[الغاشية : 3] عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ
3 - (عاملة ناصبة) ذات نصب وتعب بالسلاسل والأغلال
وقوله " عاملة " يعني : عاملة في النار " ناصبة " يقول : ناصبة فيها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " عاملة ناصبة " فإنها تعمل وتنصب في النار .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا أبن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن ، قرأ " عاملة ناصبة " قال : لم تعمل لله في الدنيا ، فأعملها في النار .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، ثنا سعيد ، عن قتادة " عاملة ناصبة " تكبرت في الدنيا عن طاعة الله ، فأعملها وأنصبها في النار .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة في قوله " عاملة ناصبة " قال : عاملة ناصبة في النار .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله " عاملة ناصبة " قال : لا أحد أنصب ولا أشد من أهل النار .
ثم قال:" عاملة ناصبة" فهذا في الدنيا، لأن الآخرة ليست دار عمل. فالمعنى: وجوه عاملة ناصبة في الدنيا (خاشعة) في الآخرة. قال أهل اللغة: يقال للرجل إذا دأب في سيره: قد عمل يعمل عملاً. ويقال للسحاب إذا دام برقة: قد عمل يعمل عملاً. وذا سحاب عمل. قال الهذلي:
حتى شآها كليل موهناً عمل باتت طرابا وبات الليل لم ينم
"ناصبة" أي تعبة. يقال: نصب(بالكسر)ينصب نصباً: إذا تعب، ونصباً أيضاً، وأنصبه غيره. فروى الضحاك عن ابن عباس قال: هم الذين أنصبوا أنفسهم في الدنيا على معصية الله عز وجل، وعلى الكفر، مثل عبدة الأوثان، وكفار أهل الكتاب مثل الرهبان وغيرهم، لا يقبل الله جل ثناؤه منهم إلا ما كان خالصاً له. وقال سعيد عن قتادة: (عاملة ناصبة) قال: تكبرت في الدنيا عن طاعة الله عز وجل، فأعملها الله وأنصبها في النار، بجر السلاسل الثقال، وحمل الأغلال، والوقوف حفاة عراة في العرصات، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. قال الحسن وسعيد بن جبير: لم تعمل لله في الدنيا، ولم تنصب له، فأعملها وأنصبها في جهنم. وقال الكلبي: يجرون على وجوهم في النار. وعنه وعن غيره: يكلفون ارتقاء جبل من حديد في جهنم، فينصبون فيها أشد ما يكون من النصب، بمعالجه السلاسل والأغلال والخوض في النار، كما تخوض الإبل في الوحل، وارتقائها في صعود من نار، وهبوطها في حدور منها، إلى غير ذلك من عذابها. وقاله ابن عباس. وقرأ ابن محيصن وعيسى وحميد، ورواها عبيد عن شبل عن ابن كثير (ناصبة) بالنصب على الحال. وقيل: على الذم. الباقون(بالرفع) على الصفة أو على إضمار مبتدأ، فيوقف على (خاشعة). ومن جعل المعنى في الآخرة، جاز أن يكون خبراً بعد خبر عن (وجوه)، فلا يوقف على خاشعة. وقيل: (عاملة ناصبة)أي عاملة في الدنيا ناصبة في الآخرة. وعلى هذا يحتمل وجوه يومئذ عاملة في الدنيا، ناصبة في الآخرة، خاشعة. قال عكرمة والسدي: عملت في الدنيا بالمعاصي. وقال سعيد بن جبير وزيد بن أسلم: هم الرهبان أصحاب الصوامع، وقاله ابن عباس. وقد تقدم في رواية الضحاك عنه. وروي عن الحسن قال: لما قدم عمر بن الخطاب- رضي الله عنه - الشام أتاه راهب شيخ كبير متقهل، عليه سواد، فلما رآه عمر بكى. فقال له: أمير المؤمنين، ما يبكيك؟ قال: هذا المسكين طلب أمراً فلم يصبه، ورجا رجاء فأخطأه، - وقرأ قول الله عز وجل-"وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة". قال الكسائي: التقهل : رثاثة الهيئة، ورجل متقهل: يابس الجلد سييء الحال، مثل المتقحل. وقال أبو عمرو: التقهل: شكوى الحاجة. وأنشد:
لعوا إذا لاقيته تقهلا
والقهل: كفران الإحسان. وقد قهل يقهل قهلاً: إذا أثنى ثناء قبيحاً. وأقهل الرجل تكلف ما يعيبه ودنس نفسه. وانقهل ضعف وسقط، قاله الجوهري. وعن علي رضي الله عنه أنهم أهل حروراء. يعني الخوارج الذين ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
"(تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وأعمالكم مع أعمالهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " ....)الحديث.
الغاشية: من أسماء يوم القيامة. قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد لأنها تغشى الناس وتعمهم, وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا علي بن محمد الطنافسي , حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تقرأ "هل أتاك حديث الغاشية" فقام يستمع ويقول: "نعم قد جاءني" وقوله تعالى: "وجوه يومئذ خاشعة" أي ذليلة قاله قتادة , وقال ابن عباس : تخشع ولا ينفعها عملها. وقوله تعالى: "عاملة ناصبة" أي قد عملت عملاً كثيراً ونصبت فيه وصليت يوم القيامة ناراً حامية. قال الحافظ أبو بكر البرقاني : حدثنا إبراهيم بن محمد المزكي , حدثنا محمد بن إسحاق السراج , حدثنا هارون بن عبد الله , حدثنا سيار , حدثنا جعفر قال: سمعت أبا عمران الجوني يقول: مر عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بدير راهب, قال فناداه يا راهب, فأشرف قال فجعل عمر ينظر إليه ويبكي, فقيل له: يا أمير المؤمنين ما يبكيك من هذا ؟ قال: ذكرت قول الله عز وجل في كتابه: "عاملة ناصبة * تصلى ناراً حامية" فذاك الذي أبكاني.
وقال البخاري : قال ابن عباس "عاملة ناصبة" النصارى, وعن عكرمة والسدي عاملة في الدنيا بالمعاصي وناصبة في النار بالعذاب والإهلاك, قال ابن عباس والحسن وقتادة "تصلى ناراً حامية" أي حارة شديدة الحر "تسقى من عين آنية" أي قد انتهى حرها وغليانها, قاله ابن عباس ومجاهد والحسن والسدي . وقوله تعالى: "ليس لهم طعام إلا من ضريع" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : شجر من النار, وقال سعيد بن جبير : هو الزقوم, وعنه أنها الحجارة, وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبو الجوزاء وقتادة : هو الشبرق, قال قتادة : قريش تسميه في الربيع الشبرق وفي الصيف الضريع, قال عكرمة : وهو شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض. وقال البخاري : قال مجاهد : الضريع نبت يقال له الشبرق يسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس وهو سم, وقال معمر عن قتادة "ليس لهم طعام إلا من ضريع" هو الشبرق إذا يبس سمي الضريع, وقال سعيد عن قتادة "ليس لهم طعام إلا من ضريع" من شر الطعام وأبشعه وأخبثه, وقوله تعالى: "لا يسمن ولا يغني من جوع" يعني لا يحصل به مقصود ولا يندفع به محذور.
قوله: 3- "عاملة ناصبة" معنى عاملة أنها تعمل عملاً شاقاً. قال أهل اللغة: يقال للرجل إذا دأب في سيره: عمل يعمل عملاً، ويقال للسحاب إذا دام برقة: قد عمل يعمل عملاً. قيل وهذا العمل هو جر السلاسل والأغلال والخوض في النار "ناصبة" أي تعبة، يقال نصب بالكسر ينصب نصباً: إذا تعب، والمعنى: أنها في الآخرة تعبة لما تلاقيه من عذاب الله. وقيل إن قوله: "عاملة" في الدنيا إذ لا عمل في الآخرة: أي تعمل في الدنيا بالكفر والمعاصي، وتنصب في ذلك. وقيل إنها عاملة في الدنيا ناصبة في الآخرة، والأول أولى. قال قتادة "عاملة ناصبة" تكبرت في الدنيا عن طاعة الله، فأعملها الله، وأنصبها في النار بجر السلاسل الثقال وحمل الأغلال والوقوف حفاة عراة في العرصات "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" قال الحسن وسعيد بن جبير: لم تعمل لله في الدنيا ولم تنصب فأعملها وأنصبها في جهنم. قال الكلبي: يجرون على وجوههم في النار. وقال أيضاً: يكلفون ارتقاء جبل من حديد في جهنم، فينصبون فيها أشد ما يكون من النصب بمعالجة السلاسل والأغلال والخوض في النار كما تخوض الإبل في الوحل. قرأ الجمهور "عاملة ناصبة" بالرفع فيهما على أنهما خبران آخران للمبتدأ، أو على تقدير مبتدأ، وهما خبران له، وقرأ ابن محيصن وعيسى وحميد وابن كثير في رواية عنه بنصبهما على الحال أو على الذم.
3- "عاملة ناصبة"، قال عطاء عن ابن عباس: يعني الذي عملوا ونصبوا في الدنيا على غير دين الإسلام من عبدة الأوثان وكفار أهل الكتاب، مثل الرهبان وغيرهم، لا يقبل الله منهم اجتهاداً في ضلالة، يدخلون النار يوم القيامة، وهو قول سعيد بن جبير، وزيد بن أسلم. ومعنى النصب: الدأب في العمل بالتعب.
وقال عكرمة والسدي: عاملة في الدنيا بالمعاصي، ناصبة في الآخرة في النار.
وقال بعضهم: عاملة في النار ناصبة فيها. قال الحسن: لم تعمل لله في الدنيا، فأعملها وأنصبها في النار بمعالجة السلاسل، والأغلال. وبه قال قتادة، وهي رواية العوفي عن ابن عباس.
قال ابن مسعود: تخوض في النار كما تخوض الإبل في الوحل.
وقال الكلبي: يجرون على وجوههم في النار.
وقال الضحاك: يكلفون ارتقاء جبل من حديد في النار، والكلام خرج على الوجوه، والمراد منها أصحابها.
3-" عاملة ناصبة " تعمل ما تتعب فيه كجر السلاسل وخوضها في النار خوض الإبل في الوحل ،والصعود والهبوط في تلالها ووهادها ما عملت ، ونصبت في أعمال لا تنفعها يومئذ .
3. Toiling, weary,
3 - Labouring (hard), weary,