إن الدخان قد مضى وقرأ هذه الآية " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين * يغشى الناس هذا عذاب أليم " قال : أصاب الناس جهد حتى جعل الرجل يرى ما بينه وبين السماء دخاناً ، فذلك قوله : " فارتقب " وكذا قرأ عبد الله إلى قوله : " مؤمنون " قال : " إنا كاشفوا العذاب قليلا " [ الإسراء : 8 ] قلت لزيد فعادوا ، فأعاد الله عليهم بدراً ، فذلك قوله : " وإن عدتم عدنا " [ الإسراء : 8 ] فذلك يوم بدر ، قال : فقبل والله . قال عاصم : فقال رجل يرد عليه ، فقال زيد رحمة الله عليه : " أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال : إنكم سيجيئكم رواة ، فما وافق القرآن فخذوا به ، وما كان غير ذلك فدعوه " .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا داود ، عن عامر ، عن ابن مسعود أنه قال : البطشة الكبرى يوم بدر ، وقد مضى الدخان .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن عوف ، قال :سمعت أبا العالية يقول : إن الدخان قد مضى .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن عمرو ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : مضى الدخان لسنين أصابتهم .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا أيوب ، عن محمد ، قال : نبئت أن ابن مسعود كان يقول : قد مضى الدخان ، كان سنين كسني يوسف .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " يوم تأتي السماء بدخان مبين " قال : الجدب وإمساك المطر عن كفار قريش ، إلى قوله : " إنا مؤمنون " .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " يوم تأتي السماء بدخان مبين " قال : كان ابن مسعود يقول : قد مضى الدخان ، وكان سنين كسني يوسف " يغشى الناس هذا عذاب أليم " .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " يوم تأتي السماء بدخان مبين " قد مضى شأن الدخان .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله " يوم نبطش البطشة الكبرى " قال : يوم بدر .
وقال آخرون : الدخان آية من آيات الله ، مرسلة على عباده قبل مجيء الساعة ، فيدخل في أسماع أهل الكفر به ، ويعتري أهل الإيمان به كهيئة الزكام ، قالوا : ولم يأت بعد ، وهو آت .
ذكر من قال ذلك :حدثني واصل بن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن فضيل ، عن الوليد بن جميع ، عن عبد الملك بن المغيرة ، عن عبد الرحمن بن البيلمان ، عن ابن عمر ، قال : يخرج الدخان ، فيأخذ المؤمن كهيئة الزكمة ، ويدخل في مسامع الكافر والمنافق ، حتى يكون كالرأس الحنيذ .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، قال : غدوت على ابن عباس ذات يوم ، فقال : ما نمت الليلة حتى أصبحت ، قلت : لم ؟ قال : قالوا طلع الكوكب ذو الذنب ، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق ، فما نمت حتى أصبحت .
حدثنا محمد بن بزيع ، قال : ثنا بشر بن المفضل ، عن عوف ، قال : قال الحسن : إن الدخان قد بقي من الآيات ، فإذا جاء الدخان نفخ الكافر حتى يخرج من كل سمع من مسامعه ، ويأخذ المؤمن كزكمة .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عثمان ، يعني ابن الهيثم ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن بنحوه .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي سعيد ، قال : يهيج الدخان بالناس . فأما المؤمن فيأخذه منه كهيئة الزكمة . وأما الكافر فيهيجه حتى يخرج من كل مسمع منه . قال : وكان بعض أهل العلم يقول : فما مثل الأرض يومئذ إلا كمثل بيت أوقد فيه ليس فيه خصاصة .
حدثني عصام بن رواد بن الجراح ، قال : ثني ابي ، قال : ثنا سفيان بن سعيد الثوري ، قال : ثنا منصور بن المعتمر ، عن ربعي بن حراش ، قال : " سمعت حذيفة بن اليمان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول الآيات الدجال ، ونزول عيسى ابن مريم ، ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا ، والدخان . قال حذيفة : يا رسول الله وما الدخان ؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية " يوم تأتي السماء بدخان مبين * يغشى الناس هذا عذاب أليم " يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوماً وليلة أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكام . وأما الكافر فيكون بمنزله السكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره " .
حدثني محمد بن عوف ، قال : ثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، قال : ثني أبي ، قال : ثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري ، قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ربكم أنذركم ثلاثاً : الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة ، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه ، والثانية الدابة ، والثالثة الدجال " .
وأولى القولين بالصواب في ذلك ما روي عن ابن مسعود من أن الدخان الذي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يرتقبه ، هو ما أصاب قومه من الجهد بدعائه عليهم ، على ما وصفه ابن مسعود من ذلك إن لم يكن خبر حذيفة الذي ذكرناه عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحاً ، وإن كان صحيحاً ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما أنزل الله عليه ، وليس لأحد مع قوله الذي يصح عنه قول ، وإنما لم أشهد له بالصحة ، لأن محمد بن خلف العسقلاني حدثني أنه سأل رواداً عن هذا الحديث ، هل سمعه من سفيان ؟ فقال له : لا ، فقلت له : فقرأته عليه ؟ فقال : لا ، فقلت له : فقرىء عليه وأنت حاضر فأقر به ؟ فقال : لا ، فقلت : فمن أين جئت به ؟ قال : جاءني به قوم فعرضوه علي وقالوا لي : اسمعه منا فقرأوه علي ، ثم ذهبوا ، فحدثوا به عني ، أو كما قال ، فلما ذكرت من ذلك لم أشهد له بالصحة ، وإنما قلت القول الذي قاله عبد الله بن مسعود هو أولى بتأويل الآية ، لأن الله جل ثناؤه توعد بالدخان مشركي قريش وأن قوله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين " في سياق خطاب الله كفار قريش وتقريعه إياهم بشرهم بقوله : " لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين * بل هم في شك يلعبون " [ الدخان : 8 - 9 ] ثم اتبع ذلك قوله لنبيه عليه الصلاة والسلام " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين " أمراً منه له بالصبر إلى أن يأتيهم بأسه وتهديداً للمشركين فهو بأن يكون إذ كان وعيداً لهم قد أحله بهم أشبه من أن يكون آخره عنهم لغيرهم . وبعد ، فإنه غير منكر أن يكون أحل بالكفار الذين توعدهم بهذا الوعيد ما توعدهم ، ويكون محلاً فيما يستأنف بعد بآخرين دخاناً على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا كذلك ، لأن الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تظاهرت بأن ذلك كائن ، فإنه قد كان ما روى عنه عبد الله بن مسعود ، فكلا الخبرين اللذين رويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيح .
وإن كان تأويل الآية في هذا الموضع ما قلنا ، فإذ كان الذي قلنا في ذلك أولى التأويلين ، فبين أن معناه : فانتظر يا محمد لمشركي قومك يوم تأتيهم السماء من البلاء الذي يحل بهم على كفرهم بمثل الدخان المبين لمن تأمله أنه دخان .
قوله تعالى : " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين " ارتقب معناه انتظر يا محمد بهؤلاء الكفار يوم تأتي السماء بدخان مبين ، قاله قتادة ، وقيل : معناه احفظ قولهم هذا لتشهد عليهم يوم تأتي السماء بدخان مبين ، ولذلك سمي الحاف رقيباً وفي الدخان أقول ثلاثة : الأول أنه من أشراط الساعة لم يجئ بعد ، وأنه يمكث في الأرض أربعين يوماً يملأ ما بين السماء والأرض ، فأما المؤمن فيصيبه مثل الزكام ، وأما الكافر والفاجر فيدخل في أنوفهم فيثقب مسامعهم ، ويضيق أنفاسهم ، وهو من آثار جهنم يوم القيامة ، وممن قال إن الدخان لم يأت بعد ، علي وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة و زيد بن علي و الحسن و ابن أبي مليكة وغيرهم ، وروى أبو سعيد الخدري مرفوعاً أنه دخان يهيج بالناس يوم القيامة ، يأخذ المؤمن منه كالزكمة ، وينفخ الكافر حتى يخرج من كل مسمع منه ذكره الماوردي ، وفي صحيح مسلم عن أبي الطفيل ، " عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : أطلع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر فقال : ما تذكرون ؟ قالوا : نذكر الساعة ، قال : إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات ، فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم " ، في رواية عن حذيفة : " إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات ، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب والدخان والدجال ودابة الأرض ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها ونار تخرج من قعر عدن ترحل الناس " ، وخرجه الثعلبي أيضاً ، عن حذيفة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول الآيات خروجاً الدجال ونزول عيسى ابن مريم ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم إذا قالوا وتصبح معهم إذا أصبحوا وتمسي معهم إذا أمسوا ، قلت يا نبي الله ، وما الدخان ؟ قال هذه الآية : " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين " يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوماً وليلة أما المؤمن فيصيبه منه شبه الزكام وأما الكافر فيكون يمنزلة السكران يخرج الدخان من فمه ومنخره وعينيه وأذنيه ودبره " ، فهذا قول ، القول الثاني ، أن الدخان هو ما أصاب قريشاً من الجوع بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى كان الرجل يرى بين السماء والأرض دخاناً ، قاله ابن مسعود قال : وقد كشفه الله عنهم ، ولو كان يوم القيامة لم يكشفه عنهم ، والحديث عنه بهذا في صحيح البخاري و مسلم و الترمذي ، قال البخاري : حدثني يحيى قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال : قال عبد الله : إنما كان هذا لأن قريشاً لما استعصت على النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف ، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام ، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد ، فأنزل الله تعالى : " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين * يغشى الناس هذا عذاب أليم " قال : فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل : يا رسول الله استسق الله لمضر فإنها قد هلكت ، قال : لمضر ! إنك لجريء ، فاستسقى فسقوا ، فنزلت : " إنكم عائدون " فلما أصابتهم الرفاهية ، فأنزل الله عز وجل : " يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون " قال : يعني يوم بدر ، قال أبو عبيدة : والدخان والجدب ، القتبي : سمي دخاناً ليبس الأرض منه حين يرتفع منها كالدخان ، القول الثالث ، إنه يوم فتح مكة لما حجبت السماء الغبرة ، قاله عبد الرحمن الأعرج .
يقول تعالى: بل هؤلاء المشركون في شك يلعبون أي قد جاءهم الحق اليقين وهم يشكون فيه ويمترون ولا يصدقون به, ثم قال عز وجل متوعداً لهم ومهدداً: "فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين" قال سليمان بن مهران الأعمش عن أبي الضحى مسلم بن صبيح, عن مسروق قال: دخلنا المسجد, يعني مسجد الكوفة عند أبواب كندة, فإذا رجل يقص على أصحابه "يوم تأتي السماء بدخان مبين" تدرون ما ذلك الدخان ؟ ذلك دخان يأتي يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام, قال: فأتينا ابن مسعود رضي الله عنه, فذكرنا له ذلك وكان مضطجعاً, ففزع فقعد وقال: إن الله عز وجل قال لنبيكم صلى الله عليه وسلم: "قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين" إن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم الله أعلم سأحدثكم عن ذلك, إن قريشاً لما أبطأت عن الإسلام واستعصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف, فأصابهم من الجهد والجوع حتى أكلوا العظام والميتة, وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان, وفي رواية فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد.
قال الله تعالى: " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين * يغشى الناس هذا عذاب أليم " فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل يا رسول الله استسق الله لمضر فإنها قد هلكت, فاستسقى صلى الله عليه وسلم لهم فسقوا فنزلت " إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون " قال ابن مسعود رضي الله عنه: فيكشف عنهم العذاب يوم القيامة فلما أصابهم الرفاهية عادوا إلى حالهم فأنزل الله عز وجل: "يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون" قال يعني يوم بدر قال ابن مسعود رضي الله عنه: فقد مضى خمسة: الدخان والروم والقمر والبطشة واللزام, وهذا الحديث مخرج في الصحيحين ورواه الإمام أحمد في مسنده, وهو عند الترمذي والنسائي في تفسيريهما, وعند ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق متعددة عن الأعمش به, وقد وافق ابن مسعود رضي الله عنه على تفسير الاية بهذا, وأن الدخان مضى: جماعة من السلف كمجاهد وأبي العالية وإبراهيم النخعي والضحاك وعطية العوفي, وهو اختيار ابن جرير.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا جعفر بن مسافر, حدثنا يحيى بن حسان, حدثنا ابن لهيعة, حدثنا عبد الرحمن الأعرج في قوله عز وجل: "يوم تأتي السماء بدخان مبين" قال: كان يوم فتح مكة وهذا القول غريب جداً بل منكر. وقال آخرون لم يمض الدخان بعد بل هو من أمارات الساعة كما تقدم من حديث أبي سريحة حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه, قال: أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة ونحن نتذاكر الساعة فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها, والدخان والدابة وخروج يأجوج ومأجوج وخروج عيسى بن مريم والدجال وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق, وخسف بالمغرب, وخسف بجزيرة العرب, ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس ـ أو تحشر الناس ـ تبيت معهم حيث باتوا, وتقيل معهم حيث قالوا". تفرد بإخراجه مسلم في صحيحه, وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن صياد: "إني خبأت لك خبأ" قال: هو الدخ, قال صلى الله عليه وسلم "اخسأ فلن تعدو قدرك" قال: وخبأ له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين" وهذا فيه إشعار بأنه من المنتظر المرتقب, وابن صياد كاشف على طريقة الكهان بلسان الجان, وهم يقرطمون العبارة, ولهذا قال هو الدخ, يعني الدخان, فعندها عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم مادته وأنها شيطانية فقال صلى الله عليه وسلم: "اخسأ فلن تعدو قدرك".
ثم قال ابن جرير: وحدثني عصام بن رواد بن الجراح, حدثنا أبي, حدثنا سفيان بن أبي سعيد الثوري, حدثنا منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش قال: سمعت حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول الايات الدجال ونزول عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام, ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا, والدخان ـ قال حذيفة رضي الله عنه يا رسول الله وما الدخان ؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاية "فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين * يغشى الناس هذا عذاب أليم" ـ يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوماً وليلة, أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة, وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره". قال ابن جرير: لو صح هذا الحديث لكان فاصلاً وإنما لم أشهد له بالصحة لأن محمد بن خلف العسقلاني حدثني أنه سأل رواداً عن هذا الحديث هل سمعه من سفيان ؟ فقال له: لا , قال فقلت: أقرأته عليه ؟ قال: لا , قال فقلت: أقرىء عليه وأنت حاضر فأقر به ؟ فقال: لا , فقلت له: فمن أين جئت به ؟ فقال: جاءني به قوم فعرضوه علي وقالوا لي اسمعه منا, فقرءوه علي ثم ذهبوا به فحدثوا به عني أو كما قال وقد أجاد ابن جرير في هذا الحديث ههنا, فإنه موضوع بهذا السند, وقد أكثر ابن جرير من سياقه في أماكن من هذا التفسير, وفيه منكرات كثيرة جداً, ولا سيما في أول سورة بني إسرائيل في ذكر المسجد الأقصى, والله أعلم.
وقال ابن جرير أيضاً: حدثنا محمد بن عوف, حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش, حدثني أبي, حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم أنذركم ثلاثاً: الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة, ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه, والثانية الدابة والثالثة الدجال". ورواه الطبراني عن هاشم بن يزيد عن محمد بن إسماعيل بن عياش به وهذا إسناد جيد. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا صفوان, حدثنا الوليد, حدثنا خليل عن الحسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يهيج الدخان بالناس, فأما المؤمن فيأخذه الزكمة, وأما الكافر فينفخه حتى يخرج من كل مسمع منه". ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه موقوفاً, وروى سعيد بن عوف عن الحسن مثله.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم, حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال: لم تمض آية الدخان بعد, يأخذ المؤمن كهيئة الزكام وتنفخ الكافر حتى ينفذ وروى ابن جرير من حديث الوليد بن جميع عن عبد الملك بن المغيرة, عن عبد الرحمن بن البيلماني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: يخرج الدخان فيأخذ المؤمن كهيئة الزكام, ويدخل مسامع الكافر والمنافق حتى يكون كالرأس الحنيذ أي المشوي على الرضف, ثم قال ابن جرير: حدثني يعقوب, حدثنا ابن علية عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة قال: غدوت على ابن عباس رضي الله عنهما ذات يوم فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت. قلت: لم ؟ قال: قالوا طلع الكوكب ذو الذنب, فخشيت أن يكون الدخان قد طرق فما نمت حتى أصبحت. وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن ابن أبي عمر عن سفيان عن عبد الله بن أبي يزيد, عن عبد الله بن أبي مليكة عن ابن عباس رضي الله عنهما فذكره, وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما حبر الأمة وترجمان القرآن, وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما التي أوردوها مما فيه مقنع, ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الايات المنتظرة مع أنه ظاهر القرآن, قال الله تبارك وتعالى: "فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين" أي بين واضح يراه كل أحد, وعلى ما فسر به ابن مسعود رضي الله عنه إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد, وهكذا قوله تعالى: "يغشى الناس" أي يتغشاهم ويعمهم, ولو كان أمراً خيالياً يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه "يغشى الناس".
وقوله تعالى: "هذا عذاب أليم" أي يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً كقوله عز وجل: " يوم يدعون إلى نار جهنم دعا * هذه النار التي كنتم بها تكذبون " أو يقول بعضهم لبعض ذلك. وقوله سبحانه وتعالى: "ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون" أي يقول الكافرون إذا عاينوا عذاب الله وعقابه سائلين رفعه وكشفه عنهم كقوله جلت عظمته "ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين" وكذا قوله جل وعلا: "وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال". وهكذا قال جل وعلا ههنا: "أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين * ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون". يقول: كيف لهم بالتذكر وقد أرسلنا إليهم رسولاً بين الرسالة والنذارة, ومع هذا تولوا عنه وما وافقوه بل كذبوه وقالوا معلم مجنون, وهذا كقوله جلت عظمته: " يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى " الاية وكقوله عز وجل: "ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب * وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد" إلى آخر السورة.
وقوله تعالى: " إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون " يحتمل معنيين: (أحدهما) أنه يقول تعالى ولو كشفنا عنكم العذاب ورجعناكم إلى الدار الدنيا, لعدتم إلى ما كنتم فيه من الكفر والتكذيب كقوله تعالى: "ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون" وكقوله جلت عظمته: "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون". و (الثاني) أن يكون المراد إنا مؤخرو العذاب عنكم قليلاً بعد انعقاد أسبابه ووصوله إليكم. وأنتم مستمرون فيما أنتم فيه من الطغيان والضلال, ولا يلزم من الكشف عنهم أن يكون باشرهم كقوله تعالى: "إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين". ولم يكن العذاب باشرهم واتصل بهم بل كان قد انعقد سببه عليهم, ولا يلزم أيضاً أن يكونوا قد أقلعوا عن كفرهم ثم عادوا إليه, قال الله تعالى إخباراً عن شعيب عليه السلام أنه قال لقومه حين قالوا: " لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين * قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها " وشعيب عليه السلام لم يكن قط على ملتهم وطريقتهم, وقال قتادة: إنكم عائدون إلى عذاب الله.
وقوله عز وجل: "يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون" فسر ذلك ابن مسعود رضي الله عنه بيوم بدر, وهذا قول جماعة ممن وافق ابن مسعود رضي الله عنه على تفسيره الدخان بما تقدم, وروي أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما من رواية العوفي عنه وعن أبي بن كعب رضي الله عنه, وهو محتمل, والظاهر أن ذلك يوم القيامة وإن كان يوم بدر يوم بطشة أيضاً قال ابن جرير: حدثني ابن علية, حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما قال ابن مسعود رضي الله عنه: البطشة الكبرى يوم بدر وأنا أقول هي يوم القيامة, وهذا إسناد صحيح عنه وبه يقول الحسن البصري وعكرمة في أصح الروايتين عنه, والله أعلم.
10- "فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين" الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، لأن كونهم في شك ولعب يقتضي ذلك، والمعنى: فانتظر لهم يا محمد يوم تأتي السماء بدخان مبين، وقيل المعنى: احفظ قولهم هذا لتشهد عليهم يوم تأتي السماء بدخان مبين.
وقد اختلف في هذا الدخان المذكور في الآية متى يأتي؟ فقيل إنه من أشراط الساعة، وأنه يمكث في الأرض أربعين يوماً. وقد ثبت في الصحيح أنه من جملة العشر الآيات التي تكون قبل قيام الساعة، وقيل إنه أمر قد قضى، وهو ما أصاب قريشاً بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان الرجل يرى بين السماء والأرض دخاناً، وهذا ثابت في الصحيحين وغيرهما: وذلك حين دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام، وكان الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، وقيل إنه يوم فتح مكة، وسيأتي في آخر البحث بيان ما يدل على هذه الأقوال.
10. " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين " اختلفوا في هذا الدخان:
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن كثير ، عن سفيان ، حدثنا منصور و الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال: " بينما رجل يحدث في كندة، فقال: يجيء دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، ويأخذ المؤمن [كهيئة] الزكام، ففزعنا فأتيت ابن مسعود وكان متكئاً فغضب فجلس، فقال: من علم فليقل، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم: لا أعلم، فإن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: " قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين " (ص-86)، وإن قريشاً أبطؤوا عن الإسلام فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال:اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام، ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان، فجاء أبو سفيان فقال: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم، فقرأ: " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين " إلى قوله: " إنكم عائدون "، أفيكشف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء؟ ثم عادوا إلى كفرهم، فذلك قوله: " يوم نبطش البطشة الكبرى "، يوم بدر و (لزاماً) يوم بدر، " الم * غلبت الروم " إلى " سيغلبون " (الروم-3)، والروم قد مضى."
10-" فارتقب " فانتظر لهم ." يوم تأتي السماء بدخان مبين " يوم شده ومجاعة فإن الجائع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان من ضعف بصره ، أو لأن الهواء يظلم عام القحط لقلة الأمطار وكثرة الغبار ، أو لأن العرب تسمي الشر الغالب دخاناً وقد قحطوا حتى أكلوا جيف الكلاب وعظامها ، وإسناد الإتيان إلى السماء لأن ذلك يكفه عن الأمطار ، أو يوم ظهور الدخان المعدود في أشراط الساعة لما روي عليه الصلاة والسلام لما قال : " أول الآيات الدخان ونزول عيسى عليه السلام ، ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر . قيل وما الدخان فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية وقال : يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوماً وليلة ، أما المؤمن فيصيبه كهيئة الزكام وأما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره " أو يوم القيامة والدخان يحتمل المعنيين .
10. But watch thou (O Muhammad) for the day when the sky will produce visible smoke
10 - Then watch thou for the Day that the sky will bring forth a kind of smoke (or mist) plainly visible,