[المطففين : 7] كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ
7 - (كلا) حقا (إن كتاب الفجار) أي كتاب أعمال الكفار (لفي سجين) قيل هو كتاب جامع لأعمال الشياطين والكفرة وقيل هو مكان أسفل الأرض السابعة وهو محل إبليس وجنوده
يقول تعالى ذكره : كلا ، أي ليس الأمر كما يظن هؤلاء الكفار ، أنهم غير مبعوثين ولا معذبين ، إن كتابهم الذي كتب فيه أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا " لفي سجين " وهي الأرض السابعة السفلى وهو فعيل من السجن ، كما قيل : رجل سكير من السكر ، وفسيق من الفسق .
وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم مثل الذي قلنا في ذلك .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن مغيث بن سمي : " إن كتاب الفجار لفي سجين " قال : في الأرض السابعة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن مغيث بن سمي قال : " إن كتاب الفجار لفي سجين " قال : الأرض السفلى ، قال : إبليس موثق بالحديد والسلاسل في الأرض السفلى .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني جرير بن حازم ، عن سليمان الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن هلال بن يساف ، قال : كنا جلوساً إلى كعب أنا وربيع بن خيثم وخالد بن عرعرة ، ورهط من أصحابنا ، فأقبل ابن عباس ، فجلس إلى جنب كعب ، فقال : يا كعب ، أخبرني عن سجين ، فقال كعب : أما سجين : فإنها الأرض السابعة السفلى ، وفيها أرواح الكفار تحت حد إبليس .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " إن كتاب الفجار لفي سجين " : ذكر أن عبد الله بن عمرو كان يقول : هي الأرض السفلى ، فيها أرواح الكفار ، وأعمالهم أعمال السوء .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( في سجين ) قال : في أسفل الأرض السابعة .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله " إن كتاب الفجار لفي سجين " يقول : أعمالهم في كتاب في الأرض السفلى .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله ( في سجين ) قال : عملهم في الأرض السابعة لا يصعد .
حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني عمر بن إسماعيل بن مجالد ، قال : ثنا مطرف بن مازن قاضي اليمن ، عن معمر ، عن قتادة قال : " سجين " : الأرض السابعة .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " لفي سجين " يقول : في الأرض السفلى .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا سليمان ، قال : ثنا أبو هلال ، قال : ثنا قتادة ، في قوله " إن كتاب الفجار لفي سجين " قال : الأرض السابعة السفلى .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين " قال : يقال : سجين : الأرض السافلة ، وسجين : بالسماء الدنيا .
وقال آخرون : بل ذلك حد إبليس .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب القمي ، عن حفص بن حميد ، عن شمر ، قال : جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار ، فقال له ابن عباس : حدثني عن قول الله : " إن كتاب الفجار لفي سجين " ... الآية ، قال كعب ، إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء ، فتأبى السماء أن تقبلها ، ويهبط بها إلى الأرض ، فتأبى الأرض أن تقبلها ، فتهبط فتدخل تحت سبع أرضين ، حتى ينتهى بها إلى سجين ، وهو حد إبليس ، فيخرج بها من سجين من تحت حد إبليس رق ، فيرقم ويختم ، ويوضع تحت حد إبليس بمعرفتها الهلاك إلى يوم القيامة .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله " إن كتاب الفجار لفي سجين " قال : تحت حد إبليس .
وقال آخرون : هو جب في جهنم مفتوح ، ورووا في ذلك خبراً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حدثنا به إسحاق بن وهب الواسطي ، قال : ثنا مسعود بن موسى بن مسكان الواسطي قال : ثنا نصر بن خزيمة الواسطي ، عن شعيب بن صفوان ، عن محمد بن كعب القرظي ، " عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : الفلق جب في جهنم مغطى وأما سجين فمفتوح " .
وقال بعض أهل العربية : ذكروا أن سجين الصخرة التي تحت الأرض ، قال : ويرى أن سجين صفة من صفاتها ، لأنه لو كان لها اسماً لم يجز ، قال : وإن قلت أجريته لأني ذهبت بالصخرة إلى أنها الحجر الذي فيه الكتاب كان وجهاً .
وإنما اخترت القول الذي اخترت في معنى قوله " سجين " لما :
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن نمير ، قال : ثنا الأعمش ، قال : ثنا المنهال بن عمرو ، عن زاذان أبي عمرو ، عن البراء ، قال " سجين " الأرض السفلى .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن زاذان ، عن البراء ، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ، وذكر نفس الفاجر ، وأنه يصعد بها إلى السماء ، قال : فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملإ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث ؟ قال : فيقولون فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون له ، فلا يفتح له ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، " لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط " [ الأعراف : 40 ] فيقول الله : اكتبوا كتابه في أسفل الأرض في سجين في الأرض السفلى " .
حدثنا نصر بن علي ، قال : ثنا يحيى بن سليم ، قال : ثنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين " قال : سجين : صخرة في الأرض السابعة ، فيجعل كتاب الفجار تحتها .
قوله تعالى:" كلا إن كتاب الفجار لفي سجين" قال قوم من أهل العلم بالعربية: " كلا" : ردع وتنبيه، أي ليس الأمر على ما هو عليه من تطفيف الكيل والميزان، أو تكذيب بالآخرة، فليرتدعوا عن ذلك. فهي كلمة ردع وزجر، ثم استأنف فقال: " إن كتاب الفجار". وقال الحسن: " كلا" بمعنى حقا. وروى ناس عن ابن عباس ((كلا)) قال : ألا تصدقون، فعلى هذا: الوقف((لرب العالمين)). وفي تفسير مقاتل: إن أعمال الفجار. وروى ناس عن ابن عباس قال: إن أرواح الفجار وأعمالهم ((لفي سجين)). وروى ابن أبي نجيج عن مجاهدة قال : سجين صخرة تحت الأرض السابعة، تقلب فيجعل كتاب الفجار تحتها. ونحوه عن ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير ومقاتل وكعب، قال كعب : تحتها ارواح الكفار تحت خذ إبليس. وعن كعب أيضاً قال: سجين صخرة سوداء تحت الأرض السابعة، مكتوب فيها اسم كل شيطان، تلقى أنفس الكفار عندها. وقال سعيد بن جبير: سجين تحت خد إبليس. يحي بن سلام : حجر أسود تحت الأرض، يكتب فيه أرواح الكفار. وقال عطاء الخراساني: هي الأرض السابعة السفلى، وفيها إبليس وذريته. وعن ابن عباس قال: إن الكافر يحضره الموت، وتحضره رسل الله، فلا يستطيعون لبغض الله له وبغضهم إياه، أن يؤخروه ولا يعجلوه حتى تجيء ساعته، قإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه، ورفعوه إلى ملائكة العذاب، فأروه ما شاء الله أن يروه من الشر، ثم هبطوا به إلى الأرض السابعة، وهي سجين، وهي آخر سلطان إبليس، فأثبتوا فيها كتابه. وعن كعب الأحبار في هذه الآية قال: إن روح الفاجر إذا قبضت يصعد بها إلى السماء، فتأبى السماء أن تقبلها، ثم يهبط بها إلى الأرض، فتأبى الأرض أن تقبلها، فتدخل في سبع أرضين ، حتى ينتهى بها إلى سجين، وهو خد إبليس، فيخرج لها من سجين من تحت خد إبليس رق، فيرقم فيوضع تحت خد إبليس. وقال الحسن: سجين في الأرض السابعة. وقيل : هو ضرب مثل وإشارة إلى أن الله تعالى يرد أعمالهم التي ظنوا أنها نتفعهم. قال مجاهد: المعنى عملهم تحت الأرض السابعة لا يصعد منها شيء. وقال : سجين صخرة في الأرض السابعة. وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سجين جب في جهنم وهو مفتوح)) وقال في الفلق:(( إنه جب مغطى)). وقال أنس: هي دركة في الأرض السفلى. وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم:((سجين أسفل الأرض السابعة)). وقال عكرمة: ((سجين : خسار وضلال، كقولهم لمن سقط قدره: قد زلق بالحضيض. وقال أبو عبيدة والأخفش والزجاج: ((لفي سجين)) لفي حبس وضيق شديد فعيل من السجن، كما يقول: فسيق وشريب، قال ابن مقبل:
ورفقة يضربون البيض ضاحية ضرباً تواصت به الأبطال سجيناً
والمعنى : كتابهم في حبس، جعل ذلك دليلاً على خساسة منزلتهم، أو لأنه يحل من الإعراض عنه والإبعاد له محل الزجر والهوان. وقيل: أصله سجيل، فأبدلت اللام نوناً. وقد تقدم ذلك. وقالزيد بن أسلم : سجين في الأرض السافلة، وسجيل في السماء الدنيا. القشيري : سجين: موضع في السافلين، يدفن فيه كتاب هؤلاء، فلا يظهر بل يكون في ذلك الموضع كالمسجون. وهذا دليل على خبث أعمالهم، وتحقير الله إياها، ولهذا قال في كتاب الأبرار: ((يشهده المقربون)) .
يقول تعالى حقاً "إن كتاب الفجار لفي سجين" أي أن مصيرهم ومأواهم لفي سجين فعيل من السجن وهو الضيق, كما يقال: فسيق وشريب وخمير وسكير ونحو ذلك, ولهذا عظم أمره فقال تعالى: " وما أدراك ما سجين " أي هو أمر عظيم وسجن مقيم وعذاب أليم, ثم قد قال قائلون: هي تحت الأرض السابعة, وقد تقدم في حديث البراء بن عازب في حديثه الطويل: يقول الله عز وجل في روح الكافر اكتبوا كتابه في سجين. وسجين هي تحت الأرض السابعة, وقيل: صخرة تحت الأرض السابعة خضراء, وقيل بئر في جهنم, وقد ورى ابن جرير في ذلك حديثاً غريباً منكراً لا يصح فقال: حدثنا إسحاق بن وهب الواسطي , حدثنا مسعود بن موسى بن مسكان الواسطي , حدثنا نصر بن خزيمة الواسطي عن شعيب بن صفوان عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الفلق جب في جهنم مغطى وأما سجين فمفتوح" والصحيح أن سجيناً مأخوذ من السجن وهو الضيق, فإن المخلوقات كل ما تسافل منها ضاق وكل ما تعالى منها اتسع, فإن الأفلاك السبعة كل واحد منها أوسع وأعلى من الذي دونه, وكذلك الأرضون كل واحدة أوسع من التي دونها حتى ينتهي السفول المطلق والمحل الأضيق إلى المركز في وسط الأرض السابعة, ولما كان مصير الفجار إلى جهنم وهي أسفل السافلين كما قال تعالى: "ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات" وقال ههنا: " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين * وما أدراك ما سجين " وهو يجمع الضيق والسفول كما قال تعالى: "وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً".
وقوله تعالى: "كتاب مرقوم" ليس تفسيراً لقوله "وما أدراك ما سجين" وإنما هو تفسير لما كتب لهم من المصير إلى سجين أي مرقوم مكتوب مفروغ منه لا يزاد فيه أحد ولا ينقص منه أحد. قاله محمد بن كعب القرظي ثم قال تعالى: "ويل يومئذ للمكذبين" أي إذا صاروا يوم القيامة إلى ما أوعدهم الله من السجن والعذاب المهين, وقد تقدم الكلام على قوله ويل بما أغنى عن إعادته وأن المراد من ذلك الهلاك والدمار كما يقال: ويل لفلان, وكما جاء في المسند والسنن من رواية بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك الناس ويل له ويل له" ثم قال تعالى مفسراً للمكذبين الفجار الكفرة: "الذين يكذبون بيوم الدين" أي لا يصدقون بوقوعه ولا يعتقدون كونه ويستبعدون أمره, قال الله تعالى: "وما يكذب به إلا كل معتد أثيم" أي معتد في أفعاله من تعاطي الحرام والمجاوزة في تناول المباح والأثيم في أقواله إن حدث كذب, وإن وعد أخلف, وإن خاصم فجر.
وقوله تعالى: "إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين" أي إذا سمع كلام الله تعالى من الرسول يكذب به ويظن به ظن السوء فيعتقد أنه مفتعل مجموع من كتب الأوائل, كما قال تعالى: "وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم ؟ قالوا أساطير الأولين" وقال تعالى: "وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً" قال الله تعالى: "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون" أي ليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا إن هذا القرآن أساطير الأولين, بل هو كلام الله ووحيه وتنزيله على رسوله صلى الله عليه وسلم, وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الرين الذي قد لبس قلوبهم من كثرة الذنوب والخطايا, ولهذا قال تعالى: "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون".
والرين يعتري قلوب الكافرين, والغيم للأبرار والغين للمقربين, وقد روى ابن جرير والترمذي والنسائي وابن ماجه من طرق عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا أذنب ذنباً كانت نكتة سوداء في قلبه, فإن تاب منها صقل قلبه وإن زاد زادت, فذلك قول الله تعالى: "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون" " وقال الترمذي : حسن صحيح, ولفظ النسائي "إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة سوداء, فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه, فإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه فهو الران الذي قال الله تعالى: "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " " .
وقال أحمد : حدثنا صفوان بن عيسى , أخبرنا ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه, فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه فإن زاد زادت حتى تعلو قلبه, وذاك الران الذي ذكر الله في القرآن "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون"". وقال الحسن البصري : هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب فيموت, وكذا قال مجاهد بن جبير وقتادة وابن زيد وغيرهم. وقوله تعالى: "كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون" أي لهم يوم القيامة منزل ونزل سجين ثم هم يوم القيامة مع ذلك محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهم, قال الإمام أبو عبد الله الشافعي : وفي هذه الاية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ وهذا الذي قاله الإمام الشافعي رحمه الله في غاية الحسن وهو استدلال بمفهوم هذه الاية.
كما دل عليه منطوق قوله تعالى: " وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة " وكما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح المتواترة في رؤية المؤمنين ربهم عز وجل في الدار الاخرة رؤية بالأبصار في عرصات القيامة وفي روضات الجنات الفاخرة. وقد قال ابن جرير : حدثنا أبو معمر المقري , حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن عمرو بن عبيد عن الحسن في قوله تعالى: "كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون" قال: يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون والكافرون ثم يحجب عنه الكافرون وينظر إليه المؤمنون كل يوم غدوة وعشية أو كلاماً هذا معناه, وقوله تعالى: "ثم إنهم لصالوا الجحيم" أي ثم هم مع هذا الحرمان عن رؤية الرحمن من أهل النيران "ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون" أي يقال لهم ذلك على وجه التقريع والتوبيخ والتصغير والتحقير.
وقوله: 7- "كلا" هي للردع والزجر للمطففين الغافلين عن البعث وما بعده. ثم استأنف فقال: "إن كتاب الفجار لفي سجين" وعند أبي حاتم أن كلاً بمعنى حقاً متصلة بما بعدها على معنى: حقاً إن كتاب الفجار لفي سجين.
قوله عز وجل: 7- "كلا"، ردع، أي ليس الأمر على ما هم عليه فليرتدعوا، وتمام الكلام ها هنا، وقال الحسن: "كلا" ابتداء يتصل بما بعده على معنى حقاً، "إن كتاب الفجار"، الذي كتبت فيه أعمالهم، "لفي سجين"، قال عبد الله بن عمر، وقتادة، ومجاهد، والضحاك: "سجين" هي الأرض السابعة السفلى فيها أرواح الكفار.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه، حدثنا موسى بن محمد، حدثنا الحسن بن علويه، أخبرنا إسماعيل بن عيسى، حدثنا المسيب، حدثنا الأعمش، عن المنهال، عن زاذان، عن البراء قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سجين أسفل سبع أرضين، و عليون في السماء السابعة تحت العرش".
وقال شمر بن عطية: جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار فقال: أخبرني عن قول الله عز وجل: "إن كتاب الفجار لفي سجين"، قال: إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء فتأبى السماء أن تقبلها ثم يهبط بها إلى الأرض، فتأبى الأرض أن تقبل فتدخل تحت سبع أرضين حتى ينتهى بها إلى سجين، وهو موضع جند إبليس، فيخرج لها من سجين رق فيرقم ويختم، ويوضع تحت جند إبليس، لمعرفتها الهلاك بحساب يوم القيامة، وإليه ذهب سعيد بن جبير، قال: سجين تحت جند إبليس.
وقال عطاء الخراساني: هي الأرض السفلى، وفيها إبليس وذريته.
وقال الكلبي: هي صخرة تحت الأرض السابعة السفلى خضراء، خضرة السموات منها يجعل كتاب الفجار فيها.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد أيضاً قال: "سجين" صخرة تحت الأرض السفلى، تقلب، فيجعل كتاب الفجار فيها. وقال وهب: هي آخر سلطان إبليس.
وجاء في الحديث: "الفلق جب في جهنم مغطى، وسجين جب في جهنم مفتوح".
وقال عكرمة: "لفي سجين" أي: لفي خسار وضلال. وقال الأخفش: هو فعيل من السجن، كما يقال: فسيق وشريب، معناه: لفي حبس وضيق شديد.
7-" كلا " ردع عن التطفيف والغفلة عن البعث والحساب " إن كتاب الفجار " ما يكتب من أعمالهم أو كتابة أعمالهم " لفي سجين " كتاب جامع لأعمال الفجرة من الثقلين كما قال :
7. Nay, but the record of the vile is in Sijjin
7 - Nay! Surely the Record of the Wicked is (preserved) in Sijjin.