[التوبة : 94] يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
94 - (يعتذرون إليكم) في التخلف (إذا رجعتم إليهم) من الغزو (قل) لهم (لا تعتذروا لن نؤمن لكم) نصدقكم (قد نبأنا الله من أخباركم) أي أخبرنا بأحوالكم (وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون) بالبعث (إلى عالم الغيب والشهادة) أي الله (فينبئكم بما كنتم تعملون) فيجازيكم عليه
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يعتذر إليكم، أيها المؤمنون بالله، هؤلاء المتخلفون خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، التاركون جهاد المشركين معكم من المنافقين، بالأباطيل والكذب، إذا رجعتم إليهم من سفركم وجهادكم، " قل "، لهم، يا محمد، " لا تعتذروا لن نؤمن لكم "، يقول: لن نصدقكم على ما تقولون، " قد نبأنا الله من أخباركم "، يقول: قد أخبرنا الله من أخباركم، وأعلمنا من أمركم ما قد علمنا به كذبكم، " وسيرى الله عملكم ورسوله "، يقول: وسيرى الله ورسوله فيما بعد عملكم، أتتوبون من نفاقكم، أم تقيمون عليه؟ " ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة "، يقول: ثم ترجعون بعد مماتكم، " إلى عالم الغيب والشهادة "، يعني: الذي يعلم السر والعلانية، الذي لا يخفى عليه بواطن أموركم وظواهرها، " فينبئكم بما كنتم تعملون "، فيخبركم بأعمالكم كلها سيئها وحسنها، فيجازيكم بها: الحسن منها بالحسن، والسيىء منها بالسيىء.
قوله تعالى: "يعتذرون إليكم" يعني المنافقين. "لن نؤمن لكم" أي لن نصدقكم. "قد نبأنا الله من أخباركم" أي أخبرنا بسرائركم. "وسيرى الله عملكم" فيما تستأنفون. "ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" أي يجازيكم بعملكم. وقد مضى هذا كله مستوفى.
أخبر تعالى عن المنافقين بأنهم إذا رجعوا إلى المدينة أنهم يعتذرون إليهم "قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم" أي لن نصدقكم "قد نبأنا الله من أخباركم" أي قد أعلمنا الله أحوالكم "وسيرى الله عملكم ورسوله" أي سيظهر أعمالكم للناس في الدنيا "ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" أي فيخبركم بأعمالكم خيرها وشرها ويجزيكم عليها, ثم أخبر عنهم أنهم سيحلفون لكم معتذرين لتعرضوا عنهم فلا تؤنبوهم فأعرضوا عنهم احتقاراً لهم إنهم رجس أي خبث نجس بواطنهم واعتقاداتهم, ومأواهم في آخرتهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون أي من الاثام والخطايا, وأخبر أنهم إن رضوا عنهم بحلفهم لهم "فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين" أي الخارجين عن طاعة الله وطاعة رسوله, فإن الفسق هو الخروج, ومنه سميت الفأرة فويسقة لخروجها من جحرها للإفساد, ويقال فسقت الرطبة إذا خرجت من أكمامها
قوله: 94- "يعتذرون إليكم" إخبار من الله سبحانه عن المنافقين المتعذرين بالباطل بأنهم يعتذرون إلى المؤمنين إذا رجعوا من الغزو، وهذا كلام مستأنف. وإنما قال: "إليهم" أي إلى المعتذرين بالباطل ولم يقل إلى المدينة، لأن مدار الاعتذار هو الرجوع إليهم لا الرجوع إلى المدينة، وربما يقع الاعتذار عند الملاقاة قبل الوصول إليها، ثم أخبر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بما يجيب به عليهم، فقال: "قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم" فنهاهم أولاً عن الاعتذار بالباطل، ثم علله بقوله: "لن نؤمن لكم" أي لن نصدقكم، كأنهم ادعوا أنهم صادقون في اعتذارهم، لأن غرض المعتذر أن يصدق فيما يعتذر به، فإذا عرف أنه لا يصدق ترك الاعتذار، وجملة "قد نبأنا الله من أخباركم" تعليلية للتي قبلها: أي لا يقع منا تصديق لكم لأن الله قد أعلمنا بالوحي ما هو مناف لصدق اعتذاركم، وإنما خص الرسول صلى الله عليه وسلم بالجواب عليهم، فقال: "قل لا تعتذروا" مع أن الاعتذار منهم كائن إلى جميع المؤمنين، لأنه صلى الله عليه وسلم رأسهم، والمتولي لما يرد عليهم من جهة الغير، ويحتمل أن يكون المراد بالضمير في قوله: "إليكم" هو الرسول صلى الله عليه وسلم على التأويل المشهور في مثل هذا. قوله: "وسيرى الله عملكم" أي ما ستفعلونه من الأعمال فيما بعد هل تقلعون عما أنتم عليه الآن من الشر أم تبقون عليه؟. وقوله: "ورسوله" معطوف على الاسم الشريف، ووسط مفعول الرؤية إيذاناً، بأن رؤية الله سبحانه لما سيفعلونه من خير أو شر هي التي يدور عليها الإثابة أو العقوبة، وفي جملة "ثم تردون إلى عالم الغيب" إلى آخرها تخويف شديد، لما هي مشتملة عليه من التهديد، ولا سيما ما اشتملت عليه من وضع الظاهر موضع المضمر، لإشعار ذلك بإحاطته بكل شيء يقع منهم مما يكتمونه ويتظاهرون به، وإخباره لهم به ومجازاتهم عليه.
94-"يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم"، يروى أن المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك كانوا بضعة وثمانين نفرا، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم جاؤوا يعتذرون بالباطل. قال الله تعالى: "قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم"، لن نصدقكم، "قد نبأنا الله من أخباركم"، فيما سلف، "وسيرى الله عملكم ورسوله"، في المستأنف أتتوبون من نفاقكم أم تقيمون عليه؟ "ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون".
94."يعتذرون إليكم"في التخلف."إذا رجعتم إليهم"من هذه السفرة."قل لا تعتذروا" بالمعاذير الكاذبة لأنه:"لن نؤمن لكم"لن يصدقكم لأنه : "قد نبأنا الله من أخباركم"أعلمنا بالوحي إلى نبيه بعض أخباركم وهو ما في ضمائركم من الشر والفساد."وسيرى الله عملكم ورسوله"أتتوبون عن الكفر أم تثبتون عليه فكأنه استتابة وإمهال للتوبة."ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة" أي إليه فوضع الوصف موضع الضمير للدلالة على أنه مطلع على سرهم وعلنهم لا يفوت عن علمه شيء من ضمائرهم وأعمالهم ."فينبئكم بما كنتم تعملون"بالتوبيخ والعقاب عليه .
94. They will make excuse to you (Muslims) when ye return unto them. Say: Make no excuse, for we shall not believe you. Allah hath told us tidings of you. Allah and His messenger will see your conduct, and then ye will be brought back unto Him Who knoweth the invisible as well as the visible, and He will tell you what ye used to do.
94 - They will present their excuses to you when ye return to them. say thou: present no excuses: we shall not believe you: God hath already informed us of the true state of matters concerning you: it is your actions that God and his Apostle will observe: in the end will ye be brought back to him who knoweth what is hidden and what is open: then truth of all that ye did.