[الانشقاق : 8] فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا
8 - (فسوف يحاسب حسابا يسيرا) هو عرض عمله عليه كما في حديث الصحيحين وفيه من نوقش الحساب هلك وبعد العرض يتجاوز عنه
قوله تعالى : " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " بأن ينظر في أعماله ، فيغفر له سيئها ، ويجازى على حسنها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وجاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جرير ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الواحد بن حمزة ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير ، " عن عائشة ، قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم حاسبني حساباً يسيراً قلت : يا رسول الله ما الحساب اليسير ؟ قال : أن ينظر في سيئاته فيتجاوز عنه ، وإنه من نوقش الحساب يومئذ هلك " .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن محمد بن إسحاق ، قال : ثني عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير ، " عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته : اللهم حاسبني حساباً يسيراً ، فلما انصرف قلت : يا رسول الله ، ما الحساب اليسير ؟ قال : ينظر في كتابه ، ويتجاوز له عنه ، إنه من نوقش الحاسب يومئذ يا عائشة هلك ".
حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، قال : ثنا مسلم ، عن الحريش بن الخريت أخي الزبير عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، قالت : من نوقش الحساب ، أو من حوسب عذب ، قال : ثم قالت : إنما الحساب اليسير : عرض على الله وهو يراهم .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الوهاب ، قال : ثنا أيوب ، وحدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، " عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من حوسب يوم القيامة عذب ، فقلت أليس الله يقول " فسوف يحاسب حساباً يسيراً " قال : ليس ذلك الحساب ، إنما ذلك العرض ، ولكن من نوقش الحساب يوم القيامة عذاب " .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا روح بن عبادة ، قال : ثنا أبو عامر الخزاز ، عن ابن أبي مليكة ، " عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا معذباً ، فقلت : أليس يقول الله : " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " قال : ذلك العرض ، إنه من نوقش الحساب عذاب ، وقال بيده على أصبعه كأنه ينكته " .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " قال : الحساب اليسير : الذي يغفر ذنوبه ، ويتقبل حسناته ، ويسر الحساب : الذي يعفى عنه ، وقرأ " ويخافون سوء الحساب " [ الرعد : 21 ] ، وقرأ " أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة " [ الأحقاف : 16 ] .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن عثمان بن الأسود ، قال : ثني ابن أبي مليكة ، " عن عائشة ، قالت : يا رسول الله " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " قال : ذلك العرض يا عائشة ، من نوقش الحساب هلك ".
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عثمان بن عمر و أبو داود ، قالا : ثنا أبو عامر الخزاز ، عن ابن أبي مليكة ، " عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حوسب عذب ، قالت : فقلت : أليس الله يقول : " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " قال : ذلك العرض يا عائشة ، ومن نوقش الحساب عذب ".
إن قال قائل : وكيف قيل : " فسوف يحاسب " والمحاسبة لا تكون إلا من اثنين ، والله القائم بأعمالهم ، ولا أحد له قبل ربه طلبة فيحاسبه ؟ قيل : إن ذلك تقرير من الله للعبد بذنوبه ، وإقرار من العبد بها ، وبما أحصاه كتاب عمله ، فذلك المحاسبة على ما وصفنا ، ولذلك قيل : يحاسب .
حدثنا عمرو بن علي ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن أبي يونس القشيري ، عن ابن أبي مليكة ، عن القاسم بن محمد ، " عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك ، قالت : فقلت : يا رسول الله " فأما من أوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا " فقال : ذلك العرض ، ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك ".
كذا "روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من حوسب يوم القيامة عذب)) قالت: فقلت يا رسول الله أليس قد قال الله " فأما من أوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا" فقال: ((ليس ذاك الحساب، إنما ذلك العرض، ومن نوقش الحساب يوم القيامة عذب)) " أخرجه البخاري ومسلم والترمذي
يقول تعالى: "إذا السماء انشقت" وذلك يوم القيامة "وأذنت لربها" أي: استمعت لربها وأطاعت أمره فيما أمرها به من الانشقاق وذلك يوم القيامة "وحقت" أي وحق لها أن تطيع أمره لأنه العظيم الذي لا يمانع ولا يغالب بل قد قهر كل شيء وذل له كل شيء, ثم قال: "وإذا الأرض مدت" أي: بسطت وفرشت ووسعت.
قال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى , حدثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري , عن علي بن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه فأكون أول من يدعى وجبريل عن يمين الرحمن والله ما رآه قبلها, فأقول يا رب إن هذا أخبرني أنك أرسلته إلي فيقول الله عز وجل صدق ثم أشفع, فأقول: يا رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض ـ قال ـ وهو المقام المحمود". وقوله تعالى: "وألقت ما فيها وتخلت" أي ألقت ما في بطنها من الأموات وتخلت منهم, قاله مجاهد وسعيد وقتادة "وأذنت لربها وحقت" كما تقدم.
وقوله: "يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً" أي إنك ساع إلى ربك سعياً وعامل عملاً "فملاقيه" ثم إنك ستلقى ما عملت من خير أوشر. ويشهد لذلك ما رواه أبو داود الطيالسي عن الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير عن جابر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال جبريل يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب ما شئت فإنك مفارقه, واعمل ما شئت فإنك ملاقيه" ومن الناس من يعيد الضمير على قوله ربك أي فملاق ربك, ومعناه فيجازيك بعملك ويكافئك على سعيك, وعلى هذا فكلا القولين متلازم, قال العوفي عن ابن عباس "يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً" يقول: تعمل عملاً تلقى الله به خيراً كان أو شراً.
وقال قتادة : "يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً" إن كدحك يا ابن آدم لضعيف فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل ولا قوة إلا بالله ثم قال تعالى: " فأما من أوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا " أي سهلاً بلا تعسير أي لا يحقق عليه جميع دقائق أعماله فإن من حوسب كذلك هلك لا محالة. وقال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل, أخبرنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نوقش الحساب عذب" قالت فقلت: أفليس قال الله تعالى: "فسوف يحاسب حساباً يسيراً" قال: "ليس ذاك بالحساب ولكن ذلك العرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذب" وهكذا رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير من حديث أيوب السختياني به.
وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع , حدثنا روح بن عبادة , حدثنا أبو عامر الخزاز عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا معذباً فقلت: أليس الله يقول " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " قال: ذاك العرض إنه من نوقش الحساب عذب" وقال بيده على إصبعه كأن ينكت, وقد رواه أيضاً عن عمرو بن علي عن ابن أبي عدي عن أبي يونس القشيري , عن ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة فذكر الحديث, أخرجاه من طريق أبي يونس القشيري واسمه حاتم بن أبي صغيرة به. قال ابن جرير : حدثنا نصر بن علي الجهضمي , حدثنا مسلم عن الحريش بن الخريت أخي الزبير عن ابن أبي مليكة عن عائشة , قالت: من نوقش الحساب ـ أو من حوسب ـ عذب. قال: ثم قالت: إنما الحساب اليسير عرض على الله تعالى وهو يراهم. وقال أحمد : حدثنا إسماعيل , حدثنا محمد بن إسحاق , حدثني عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عباد بن عبد الله بن الزبير , عن عائشة , قالت: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: اللهم حاسبني حساباً يسيرا فلما انصرف قلت يا رسول الله ما الحساب اليسير ؟ قال: أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه إنه من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك" صحيح على شرط مسلم .
وقوله تعالى: "وينقلب إلى أهله مسروراً" أي ويرجع إلى أهله في الجنة: قاله قتادة والضحاك : مسروراً أي فرحاً مغتبطاً بما أعطاه الله عز وجل. وقد روى الطبراني عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنكم تعملون أعمالاً لا تعرف ويوشك الغائب أن يثوب إلى أهله فمسرور أو مكظوم " , وقوله تعالى: "وأما من أوتي كتابه وراء ظهره" أي بشماله من وراء ظهره تثنى يده إلى ورائه ويعطى كتابه بها كذلك "فسوف يدعو ثبوراً" أي خساراً وهلاكاً "ويصلى سعيراً * إنه كان في أهله مسرورا" أي فرحاً لا يفكر في العواقب ولا يخاف مما أمامه, فأعقبه ذلك الفرح اليسير الحزن الطويل "إنه ظن أن لن يحور" أي كان يعتقد أنه لا يرجع إلى الله ولا يعيده بعد موته, قاله ابن عباس وقتادة وغيرهما, والحور هو الرجوع قال الله: "بلى إن ربه كان به بصيراً" يعني بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله خيرها وشرها فإنه كان به بصيراً أي عليماً خبيراً.
8- "فسوف يحاسب حساباً يسيراً" لا مناقشة فيه. قال مقاتل: لأنها تغفر ذنوبه ولا يحاسب بها. وقال المفسرون: هو أن تعرض عليه سيئاته ثم يغفرها الله، فهو الحساب اليسير.
8- "فسوف يحاسب حساباً يسيراً". أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا نافع، عن ابن عمر، حدثني ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، قالت: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: من حوسب عذب، قالت عائشة رضي الله عنها فقلت: يا رسول الله أو ليس يقول الله عز وجل: "فسوف يحاسب حساباً يسيراً"؟ قالت: فقال: إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش في الحساب هلك".
8-" فسوف يحاسب حساباً يسيراً " سهلاً لا يناقش فيه .
8. He truly will receive an easy reckoning
8 - Soon will his account be taken by an easy reckoning,