[التين : 3] وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ
3 - (وهذا البلد الأمين) مكة لأمن الناس فيها جاهلية وإسلاما
وقوله : " وهذا البلد الأمين " يقول : وهذا البلد الآمن من أعدائه أن يحاربوا أهله ، أو يغزوهم . وقيل : الأمين ، ومعناه : الآمن ، كما قال الشاعر :
ألم تعلمي يا أسم ويحك أنني حلفت يميناً لا أخون أميني
يريد : آمني ، وهذا كما قال جل ثناؤه : " أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم " [ العنكبوت : 67] .
وإنما عني بقوله" وهذا البلد الأمين ": مكة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال :ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " وهذا البلد الأمين " قال : مكة .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا روح ، قال ثنا عوف ، عن يزيد أبي عبد الله ، عن كعب في قول الله " وهذا البلد الأمين "قال : البلد الحرام .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا روح ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله " وهذا البلد الأمين "قال : البلد الحرام .
قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، وحدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، وحدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، وعن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " وهذا البلد الأمين "قال مكة .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سلام بن سليم ، عن خصيف ، عن مجاهد " وهذا البلد الأمين ": مكة .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا المعتمر ، قال : سمعت الحكم يحدث عن عكرمة " وهذا البلد الأمين "قال : البلد الحرام .
قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سئل عكرمة ، عن قوله " وهذا البلد الأمين " قال : مكة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعي ، عن قتادة " وهذا البلد الأمين " يعني : مكة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " وهذا البلد الأمين " قال : المسجد الحرام .
حدثنا ابن بشار ، قل : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان عن حماد ، عن إبراهيم " وهذا البلد الأمين " : مكة .
قوله تعالى:" وهذا البلد الأمين"
يعني مكة. سماه أميناً لأنه آمن، كما قال:" أنا جعلنا حرما آمنا " [العنكبوت:67] فالأمين: بمعنى الآمن، قاله الفراء وغيره. قال الشاعر:
ألم تعلمي يا أسم ويحك أنني حلفت يميناً لا أخون أميني
يعني : آمني. وبهذا احتج من قال: إنه أراد بالتين دمشق، وبالزيتون بيت المقدس. فأقسم الله بجبل دمشق، لأنه مأوى عيسى عليه السلام، وبجبل بيت المقدس، لأنه مقام الأنبياء عليهم السلام، وبمكة لأنه أثر إبراهيم ودار محمد صلى الله عليه وسلم.
اختلف المفسرون ههنا على أقوال كثيرة فقيل المراد بالتين مسجد دمشق, وقيل: هي نفسها, وقيل الجبل الذي عندها, وقال القرطبي : هو مسجد أصحاب الكهف, وروى العوفي عن ابن عباس أنه مسجد نوح الذي على الجودي, وقال مجاهد : هو تينكم هذا "والزيتون" قال كعب الأحبار وقتادة وابن زيد وغيرهم: هو مسجد بيت المقدس. وقال مجاهد وعكرمة : هو هذا الزيتون الذي تعصرون "وطور سينين" قال كعب الأحبار وغير واحد: هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام, "وهذا البلد الأمين" يعني مكة, قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وإبراهيم النخعي وابن زيد وكعب الأحبار ولا خلاف في ذلك, وقال بعض الأئمة: هذه محال ثلاثة بعث الله في كل واحد منها نبياً مرسلاً من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار:
(فالأول) محلة التين والزيتون وهي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم عليه السلام. (والثاني) طور سينين, وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن عمران. (والثالث) مكة, وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمناً, وهو الذي أرسل فيه محمداً صلى الله عليه وسلم, قالوا: وفي آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة: جاء الله من طور سيناء ـ يعني الذي كلم الله عليه موسى بن عمران ـ وأشرق من ساعير ـ يعني جبل بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى ـ واستعلن من جبال فاران ـ يعني جبال مكة التي أرسل الله منها محمداً صلى الله عليه وسلم فذكرهم مخبراً عنهم على الترتيب الوجودي بحسب ترتيبهم في الزمان, ولهذا أقسم بالأشرف ثم الأشرف منه ثم بالأشرف منهما.
وقوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" هذا هو المقسم عليه, وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وشكل منتصب القامة سوي الأعضاء حسنها "ثم رددناه أسفل سافلين" أي إلى النار, قاله مجاهد وأبو العالية والحسن وابن زيد وغيرهم, ثم بعد هذا الحسن والنضارة مصيرهم إلى النار إن لم يطع الله ويتبع الرسل لهذا قال: "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات" وقال بعضهم "ثم رددناه أسفل سافلين" أي إلى أرذل العمر, وروي هذا عن ابن عباس وعكرمة حتى قال عكرمة : من جمع القرآن لم يرد إلى أرذل العمر, واختار ذلك ابن جرير , ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك لأن الهرم قد يصيب بعضهم, وإنما المراد ما ذكرناه كقوله تعالى: " والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " وقوله: "فلهم أجر غير ممنون" أي غير مقطوع كما تقدم.
ثم قال: "فما يكذبك" أي يا ابن آدم "بعد بالدين" أي بالجزاء في المعاد, ولقد علمت البداءة وعرفت أن من قدر على البداءة فهو قادر على الرجعة بطريق الأولى, فأي شيء يحملك على التكذيب بالمعاد وقد عرفت هذا ؟ قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور قال: قلت لمجاهد "فما يكذبك بعد بالدين" عنى به النبي صلى الله عليه وسلم قال: معاذ الله, عنى به الإنسان وهكذا قال عكرمة وغيره. وقوله تعالى: "أليس الله بأحكم الحاكمين" أي أما هو أحكم الحاكمين الذي لا يجور ولا يظلم أحداً, ومن عدله أن يقيم القيامة فينتصف للمظلوم في الدنيا ممن ظلمه. وقد قدمنا في حديث أبي هريرة مرفوعاً "فإذا قرأ أحدكم والتين والزيتون فأتى على آخرها "أليس الله بأحكم الحاكمين" فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين" آخر تفسير سورة التين والزيتون ولله الحمد والمنة.
3- "وهذا البلد الأمين" يعني مكة، سماه أميناً لأنه آمن كما قال: "أنا جعلنا حرماً آمناً" يقال أمن الرجل أمانة فهو أمين. قال الفراء وغيره: الأمين بمعنى الآمن، ويجوز أن يكون فعيلاً بمعنى مفعول من أمنه لأنه مأمون الغوائل.
3- "وهذا البلد الأمين"، أي الآمن، يعني: مكة، يأمن فيه الناس في الجاهلية والإسلام، هذه كلها أقسام.
3-" وهذا البلد الأمين " أي الآمن من أمن الرجل أمانة فهو أمين ، أو المأمون فيه يأمن فيه من دخله والمراد به مكة .
3. And by this land made safe;
3 - And this City of security,