[التوبة : 17] مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ
17 - (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله) بالإفراد والجمع بدخوله والقعود فيه (شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت) بطلت (أعمالهم وفي النار هم خالدون)
قوله تعالى ما كان للمشركين الآيات أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال قال العباس حين أسر يوم بدر إن كنتم سبقتمونا بالإسلام وإلهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج ونفك العاني فأنزل الله أجعلتم سقاية الحاج الآية
وأخرج مسلم وابن حبان وأبو داود عن النعمان بن بشير قال كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فقال رجل منهم ما أبالي أن لا أعمل لله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج وقال آخر بل عمارة المسجد الحرام وقال آخر بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم فزجرهم عمر وقال لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه
وسلم وذلك يوم الجمعة ولكن إذا صليت الجمعة دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيته فيما اختلفتم فيه فأنزل الله أجعلتم سقاية الحاج إلى قوله لا يهدي القوم الظالمين
وأخرج الفريابي عن ابن سيرين قال قدم علي بن أبي طالب مكة فقال للعباس أي عم ألا تهاجر ألا تلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعمر المسجد وأحجب البيت فأنزل الله أجعلتم سقاية الحاج الآية وقال لقوم سماهم ألا تهاجروا ألا تلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا نقيم مع إخواننا وعشائرنا ومساكننا فأنزل الله قل إن كان آباؤكم الآية كلها وأخرج عبد الرزاق عن الشعبي نحوه
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال إفتخر طلحة بن شيبة والعباس وعلي بن أبي طالب فقال طلحة أنا صاحب البيت معي مفتاحه وقال العباس أنا صاحب السقاية والقائم عليها فقال علي لقد صليت إلى القبلة قبل الناس وأنا صاحب الجهاد فأنزل الله أجعلتم سقاية الحاج الآية كلها
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما ينبغي للمشركين أن يعمروا مساجد الله وهم شاهدون على أنفسهم بالكفر. يقول: إن المساجد إنما تعمر لعبادة الله فيها، لا للكفر به. فمن كان بالله كافراً، فليس من شأنه أن يعمر مساجد الله.
وأما شهادتهم على أنفسهم بالكفر، فإنها كما:
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: " ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر "، يقول: ما ينبغي لهم أن يعمروها. وأما " شاهدين على أنفسهم بالكفر "، فإن النصراني يسأل: ما أنت؟ فيقول: نصراني، واليهودي، فيقول: يهودي، والصابىء، فيقول: صابىء، والمشرك يقول إذا سألته: ما دينك؟ فيقول: مشرك! لم يكن ليقوله أحد إلا العرب.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو العنقزي، عن أسباط، عن السدي : " ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله "، قال يوقل: ما كان ينبغي لهم أن يعمروها.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي : " شاهدين على أنفسهم بالكفر "، قال: النصراني يقال له: ما أنت؟ فيقول نصراني، واليهودي يقال له: ما أنت؟فيقول: يهودي، والصابىء يقال له: ما أنت؟ فيقول: صابىء.
وقوله: " أولئك حبطت أعمالهم "، يقول: بطلت وذهبت أجورها، لأنها لم تكن لله بل كانت للشيطان، " وفي النار هم خالدون "، يقول: ما كثون فيها أبداً، لا أحياءً ولا أمواتاً.
واختلفت القرأة في قراءة قوله: " ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله ".
فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة: " مساجد الله "، على الجماع.
وقرأ ذلك بعض المكيين والصريين: ((مسجد الله))، على التوحيد، بمعنى المسجد الحرام.
قال أبو جعفر: وهم جميعاً مجمعون على قراءة قوله. " إنما يعمر مساجد الله " على الجماع، لأنه إذا قرىء كذلك، احتمل معنى الواحد والجماع، لأن العرب قد تذهب بالواحد إلى الجماع، وبالجماع إلى الواحد، كقولهم: ((عليه ثوب أخلاق)).
قوله تعالى: "ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله" الجملة من أن يعمروا في موضع رفع اسم كان. شاهدين على الحال. واختلف العلماء في تأويل هذه الآية، فقيل: أراد ليس لهم الحج بعد ما نودي فيهم بالمنع عن المسجد الحرام، وكانت أمور البيت كالسدانة والسقاية والرفادة إلى المشركين، فبين أنهم ليسوا أهلاً لذلك، بل أهله المؤمنون. وقيل: إن العباس لما أسر وعير بالكفر وقطيعة الرحم قال: تذكرون مساوئنا ولا تذكرون محاسننا. فقال علي: ألكم محاسن؟ قال: نعم، إنا لنعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة، ونسقي الحاج، ونفك العاني. فنزلت هذه الآية رداً عليه. فيجب إذاً على المسلمين تولي أحكام المساجد ومنع المشركين من دخولها. وقراءة العامة يعمر بفتح الياء وضم الميم، من عمر يعمر. وقرأ ابن السميقع بضم الياء وكسر الميم، أي يجعلوه عامراً أو يعينوا على عمارته. وقرئ مسجد الله على التوحيد، أي المسجد الحرام. وهي قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وابن كثير وأبي عمرو وابن محيصن ويعقوب. والباقون مساجد على التعميم. وهو اختيار أبي عبيد، لأنه أعم والخاص يدخل تحت العام. وقد يحتمل أن يراد بقراءة الجمع المسجد الحرام خاصة. وهذا جائز فيما كان من أسماء الجنس، كما يقال: فلان يركب الخيل وإن لم يركب إلا فرساً. والقراءة مساجد أصوب، لأنه يحتمل المعنيين. وقد أجمعوا على قراءة قوله: "إنما يعمر مساجد الله" على الجمع، قاله النحاس: وقال الحسن: إنما قال مساجد وهو المسجد الحرام، لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها.
قوله تعالى: "شاهدين". قيل: أراد وهم شاهدون فلما طرح وهم نصب. قال ابن عباس: شهادتهم على أنفسهم بالكفر سجودهم لأصنامهم، وإقرارهم أنها مخلوقة. وقال السدي: شهادتهم بالكفر هو أن النصراني تقول له ما دينك؟ فيقول نصراني، واليهودي فيقول يهودي والصابئ فيقول صابئ. ويقال للمشرك ما دينك فيقول مشرك. "أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم" تقدم معناه.
يقول تعالى ما ينبغي للمشركين بالله أن يعمروا مساجد الله التي بنيت على اسمه وحده لا شريك له, ومن قرأ مسجد الله فأراد به المسجد الحرام أشرف المساجد في الأرض الذي بني من أول يوم على عبادة الله وحده لا شريك له, وأسسه خليل الرحمن, هذا وهم شاهدون على أنفسهم بالكفر أي بحالهم وبقالهم قال السدي: لو سألت النصراني ما دينك ؟ لقال نصراني, ولو سألت اليهودي ما دينك ؟ لقال يهودي, والصابىء لقال صابىء, والمشرك لقال مشرك "أولئك حبطت أعمالهم" أي بشركهم "وفي النار هم خالدون" وقال تعالى: " وما لهم أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون " ولهذا قال تعالى: " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " فشهد تعالى بالإيمان لعمار المساجد كما قال الإمام أحمد: حدثنا شريح, حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث, أن دراجاً أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان". قال الله تعالى: " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " ورواه الترمذي وابن مردويه والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن وهب به.
وقال عبد الرحمن بن حميد في مسنده: حدثنا يونس بن محمد حدثنا صالح المري عن ثابت البناني عن ميمون بن سياه وجعفر بن زيد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما عمار المساجد هم أهل الله" ورواه الحافظ أبو بكر البزار: عن عبد الواحد بن غياث عن صالح بن بشير المري عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما عمار المساجد هم أهل الله" ثم قال: لا نعلم رواه عن ثابت غير صالح, وقد روى الدار قطني في الأفراد من طريق حكامة بنت عثمان بن دينار عن أبيها عن أخيه مالك بن دينار عن أنس مرفوعاً "إذا أراد الله بقوم عاهة نظر إلى أهل المساجد فصرف عنهم" ثم قال: غريب, وروى الحافظ البهائي في المستقصى عن أبيه بسنده إلى أبي أمية الطرسوسي, حدثنا منصور بن صقير, حدثنا صالح المري عن ثابت عن أنس مرفوعاً يقول الله: وعزتي وجلالي إني لأهم بأهل الأرض عذاباً فإذا نظرت إلى عمار بيوتي وإلى المتحابين في وإلى المستغفرين بالأسحار صرفت ذلك عنهم. ثم قال ابن عساكر: حديث غريب.
وقال الإمام أحمد: حدثنا روح حدثنا سعيد عن قتادة, حدثنا العلاء بن زياد عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان ذئب الإنسان, كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية, فإياكم والشعاب وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد" وقال عبد الرزاق: عن معمر عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي قال: أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهم يقولون: إن المساجد بيوت الله في الأرض وإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها. وقال المسعودي: عن حبيب بن أبي ثابت وعدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من سمع النداء بالصلاة ثم لم يجب ولم يأت المسجد ويصلي فلا صلاة له وقد عصى الله ورسوله. قال الله تعالى: " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " الاية, رواه ابن مردويه. وقد روي مرفوعاً من وجه آخر, وله شواهد من وجوه أخر ليس هذا موضع بسطها. وقوله: "وأقام الصلاة" أي التي هي أكبر عبادات البدن "وآتى الزكاة" أي التي هي أفضل الأعمال المتعدية إلى بر الخلائق, وقوله "ولم يخش إلا الله" أي ولم يخف إلا من الله تعالى ولم يخش سواه "فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " يقول: من وحد الله وآمن باليوم الاخر يقول من آمن بما أنزل الله "وأقام الصلاة" يعني الصلوات الخمس "ولم يخش إلا الله" يقول لم يعبد إلا الله ثم قال: "فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين" يقول تعالى: إن أولئك هم المفلحون كقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم: "عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" وهي الشفاعة, وكل عسى في القرآن فهي واجبة, وقال محمد بن إسحاق بن يسار رحمه الله: وعسى من الله حق.
قرأ الجمهور 17- "يعمروا" بفتح حرف المضارعة وضم الميم من عمر يعمر. وقرأ ابن السميفع بضم حرف المضارعة من أعمر يعمر: أي يجعلون لها من يعمرها. وقرأ ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وابن كثير وأبو عمرو وابن محيصن وسهم ويعقوب " مساجد الله " بالإفراد. وقرأ الباقون "مساجد" بالجمع، واختارها أبو عبيدة. قال النحاس: لأنها أعم، والخاص يدخل تحت العام. وقد يحتمل أن يراد بالجمع المسجد الحرام خاصة، وهذا جائز فيما كان من أسماء الأجناس كما يقال فلان يركب الخيل وإن لم يركب إلا فرساً قال: وقد أجمعوا على الجمع في قوله: "إنما يعمر مساجد الله" وروي عن الحسن البصري أنه تعالى إنما قال مساجد والمراد المسجد الحرام لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها، فعامره كعامر جميع المساجد. قال الفراء: العرب قد تضع الواحد مكان الجمع كقولهم: فلان كثير الدرهم وبالعكس كقولهم فلان يجالس الملوك ولعله لم يجالس إلا ملكاً واحداً، والمراد بالعمارة إما المعنى الحقيقي أو المعنى المجازي، وهو ملازمته والتعبد فيه، وكلاهما ليس للمشركين، أما الأول: فلأنه يستلزم المنة على المسلمين بعمارة مساجدهم، وأما الثاني: فلكون الكفار لا عبادة لهم مع نهيهم عن قربان المسجد الحرام، ومعنى "ما كان للمشركين" ما صح لهم وما استقام أن يفعلوا ذلك، و "شاهدين على أنفسهم بالكفر" حال: أي ما كان لهم ذلك حال كونهم شاهدين على أنفسهم بالكفر بإظهار ما هو كفر من نصب الأوثان والعبادة لها وجعلها آلهة، فإن هذا شهادة منهم على أنفسهم بالكفر وإن أبوا ذلك بألسنتهم، فكيف يجمعون بين أمرين متنافيين: عمارة المساجد التي هي من شأن المؤمنين، والشهادة على أنفسهم بالكفر التي ليست من شأن من يتقرب إلى الله بعمارة مساجده. وقيل: المارد بهذه الشهادة قولهم في طوافهم: لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك، وقيل: شهادتهم على أنفسهم بالكفر: إن اليهودي يقول: هو يهودي والنصراني يقول: هو نصراني والصابئ يقول: هو صابئ، والمشرك يقول هو مشرك "أولئك حبطت أعمالهم" التي يفتخرون بها ويظنون أنها من أعمال الخير: أي بطلت ولم يبق لها أثر "وفي النار هم خالدون" وفي هذه الجملة الإسمية مع تقديم الظرف المتعلق بالخبر تأكيد لمضمونها.
17-قوله تعالى: "ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله" الآية.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما أسر العباس يوم بدر عيره المسلمون بالكفر وقطيعة الرحم، وأغلظ علي رضي الله عنه له القول. فقال العباس: مالكم تذكرون مساوينا ولا تذكرون محاسننا؟.
فقال له علي رضي الله عنه: ألكم محاسن؟ فقال نعم: إنا لنعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي الحاج، فأنزل الله عز وجل ردا على العباس: "ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله"، أي: ما ينبغي للمشركين أن يعمروا مساجد الله.
أوجب على المسلمين منعهم من ذلك، لأن المساجد إنما تعمر لعابدة الله وحده، فمن كان كافرا بالله فليس من شأنه أن يعمرها. فذهب جماعة إلى أن المراد منه: العمارة المعروفة من بناء المساجد/ ومرمته عند الخراب فيمنع منه الكافر حتى لو أوصى به لا تمتثل. وحمل بعضهم العمارة هاهنا على دخول المسجد والقعود فيه. قال الحسن: ما كان للمشركين أن يتركوا فيكونوا أهل المسجد الحرام.
قرأ ابن كثير وأهل البصرة: " مساجد الله " على التوحيد، وأراد به المسجد الحرام، لقوله تعالى:"وعمارة المسجد الحرام"، ولقوله تعالى "فلا يقربوا المسجد الحرام"، وقرأ الآخرون: "مساجد الله" بالجمع والمراد منه أيضا المسجد الحرام. قال الحسن: إنما قال مساجد لأنه قبلة المساجد كلها.
قال الفراء: ربما ذهبت العرب بالواحد إلى الجمع وبالجمع إلى الواحد، ألا ترى أن الرجل يركب البرذون فيقول: أخذت في ركوب البراذين؟ ويقال: فلان كثير الدرهم والدينار، يريد الدراهم والدنانير؟.
قوله تعالى: " شاهدين على أنفسهم بالكفر"، أراد: وهم شاهدون، فلما طرحت "وهم" نصبت، قال الحسن: لم يقولوا نحن كفار، ولكن كلامهم بالكفر شاهد عليهم بالكفر.
وقال الضحاك عن ابن عباس: شهادتهم على أنفسهم بالكفر سجودهم للأصنام، وذلك أن كفار قريش كانوا نصبوا أصنامهم خارج البيت الحرام عند القواعد، وكانوا يطوفون بالبيت عراة، كلما طافوا شوطا سجدوا لأصنامهم، ولم يزدادوا بذلك من الله تعالى إلا بعدا.
وقال السدي: شهادتهم على أنفسهم بالكفر هو أن النصراني يسأل من أنت؟ فيقول: أنا نصراني، واليهودي، يقول: أنا يهودي، ويقال للمشرك: ما دينك؟ فيقول: مشرك. قال الله تعالى: "أولئك حبطت أعمالهم"، لأنها لغير الله عز وجل، " وفي النار هم خالدون ".
وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: معناه شاهدين على رسولهم بالكفر، لأنه ما في بطن إلا ولدته
17."ما كان للمشركين " ما صح لهم." أن يعمروا مساجد الله " شيئاً من المساجد فضلاً عن المسجد الحرام وقيل هو المراد وإنما جمع لأنه قبلة المساجد وإمامها فعامره كعامر الجميع ويدل عليه قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب بالتوحيد . " شاهدين على أنفسهم بالكفر " بإظهار الشرك وتكذيب الرسول ،وهو حال من الواو والمعنى ما استقام لهم أن يجمعوا بين أمرين متنافيين عمارة بيتت الله وعبادة غيره .روي ( أنه لما أسر العباس عيره المسلمون بالشرك وقطيعة الرحم وأغلظ له علي رضي الله تعالى عنه في القول فقال : ما بالكم تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا إنا لنعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي الحجيج ونفك العاني ) فنزلت . " أولئك حبطت أعمالهم " التي يفتخرون بها بما قارنها من الشرك . " وفي النار هم خالدون" لأجله.
17. It is not for the idolaters to tend Allah's sanctuaries, bearing witness against themselves of disbelief. As for such, their works are vain and in the Fire they will abide.
17 - It is not for such as join gods with God, to visit or maintain the mosques of God while they witness against their own souls to infidelity. the works of such bear no fruit: in fire shall they dwell.