[الغاشية : 11] لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً
11 - (لا تسمع) بالياء والتاء (فيها لاغية) أي نفس ذات لغو هذيان من الكلام
وقوله : " لا تسمع فيها لاغية " يقول : لا تسمع هذه الوجوه المعنى لأهلها فيها في الجنة العالية لا غية ، يعني باللاغية : كلمة لغو . واللغو : الباطل ، فقيل للكلمة التي هي لغو لاغية ، كما قيل لصلاحب الدرع : دارع ، ولصاحب الفرس : فارس ، ولقائل الشغر : شاعر ، وكما قال الحطيئة :
أعررتني وزعمت أنك لابن بالصيف تامر
يعني : صاحب لبن ، وصاحب تمر . وزعم بعض الكوفيين أن معنى ذلك : لا تسمع فيها حالفة على الكذب ولذلك قيل لاغية . ولهذا الذي قاله مذهب ووجه ، لولا أن أهل التأويل من الصحابة والتابعين على خلافة ، وغير جائز لأخد خلافهم فيما كانوا عليه مجمعين .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " لا تسمع فيها لاغية " يقول : لا تسمع أذى ولا باطلاً .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : "لا تسمع فيها لاغية " قال شتماً .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " لا تسمع فيها لاغية " : لا تسمع فيها باطلاً ، ولا شاتماً .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا أبن ثور ، عن معمر ، عن قتادة مثله .
واختلفت القراء في قراءة ذبلك ، فقرأته عامة قراء الكوفة وبعض قراء المدية وهو أبو جعفر " لا تسمع " بعتح التاء ، بمعنى : لا تسمع الوجوه . وقرأ ذلك ابن كثير و نافع و أبو عمرو ( لا تسمع ) بضم التاء ، بمعنى ما لم يسم فاعله ، ويؤنث تسمع ، لتأنيث لاغية . وقرأ ابن محيصن بالضم ايضاً ، غير أنه كان يقرؤها بالياء ، على وجه التذكير .
والصواب من القول في ذلك عندي أن كل ذلك قراءات معروفات صحيحات المعاني ، فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب .
قوله تعالى:" لا تسمع فيها لاغية" أي كلاماً ساقطاً غير مرضي. وقال: " لاغية "، واللغو واللغا واللاغية: بمعنى واحد. قال:
عن اللغا ورفث التكلم
وقال الفراء والأخفش: أي لا تسمع فيها كلمة لغو. وفي المراد بها ستة أوجه: أحدها: يعني كذباً وبهتاناً وكفراً بالله عز وجل، قاله ابن عباس. الثاني: لا باطل ولا إثم، قاله قتادة. الثالث: أنه الشتم، قاله مجاهد. الرابع: المعصية، قاله الحسن. الخامس: لا يسمع فيها حالف يحلف بكذب، قاله الفراء. وقال الكلبي: لايسمع في الجنة حالف بيمين برة ولا فاجرة. السادس: لايسمع في كلامهم كلمة بلغو، لأن أهل الجنة لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد الله على ما رزقهم من النعيم الدائم، قاله الفراء أيضاً. وهو أحسنها لأنه يعم ما ذكر. وقرأ أبو عمرو وابن كثير(لايسمع) بياء غير مسمى الفاعل. وكذلك نافع، إلا أنه بالتاء المضمومة، لأن اللاغية اسم مؤنث فأنت الفعل لتأنيثه. ومن قرأ بالياء فلأنه حال بين الاسم والفعل الجار والمجرور. وقرأ الباقون بالتاس مفتوحة " لاغية" نصاً على إسناد ذلك للوجوه، أي لا تسمع الوجوه فيها لاغية.
لما ذكر حال الأشقياء ثنى بذكر السعداء فقال: "وجوه يومئذ" أي يوم القيامة "ناعمة" أي يعرف النعيم فيها وإنما حصل لها ذلك بسعيها, وقال سفيان "لسعيها راضية" قد رضيت عملها. وقوله تعالى: "في جنة عالية" أي رفيعة بهية في الغرفات آمنون "لا تسمع فيها لاغية" أي لا تسمع في الجنة التي هم فيها كلمة لغو كما قال تعالى: "لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاماً" وقال تعالى: "لا لغو فيها ولا تأثيم" وقال تعالى: " لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما " "فيها عين جارية" أي سارحة وهذه نكرة في سياق الإثبات, وليس المراد بها عيناً واحدة وإنما هذا جنس يعني فيها عيون جاريات. وقال ابن أبي حاتم : قرىء على الربيع بن سليمان , حدثنا أسد بن موسى , حدثنا ابن ثوبان عن عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنهار الجنة تفجر من تحت تلال ـ أو من تحت جبال ـ المسك" "فيها سرر مرفوعة" أي عالية ناعمة كثيرة الفرش مرتفعة السمك عليها الحور العين, قالوا فإذا أراد ولي الله أن يجلس على تلك السرر العالية تواضعت له "وأكواب موضوعة" يعني أواني الشرب معدة مرصدة لمن أرادها من أربابها.
"ونمارق مصفوفة" قال ابن عباس : النمارق الوسائد, وكذا قال عكرمة وقتادة والضحاك والسدي والثوري وغيرهم, وقوله تعالى : "وزرابي مبثوثة" قال ابن عباس الزرابي البسط, وكذا قال الضحاك وغير واحد, ومعنى مبثوثة أي ههنا وههنا لمن أراد الجلوس عليها, وذكر ههنا هذا الحديث الذي رواه أبو بكر بن أبي داود , حدثنا عمرو بن عثمان , حدثنا أبي عن محمد بن مهاجر عن الضحاك المعافري عن سليمان بن موسى , حدثني كريب أنه سمع أسامة بن زيد يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا هل من مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها, وهي ورب الكعبة نور يتلألأ, وريحانة تهتز, وقصر مشيد, ونهر مطرد, وثمرة نضيجة, وزوجة حسناء جميلة, وحلل كثيرة, ومقام في أبد في دار سليمة, وفاكهة وخضرة, وحبرة ونعمة, في محلة عالية بهية ؟ قالوا: نعم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن المشمرون لها, قال: قولوا إن شاء الله" قال القوم: إن شاء الله, ورواه ابن ماجه عن العباس بن عثمان الدمشقي عن الوليد بن مسلم عن محمد بن مهاجر به.
11- "لا تسمع فيها لاغية" قرأ الجمهور "لا تسمع" بفتح الفوقية ونصب "لاغية": أي لا تسمع أنت أيها المخاطب، أو لا تسمع تلك الوجوه. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتحتية مضمونة مبنياً للمفعول ورفع لاغية. وقرأ نافع بالفوقية مضمومة مبنياً للمفعول ورفع لاغية. وقرأ الفضل والجحدري بفتح التحتية مبنياً للفاعل ونصب لاغية، واللغو الكلام الساقط. قال الفراء والأخفش: أي لا تسمع فيها كلمة لغو. قيل المراد بذلك الكذب والبهتان والكفر قاله قتادة: وقال مجاهد: أي الشتم. وقال الفراء: لا تسمع فيها حالفاً يحلف بكذب. وقال الكلبي: لا تسمع في الجنة حالفاً بيمين برة ولا فاجرة. وقال الفراء: أيضاً لا تسمع في كلام أهل الجنة كلمة تلغى لأنهم لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد الله تعالى على ما رزقهم من النعيم الدائم، وهذا أرجح الأقوال لأن النكرة في سياق النفي من صيغ العموم، ولا وجه لتخصيص هذا بنوع من اللغو خاص إلا بمخصص يصلح للتخصيص، ولاغية إما صفة موصوف محذوف: أي كلمة لاغية، أو نفس لاغية، أو مصدر: أي لا تسمع فيها لغواً.
11- "لا تسمع فيها لاغية"، لغو وباطل، قرأ أهل مكة والبصرة: لا يسمع بالياء وضمها، "لاغية" رفع. وقرأ نافع "لا تسمع"، بالتاء وضمها، "لاغية" رفع، وقرأ الآخرون بالتاء وفتحها لاغيةً بالنصب، على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.
11-" لا تسمع " يا مخاطب أو الوجوه ، وقرأ على بناء المفعول بالياء ابن كثير و أبو عمرو و رويس وبالتاء نافع . " فيها لاغيةً " لغواً أو كلمة ذات لغو أو نفساً تلغو ، فإن كلام أهل الجنة الذكر والحكم .
11. Where they hear no idle speech,
11 - Where they shall hear no (word) of vanity: