[التوبة : 4] إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ
4 - (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا) من شروط العهد (ولم يظاهروا) يعاونوا (عليكم أحدا) من الكفار (فأتموا إليهم عهدهم إلى) إنقضاء (مدتهم) التي عاهدتم عليها (إن الله يحب المتقين) بإتمام العهود
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره: " وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله "، إلا من عهد الذين عاهدتم من المشركين، أيها المؤمنون، " ثم لم ينقصوكم شيئا "، من عهدكم الذي عاهدتموهم، " ولم يظاهروا عليكم أحدا "، من عدوكم، فيعينوهم بأنفسهم وأبدانهم، ولا بسلاح ولا خيل ولا رجال، " فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم "، يقول: ففوا لهم بعهدهم الذي عاهدتموهم عليه، ولا تنصبوا لهم حرباً إلى انقضاء أجل عهدهم الذي بينكم وبينهم، " إن الله يحب المتقين "، يقول: إن الله يحب من اتقاه بطاعته، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه.
حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي : " فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم "، يقول: إلى أجلهم.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق ، " إلا الذين عاهدتم من المشركين "، أي: العهد الخاص إلى الأجل المسمى، " ثم لم ينقصوكم شيئا "، الآية.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا "، الآية، قال: هم مشركو قريش، الذين عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية وكان بقي من مدتهم أربعة أشهر بعد يوم النحر. فأمر الله نبيه أن يوفي لهم بعهدهم إلى مدتهم، ومن لا عهد له إلى انسلاخ المحرم، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده، وأمره بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن لا يقبل منهم إلا ذلك.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: مدة من كان له عهد من المشركين قبل أن تنزل " براءة "، أربعة أشهر، من يوم أذن ببراءة إلى عشر من شهر ربيع الآخر، وذلك أربعة أشهر. فإن نقض المشركون عهدهم، وظاهروا عدواً، فلا عهد لهم. وإن وفوا بعهدهم الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يظاهروا عليه عدواً، فقد أمر أن يؤدي إليهم عهدهم ويفي به.
قوله تعالى: "إلا الذين عاهدتم من المشركين" في موضع نصب بالاستثناء المتصل، المعنى: أن الله بريء من المشركين إلا من المعاهدين في مدة عهدهم. وقيل: الاستثناء منقطع، أي أن الله بريء منهم ولكن الذين عاهدتم فثبتوا على العهد فأتموا إليهم عهدهم. وقوله: "ثم لم ينقصوكم" يدل على أنه كان من أهل العهد من خاس بعهده ومنهم من ثبت على الوفاء، فأذن الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم في نقض عهد من خاس، وأمر بالوفاء لمن بقي على عهده إلى مدته. ومعنى (لم ينقصوكم) أي من شروط العهد شيئاً. "ولم يظاهروا" لم يعاونوا. وقرأ عكرمة وعطاء بن يسار ثم لم ينقضوكم بالضاد معجمة على حذف مضاف، التقدير ثم لم ينقضوا عهدهم. يقال: إن هذا مخصوص يراد به بنو ضمرة خاصةً. ثم قال: "فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم" أي وإن كانت أكثر من أربعة أشهر.
هذا استثناء من ضرب مدة التأجيل بأربعة أشهر لمن له عهد مطلق ليس بمؤقت, فأجله أربعة أشهر يسيح في الأرض يذهب فيها لينجو بنفسه حيث شاء, إلا من له عهد مؤقت فأجله إلى مدته المضروبة التي عوهد عليها, وقد تقدمت الأحاديث ومن كان له عهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعهده إلى مدته, وذلك بشرط أن لا ينقض المعاهد عهده ولم يظاهر على المسليمن أحداً أي يمالىء عليهم من سواهم, فهذا الذي يوفي له بذمته وعهده إلى مدته ولهذا حرض تعالى على الوفاء بذلك, فقال "إن الله يحب المتقين" أي الموفين بعهدهم.
الاستثناء بقوله: 4- "إلا الذين عاهدتم". قال الزجاج: إنه يعود إلى قوله: "براءة" والتقدير: براءة من الله ورسوله إلى المعاهدين من المشركين إلا الذين لم ينقضوا العهد منهم. وقال في الكشاف: إنه مستثنى من قوله: "فسيحوا" والتقدير: فقولوا لهم فسيحوا إلا الذين عاهدتم ثم لم ينقضوكم فأتموا إليهم عهدهم. قال: والاستثناء بمعنى الاستدراك كأنه قيل بعد أن أمروا في الناكثين، ولكن الذين لم ينكثوا فأتموا إليهم عهدهم ولا تجروهم مجراه. وقد اعترض عليه بأنه قد تخلل الفاصل بين المستثنى والمستثنى منه. وهو "وأذان من الله" إلخ. وأجيب بأن ذلك لا يضر لأنه ليس بأجنبي، وقيل: إن الاستثناء من المشركين المذكورين قبله فيكون متصلاً وهو ضعيف. قوله: "ثم لم ينقصوكم شيئاً" أي لم يقع منهم أي نقص. وإن كان يسيراً، وقرأ عكرمة وعطاء بن يسار ينقضوكم بالضاد المعجمة: أي لم ينقضوا عهدكم، وفيه دليل على أنه كان من أهل العهد من خاس بعهده، ومنهم من ثبت عليه، فأذن الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم بنقض عهد من نقض، وبالوفاء لمن لم ينقض إلى مدته "ولم يظاهروا عليكم أحداً" المظاهرة: المعاونة: أي لم يعاونوا عليكم أحداً من أعدائكم "فأتموا إليهم عهدهم" أي أدوا إليهم عهدهم تاماً غير ناقص "إلى مدتهم" التي عاهدتموهم إليها وإن كانت أكثر من أربعة أشهر، ولا تعاملوهم معاملة الناكثين من القتال بعد مضي المدة المذكورة سابقاً، وهي أربعة أشهر أو خمسون يوماً على الخلاف السابق.
4-"إلا الذين عاهدتم من المشركين"، هذا استثناء من قوله: "براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين" إلا من عهد الذين عاهدتم من المشركين، وهم بنو ضمرة، حي من كنانة، أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بإتمام عهدهم إلى مدتهم، وكان قد بقي من مدتهم تسعة أشهر، وكان السبب فيه: أنهم لم ينقضوا العهد، وهذا معنى قوله تعالى: "ثم لم ينقصوكم شيئا"، من عهدهم الذى عاهدتموهم عليه، "ولم يظاهروا"، ولم يعاونوا، "عليكم أحدا"، من عدوكم. وقرأعطاء بن يسار: " لم ينقصوكم " بالضاد المعجمة من نقض العهد، "فأتموا إليهم عهدهم"، فأوفوا لهم بعهدهم، "إلى مدتهم"، إلى أجلهم الذى عاهدتموهم عليه، "إن الله يحب المتقين".
4. " إلا الذين عاهدتم من المشركين "استثناء من المشركين أو استدراك فكأنه قيل لهم بعد أن أمروا بنبذ العهد إلى الناكثين ولكن الذين عاهدوا منهم . " ثم لم ينقصوكم شيئاً " من شروط العهد ولم ينكثوه أو لم يقتلوا منكم ولم يضروكم قط . " ولم يظاهروا عليكم أحداً " من أعدائكم " فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم " إلى تمام مدتههم ولا تجروهم مجرى الناكثين . " إن الله يحب المتقين " تعليل وتنبيه على أن إتمام عهدهم من باب التقوى .
4. Excepting those of the idolaters with whom ye (Muslims) have a treaty, and who have since abated nothing of your right nor have supported anyone against you. (As for these), fulfill their treaty to them till their term. Lo! Allah loveth those who keep their duty (unto Him).
4 - (But the treaties are) not dissolved with those pagans with whom ye have entered into alliance and who have not subsequently failed you in aught, nor aided any one against you. so fulfil your engagements with them to the end of their term: for God loveth the righteous.