[البلد : 3] وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ
3 - (ووالد) أي آدم (وما ولد) ذريته وما بمعنى من
وقوله : " ووالد وما ولد " يقول تعالى ذكره : فاقسم بوالد وبولده الذي ولد .
ثم اختلف أهل التأويل في المعنى بذلك من الوالد وما ولد ، فقال بعضهم : عني بالوالد . كل والد ، وما ولد : كل عاقر لم يلد .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن عطية ، عن شريك عن خصيف ، عن عكرمة عن ابن عباس " ووالد وما ولد " قال : الوالد : الذي يلد ، وما ولد : العاقر الذي لا يولد له .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان عن خصيف عن عكرمة ، عن ابن عباس " ووالد وما ولد " قال : العاقر والتي تلد .
حدثنا أبو كريب ، قال ثنا وكيع ، عن النضر بن عربي ، عن عكرمة " ووالد وما ولد " قال العاقر ، والتي تلد .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس " ووالد وما ولد " قال : هو الوالد وولده .
وقال آخرون : عني بذلك : آدم وولده .
ذكر من قال ذلك :
حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد " ووالد وما ولد " قال : الوالد : آدم ، وما ولد : ولده .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، قوله " ووالد وما ولد " قال : ولده .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " ووالد وما ولد " قال : آدم وما ولد .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة " ووالد وما ولد " قال : آدم وما ولد .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن أبي زائدة ، عن ابن أبي خالد ، عن أبي صالح في قوله " ووالد وما ولد " قال : آدم وما ولد .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله " ووالد وما ولد " قال : الوالد : آدم ، وما ولد : ولده .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران عن سفيان ، قوله " ووالد وما ولد " قال : آدم وما ولد .
حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله " ووالد وما ولد " قال : آد وما ولد .
وقال آخرون : عني بذلك :إبراهيم وما ولد .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن موسى الحرشي ، قال : ثنا جعفر بن سليمان ، قال :سمعت أبا عمران الجوني يقرأ " ووالد وما ولد " قال : إبراهيم وما ولد .
والصواب من القول في ذلك ، ما قاله الذين قالوا : إن الله أقسم بكل والد ووالده ، لأن الله عم كل والد وما ولد . وغير جائز أن يخص ذلك إلا بحجة يجب التسليم لها من خبر ، أو عقل ، ولا خبر بخصوص ذلك ، ولا برهان يجب التسليم له بخصوصه ، فهو على عمومه كما عمه .
قوله تعالى: " ووالد وما ولد" قال مجاهد وقتادة والضحاك والحسن وأبو صالح : " ووالد" آدم عليه السلام. " وما ولد" أي وما نسل من ولده. أقسم بهم لأنهم أعجب ما خلق الله تعالى على وجه الأرض، لما فيهم من التبيان والنطق والتدبير، وفيهم الأنبياء والدعاة إلى الله تعالى. وقيل: هو إقسام بآدم والصالحين من ذريته، وأما غير الصالحين فكأنهم بهائم. وقيل: الوالد إبراهيم. وما ولد: ذريته، وأما غير الصالحين فكأنهم بهائم. وقيل: الوالد إبراهيم. وما ولد: ذريته، قاله أبو عمران الجوني ، ثم يحتمل أنه يريد جميع ذريته. ويحتمل أنه يريد المسلمين من ذريته. قال الفراء : وصلحت (ما) للناس، كقوله: " ما طاب لكم" [النساء:3]، وكقوله: " وما خلق الذكر والأنثى" [الليل:3] وهو الخالق للذكر والأنثى، وقيل: (ما) مع ما بعدها في موضع المصدر،أي ووالد وولادته، كقوله تعالى:" والسماء وما بناها" [الشمس:5]. وقال عكرمة وسعيد جبير :"ووالد" يعني الذي يولد له."وما ولد" يعني العاقر الذي لا يولد له، وقاله ابن عباس. و(ما) على هذا نفي. وهو بعيد، ولا يصح إلا بإضمار الموصول، أي ووالد والذي ما ولد، وذلك لا يجوز عند البصريين. وقيل: هو عموم في كل والد وكل مولود، قاله عطية العوفي . وروي معناه عن ابن عباس أيضاً، وهو اختبار الطبري . قال الماوردي: ويحتمل أن الوالد النبي صلى الله عليه وسلم، لتقدم ذكره، وما ولد أمته، لـ"قوله عليه السلام:
(إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم) " . فأقسم به وبأمته بعد أن أقسم ببلده، مبالغة في تشريفه عليه السلام.
هذا قسم من الله تبارك وتعالى بمكة أم القرى في حال كون الساكن فيها حالاً لينبه على عظمة قدرها في حال إحرام أهلها, قال خصيف عن مجاهد "لا أقسم بهذا البلد" لا رد عليهم. أقسم بهذا البلد. وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس "لا أقسم بهذا البلد" يعني مكة "وأنت حل بهذا البلد" قال أنت با محمد يحل لك أن تقابل به, وكذا روي عن سعيد بن جبير وأبي صالح وعطية والضحاك وقتادة والسدي وابن زيد , وقال مجاهد ما أصبت فيه فهو حلال لك, وقال قتادة : "وأنت حل بهذا البلد" قال: أنت به من غير حرج ولا إثم, وقال الحسن البصري أحلها الله له ساعة من نهار, وهذا المعنى الذي قالوه ورد به الحديث المتفق على صحته. "إن هذا البلد حرم الله يوم خلق السموات والأرض, فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شجره ولا يختلى خلاه, وإنما أحلت لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس, ألا فليبلغ الشاهد الغائب" وفي لفظ آخر: "فإن أحد ترخص بقتال رسول الله فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم".
وقوله تعالى: "ووالد وما ولد" قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب , حدثنا ابن عطية عن شريك عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: "ووالد وما ولد" الوالد الذي يلد وما ولد العاقر الذي لا يولد له, ورواه ابن أبي حاتم من حديث شريك وهو ابن عبد الله القاضي به, وقال عكرمة الوالد العاقر وما ولد الذي يلد رواه ابن أبي حاتم . وقال مجاهد وأبو صالح وقتادة والضحاك وسفيان الثوري وسعيد بن حبير والسدي والحسن البصري وخصيف وشرحبيل بن سعد وغيرهم: يعني بالوالد آدم وما ولد ولده, وهذا الذي ذهب إليه مجاهد وأصحابه حسن قوي, لأنه تعالى لما أقسم بأم القرى وهي أم المساكن أقسم بعده بالساكن وهو آدم أبو البشر وولده, وقال أبو عمران الجوني : هو إبراهيم وذريته, رواه ابن جرير وابن أبي حاتم , واختار ابن جرير أنه عام في كل والد وولده وهو محتمل أيضاً.
وقوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" روي عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة ومجاهد وإبراهيم النخعي وخيثمة والضحاك وغيرهم يعني منتصباً, زاد ابن عباس في رواية عنه منتصباً في بطن أمه, والكبد الاستواء والاستقامة, ومعنى هذا القول لقد خلقناه سوياً مستقيماً كقوله تعالى: " يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك " وكقوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" وقال ابن ابي نجيح وجريج وعطاء عن ابن عباس : في كبد قال في شدة خلق ألم تر إليه وذكر مولده ونبات أسنانه, وقال مجاهد "في كبد" نطفة ثم علقة ثم مضغة يتكبد في الخلق, قال مجاهد : وهو كقوله تعالى: "حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً" وأرضعته كرهاً ومعيشته كره فهو يكابد ذلك, وقال سعيد بن جبير "لقد خلقنا الإنسان في كبد" في شدة وطلب معيشه, وقال عكرمة : في شدة وطول, وقال قتادة : في مشقة. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو عاصم أخبرنا عبد الحميد بن جعفر سمعت محمد بن علي أبا جعفر الباقر سأل رجلاً من الأنصار عن قول الله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال: في قيامه واعتداله فلم ينكر عليه أبو جعفر , وروي من طريق أبي مودود سمعت الحسن قرأ هذه الاية "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال: يكابد أمراً من أمر الدنيا وأمراً من أمر الاخرة, وفي رواية: يكابد مضايق الدنيا وشدائد الاخرة, وقال ابن زيد : "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال: آدم خلق في السماء فسمي ذلك الكبد, واختار ابن جرير أن المراد بذلك مكابدة الأمور ومشاقها.
وقوله تعالى: "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال الحسن البصري : يعني "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" يأخذ ماله. وقال قتادة "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال: ابن آدم يظن أن لن يسأل عن هذا المال من أين اكتسبه, وأين أنفقه, وقال السدي "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال الله عز وجل, وقوله تعالى: "يقول أهلكت مالاً لبداً" أي يقول ابن آدم أنفقت مالاً لبداً أي كثيراً قاله مجاهد والحسن وقتادة والسدي وغيرهم "أيحسب أن لم يره أحد" قال مجاهد أي أيحسب أن لم يره الله عز وجل وكذا قال غيره من السلف: وقوله تعالى: "ألم نجعل له عينين" أي يبصر بهما "ولساناً" أي ينطق به فيعبر عما في ضميره "وشفتين" يستعين بهما على الكلام وأكل الطعام وجمالاً لوجهه وفمه.
وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي الربيع الدمشقي عن مكحول قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى يا ابن آدم قد أنعمت عليك نعماً عظاماً لا تحصي عددها ولا تطيق شكرها, وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما وجعلت لهما غطاء, فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك, وإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما, وجعلت لك لساناً وجعلت له غلافاً فانطق بماأمرتك وأحللت لك, فإن عرض عليك ما حرمت عليك فأغلق عليك لسانك. وجعلت لك فرجاً وجعلت لك ستراً, فأصب بفرجك ما أحللت لك, فإن عرض عليك ماحرمت عليك فأرخ عليك سترك, ابن آدم إنك لا تحمل سخطي ولا تطيق انتقامي". "وهديناه النجدين" الطريقين قال سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله هو ابن مسعود "وهديناه النجدين" قال: الخير والشر, وكذا روي عن علي وابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبي وائل وأبي صالح ومحمد بن كعب والضحاك وعطاء الخراساني في آخرين,وقال عبد الله بن وهب : أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هما نجدان فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير" تفرد به سنان بن سعد , ويقال سعد بن سنان , وقد وثقه ابن معين , وقال الإمام أحمد والنسائي والجوزجاني منكر الحديث,وقال أحمد : تركت حديثه لاضطرابه , وروى خمسة عشر حديثاً منكرة كلها ما أعرف منها حديثاً واحداً يشبه حديثه حديث الحسن ـ يعني البصري ـ لا يشبه حديث أنس . وقال ابن جرير : حدثني يعقوب حدثنا ابن علية عن أبي رجاء قال: سمعت الحسن يقول "وهديناه النجدين" قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "يا أيها الناس إنهما النجدان نجد الخير ونجد الشر, فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير" وكذا رواه حبيب بن الشهيد ومعمر ويونس بن عبيد وأبو وهب عن الحسن مرسلاً, وهكذا أرسله قتادة وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا عيسى بن عفان عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: "وهديناه النجدين" قال الثديين, وروي عن الربيع بن خثيم وقتادة وأبي حازم مثل ذلك, ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن وكيع عن عيسى بن عقال به ثم قال: والصواب القول الأول, ونظير هذه الاية قوله تعالى: "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً * إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً".
3- " ووالد وما ولد * لقد خلقنا الإنسان في كبد " واعترض بينهما بهذه الجملة، والمعنى: ومن المكابد أن مثلك علي عظيم حرمته يستحل بهذا البلد كما يستحل الصيد في غير الحرم. وقال الواحدي: الحل والحلال والمحل واحد، وهو ضد المحرم، أحل الله لنبيه صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح حتى قاتل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار" قال: والمعنى أن الله لما ذكر القسم بمكة دل ذلك على عظم قدرها مع كونها حراماً، فوعد نبيه صلى الله عليه وسلم أن يحلها له حتى يقاتل فيها ويفتحها على يده، فهذا وعد من الله تعالى بأن يحلها له حتى يكون بها حلاً انتهى. فالمعنى: وأنت حل بهذا البلد في المستقبل، كما في قوله: "إنك ميت وإنهم ميتون" قال مجاهد: المعنى ما صنعت فيه من شيء فأنت حل. قال قتادة أنت حل به لست بآثم: يعني أنك غير مرتكب في هذا البلد ما يحرم عليك ارتكابه، لا كالمشركين الذين يرتكبون فيه الكفر والمعاصي. وقيل المعنى: لا أقسم بهذا البلد وأنت حال به ومقيم فيه وهو محلك، فعلى القول بأن لا نافية غير زائدة يكون المعنى: لا أقسم به وأنت حال به، فأنت أحق بالإقسام بك، وعلى القول بأنها زائدة يكون المعنى: أقسم بهذا البلد الذي أنت مقيم به تشريفاً لك وتعظيماً لقدرك لأنه قد صار بإقامتك فيه عظيماً شريفاً، وزاد على ما كان عليه من الشرف والعظم، ولكن هذا إذا تقرر في لغة العرب أن لفظ حل يجيء بمعنى حال، وكما يجوز أن تكون الجملة معترضة يجوز أن تكون في محل نصب على الحال "ووالد وما ولد" عطف على البلد. قال قتادة ومجاهد والضحاك والحسن وأبو صالح "ووالد" أي آدم "وما ولد" أي وما تناسل من ولده أقسم بهم لأنهم أعجب ما خلق الله على وجه الأرض لما فيهم من البيان والعقل والتدبير، وفيهم الأنبياء والعلماء والصالحون. وقال أبو عمران الجوني: الوالد إبراهيم، وما ولد: ذريته. قال الفراء: إن ما عبارة عن الناس كقوله: "ما طاب لكم" وقيل الوالد إبراهيم، والولد إسماعيل ومحمد صلى الله عليه وسلم. وقال عكرمة وسعيد بن جبير: "ووالد" يعني الذي يولد له "وما ولد" يعني العاقر الذي لا يولد له، وكأنهما جعلا ما نافية، وهو بعيد، ولا يصح ذلك إلا بإضمار الموصول: أي ووالد والذي ما ولد، ولا يجوز إضمار الموصول عند البصريين، وقال عطية العوفي: هو عام في كل والد ومولود من جميع الحيوانات، واختار هذا ابن جرير.
3- "ووالد وما ولد"، يعني آدم عليه السلام وذريته.
3-" ووالد " عطف على " هذا البلد " والوالد آدم أو إبراهيم عليهما الصلاة والسلام . " وما ولد " ذريته أو محمد عليه الصلاة والسلام ، والتنكير للتعظيم وإيثار ما على من لمعنى التعجب كما في قوله " والله أعلم بما وضعت " .
3. And the begetter and that which he begat,
3 - And (the mystic ties of) Parent and Child;