1 - (يسبح لله) ينزهه فاللام زائدة (ما في السماوات وما في الأرض) في ذكره ما تغليب للأكثر (الملك القدوس) المنزه عما لا يليق به (العزيز الحكيم) في ملكه وصنعه
يقول تعالى ذكره : يسبح لله كل ما في السموات السبع ، وكل ما في الأرضين من خلقه ، ويعظمه طوعاً وكرهاً ، " الملك القدوس " الذي له ملك الدنيا والآخرة وسلطانهما ، النافذ أمره في السموات والأرض ، وما فيهما ، القدوس : وهو الطاهر من كل ما يضيف إليه المشركون به ، ويصفونه به مما ليس من صفاته المبارك " العزيز " يعني الشديد في انتقامه من أعدائه " الحكيم " في تدبيره خلقه ، وتصريفه إياهم فيما هو أعلم به من مصالحهم .
مدنية في قول الجميع ، وهي إحدى عشرة آية .وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة " . وعنه قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ونحن أول من يدخل الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فاختلفوا فهدانا الله لما اختفوا فيه من الحق فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه هدانا الله له - قال - يوم الجمعة فاليوم لنا وغدا لليهود وبعد غد للنصارى ."
تقدم الكلام فيه . وقرأ أبو العالية ونصر بن عاصم " الملك القدوس العزيز الحكيم ". كلها رفعا ،أي هو الملك .
تفسير سورة الجمعة
وهي مدنية
عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين, رواه مسلم في صحيحه.
بسم الله الرحمـن الرحيم
يخبر تعالى أنه يسبح له ما في السموات وما في الأرض, أي من جميع المخلوقات ناطقها وجامدها, كما قال تعالى: "وإن من شيء إلا يسبح بحمده" ثم قال تعالى: "الملك القدوس" أي هو مالك السموات والأرض المتصرف فيهما بحكمه, وهو المقدس, أي المنزه عن النقائص الموصوف بصفات الكمال "العزيز الحكيم" تقدم تفسيرهما غير مرة. وقوله تعالى: "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم" الأميون هم العرب, كما قال تعالى: "وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم ؟ فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد" وتخصيص الأميين بالذكر لا ينفي من عداهم, ولكن المنة عليهم أبلغ وأكثر, كما قال تعالى في قوله: "وإنه لذكر لك ولقومك" وهو ذكر لغيرهم يتذكرون به, وكذا قال تعالى: " وأنذر عشيرتك الأقربين " وهذا وأمثاله لا ينافي قوله تعالى: "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً" وقوله: "لأنذركم به ومن بلغ" وقوله تعالى إخباراً عن القرآن: "ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده" إلى غير ذلك من الايات الدالة على عموم بعثته, صلوات الله وسلامه عليه, إلى جميع الخلق أحمرهم وأسودهم, وقد قدمنا تفسير ذلك في سورة الأنعام بالايات والأحاديث الصحيحة, ولله الحمد والمنة.
وهذه الاية هي مصداق إجابة الله لخليله إبراهيم, حين دعا لأهل مكة أن يبعث الله فيهم رسولاً منهم, يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة, فبعثه الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة على حين فترة من الرسل وطموس من السبل, وقد اشتدت الحاجة إليه, وقد مقت الله أهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب, أي نزراً يسيراً ممن تمسك بما بعث الله به عيسى ابن مريم عليه السلام, ولهذا قال تعالى: "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" وذلك أن العرب كانوا قديماً متمسكين بدين إبراهيم الخليل عليه السلام, فبدلوه وغيروه وقلبوه وخالفوه واستبدلوا بالتوحيد شركاً وباليقين شكاً, وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله, وكذلك أهل الكتاب قد بدلوا كتبهم وحرفوها وغيروها وأولوها, فبعث الله محمداً صلوات الله وسلامه عليه بشرع عظيم كامل شامل لجميع الخلق, فيه هدايتهم والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم, والدعوة لهم إلى ما يقربهم إلى الجنة ورضا الله عنهم, والنهي عما يقربهم إلى النار وسخط الله تعالى حاكم فاصل لجميع الشبهات والشكوك والريب في الأصول والفروع, وجمع له تعالى وله الحمد والمنة جميع المحاسن ممن كان قبله وأعطاه ما لم يعط أحداً من الأولين ولا يعطيه أحداً من الاخرين, فصلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين.
وقوله تعالى: " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم" قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله, حدثنا سليمان بن بلال عن ثور عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة "وآخرين منهم لما يلحقوا بهم" قالوا: من هم يا رسول الله ؟ فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثاً, وفينا سلمان الفارسي فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي ثم قال: "لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال ـ أو رجل ـ من هؤلاء" ورواه مسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن جرير من طرق, عن ثور بن زيد الديلي عن سالم أبي الغيث عن أبي هريرة به, ففي هذا الحديث دليل على أن هذه السورة مدنية وعلى عموم بعثته صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس, لأنه فسر قوله تعالى: "وآخرين منهم" بفارس, ولهذا كتب كتبه إلى فارس والروم وغيرهم من الأمم, يدعوهم إلى الله عز وجل وإلى اتباع ما جاء به, ولهذا قال مجاهد وغير واحد في قوله تعالى: "وآخرين منهم لما يلحقوا بهم" قال: هم الأعاجم وكل من صدق النبي صلى الله عليه وسلم من غير العرب, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي, حدثنا الوليد بن مسلم, حدثنا أبو محمد عيسى ابن موسى عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال ونساء من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب" ثم قرأ: " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم" يعني بقية من بقي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: "وهو العزيز الحكيم" أي: ذو العزة والحكمة في شرعه وقدره, وقوله تعالى: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم" يعني ما أعطاه الله محمداً صلى الله عليه وسلم من النبوة العظيمة وما خص به أمته من بعثته صلى الله عليه وسلم إليهم.
هي إحدى عشرة آية
وهي مدنية. قال القرطبي: في قول الجميع. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: نزلت سورة الجمعة بالمدينة. وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله وأخرج مسلم وأهل السنن عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة سورة الجمعة و"إذا جاءك المنافقون". وأخرج مسلم وأهل السنن عن ابن عباس نحوه. وأخرج ابن حبان والبيهقي في سننه عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة "قل يا أيها الكافرون" و"قل هو الله أحد" وكان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة سورة الجمعة والمنافقون.
قوله: 1- "يسبح لله ما في السموات وما في الأرض" قد تقدم تفسير هذا في أول سورة الحديد، وما بعدها من المسبحات "الملك القدوس العزيز الحكيم" قرأ الجمهور بالجر في هذه الصفات الأربع على أنها نعت لله، وقيل على البدل، والأول أولى. وقرأ أبو وائل بن محارب وأبو العالية ونصر بن عاصم ورؤبة بالرفع على إضمار مبتدأ، وقرأ الجمهور "القدوس" بضم القاف، وقرأ زيد بن علي بفتحها، وقد تقدم تفسيره.
1- "يسبح لله ما في السموات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم".
1-" يسبح لله ما في السموات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم " وقد قرئ الصفات الأربع بالرفع على المدح .
Surah 62. Al-Jumu'a
1. All that is in the heavens and all that is in the earth glorifieth Allah, the Sovereign Lord, the Holy One, the Mighty, the Wise.
SURA 62: JUMU'AH
1 - Whatever is in the heavens and on earth, doth declare the Praises and Glory of God, the Sovereign, the Holy One, the Exalted in Might, the Wise.