10 - (دعواهم فيها) طلبهم يشتهونه في الجنة أن يقولوا (سبحانك اللهم) أي يا الله فإذا ما طلبوه وجدوه بين أيديهم (وتحيتهم) فيما بينهم (فيها سلام وآخر دعواهم أن) مفسرة (الحمد لله رب العالمين)
وأما قوله: " دعواهم فيها سبحانك اللهم "، فإن معناه: دعاؤهم فيها: سبحانك اللهم، كما: -
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرت قوله: " دعواهم فيها سبحانك اللهم "، قال: إذا مر بهم الطير يشتهونه، قالوا: " سبحانك اللهم "، وذلك دعواهم، فيأتيهم الملك بما اشتهوا، فيسلم عليهم، فيردون عليه، فذلك قوله: " وتحيتهم فيها سلام ". قال: فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم، فذلك قوله: " وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ".
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " دعواهم فيها سبحانك اللهم "، يقول: ذلك قولهم فيها، " وتحيتهم فيها سلام ".
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبيد الله الأشجعي قال، سمعت سفياناً يقول: " دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام "، قال: إذا أرادوا الشيء قالوا: " اللهم "، فيأتيهم ما دعوا به.
وأما قوله: " سبحانك اللهم "، فإن معناه: تنزيهاً لك، يا رب، مما أضاف إليك أهل الشرك بك، من الكذب عليك والفرية.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي، عن غير واحد، عطية فيهم: ((سبحان الله))، تنزيه لله.
حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان، عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: سمعت موسى بن طلحة قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ((سبحان الله))، قال: إبراء الله عن السوء ".
حدثنا أبو كريب، وأبو السائب، وخلاد بن أسلم قالوا، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا قابوس، عن أبيه: أن ابن الكواء سأل علياً رضي الله عنه عن ((سبحان الله))، قال: كلمة رضيها الله لنفسه.
حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي قال، حدثنا أبو أسامة، عن سفيان بن سعيد الثوري، عن عثمان بن عبد الله بن موهب الطلحي، عن موسى بن طلحة قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ((سبحان الله))، فقال: تنزيهاً لله عن السوء ".
حدثني علي بن عيسى البزار قال، حدثنا عبيد الله بن محمد قال، حدثنا عبد الرحمن بن حماد قال، حدثني حفص بن سليمان قال، حدثنا طلحة بن يحيى بن طلحة، عن أبيه، " عن طلحة بن عبيد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير ((سبحان الله))، فقال: هو تنزيه الله من كل سوء ".
حدثني محمد بن عمرو بن تمام الكلبي قال، حدثنا سليمان بن أيوب قال، حدثني أبي، عن جدي، " عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله: قول ((سبحان الله))؟ قال: تنزيه الله عن السوء ".
" وتحيتهم "، يقول: وتحية بعضهم بعضاً، " فيها سلام "، أي: سلمت وأمنت مما ابتلي به أهل النار.
والعرب تسمي الملك ((التحية))، ومنه قول عمرو بن معديكرب:
أزور بها أبا قابوس حتى أنيخ على تحيته بجندي
ومنه قول زهير بن جناب الكلبي:
من كل ما نال الفتى قد نلته إلا التحية
وقوله: " وآخر دعواهم "، يقول: وآخر دعائهم، " أن الحمد لله رب العالمين "، يقول: وآخر دعائهم أن يقولوا: " الحمد لله رب العالمين "، ولذلك خففت " أن "، ولم تشدد، لأنه أريد بها الحكاية.
قوله تعالى: "دعواهم فيها سبحانك اللهم" دعواهم: أي دعاؤهم، والدعوى مصدر دعا يدعو، كالشكوى مصدر شكا يشكو، أي دعاؤهم في الجنة أن يقولوا سبحانك اللهم وقيل: إذا أرادوا أن يسألوا شيئاً أخرجوا السؤال بلفظ التسبيح ويختمون بالحمد. وقيل: نداؤهم الخدم ليأتوهم بما شاؤوا ثم سبحوا. وقيل: إن الدعاء هنا بمعنى التمني قال الله تعالى: "ولكم فيها ما تدعون" [فصلت:31] أي ما تتمنون. والله أعلم.
قوله تعالى: "وتحيتهم فيها سلام" أي تحية الله لهم أو تحية الملك أو تحية بعضهم لبعض: سلام. وقد مضى في النساء معنى التحية مستوفى. والحمد لله.
قوله تعالى: "وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين" فيه أربع مسائل:
الأولى- قيل: إن أهل الجنة إذا مر بهم الطير واشتهوه قالوا: سبحانك اللهم. فيأتيم الملك بما اشتهوا، فإذا أكلوا حمدوا الله فسؤالهم بلفظ التسبيح والختم بلفظ الحمد. ولم يحك أبو عبيد إلا تخفيف أن ورفع ما بعدها، قال: وإنما نراهم اختاروا هذا وفرقوا بينها وبين قوله عز وجل: "أن لعنة الله" [النور:7] و "أن غضب الله" [النور:9] لأنهم أرادوا الحكاية حين يقال الحمد لله. قال النحاس: مذهب الخليل وسيبويه أن أن هذه مخففة من الثقيلة، والمعنى أنه الحمد لله. قال محمد بن يزيد: ويجوز أن الحمد لله يعملها خفيفة عملها ثقيلة، والرفع أقيس. قال النحاس: وحكى أبو حاتم أن بلال بن أبي بردة قرأ وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.
قلت: وهي قراءة ابن محيصن، حكاها الغرنوي لأنه يحكي عنه.
الثانية: التسبيح والحمد والتهليل قد يسمى دعاء، روى مسلم والبخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب:
"لا إله إلا الله العظيم الحليم. لا إله إلا الله رب العرش العظيم. لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم". قال الطبري: كان السلف يدعون بهذا الدعاء ويسمونه دعاء الكرب. وقال ابن عيينة وقد سئل عن هذا فقال: أما علمت "أن الله تعالى يقول: إذا شغل عبدي ثناؤه عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين". والذي يقطع النزاع وأن هذا يسمى دعاء وإن لم يكن فيه من معنى الدعاء شيء وإنما هو تعظيم لله تعالى وثناء عليه ما رواه النسائي عن سعد بن أبي وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانه إني كنت من الظالمين فإنه لن يدعو بها مسلم في شيء إلا استجيب له".
الثالثة- من السنة لمن بدأ بالأكل أن يسمي الله عند أكله وشربه ويحمده عند فراغه اقتداء بأهل الجنة، وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها".
الرابعة- يستحب للداعي أن يقول في آخر دعائه كما قال أهل الجنة: وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين، وحسن أن يقرأ آخر والصافات فإنها جمعت تنزيه البارئ تعالى عما نسب إليه، والتسليم على المرسلين، والختم بالحمد لله رب العالمين.
هذا إخبار عن حال السعداء الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين وامتثلوا ما أمروا به فعملوا الصالحات بأنه سيهديهم بإيمانهم, يحتمل أن تكون الباء ههنا سببية فتقديره بسبب إيمانهم في الدنيا يهديهم الله يوم القيامة على الصراط المستقيم حتى يجوزوه ويخلصوا إلى الجنة, ويحتمل أن تكون للاستعانة كما قال مجاهد في قوله: "يهديهم ربهم بإيمانهم" قال: يكون لهم نوراً يمشون به, وقال ابن جريج في الاية: يمثل له عمله في صورة حسنة وريح طيبة إذا قام من قبره يعارض صاحبه ويبشره بكل خير فيقول له: من أنت ؟ فيقول: أنا عملك فيجعل له نوراً من بين يديه حتى يدخله الجنة فذلك قوله تعالى: "يهديهم ربهم بإيمانهم" والكافر يمثل له عمله في صورة سيئة وريح منتنة فيلزم صاحبه ويلازه حتى يقذفه في النار, وروي نحوه عن قتادة مرسلاً فالله أعلم, وقوله: " دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " أي هذا حال أهل الجنة. قال ابن جريج أخبرت بأن قوله: "دعواهم فيها سبحانك اللهم" قال: إذا مر بهم الطير يشتهونه قالوا سبحانك اللهم وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما يشتهونه فيسلم عليهم فيردون عليه فذلك قوله: "وتحيتهم فيها سلام" قال فإذا أكلوا حمدوا الله فذلك قوله: "وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين".
وقال مقاتل بن حيان: إذا أراد أهل الجنة أن يدعوا بالطعام قال أحدهم "سبحانك اللهم" قال فيقوم على أحدهم عشرة آلاف خادم مع كل خادم صحفة من ذهب فيها طعام ليس في الأخرى قال فيأكل منهن كلهن, وقال سفيان الثوري: إذا أراد أحدهم أن يدعو بشيء قال "سبحانك اللهم" وهذه الاية فيها شبه من قوله: "تحيتهم يوم يلقونه سلام" الاية. وقوله: " لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما " وقوله: "سلام قولاً من رب رحيم" وقوله: " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم " الاية, وقوله "وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين" هذا فيه دلالة على أنه تعالى هو المحمود أبداً, المعبود على طول المدى, ولهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه واستمراره وفي ابتداء كتابه وعند ابتداء تنزيله حيث يقول تعالى: "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب" "الحمد لله الذي خلق السموات والأرض" إلى غير ذلك من الأحوال التي يطول بسطها وأنه المحمود في الأولى والاخرة في الحياة الدنيا وفي الاخرة وفي جميع الأحوال ولهذا جاء في الحديث: إن أهل الجنة يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس. وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون من تزايد نعم الله عليهم فتكرر وتعاد وتزداد فليس لها انقضاء ولا أمد فلا إله إلا هو ولا رب سواه.
قوله: 10- "دعواهم" أي دعاؤهم ونداؤهم، وقيل: الدعاء العبادة كقوله تعالى: "وأعتزلكم وما تدعون من دون الله" وقيل: معنى دعواهم هنا الادعاء الكائن بين المتخاصمين. والمعنى: أن أهل الجنة يدعون في الدنيا والآخرة تنزيه الله سبحانه من المعايب والإقرار له بالإلهية. قال القفال: أصله من الدعاء لأن الخصم يدعو خصمه إلى من يحكم بينهما، وقيل معناه: طريقتهم وسيرتهم، وذلك أن المدعي للشيء مواظب عليه فيمكن أن تجعل الدعوى كناية عن الملازمة وإن لم يكن في قوله: "سبحانك اللهم" دعوى ولا دعاء، وقيل معناه: تمنيهم كقوله: "ولهم ما يدعون" وكأن تمنيهم في الجنة ليس إلا تسبيح الله وتقديسه، وهو مبتدأ وخبره سبحانك اللهم، و "فيها" أي في الجنة. والمعنى القول الأول: أن دعاءهم الذي يدعون به في الجنة هو تسبيح الله وتقديسه، والمعنى: نسبحك يا ألله تسبيحاً. قوله: "وتحيتهم فيها سلام" أي تحية بعضهم للبعض، فيكون المصدر مضافاً إلى الفاعل، أو تحية الله أو الملائكة لهم، فيكون من إضافة المصدر إلى المفعول. وقد مضى تفسير هذا في سورة النساء، قوله: "وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين" أي وخاتمة دعائهم الذي هو التسبيح أن يقولوا: الحمد لله رب العالمين. قال النحاس: مذهب الخليل أن أن هذه مخففة من الثقيلة. والمعنى: أنه الحمد لله. وقال محمد بن يزيد المبرد: ويجوز أن تعملها خفيفة عملها ثقيلة. والرفع أقيس، ولم يحك أبو عبيد إلا التخفيف. وقرأ ابن محيصن بتشديد أن ونصب الحمد.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: "ورضوا بالحياة الدنيا" قال: مثل قوله: "من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها" الآية. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد أيضاً في قوله: "يهديهم ربهم بإيمانهم" قال: يكون لهم نور يمشون به. وأخرج أبو الشيخ عن قتادة مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: "يهديهم ربهم بإيمانهم" قال: حدثنا الحسن قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة وريح طيبة، فيقول له: ما أنت؟ فوالله إني لأراك عين امرئ صدق، فيقول له: أنا عملك، فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة، وأما الكافر فإذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة وريح منتنة، فيقول له: ما أنت؟ فوالله إني لأراك عين امرئ سوء، فيقول له: أنا عملك، فينطلق به حتى يدخله النار". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج نحوه. وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قالوا سبحانك اللهم أتاهم ما اشتهوا من الجنة من ربهم". وقد روي نحو هذا عن جماعة من التابعين. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي الهذيل قال: الحمد أول الكلام وآخر الكلام، ثم تلا: "وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين".
10-"دعواهم"، أي: قولهم وكلامهم. وقيل: دعاؤهم. "فيها سبحانك اللهم"، وهي كلمة تنزيه، تنزه الله من كل سوء. وروينا: "أن أهل الجنة يلهمون الحمد والتسبيح، كما يلهمون النفس".
قال أهل التفسير: هذه الكلمة علامة بين أهل الجنة والخدم في الطعام، فإذا أرادوا الطعام قالوا: سبحانك اللهم، فأتوهم في الوقت بما يشتهون علىالموائد، كل مائدة ميل في ميل، على كل مائدة سبعون ألف صحفة، وفي كل صحفة لون من الطعام لا يشبه بعضها بعضا، فإذ فرغوا من الطعام حمدوا لله، فذلك قوله تعالى:"وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين".
قوله تعالى: "وتحيتهم فيها سلام" أي: يحي بعضهم بعضا بالسلام. وقيل: تحية الملائكة لهم بالسلام.
وقيل: تأتيهم الملائكة من عند ربهم بالسلام.
"وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين"، يريد: يفتتحون كلامهم بالتسبيح، ويختمونه بالتحميد.
10."دعواهم فيها"أي دعاؤهم."سبحانك اللهم " اللهم إنا نسبحك تسبيحاً. "وتحيتهم" ما يحيي به بعضهم بعضاً، أو تحية الملائكة إياهم. " فيها سلام وآخر دعواهم"وآخر دعائهم."أن الحمد لله رب العالمين"أي أن يقولوا ذلك ، ولعل المعنى أنهم إذا دخلوا الجنة وعاينوا عظمة الله وكبرياءه مجدوه ونعتوه بنعوت الجلال، ثم حياهم الملائكة بالسلامة عن الآفات والفوز بأصناف الكرامات أو الله تعالى فحمدوه وأثنوا عليه بصفات الإكرام ، و"أن " هي المخففة من الثقلية وقد قرئ بها وبنصب "الحمد".
10. Their prayer therein will be: Glory be to Thee, O Allah! and their greeting therein will be : Peace. And the conclusion of their prayer will be : Praise be to Allah, Lord of the Worlds!
10 - (This will be) their cry therein: Glory to thee, O God and peace will be their greeting therein and the close of their cry will be: praise be to God, the cherisher and sustainer of the worlds