[الفجر : 3] وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ
3 - (والشفع) الزوج (والوتر) بفتح الواو وكسرها لغتان الفرد
وقوله : " والشفع والوتر " اختلف أهل التأويل في الذي عني به من الوتر بقوله " والوتر " فقال بعضهم : الشفعي : يوم النحر ، والوتر : يوم عرفة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عدي و عبد الوهاب و محمد بن جعفر ، عن عوف عن زرارة بن أوفى ، عن ابن عباس ، قال الوتر ، يوم عرفة ، والشفع : يوم الذبح .
حدثني يعقوب قال: ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا عوف ، قال : ثنا زرارة بن أوفى ، قال : قال ابن عباس : الشفع : يوم النحر ، والوتر : يوم عرفة .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عفان بن مسلم ، ثنا همام ، عن قتادة ، قال : قال عكرمة عن ابن عباس ، الشفع : يوم النحر ، والوتر : يوم عرفة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد الله ، عن عكرمة " والشفع والوتر " قال : الشفع : يوم النحر ، والوتر : يوم عرفة .
حدثنا به مرة أخرى ، فقال : الشفع : أيام النحر ، وسائر الحديث مثله .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا عاصم الأحول ، عن عكرمة في قوله "والشفع " قال : يوم النحر " والوتر " قال : يوم عرفة .
حدثنا ابن حميد قال : مهران ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن عكرمة ، قال : الشفع : يوم النحر والوتر : يوم عرفة .
قال : ثنا مهر ان عن أبي سنان ، عن الضحاك " وليال عشر * والشفع والوتر " قال : أقسم الله بهن لما يعلم من فضلهن على سائر الأيام وخير هذين اليومين لما يعلم من فضلهما على سائر هذه الليالي . " والشفع والوتر " قال : الشفع : يوم النحر والوتر : يوم عرفة .
حدثنا بشر ، قال ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان عكرمة يقول : الشفع : يوم الأضحى ، والوتر : يوم عرفة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر عن قتادة ، قال : قال عكرمة : عرفة وتر ، والنحر شفع ، عرفة يوم التاسع ، والنحر يوم العاشر .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول في قوله " والشفع " يوم النحر " والوتر " يوم عرفة .
وقال آخرون : الشفع : اليومان بعد يوم النحر ، والوتر : اليوم الثالث .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " والشفع والوتر " قال : الشفع : يومان بعد يوم النحر ، والوتر : يوم النفر الآخر ، يقول الله : " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه " [ البقرة : 203] .
وقال آخرون : الخلق كله ، والوتر : الله .
ذكر من قال ذلك .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه أبن عباس " والشفع والوتر " قال : الله وتر وأنتم شفع . ويقال الشفع صلاة الغداة والوتر صلاة المغرب.
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال ثنا الحسن ، قال ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " والشفع والوتر " قال :كل خلق الله شفع ، السماء والأرض ، والبر والبحر ، والجن والإنس ,الشس والقمر والله الوتر وحده .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : قال مجاهد في قوله : " ومن كل شيء خلقنا زوجين " [ الذاريات : 49] قال : الكفر والإيمان والسعادة والشقاوة ، والهدى والضلالة ، و الليل والننهار ، والسماء والأرض والجن والإنس والوتر . قال : وقال في الشفع والوتر مثل ذلك .
حدثني عبد الأعلى بن واصل ، قال : ثنا محمد بن عبيد ، قال : ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله " والشفع والوتر " قال : خلق الله من كل شيء زوجين ، والله وتر واحد صمد .
حدثني محمد بن عمارة قال : قال ثنا عبيد الله بن موسى قال :أخبرنا إسرائيل عن أبي يحيى ، عن مجاهد " والشفع والوتر " قال : الشفع : الزوج ، والوتر : الله .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد " والشفع والوتر " قال : الوتر : الله ، وما خلق الله من شيء فهو شفع .
وقال آخرون : عني بذلك الخلق ، وذلك أن الخلق كله شفع ووتر .
قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله " والشفع والوتر " قال : الخلق كله شفع ووتر ، وأقسم بالخلق .
قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : قال الحسن في ذلك : الخلق كله شفع " والشفع والوتر " قال كان أبي يقول : كل شيء خلق الله شفع ووتر ، فأقسم بما خلق ، وأقسم بما تبصرون وبما لا تبصرون.
وقال آخرون : بل ذلك : الصلاة المكتوبة ، منها الشفع كصلاة الفجر والظهر ، ومنها الوتر كصلاة المغرب .
ذكر من قال ذلك .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان عمران بن حصين يقول : " الشفع والوتر " : الصلاة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : " والشفع والوتر " قال عمران : هي الصلاة المكتوبة فيها الشفع والوتر .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس " والشفع والوتر " قال : ذلك صلاة المغرب ، الشفع : الركعتان ، والوتر : الركعة الثالثة . وقد رفع حديث عمران بن حصين بعضهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا نصر بن علي ، قال : ثني أبي ، قال : ثني خالد بن قيس ، عن قتادة ، عن عمران بن عصام ، "عن عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفع والوتر ، قال هي الصلاة منها شفع ومنها وتر " .
حدثنا ابن بشار قال ثنا عفان بن مسلم قال ثنا همام عن قتادة أنه سئل عن الشفع والوتر ، فقال : أخبرني عمران بن عصام الضبعي ، عن شيخ من أهل البصرة ،" عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :هي الصلاة منها شفع ومنها وتر "
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عبيد الله بن موسى ، قل : أخبرنا هما م بن يحيى ، عن عمران بن عصام عن شيخ من أهل البصرة ، عن عمران ين حصين : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية " والشفع والوتر " قال : هي الصلاة منها شفع ، ومنها وتر " .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، وقوله " والشفع والوتر " إن من الصلاة شفعاً ، وإن منها وتراً .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عفان بن مسلم ، قال : ثنا همام ، عن قتادة ، أنه سئل عن الشفع والوتر ، فقال : قال الحسن : هو العدد . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر يؤيد القول الذي ذكرنا عن أبي الزبير .
ذكر من قال ذلك .
حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني ، قال : ثنا زيد بن حباب ، قال : أخبرني عياش بن عقبة ، قال : ثني جبير بن نعيم ، عن أبي الزبير ،" عن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والشفع : اليومان ، والوتر : اليوم الواحد " .
والصواب من القول في ذلك : أن يقال : إن الله تعالى ذكره اقسم بالشفع و الوتر ، ولم يخصص نوعاً من الشفع ولا من الوتر دون نوع بخبر ولا عقل ، وكل شفع ووتر فهو مما أقسم به ، مما قال أهل التأويل إنه داخل في قسمة هذا ، لعموم قسمه بذلك .
واختلفت القراء في قراءة قوله " والوتر " فقرأته عامة قراء المدينة ومكة والبصرة وبعض قراء الكوفة بكسر الواو .
والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان مستفيضتان معروفتان في قرأة الأمصار ، ولغتان مشهورتان في العرب فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
قوله تعالى:" والشفع والوتر"
الشفع: الاثنان، والوتر: الفرد. واختلف في ذلك، فروي مرفوعاً عن عمران بن الحصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(والشفع والوتر: الصلاة، منها شفع، ومنها وتر). و"قال جابر بن عبد الله: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" والفجر * وليال عشر" قال: (هو الصبح، وعشر النحر، والوتر يوم عرفة، والشفع: يوم النحر) ". وهو قول ابن عباس وعكرمة. واختاره النحاس، وقال: حديث أبي الزبير عن جابر هو الذي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أصح إسناداً من حديث عمران بن حصين. فيوم عرفة وتر، لأنه تاسعها، ويوم النحر شفع لأنه عاشرها. وعن أبي أيوب قال:
سئل النبي صلىالله عليه وسلم عن قوله تعالى:" والشفع والوتر" فقال:(والشفع : يوم عرفة ويوم النحر، والوتر ليلة يوم النحر). وقال مجاهد وابن عباس أيضاً: الشفع خلقه، قال الله تعالى: " وخلقناكم أزواجا" [النبأ:8] والوتر هو الله عز وجل. فقيل لمجاهد: أتروية عن أحد؟ قال: نعم، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ونحوه قال محمد بن سيرين ومسروق وابو صالح وقتادة، قالوا: الشفع :الخلق، قال الله تعالى: " ومن كل شيء خلقنا زوجين" [الذاريات:49] الكفر والإيمان، والشقاوة والسعادة، والهدى والضلال، والنور والظلمة، والليل والنهار، والحر والبرد، والشمس والقمر، والصيف والشتاء، والسماء والأرض، والجن والإنس. والوتر: هو الله عز وجل، قال جل ثناؤه: " قل هو الله أحد * الله الصمد" [الإخلاص:1-2] و"قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً، والله وتر يحب الوتر) " . وعن ابن عباس أيضاً: الشفع: صلاة الصبح)والوتر: صلاة المغرب. وقال الربيع بن أنس وأبو العالية: هي صلاة المغرب، الشفع فيها ركعتان، والوترالثالثة. وقال ابن الزبير : الشفع: يوما منى: الحادي عشر، والثاني عشر. والثالث عشر الوتر، قال الله تعالى:
" فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه" [ البقرة:203] وقال الضحاك : الشفع: عشر ذي الحجة، والوتر: أيام منى الثلاثة. وهو قول عطاء. وقيل: إن الشفع والوتر: آدم وحواء، لأن آدم كان فرداً فشفع بزوجته حواس، فصار شفعاً بعد وتر. رواه ابن أبي نجيح، وحكاه القشيري عن ابن عباس. وفي رواية: الشفع: آدم وحواء، والوتر هو الله تعالى. وقيل: الشفع والوتر: الخلق، لأنهم شفع ووتر، فكأنه أقسم بالخلق. وقد يقسم الله تعالى بأسمائه وصفاته لعمله، ويقسم بأفعاله لقدرته، كما قال تعالى:" وما خلق الذكر والأنثى" [الليل:3]. ويقسم بمفعولاته، لعجائب صنعه، كما قال:" والشمس وضحاها" [الشمس:1]، " والسماء وما بناها" [ الشمس:5]، "والسماء والطارق" [ الطارق:1]. وقيل: الشفع: درجات الجنة، وهي ثمان. والوتر، دركات النار، لأنها سبعة. وهذا قول الحسين بن الفضل، كأنه أقسم بالجنة والنار. وقيل: الشفع : الصفا والمروة، والوتر: الكعبة. وقال مقاتل بن حيان: الشفع: الأيام والليالي، والوتر: اليوم الذي لا ليلة بعده، وهو يوم القيامة. وقال سفيان بن عيينة: الوتر: هو الله، وهو الشفع أيضاً، لقوله تعالى: " ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم" [ المجادلة:7]. وقال أبو بكر الوراق: الشفع: تضاد أوصاف المخلوقين: العز والذل، والقدرة والعجز، والقوة والضعف، وعلم بلا جهل، والحياة والموت، والبصر والعمى، والسمع والصمم، والكلام والخرس. والوتر: انفراد صفات الله تعالى: عز بلا ذل، وقدرة بلا عجز، وقوة بلا ضعف، وعلم بلا جهل، وحياة بلا موت، وبصر بلا عمى، وكلام بلا خرس، وسمع بلا صمم، وما وازاها. وقال الحسن: المراد بالشفع والوتر: العدد كله، لأن العدد لايخلو عنهما، وهو إقسام بالحساب. وقيل : الشفع: مسجد مكة والمدينة، وهما الحرمان. والوتر: مسجد بيت المقدس. وقيل: الشفع: القرن بين الحج والعمرة أو التمتع بالعمرة إلى الحج. والوتر:الإفراد فيه. وقيل: الشفع: القرن بين الحج والعمرة، أو التمتع بالعمرة إلى الحج. والوتر : الإفراد فيه. وقيل: الشفع: الحيوان، لأنه ذكر وأنثى. والوتر: الجماد. وقيل: والكسائي وحمزة وخلف(والوتر)بكسر الواو. والباقون(بفتح الواو)، وهما لغتان بمعنى واحد. وفي الصحاح: الوتر(بالكسر): الفرد، والوتر (بفتح الواو): الذحل. هذه لغة أهل العالية. فأما لغة أهل الحجاز فبالضد منهم. فأما تميم فبالكسر فيهما.
أما الفجر فمعروف وهوالصبح, قاله علي وابن عباس وعكرمة ومجاهد والسدي , وعن مسروق ومحمد بن كعب : المراد به فجر يوم النحر خاصة, وهو خاتمة الليالي العشر, وقيل المراد بذلك الصلاة التي تفعل عنده كما قاله عكرمة , وقيل المراد به جميع النهار, وهو رواية عن ابن عباس , والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف, وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس مرفوعاً "ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام يعني عشر ذي الحجة قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" وقيل: المراد بذلك العشر الأول من المحرم, حكاه أبو جعفر بن جرير ولم يعزه إلى أحد, وقد روى أبو كدينة عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس "وليال عشر" قال: هو العشر الأول من رمضان, والصحيح القول الأول. قال الإمام أحمد : حدثنا زيد بن الحباب , حدثنا عياش بن عقبة , حدثني خير بن نعيم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العشر عشر الأضحى, والوتر يوم عرفة, والشفع يوم النحر", ورواه النسائي عن محمد بن رافع وعبدة بن عبد الله , وكل منهما عن زيد بن الحباب به ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث زيد بن الحباب به, وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم وعندي أن المتن في رفعه نكارة والله أعلم.
وقوله تعالى: "والشفع والوتر" قد تقدم في هذا الحديث أن الوتر يوم عرفة لكونه التاسع, وأن الشفع يوم النحر لكونه العاشر, وقاله ابن عباس وعكرمة والضحاك أيضاً (قول ثان) وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج , حدثني عقبة بن خالد عن واصل بن السائب قال: سألت عطاء عن قوله تعالى: "والشفع والوتر" قلت: صلاتنا وترنا هذا ؟ قال: لا ولكن الشفع يوم عرفة والوتر ليلة الأضحى (قول ثالث) قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عامر بن إبراهيم الأصبهاني , حدثني أبي عن النعمان , يعني ابن عبد السلام , عن أبي سعيد بن عوف , حدثني بمكة قال: سمعت عبد الله بن الزبير يخطب الناس, فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الشفع والوتر, فقال: الشفع قول الله تعالى: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه" والوتر قوله تعالى: "ومن تأخر فلا إثم عليه" وقال ابن جريج : أخبرني محمد بن المرتفع أنه سمع ابن الزبير يقول: الشفع أوسط أيام التشريق والوتر آخر أيام التشريق, وفي الصحيحين من رواية أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر".
(قول رابع) قال الحسن البصري وزيد بن أسلم : الخلق كلهم شفع ووتر أقسم تعالى بخلقه, وهو رواية عن مجاهد والمشهور عنه الأول, وقال العوفي عن ابن عباس "والشفع والوتر" قال: الله وتر واحد, وأنتم شفع, ويقال الشفع صلاة الغداة والوتر صلاة المغرب.
(قول خامس) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج , حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد "والشفع والوتر" قال: الشفع الزوج, والوتر: الله عز وجل. وقال أبو عبد الله عن مجاهد : الله الوتر وخلقه الشفع الذكر والأنثى وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله: "والشفع والوتر" كل شيء خلقه الله شفع. السماء والأرض والبر والبحر والجن والإنس والشمس والقمر ونحو هذا, ونحا مجاهد في هذا ما ذكروه في قوله تعالى: "ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون" أي لتعلموا أن خالق الأزواج واحد (قول سادس) قال قتادة عن الحسن والشفع والوتر هو العدد منه شفع ومنه وتر.
(قول سابع في الاية الكريمة) رواه ابن أبي حاتم وابن جرير من طريق ابن جريج ثم قال ابن جرير : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر يؤيد القول الذي ذكرنا عن أبي الزبير , حدثني عبد الله بن أبي زياد القطواني , حدثنا زيد بن الحباب أخبرني عياش بن عقبة , حدثني خير بن نعيم عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله قال: "الشفع اليومان والوتر اليوم الثالث" هكذا ورد هذا الخبر بهذا اللفظ, وهو مخالف لما تقدم من اللفظ في رواية أحمد والنسائي وابن أبي حاتم وما رواه هو أيضاً والله أعلم. قال أبو العالية والربيع بن أنس وغيرهما: هي الصلاة منها شفع كالرباعية والثنائية, ومنها وتر كالمغرب فإنها ثلاث وهي وتر النهار, وكذلك صلاة الوتر في آخر التهجد من الليل. وقد قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن عمران بن حصين "والشفع والوتر" قال هي الصلاة المكتوبة منها شفع ومنها وتر وهذا منقطع وموقوف ولفظه خاص بالمكتوبة وقد روي متصلاً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه عام.
قال الإمام أحمد : حدثنا أبو داود هو الطيالسي , حدثنا همام عن قتادة عن عمران بن عصام أن شيخاً حدثه من أهل البصرة, عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الشفع والوتر فقال: "هي الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر" هكذا وقع في المسند, وكذا رواه ابن جرير عن بندار عن عفان وعن أبي كريب عن عبيد الله بن موسى وكلاهما عن همام , وهو ابن يحيى , عن قتادة عن عمران بن عصام , عن شيخ عن عمران بن حصين , وكذا رواه أبو عيسى الترمذي عن عمرو بن علي عن ابن مهدي وأبي داود , كلاهما عن همام عن قتادة عن عمران بن عصام عن رجل من أهل البصرة, عن عمران بن حصين به, ثم قال: غريب لا نعرفه إلا من حديث قتادة , وقد رواه خالد بن قيس أيضاً عن قتادة , وقد روي عن عمران بن عصام عن عمران نفسه والله أعلم.
(قلت): ورواه ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي , حدثنا يزيد بن هارون , أخبرنا همام عن قتادة عن عمران بن عصام الضبعي شيخ من أهل البصرة عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم, فذكره, هكذا رأيته في تفسيره فجعل الشيخ البصري هو عمران بن عصام . وهكذا رواه ابن جرير : أخبرنا نصر بن علي , حدثني أبي , حدثني خالد بن قيس عن قتادة عن عمران بن عصام عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفع والوتر قال: "هي الصلاة منها شفع ومنها وتر" فأسقط ذكر الشيخ المبهم, وتفرد به عمران بن عصام الضبعي أبو عمارة البصري إمام مسجد بني ضبيعة. وهو والد أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي , روى عنه قتادة وابنه أبو جمرة والمثنى بن سعيد وأبو التياح يزيد بن حميد , وذكره ابن حبان في كتاب الثقات, وذكره خليفة بن خياط في التابعين من أهل البصرة,وكان شريفاً نبيلاً حظياً عند الحجاج بن يوسف , ثم قتله يوم الزاوية سنة ثلاث وثمانين لخروجه مع ابن الأشعث , وليس له عند الترمذي سوى هذا الحديث الواحد, وعندي أن وقفه على عمران بن حصين أشبه والله أعلم, ولم يجزم ابن جرير بشيء من هذه الأقوال في الشفع والوتر.
وقوله تعالى: "والليل إذا يسر" قال العوفي عن ابن عباس : أي إذا ذهب, وقال عبد الله بن الزبير "والليل إذا يسر" حتى يذهب بعضه بعضاً, وقال مجاهد وأبو العالية وقتادة ومالك عن زيد بن أسلم وابن زيد "والليل إذا يسر" إذا سار, وهذا يمكن حمله على ما قال ابن عباس أي ذهب, ويحتمل أن يكون المراد إذا سار أي أقبل, وقد يقال إن هذا أنسب لأنه في مقابلة قوله: "والفجر" فإن الفجر هو إقبال النهار وإدبار الليل, فإذا حمل قوله: "والليل إذا يسر" على إقباله كان قسماً بإقبال الليل وإدبار النهار وبالعكس كقوله: " والليل إذا عسعس * والصبح إذا تنفس " وكذا قال الضحاك "والليل إذا يسر" أي يجري, وقال عكرمة "والليل إذا يسر" يعني ليلة جمع ليلة المزدلفة. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .
ثم قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام , حدثنا أبو عامر عن كثير بن عبد الله بن عمرو قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول في قوله: "والليل إذا يسر" قال: اسر يا سار ولا تبيتن إلا بجمع, وقوله تعالى: "هل في ذلك قسم لذي حجر" أي لذي عقل ولب ودين وحجا, وإنما سمي العقل حجراً لأنه يمنع الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من الأفعال والأقوال, ومنه حجر البيت لأنه يمنع الطائف من اللصوق بجداره الشامي, ومنه حجر اليمامة, وحجر الحاكم على فلان إذا منعه التصرف "ويقولون حجراً محجوراً" كل هذا من قبيل واحد, ومعنى متقارب, وهذا القسم هو بأوقات العبادة وبنفس العبادة من حج وصلاة وغير ذلك من أنواع القرب التي يتقرب بها إليه عباده المتقون المطيعون له, الخائفون منه المتواضعون لديه الخاضعون لوجهه الكريم, ولما ذكر هؤلاء وعبادتهم وطاعتهم قال بعده: " ألم تر كيف فعل ربك بعاد " وهؤلاء كانوا متمردين عتاة جبارين خارجين عن طاعته مكذبين لرسله جاحدين لكتبه, فذكر تعالى كيف أهلكهم ودمرهم وجعلهم أحاديث وعبراً فقال: "ألم تر كيف فعل ربك بعاد* إرم ذات العماد ؟" وهؤلاء عاد الأولى وهم ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح, قاله ابن إسحاق , وهم الذين بعث الله فيهم رسوله هوداً عليه السلام فكذبوه وخالفوه, فأنجاه الله من بين أظهرهم ومن آمن معه منهم وأهلكهم " بريح صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية * فهل ترى لهم من باقية " وقد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير ما موضع ليعتبر بمصرعهم المؤمنون, فقوله تعالى: "إرم ذات العماد" عطف بيان زيادة تعريف بهم.
وقوله تعالى: "ذات العماد" لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الشداد وقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة وأقواهم بطشاً, ولهذا ذكرهم هود بتلك النعمة وأرشدهم إلى أن يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم فقال: " واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون " " ولا تعثوا في الأرض مفسدين " وقال تعالى: "فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة ؟ أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة" وقال ههنا: "التي لم يخلق مثلها في البلاد" أي القبيلة التي لم يخلق مثلها في بلادهم لقوتهم وشدتهم وعظم تركيبهم. قال مجاهد : إرم, أمة قديمة يعني عاداً الأولى, قال قتادة بن دعامة والسدي : إن إرم بيت مملكة عاد, وهذا قول حسن جيد وقوي, وقال مجاهد وقتادة والكلبي في قوله: "ذات العماد" كانوا أهل عمد لا يقيمون, وقال العوفي عن ابن عباس : إنما قيل لهم ذات العماد لطولهم, واختار الأول ابن جرير ورد الثاني فأصاب.
وقوله تعالى: "التي لم يخلق مثلها في البلاد" أعاد ابن زيد الضمير على العماد لارتفاعها وقال: بنوا عمداً بالأحقاف لم يخلق مثلها في البلاد, وأما قتادة وابن جرير فأعاد الضمير على القبيلة أي لم يخلق مثل تلك القبيلة في البلاد يعني في زمانهم, وهذا القول هو الصواب, وقول ابن زيد ومن ذهب مذهبه ضعيف لأنه لو كان المراد ذلك لقال التي لم يعمل مثلها في البلاد وإنما قال: "لم يخلق مثلها في البلاد" وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا أبو صالح كاتب الليث, حدثني معاوية بن صالح عمن حدثه عن المقدام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر إرم ذات العماد فقال: "كان الرجل منهم يأتي على الصخرة فيحملها على الحي فيهلكهم" ثم قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا أبو الطاهر , حدثنا أنس بن عياض , عن ثور بن زيد الديلي قال: قرأت كتاباً وقد سمى حيث قرأه أنا شداد بن عاد وأنا الذي رفعت العماد وأنا الذي شددت بذراعي نظر واحد وأنا الذي كنزت كنزاً على سبعة أذرع لا يخرجه إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم (قلت): فعلى كل قول سواء كانت العماد أبنية بنوها أو أعمدة بيوتهم للبدو أو سلاحاً يقاتلون به أو طول واحد منهم, فهم قبيلة وأمة من الأمم, وهم المذكورون في القرآن في غير ما موضع المقرونون بثمود كما ههنا, والله أعلم.
ومن زعم أن المراد بقوله: "إرم ذات العماد" مدينة إما دمشق كما روي عن سعيد بن المسيب وعكرمة , أو إسكندرية كما روي عن القرظي أو غيرهما ففيه نظر, فإنه كيف يلتئم الكلام على هذا "ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد" إن جعل ذلك بدلاً أو عطف بيان, فإنه لا يتسق الكلام حينئذ, ثم المراد إنما هو الإخبار عن إهلاك القبيلة المسماة بعاد وما أحل الله بهم من بأسه الذي لا يرد, لا أن المراد الإخبار عن مدينة أو إقليم.
وإنما نبهت على ذلك لئلا يغتر بكثير مما ذكره جماعة من المفسرين عند هذه الاية من ذكر مدينة يقال لها: إرم ذات العماد, مبنية بلبن الذهب والفضة قصورها ودورها وبساتينها, وأن حصباءها لالىءوجواهر وترابها بنادق المسك وأنهارها سارحة وثمارها ساقطة, ودورها لا أنيس بها وسورها وأبوابها تصفر ليس بها داع ولا مجيب, وأنها تتنقل فتارة تكون بأرض الشام وتارة باليمن وتارة بالعراق وتارة بغير ذلك من البلاد, فإن هذا كله من خرافات الإسرائيليين من وضع بعض زنادقتهم ليختبروا بذلك عقول الجهلة من الناس أن تصدقهم في جميع ذلك.
وذكر الثعلبي وغيره أن رجلاً من الأعراب وهو عبد الله بن قلابة في زمان معاوية ذهب في طلب أباعر له شردت, فبينما هو يتيه في ابتغائها إذ اطلع على مدينة عظيمة لها سور وأبواب, فدخلها فوجد فيها قريباً مما ذكرناه من صفات المدينة الذهبية التي تقدم ذكرها, وأنه رجع فأخبر الناس فذهبوا معه إلى المكان الذي قال فلم يروا شيئاً. وقد ذكر ابن أبي حاتم قصة إرم ذات العماد ههنا مطولة جداً فهذه الحكاية ليس يصح إسنادها, ولو صح إلى ذلك الأعرابي فقد يكون اختلق ذلك أو أنه أصابه نوع من الهوس والخبال, فاعتقد أن ذلك له حقيقة في الخارج وليس كذلك, وهذا مما يقطع بعدم صحته, وهذا قريب مما يخبر به كثير من الجهلة والطامعين والمتحيلين من وجود مطالب تحت الأرض, فيها قناطير الذهب والفضة وألوان الجواهر واليواقيت واللالىء والإكسير الكبير, لكن عليها موانع تمنع من الوصول إليها والأخذ منها, فيحتالون على أموال الأغنياء والضعفة والسفهاء فيأكلونها بالباطل في صرفها في بخاخير وعقاقير ونحو ذلك من الهذيانات ويطنزون بهم, والذي يجزم به أن في الأرض دفائن جاهلية وإسلامية وكنوزاً كثيرة من ظفر بشيء منها أمكنه تحويله, فأما على الصفة التي زعموها فكذب وافتراء وبهت ولم يصح في ذلك شيء مما يقولون إلا عن نقلهم أو نقل من أخذ عنهم والله سبحانه وتعالى الهادي للصواب.
وقول ابن جرير يحتمل أن يكون المراد بقوله: "إرم ذات العماد" قبيلة أو بلدة كانت عاد تسكنها فلذلك لم تصرف, فيه نظر لأن المراد من السياق إنما هو الإخبار عن القبيلة, ولهذا قال بعده: "وثمود الذين جابوا الصخر بالواد" يعني يقطعون الصخر بالوادي, قال ابن عباس ينحتونها ويخرقونها, وكذا قال مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد ومنه يقال مجتابي النمار إذا خرقوها, واجتاب الثوب إذا فتحه ومنه الجيب أيضاً وقال الله تعالى: "وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين", و أنشد ابن جرير وابن أبي حاتم ههنا قول الشاعر:
ألا كل شيء ما خلا الله بائد كما باد حي من شنيف ومارد
هم ضربوا في كل صماء صعدة بأيد شداد أيدات السواعد
وقال ابن إسحاق : كانوا عرباً وكان منزلهم بوادي القرى, وقد ذكرنا قصة عاد مستقصاة في سورة الأعراف بما أغنى عن إعادته. وقوله تعالى: "وفرعون ذي الأوتاد" قال العوفي عن ابن عباس : الأوتاد الجنود الذين يشدون له أمره, ويقال كان فرعون يوتد أيديهم وأرجلهم في أوتاد من حديد يعلقهم بها, وكذا قال مجاهد : كان يوتد الناس بالأوتاد, وهكذا قال سعيد بن جبير والحسن والسدي . قال السدي : كان يربط الرجل في كل قائمة من قوائمه في وتد ثم يرسل عليه صخرة عظيمة فيشدخه, وقال قتادة : بلغنا أنه كان له مظال وملاعب يلعب له تحتها من أوتاد وحبال, وقال ثابت البناني عن أبي رافع : قيل لفرعون ذي الأوتاد لأنه ضرب لامرأته أربعة أوتاد, ثم جعل على ظهرها رحى عظيمة حتى ماتت.
وقوله تعالى: "الذين طغوا في البلاد * فأكثروا فيها الفساد" أي تمردوا وعتوا وعاثوا في الأرض بالإفساد والأذية للناس "فصب عليهم ربك سوط عذاب" أي أنزل عليهم رجزاً من السماء وأحل بهم عقوبة, لا يردها عن القوم المجرمين.
وقوله تعالى: "إن ربك لبالمرصاد" قال ابن عباس : يسمع ويرى يعني يرصد خلقه فيما يعملون ويجازي كلاً بسعيه في الدنيا والأخرى, وسيعرض الخلائق كلهم عليه فيحكم فيهم بعدله ويقابل كلا بما يستحقه, وهو المنزه عن الظلم والجور. وقد ذكر ابن أبي حاتم ههنا حديثاً غريباً جداً وفي إسناده نظر وفي صحته, فقال: حدثنا أبي , حدثنا أحمد بن أبي الحواري , حدثنا يونس الحذاء عن أبي حمزة البيساني , عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معاذ إن المؤمن لدى الحق أسير, يا معاذ إن المؤمن لا يسكن روعه ولا يأمن اضطرابه حتى يخلف جسر جهنم خلف ظهره, يا معاذ إن المؤمن قيده القرآن عن كثير من شهواته وعن أن يهلك فيها هو بإذن الله عز وجل فالقرآن دليله, والخوف محجته, والشوق مطيته, والصلاة كهفه, والصوم جنته, والصدقة فكاكه, والصدق أميره, والحياء وزيره, وربه عز وجل من وراء ذلك كله بالمرصاد".
قال ابن أبي حاتم : يونس الحذاء وأبو حمزة مجهولان و أبو حمزة عن معاذ مرسل. ولو كان عن أبي حمزة لكان حسناً أي لو كان من كلامه لكان حسناً, ثم قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو عن أيفع عن ابن عبد الكلاعي أنه سمعه وهو يعظ الناس يقول: إن لجهنم سبع قناطر قال: والصراط عليهن, قال: فيحبس الخلائق عند القنطرة الأولى فيقول "قفوهم إنهم مسؤولون" قال: فيحاسبون على الصلاة ويسألون عنها, قال: فيهلك فيها من هلك وينجو من نجا, فإذا بلغوا القنطرة الثانية حوسبوا على الأمانة كيف أدوها وكيف خانوها, قال: فيهلك من هلك وينجو من نجا, فإذا بلغوا القنطرة الثالثة سئلوا عن الرحم كيف وصلوها وكيف قطعوها, قال: فيهلك من هلك وينجو من نجا, قال: والرحم يومئذ متدلية إلى الهوى في جهنم تقول: اللهم من وصلني فصله, ومن قطعني فاقطعه, قال: وهي التي يقول الله عز وجل: "إن ربك لبالمرصاد" هكذا أورد هذا الأثر ولم يذكر تمامه.
3- ‌"والشفع والوتر" الشفع والوتر يعمان كل الأشياء شفعها ووترها، وقيل شفع الليالي ووترها. وقال قتادة: الشفع والوتر شفع الصلاة ووترها، منه شفع ومنها وتر. وقيل الشفع يوم عرفة ويوم النحر، والوتر ليلة يوم النحر. وقال مجاهد وعطية العوفي: الشفع الخلق، والوتر الله الواحد الصمد، وبه قال محمد بن سيرين ومسروق وأبو صالح وقتادة. وقال الربيع بن أنس وأبو العالية: هي صلاة المغرب فيها ركعتان والوتر الركعة. وقال الضحاك: الشفع عشر ذي الحجة والوتر أيام منى الثلاثة، وبه قال عطاء: وقيل هما آدم وحواء، لأن آدم كان وتراً فشفع بحواء. وقيل الشفع درجات الجنة وهي ثمان، والوتر دركات النار وهي سبع، وبه قال الحسين بن الفضل. وقيل الشفع الصفا والمروة، والوتر الكعبة. وقال مقاتل: الشفع الأيام والليلالي، والوتر اليوم الذي لا ليلة بعده، وهو يوم القيامة وقال سفيان بن عيينة: الوتر هو الله سبحانه، وهو الشفع أيضاً لقوله: "ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم" الآية وقال الحسن: المراد بالشفع والوتر العدد كله، لأن العدد لا يخلو عنهما. وقيل الشفع مسجد مكة والمدينة، والوتر مسجد بيت القدس. وقيل الشفع حجج القرآن، والوتر الإفراد. وقيل الشفع الحيوان لأنه ذكر وأنثى، والوتر الجماد. وقيل الشفع ما سمي، والوتر ما لا يسمى. ولا يخفاك ما في غالب هذه الأقوال من السقوط البين والضعف الظاهر، والاتكال في التعيين على مجرد الرأي الزائف. والخاطر الخاطئ.
والذي ينبغي التعويل عليه ويتعين المصير إليه ما يدل عليه معنى الشفع والوتر في كلامه العرب، وهما معروفان واضحان، فالشفع عند العرب الزوج، والوتر الفرد. فالمراد بالآية إما نفس العدد أو ما يصدق عليه من المعدودات بأنه شفع أو وتر. وإذا قام دليل على تعيين شيء من المعدودات في تفسير هذه الآية، فإن كان الدليل يدل على أنه المراد نفسه دون غيره فذاك، وإن كان الدليل يدل على أنه مما تناولته هذه الآية لم يكن ذلك مانعاً من تناولها لغيره. قرأ الجمهور "والوتر" بفتح الواو. وقرأ حمزة والكسائي وخلف بكسرها، وهي قراءة ابن مسعود وأصحابه وهما لغتان، والفتح لغة قريش وأهل الحجاز، والكسر لغة تميم. قال الأصمعي: كل فرد وتر، وأهل الحجاز يفتحون فيقولون وتر في الفرد. وحكى يونس عن ابن كثير أنه قرأ بفتح الواو وكسر التاء، فيحتمل أن تكون لغة ثالثة، ويحتمل أنه نقل كسرة الراء إلى التاء إجراء للوصل مجرى الوقف.
3- "والشفع والوتر"، قرأ حمزة، والكسائي: الوتر بكسر الواو، وقرأ الآخرون بفتحها، واختلفوا في الشفع والوتر. قيل: الشفع: الخلق، قال الله تعالى: "وخلقناكم أزواجاً" و الوتر: هو الله عز وجل. روي ذلك عن ابن مسعود وعن أبي سعيد الخدري، وهو قول عطية العوفي.
وقال مجاهد ومسروق: الشفع الخلق كله، كما قال الله تعالى: "ومن كل شيء خلقنا زوجين" (الذاريات- 49)، الكفر والإيمان، والهدى والضلالة، والسعادة والشقاوة، والليل والنهار، والسماء والأرض، والبر والبحر، والشمس والقمر، والجن والإنس، والوتر هو الله عز وجل، قال الله تعالى: "قل هو الله أحد" (الإخلاص- 1).
قال الحسن وابن زيد: الشفع والوتر: الخلق كله، منه شفع، ومنه وتر.
وروى قتادة عن الحسن قال: هو العدد منه شفع ومنه وتر.
وقال قتادة: هما الصلوات منها شفع ومنها وتر. وروى ذلك عن عمران بن حصين مرفوعاً، وروى عطية عن ابن عباس: الشفع صلاة الغداة، والوتر صلاة المغرب.
وعن عبد الله بن الزبير قال: الشفع: يوم النفر الأول، و الوتر: يوم النفر الأخير. روي أن رجلاً سأله عن الشفع والوتر والليالي العشر؟ فقال: أما الشفع والوتر: فقول الله عز وجل: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه" (البقرة- 203) فهما الشفع والوتر، وأما الليالي العشر: فالثمان وعرفة والنحر.
وقال مقاتل بن حيان: الشفع: الأيام والليالي، و الوتر: اليوم الذي لا ليلة بعده وهو يوم القيامة.
وقال الحسين بن الفضل: الشفع: درجات الجنة لأنها ثمان، و الوتر دركات النار لأنها سبع، كأنه أقسم بالجنة والنار.
وسئل أبو بكر الوراق عن الشفع والوتر فقال: الشفع: تضاد أخلاق المخلوقين من العز والذل، والقدرة والعجز، والقوة والضعف، والعلم والجهل، والبصر والعمى، و الوتر: انفراد صفات الله عز بلا ذل، وقدرة بلا عجز، وقوة بلا ضعف، وعلم بلا جهل، وحياة بلا ممات.
3-" والشفع والوتر " والأشياء كلها شفعها ووترها ، أو الخلق لقوله : " ومن كل شيء خلقنا زوجين " والخالق لأنه فرد ، ومن فسرهما بالعناصر والأفلاك أو البروج والسيارات أو شفع الصلوات ووترها ، أوبيومي النحر وعرفة ، وقد روي مرفوعاً ، أو بغيرها فلعله أفرد بالذكر من أنواع المدلول ما رآه أظهر دلالة على التوحيد ، أو مدخلاً في الدين أو مناسبة لما قبلهما أو أكثر منفعة موجبة للشكر ، وقرئ " والوتر " بكسر الواو وهما لغتان كالحبر والحبر .
3. And the Even and the Odd,
3 - By the Even and Odd (contrasted);