[الطارق : 1] وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ
1 - (والسماء والطارق) أصله كل آت ليلا ومنه النجوم لطلوعها ليلا
أقسم ربنا بالسماء وبالطارق الذي يطرق ليلاً من النجوم المضيئة ، ويخفى نهاراً ، وكل ما جاء ليلاً قد طرق .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " والسماء والطارق " قال : السماء وما يطرق فيها .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " والسماء والطارق * وما أدراك ما الطارق " قال : طارق يطرق بليل ، ويخفى بالنهار .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله " والطارق " قال : ظهور النجوم ، يقول : يطرقك ليلاً .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " الطارق " النجم .
مكية ، وهي سبع عشرة آية
قوله تعالى:" والسماء والطارق" قسمان:((السماء)) قسم، و((الطارق)) قسم والطارق: النجم. وقد بينه الله تعالى بقوله: " وما أدراك ما الطارق * النجم الثاقب". واختلف فيه، فقيل: هو زحل: الكوكب الذي في السماء السابعة، ذكره محمد بن الحسن في تفسيره، وذكر له أخباراً، الله أعلم بصحتها. وقال ابن زيد : إنه الثريا. وعنه أيضاً أنه زحل، وقاله الفراء. ابن عباس : هو الجدي. وعن أيضاً وعن علي بن ابي طالب- رضي الله عنهما- الفراء: ((النجم الثاقب)): نجم في السماء السابعة، لا يسكنها غيره من النجوم، فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء، هبط فكان معها، ثم يرجع إلى مكانه من السماء السابعة، وهو زحل، فهو طارق حين ينزل، وطارق حين يصعد. وحكى الفراء: ثقب الطائر: إذا ارتفع وعلا." وروى أبو صالح عن ابن عباس قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً مع أبي طالب، فانحط نجم، فامتلأت الأرض نوراً، ففزع أبو طالب، وقال: أي شيء هذا؟ فقال: ((هذا نجم رمي به، وهو آية من آيات الله)) فعجب أبو طالب، ونزل:" والسماء والطارق"." وروي عن ابن عباس أيضاً ((والسماء والطارق)) قال: السماء وما يطرق فيها. وعن ابن عباس وعطاء: ((الثاقب)): الذي ترمي به الشياطين. قتادة: هو عام في سائر النجوم، لأن طلوعها بليل، وكل من أتاك ليلاً فهو طارق. قال:
‌ ومثلك حبلى قد طرقت ومرضعاً فألهيتها عن ذي تمائم مغيل
وقال:
ألم ترياني كلما جئت طارقاً وجدت بها طيباً وإن لم تطيب
فالطارق: النجم ، اسم جنس، سمي بذلك لأنه يطرق ليلاً، ومنه الحديث:
"((نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرق المسافر أهله ليلاً، كي تستحد المغيبة، وتمتشط الشعثة)) "ر. والعرب تسمي كل قاصد في الليل طارقاً. يقال: طرق فلان إذا جاء بليل. وقد طرق يطرق طروقاً، فهو طارق. ولابن الرومي:
يا راقد الليل مسروراً بأوله إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
لا تفرحن بليل طاب أوله فرب آخر ليل أجج النارا
وفي الصحاح : والطارق: النجم الذي يقال له كوكب الصبح. ومنه قول هند:
نحن بنات طارق نمشي على النمارق
أي إن أبانا في الشرف كالنجم المضيء. الماوردي: وأصل الطرق: الدق، ومنه سميت المطرقة، فسمي قاصد الليل طارقاً، لاحتياجه في الوصول إلى الدق. وقال قوم: إنه قد يكون نهاراً. والعرب تقول، أتيتك اليوم طرقتين: أي مرتين." ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((أعوذ بك من شر طوارق الليل والنهار، إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن))"
وقال جرير في الطروق:
طرقتك صائدة القلوب وليس ذا حين الزيارة فارجعي بسلام
تفسير سورة الطارق
قال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا أبي , حدثنا عبد الله بن محمد قال عبد الله وسمعته أنا منه, حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عبد الرحمن بن خالد بن أبي جبل العدواني , عن أبيه أنه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشرق ثقيف وهو قائم على قوس أو عصى حين أتاهم يبتغي عندهم النصر فسمعته يقول: "والسماء والطارق" حتى ختمها قال: فوعيتها في الجاهلية وأنا مشرك, ثم قرأتها في الإسلام قال: فدعتني ثقيف فقالوا: ماذا سمعت من هذا الرجل ؟ فقرأتها عليهم فقال من معهم من قريش, نحن أعلم بصاحبنا لو كنا نعلم ما يقول حقاً لاتبعناه, وقال النسائي : حدثنا عمرو بن منصور , حدثنا أبو نعيم عن مسعر عن محارب بن دثار عن جابر قال: " صلى معاذ المغرب فقرأ البقرة والنساء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفتان أنت يا معاذ! ما كان يكفيك أن تقرأ بالسماء والطارق والشمس وضحاها ونحوها ؟".
بسم الله الرحمـن الرحيم
يقسم تبارك وتعالى بالسماء وما جعل فيها من الكواكب النيرة ولهذا قال تعالى: " والسماء والطارق " ثم قال: "وما أدراك ما الطارق" ثم فسره بقوله: "النجم الثاقب" قال قتادة وغيره: إنما سمي النجم طارقاً لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار, ويؤيده ما جاء في الحديث الصحيح نهى أن يطرق الرجل أهله طروقاً أي يأتيهم فجأة بالليل, وفي الحديث الاخر المشتمل على الدعاء "إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن". وقوله تعالى: "الثاقب" قال ابن عباس : المضيء وقال السدي : يثقب الشياطين إذا أرسل عليها, وقال عكرمة : هو مضيء ومحرق للشيطان.
وقوله تعالى: "إن كل نفس لما عليها حافظ" أي كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الافات كما قال تعالى: "له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله". وقوله تعالى: " فلينظر الإنسان مم خلق " تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خلق منه وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد, لأن من قدر على البداءة فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى كما قال تعالى: "وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" وقوله تعالى: "خلق من ماء دافق" يعني المني يخرج دفقاً من الرجل والمرأة, فيتولد منهما الولد, بإذن الله عز وجل, ولهذا قال: "يخرج من بين الصلب والترائب" يعني صلب الرجل وترائب المرأة وهو صدرها. وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس "يخرج من بين الصلب والترائب " صلب الرجل وترائب المرأة أصفر رقيق لا يكون الولد إلا منهما, وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة وقتادة والسدي وغيرهم, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج , حدثنا أبو أسامة عن مسعر , سمعت الحكم ذكر عن ابن عباس "يخرج من بين الصلب والترائب" قال: هذه الترائب, ووضع يده على صدره.
وقال الضحاك وعطية عن ابن عباس : تريبة المرأة موضع القلاده, وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير , وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : الترائب بين ثدييها, وعن مجاهد : الترائب ما بين المنكبين إلى الصدر, وعنه أيضاً: الترائب أسفل من التراقي, وقال سفيان الثوري : فوق الثديين, وعن سعيد بن جبير : الترائب أربعة أضلاع من هذا الجانب الأسفل وعن الضحاك : الترائب بين الثديين والرجلين والعينين, وقال الليث بن سعد عن معمر بن أبي حبيبة المدني أنه بلغه في قول الله عز وجل: "يخرج من بين الصلب والترائب" قال: هو عصارة القلب من هناك يكون الولد, وعن قتادة "يخرج من بين الصلب والترائب" من بين صلبه ونحره.
وقوله تعالى: "إنه على رجعه لقادر" فيه قولان (أحدهما) على رجع هذا الماء الدافق, إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك. قاله مجاهد وعكرمة وغيرهما. (والقول الثاني) إنه على رجع هذا الإنسان المخلوق من ماء دافق أي إعادته وبعثه إلى الدار الاخرة لقادر لأن من قدر على البداءة قدر على الإعادة, وقد ذكر الله عز وجل هذا الدليل في القرآن في غير ما موضع, وهذا القول قال به الضحاك واختاره ابن جرير ولهذا قال تعالى: "يوم تبلى السرائر" أي يوم القيامة تبلى فيه السرائر أي تظهر وتبدو ويبقى السر علانية والمكنون مشهوراً, وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يرفع لكل غادر لواء عند استه يقال هذه غدرة فلان بن فلان" وقوله تعالى: "فما له" أي الإنسان يوم القيامة "من قوة" أي في نفسه "ولا ناصر" أي من خارج منه أي لا يقدر على أن ينقذ نفسه من عذاب الله ولا يستطيع له أحد ذلك.
هي سبع عشرة آية، وهي مكية بلا خلاف
وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال: نزلت "والسماء والطارق" بمكة، وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه والطبراني وابن مردويه عن خالد العدواني "أنه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في سوق ثقيف وهو قائم على قوس أو عصي حين أتاهم يبتغي النصر عندهم، فسمعه يقرأ "والسماء والطارق" حتى ختمها، قال: فوعيتها في الجاهلية، ثم قرأتها في الإسلام، قال: فدعتني ثقيف فقالوا: ماذا سمعت من هذا الرجل، فقرأتها، فقال من معهم من قريش: نحن أعلم بصاحبنا، لو كنا نعلم ما يقول حقاً لاتبعناه".
1- "والسماء والطارق" أقسم سبحانه بالسماء والطارق، وهو النجم الثاقب كما صرح به التنزيل. قال الواحدي: قال المفسرون: أقسم الله بالسماء والطارق، يعني الكواكب تطرق بالليل وتخفى بالنهار. قال الفراء: الطارق النجم لأنه يطلع بالليل، وما أتاك ليلاً فهو طارق. وكذا قال الزجاج والمبرد: ومنه قول امرئ القيس:
ومثلك حبلى قد طرقت ومرضع فألهيتهــا عن ذي تمائــم محـول
وقوله أيضاً:
ألم تريــاني كلـما جئــت طارقــاً وجدت بها طيباً وإن لم تطيب
وقد اختلف في الطارق هل هو نجم معين أو جنس النجم؟ فقيل هو زحل، وقيل الثريا، وقيل هو الذي ترمى به الشياطين، وقيل هو جنس النجم. قال في الصحاح: والطارق النجم الذي يقال له كوكب الصبح، ومنه قول هند بنت عتبة:
نحن بنــات طــارق نمشي عــلى الــنــمارق
أي إن آبائنا في الشرف كالنجم المضيء، وأصل الطروق الدق، فسمي قاصد الليل طارقاً لاحتياجه في الوصول إلى الدق. وقال قوم: إن الطروق قد يكون نهاراً، والعرب تقول: أتيتك اليوم طرقتين: أي مرتين، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "أعوذ بك من شر طوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير".
1- "والسماء والطارق"، قال الكلبي: نزلت في أبي طالب، وذلك أنه "أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأتحفه بخبز ولبن، فبينما هو جالس يأكل إذ انحط نجم فامتلأ ماءً ثم ناراً، ففزع أبو طالب وقال: أي شيء هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا نجم رمي به، وهو آية من آيات الله عز وجل فعجب أبو طالب فأنزل الله عز وجل: "والسماء والطارق""، وهذا قسم، و الطارق النجم يظهر بالليل، وما أتاك ليلاً فهو طارق.
1-" والسماء والطارق " والكواكب البادي بالليل وهو في الأصل لسالك الطريق ، واختص عرفاً بالآتي ليلاً ثم استعمل للبادي فيه .
Surah 86. At-Tariq
1. By the heaven and the Morning Star
SURA 86: TARIQ
1 - By the Sky and the Night Visitant (therein);