[البلد : 10] وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ
10 - (وهديناه النجدين) بينا له طريق الخير والشر
وقوله : " وهديناه النجدين " يقول تعالى ذكره : وهديناه الطريقين ، ونجد : طريق في ارتفاع .
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : عني بذلك : نجد الخير ، ونجد الشر ، كما قال " إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا " [ الإنسان : 3]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عاصم عن زر عن عبد الله " وهديناه النجدين " قال : الخير والشر .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن زر عن عبد الله مثله . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبن منذر ، عن أبيه ، عن الربيع بن خثيم ، قال : ليسا بالثديين .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، وحدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عمران جميعاً ، عن عاصم عن زر ، عن عبد الله " وهديناه النجدين " قال : نجد الخير ونجد الشر .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا هشام بن عبد الملك ، قال : ثنا شعبة ، قال : أخبرني عاصم ، قال : سمعت أبا وائل يقول : كان عبد الله يقول في " وهديناه النجدين " قال : نجد الخير ، ونجد الشر .
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " وهديناه النجدين " يقول : الهدى والضلالة .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " وهديناه النجدين " يقول : سبيل الخير والشر .
حدثنا هناد بن السري ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، في قوله " وهديناه النجدين " قال : الخير والشر .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان عن عبد الله بن الربيع بن خثيم ، عن أبي بردة ، قال : مر بنا الربيع بن خثيم ، فسالناه عن هذه الآية " وهديناه النجدين " فقال : أما إنهما ليسا بالثديين .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : الخير والشر .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " وهديناه النجدين " قال : سبيل الخير والشر .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " وهديناه النجدين " نجد الخير ، ونجد الشر .
حدثنا عمران بن موسى ، قال : ثنا عبد الوارث ، قال : ثنا يونس عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هما نجدان خير ، ونجد شر ، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير "
حدثنا مجاهد بن موسى ، ققال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : اخبرنا عطية أبو وهب ، قال سمعت الحسن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا إنما هما نجدان : نجد الخير ونجد الشر ، فما يجعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير " .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا هشام بن عبد الملك ، قال : ثنا شعبة ، عن حبيب ، عن الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحوه .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن يقول " وهديناه النجدين " قال : ذرك لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " يا ايها الناس إنما هما النجدان : نجد الخير ، ونجد الشر ، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير " .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة " وهديناه النجدين " : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " أيها الناس إنما هما النجدان : نجد الخير ، ونجد الشر ، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير " .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر عن الحسن ، في قوله " وهديناه النجدين " قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما هما نجدان فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير " .
حدثني يونس ، قال : أخرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " وهديناه النجدين " قاطع طريق الخير والشر ، وقرأ قول الله " إنا هديناه السبيل " [ الإنسان : 3] .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : وهديناه الثديين : سبيلي اللبن الذي يتغذى به ، وينبت عليه لحمه وجسمه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، قال : ثنا عيسى بن عقال ، عن أبيه ،عن ابن عباس " وهديناه النجدين " قال : هما الثديان .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن المبارك بن مجاهد ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : الثديان .
وأولى القولين بالصواب في ذلك عندنا ، قول من قال : عني بذلك طريق الخير والشر ، وذلك أنه لا قول في ذلك نعلمه غير القولين اللذين ذكرنا ، والثديان ، وإن كان سبيلي اللبن ، فإن الله تعالى ذكره إذا عدد على العبد نعمه بقوله " إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا * إنا هديناه السبيل " [ الإنسان : 2_3] إنما عدد عليه هدايته إياه إلى سبيل الخير من نعمه ، فكذلك قوله " وهديناه النجدين " .
قوله تعالى: " وهديناه النجدين" يعني الطريقين: طريق الخير وطريق الشر. أي بيناهما له بما أرسلناه من الرسل. والنجد: الطريق في ارتفاع. وهذا قول ابن عباس وابن مسعود وغيرهما. و"روى قتادة قال:
ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:(يا أيها الناس، إنما هما النجدان: نجد الخير، نجد الشر، فلم تجعل نجد الشر أحب إليك من نجد الخير) " . وروي عن عكرمة قال: النجدان: الثديان. وهو قول سعيد بن المسيب والضحاك ، وروي عن ابن عباس وعلي رضي الله عنهما، لأنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقة. فالنجد:العلو، وجمعة نجود، ومنه سميت (نجد)، لارتفاعها عن انخفاض تهامة. فالنجدان: الطريقان العاليان قال امرؤ القيس:
فريقان منهم جازع بطن نخلة وآخر منهم قاطع نجد كبكب
هذا قسم من الله تبارك وتعالى بمكة أم القرى في حال كون الساكن فيها حالاً لينبه على عظمة قدرها في حال إحرام أهلها, قال خصيف عن مجاهد "لا أقسم بهذا البلد" لا رد عليهم. أقسم بهذا البلد. وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس "لا أقسم بهذا البلد" يعني مكة "وأنت حل بهذا البلد" قال أنت با محمد يحل لك أن تقابل به, وكذا روي عن سعيد بن جبير وأبي صالح وعطية والضحاك وقتادة والسدي وابن زيد , وقال مجاهد ما أصبت فيه فهو حلال لك, وقال قتادة : "وأنت حل بهذا البلد" قال: أنت به من غير حرج ولا إثم, وقال الحسن البصري أحلها الله له ساعة من نهار, وهذا المعنى الذي قالوه ورد به الحديث المتفق على صحته. "إن هذا البلد حرم الله يوم خلق السموات والأرض, فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شجره ولا يختلى خلاه, وإنما أحلت لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس, ألا فليبلغ الشاهد الغائب" وفي لفظ آخر: "فإن أحد ترخص بقتال رسول الله فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم".
وقوله تعالى: "ووالد وما ولد" قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب , حدثنا ابن عطية عن شريك عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: "ووالد وما ولد" الوالد الذي يلد وما ولد العاقر الذي لا يولد له, ورواه ابن أبي حاتم من حديث شريك وهو ابن عبد الله القاضي به, وقال عكرمة الوالد العاقر وما ولد الذي يلد رواه ابن أبي حاتم . وقال مجاهد وأبو صالح وقتادة والضحاك وسفيان الثوري وسعيد بن حبير والسدي والحسن البصري وخصيف وشرحبيل بن سعد وغيرهم: يعني بالوالد آدم وما ولد ولده, وهذا الذي ذهب إليه مجاهد وأصحابه حسن قوي, لأنه تعالى لما أقسم بأم القرى وهي أم المساكن أقسم بعده بالساكن وهو آدم أبو البشر وولده, وقال أبو عمران الجوني : هو إبراهيم وذريته, رواه ابن جرير وابن أبي حاتم , واختار ابن جرير أنه عام في كل والد وولده وهو محتمل أيضاً.
وقوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" روي عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة ومجاهد وإبراهيم النخعي وخيثمة والضحاك وغيرهم يعني منتصباً, زاد ابن عباس في رواية عنه منتصباً في بطن أمه, والكبد الاستواء والاستقامة, ومعنى هذا القول لقد خلقناه سوياً مستقيماً كقوله تعالى: " يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك " وكقوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" وقال ابن ابي نجيح وجريج وعطاء عن ابن عباس : في كبد قال في شدة خلق ألم تر إليه وذكر مولده ونبات أسنانه, وقال مجاهد "في كبد" نطفة ثم علقة ثم مضغة يتكبد في الخلق, قال مجاهد : وهو كقوله تعالى: "حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً" وأرضعته كرهاً ومعيشته كره فهو يكابد ذلك, وقال سعيد بن جبير "لقد خلقنا الإنسان في كبد" في شدة وطلب معيشه, وقال عكرمة : في شدة وطول, وقال قتادة : في مشقة. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو عاصم أخبرنا عبد الحميد بن جعفر سمعت محمد بن علي أبا جعفر الباقر سأل رجلاً من الأنصار عن قول الله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال: في قيامه واعتداله فلم ينكر عليه أبو جعفر , وروي من طريق أبي مودود سمعت الحسن قرأ هذه الاية "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال: يكابد أمراً من أمر الدنيا وأمراً من أمر الاخرة, وفي رواية: يكابد مضايق الدنيا وشدائد الاخرة, وقال ابن زيد : "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال: آدم خلق في السماء فسمي ذلك الكبد, واختار ابن جرير أن المراد بذلك مكابدة الأمور ومشاقها.
وقوله تعالى: "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال الحسن البصري : يعني "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" يأخذ ماله. وقال قتادة "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال: ابن آدم يظن أن لن يسأل عن هذا المال من أين اكتسبه, وأين أنفقه, وقال السدي "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال الله عز وجل, وقوله تعالى: "يقول أهلكت مالاً لبداً" أي يقول ابن آدم أنفقت مالاً لبداً أي كثيراً قاله مجاهد والحسن وقتادة والسدي وغيرهم "أيحسب أن لم يره أحد" قال مجاهد أي أيحسب أن لم يره الله عز وجل وكذا قال غيره من السلف: وقوله تعالى: "ألم نجعل له عينين" أي يبصر بهما "ولساناً" أي ينطق به فيعبر عما في ضميره "وشفتين" يستعين بهما على الكلام وأكل الطعام وجمالاً لوجهه وفمه.
وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي الربيع الدمشقي عن مكحول قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى يا ابن آدم قد أنعمت عليك نعماً عظاماً لا تحصي عددها ولا تطيق شكرها, وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما وجعلت لهما غطاء, فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك, وإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما, وجعلت لك لساناً وجعلت له غلافاً فانطق بماأمرتك وأحللت لك, فإن عرض عليك ما حرمت عليك فأغلق عليك لسانك. وجعلت لك فرجاً وجعلت لك ستراً, فأصب بفرجك ما أحللت لك, فإن عرض عليك ماحرمت عليك فأرخ عليك سترك, ابن آدم إنك لا تحمل سخطي ولا تطيق انتقامي". "وهديناه النجدين" الطريقين قال سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله هو ابن مسعود "وهديناه النجدين" قال: الخير والشر, وكذا روي عن علي وابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبي وائل وأبي صالح ومحمد بن كعب والضحاك وعطاء الخراساني في آخرين,وقال عبد الله بن وهب : أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هما نجدان فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير" تفرد به سنان بن سعد , ويقال سعد بن سنان , وقد وثقه ابن معين , وقال الإمام أحمد والنسائي والجوزجاني منكر الحديث,وقال أحمد : تركت حديثه لاضطرابه , وروى خمسة عشر حديثاً منكرة كلها ما أعرف منها حديثاً واحداً يشبه حديثه حديث الحسن ـ يعني البصري ـ لا يشبه حديث أنس . وقال ابن جرير : حدثني يعقوب حدثنا ابن علية عن أبي رجاء قال: سمعت الحسن يقول "وهديناه النجدين" قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "يا أيها الناس إنهما النجدان نجد الخير ونجد الشر, فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير" وكذا رواه حبيب بن الشهيد ومعمر ويونس بن عبيد وأبو وهب عن الحسن مرسلاً, وهكذا أرسله قتادة وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا عيسى بن عفان عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: "وهديناه النجدين" قال الثديين, وروي عن الربيع بن خثيم وقتادة وأبي حازم مثل ذلك, ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن وكيع عن عيسى بن عقال به ثم قال: والصواب القول الأول, ونظير هذه الاية قوله تعالى: "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً * إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً".
10- "وهديناه النجدين" النجد: الطريق في ارتفاع. قال المفسرون: بينا له طريق الخير وطريق الشر. قال الزجاج: المعنى ألم نعرفه طريق الخير وطريق الشر، مبينتين كتبين الطريقين العاليتين. وقال عكرمة وسعيد بن المسيب والضحاك. النجدان: الثديان لأنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقه، والأول أولى. وأصل النجد المكان المرتفع، وجمعه نجود، ومنه سميت نجد لارتفاعها عن انخفاض تهامة، فالنجدان الطريقان العاليان، ومنه قول امرئ القيس:
فريقان منهم قاطع بطن نخلة وآخر منهم قاطع نجد كبكب
10- "وهديناه النجدين"، قال أكثر المفسرين: طريق الخير والشر، والحق والباطل، والهدى والضلالة، كقوله: "إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً" وقال محمد بن كعب عن ابن عباس: "وهديناه النجدين" قال: الثديين، وهو قول سعيد بن المسيب والضحاك، والنجد: طريق في ارتفاع.
10-" وهديناه النجدين " طريقي الخير والشر ، أو الثديين وأصله المكان المرتففع .
10. And guide him to the parting of the mountain ways?
10 - And shown him the two highways?